232- ثانياً: على الورود لا يمكن التمسك بالعام (وهو الاصل هنا) لدى الشك في الوارد وعلى الحكومة يمكن
الثلاثاء 20 رجب 1438هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(232)
2- لا يمكن التمسك بالمورود مع الشك في الوارد، عكس الحاكم([1])
ومنها: انه بناءً على الورود (ورود الأمارات على الأصول أو على بعضها([2])) لا يمكن التمسك بالمورود مع الشك في الوارد، وأما على الحكومة فانه يمكن التمسك بالمحكوم مع الشك في الحاكم.
الصور الأربع للشك في شمول العام لمصداقٍ ما
وتوضيحه: ان صور الشك في العام من حيث شموله لمصداق مّا، أربعة:
الشك في التخصيص أو المخصص
الأولى: ان العام إذا احتمل خروج فرد منه تخصيصاً، فانه يمكن التمسك به إذا كان منفصلاً؛ وذلك لانعقاد الإرادة الاستعمالية للعام، مع انفصال مخصصه المحتمل وجوده أو انفصال محتمل المخصصية، ولأصالة التطابق بين الإرادتين الجدية والاستعمالية، وذلك كما إذا قال: (أكرم العلماء) ثم شك في خروج زيد العالم منه، بوجهٍ([3]) مع عدم محرز لحال المصداق.
الشك في الحكومة أو الحاكم
الثانية: العام إذا احتمل خروج فرد منه حكومةً، فانه كذلك على مبنى الكثيرين، إذ الحكومة تخصيص بلسان آخر، وقد فصلنا الكلام عن ذلك وذهبنا للتفصيل بين المعنوِن وغيره كما ذكرنا غير ذلك أيضاً في مناقشتنا للمحقق العراقي. فراجع
الشك في التخصص
الثالث: العام إذا احتمل خروج فرد منه تخصُّصاً فانه لا يمكن التمسك به حتى إذا انفصل، لوضوح انه يكون حينئذٍ من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
الشك في الورود أو الوارد
الرابعة: العام إذا احتمل خروج فرد منه بالورود فانه كذلك؛ إذ الورود نوع من التخصص لأنه خروج تكويني لكن بعناية التعبد.
الأمارة اما واردة على الأصل أو حاكمة حسب موضوع الأصل
وما نحن فيه دائر بين الاحتمال الرابع والثاني وإن ذهب قوم إلى الاحتمال الأول فنقول:
ان كون الأمارات (أو بعضها) واردة على الأصول الأربعة (أو بعضها) أو حاكمة مبنيٌ على تحديد موضوعاتها، وقد سبق ان المحتملات في موضوع الاحتياط تسعة والمحتملات في موضوع الاستصحاب أكثر، ولنبدأ بالبراءة لأن الأمر فيها أقرب لفهم الطالب للمطلب، وستتضح ببيان ذلك الثمرة الكبرى بين كون الأمارة واردة على الأصل أو كونها حاكمة عليه وان من الثمرات انه في صورة الشك في حاكمية الأمارة الموجودة أو في وجود الأمارة الحاكمة فلنا التمسك بالأصل (العام) وأما في صورة الشك في وجود الأمارة الواردة أو واردية الأمارة الموجودة فانه لا يمكن التمسك بالأصل العام حينئذٍ.
وتوضيح ذلك في أصالة البراءة:
انه تارة يقال بان موضوع البراءة العقلية هو عدم البيان ولذا اشتهر (قبح العقاب بلا بيان) وأخرى يقال بان موضوعها هو احتمال التكليف بان يدعى ان القاعدة هي (قبح العقاب مع احتمال التكليف أي مع مجرد احتماله) وانه يقبح العقاب إلا لو ظن به ظناً شخصياً أو نوعياً أو قطع به.
فلو كان موضوع البراءة العقلية هو عدم البيان فان خبر الثقة وارد عليها لأنه بيان تكويناً وإن كان بعناية التعبد، وإن كان موضوعها احتمال التكليف فان خبر الثقة حاكم لبداهة عدم زوال احتمال التكليف بقيام الحجة لاحتمال كونها غير مطابقة للواقع إذ الفرض انها ظنية بالظن المعتبر وليست قطعية.
صورة الشك في وجود خبر الثقة أو وثاقة الموجود
وحينئذٍ لو شك في وجودِ خبرِ ثقةٍ على حرمة التبغ مثلاً أو شك في وثاقة الموجود لشبهةٍ مصداقيةٍ أو مفهوميةٍ كما لو شك في حدود الوثاقة والضابطية لوجود مراتب متيقن كونه ثقة ضابطاً إذا اندرج فيها كما لو احتُمل كَذِبُه أو خطؤه بنسبة واحد بالعشرة آلاف، ومراتب يقطع بانه ليس معها ثقة أو ضابطاً كما لو احتمل خطؤه أو كذبه بنسبة عشرة في المائة، ومراتب يشك فيها كما لو احتمل أحدهما بنسبة واحد بالمائة مثلاً، فهل يصح التمسك بقاعدة البراءة لإثبات عدم الحرمة الظاهرية أو عدم العقاب، وذلك فيما لو لم يكن أصل منقح لحال الأمارة (كاستصحاب عدم صدور الخبر أو عدم كون الراوي ثقة).
أ- لو كان موضوع البراءة اللابيان، لما جرت مع الشك؛ لاحتمال الورود
والجواب: انه إن قلنا بأن موضوع أصل البراءة العقلي هو اللابيان وان القاعدة هي (قبح العقاب بلا بيان) فلا؛ إذ انه إذا وجد خبر الثقة فانه يكون وارداً على أصل البراءة، فإذا شك في وجوده فقد شك في وجود الوارد أو في واردية الموجود (في الفرض الآخر) وقد سبق انه مع الشك في وجود الوارد لا يمكن التمسك بالمورود استناداً إلى عمومه.
وتجري لو كان موضوعها احتمال التكليف؛ لاحتمال الحكومة
وأما لو قلنا بان موضوعها هو احتمال التكليف فنعم؛ إذ انه إذا وجد خبر الثقة فانه يكون حاكماً على البراءة لبداهة عدم زوال احتمال التكليف بقيام خبر الثقة على العدم لأنه ظني سنداً أو دلالةً أو جهةً أو مضموناً([4])، ولو كان قطعياً من كل الجهات خرج عن مورد البحث على أن القطعي من كل الجهات نادر ومعظم أخبارها ظنية في إحدى الجهات، فمع عدم زوال الاحتمال يكون خبر الثقة (إذا فرض وجوده) حاكماً اما لأنه ناظر أو لغير ذلك من مقاييس الحكومة الستة التي سبق الكلام عنها، فإذا شك في وجوده أو شك في وثاقة الموجود فانه يصح التمسك به لأنه من التمسك بالمحكوم مع الشك في الحاكم وقد سبق انه صحيح فانه ملحق بباب التخصيص الذي يصح التمسك فيه بالعام مع الشك في المخصص. وللبحث صلة بإذن الله تعالى
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=====================
قال الإمام علي (عليه السلام): "لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ وَوَلَدُكَ، وَلَكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُكَ وَأَنْ يَعْظُمَ حِلْمُكَ وَأَنْ تُبَاهِيَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ، فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللَّهَ وَإِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ، وَلَا خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لِرَجُلَيْنِ: رَجُلٍ أَذْنَبَ ذُنُوباً فَهُوَ يَتَدَارَكُهَا بِالتَّوْبَةِ وَرَجُلٍ يُسَارِعُ فِي الْخَيْرَاتِ" نهج البلاغة: ص484.
..............................................
الثلاثاء 20 رجب 1438هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |