231- خمس محتملات اخرى في موضوع الاحتياط ـ الثمرة في تحديد موضوعه، وثمرة ان الامارة واردة عليه او حاكمة ـ اولاً: حُسن الاحتياط بناء على الحكومة، دون الورود
الاثنين 19 رجب 1438هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(231)
احتمالات خمس أخرى لموضوع الاحتياط
سبقت احتمالات أربع في موضوع الاحتياط، وهناك احتمالات أخرى:
موضوعه (احتمال العقاب)
الخامس: ان موضوعه هو (احتمال العقاب) وهو ما ذكره المحقق اليزدي في كتاب التعارض([1])، وهو يقع قسيماً لكون موضوعه (احتمال التكليف) أو (الشك في التكليف) الذي كان المقسم للاحتمالات الأربع الأولى.
النسبة بين احتمال العقاب واحتمال التكليف، من وجه
والنسبة بينهما هي من وجه إذ قد يحتمل التكليف ولا يحتمل العقاب كما لو أجرى البراءة بعد الفحص متمسكاً بقول الرسول (صلى الله عليه وآله): "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي... وَمَا لَا يَعْلَمُونَ..."([2]) أو جاء خبر ثقة على الجواز فاقتحم مع انه يحتمل الحرمة، فانه لا عقاب حينئذٍ قطعاً لكنه يحتمل وجود التكليف الواقعي ثبوتاً، وقد يحتمل العقاب ولا يحتمل التكليف كما لو احتمل الغرض الملزم وقطع بعدم التكليف بل قد يقطع بالعقاب بالترك – مثلاً - مع قطعه بعدم التكليف إذا قطع بالغرض؛ فإن التكليف فرع الالتفات والإنشاء فلو لم يلتفت المولى أو لم يأمر لمانع مع ثبوت غرضه الملزم وجب الفعل والانبعاث([3]) وإن لم يكن تكليف كما فصلناه في بعض المباحث([4]).
موضوعه العلم الإجمالي
السادس: ان موضوعه (العلم الإجمالي)([5])، وهذا أخص من سابقه إذ على الخامس فان موضوع الاحتياط يشمل الشك في التكليف في الشبهة البدوية لوضوح احتمال العقاب بالمخالفة هنا أيضاً، فلا يختص وجوب الاحتياط بأطراف العلم الإجمالي، عكس السادس.
موضوع الشك المحيِّر
السابع: ان موضوعه (الشك المحيِّر) ومن الواضح انه مع وجود الحجة، كخبر الثقة، فانه لا حيرة سواء في الشبهة البدوية أم في أطراف العلم الإجمالي.
موضوعه عدم البيان
الثامن: ان موضوعه (عدم البيان) وهو ما طرحه المحقق اليزدي مستعيراً ما جعلوه موضوعه للبراءة موضوعاً للاستصحاب([6]) وتتم الاستعارة بجعله موضوعاً للاحتياط أيضاً([7])، وعليه: فعدم البيان ليس موضوعاً للبراءة بل هو موضوع للاحتياط، وتوجيهه: ما سبق من برهان الغرض أو مسلك حق الطاعة ومقام المولوية والعبودية.
موضوعه عدم الحجة الشرعية والعقلية
التاسع: ان موضوعه هو الشك العقلي والشرعي معاً أي من صورة عدم وجود الحجة العقلية والشرعية. وهذا الوجه أو التقييد بعدم الحجة الشرعية على الخلاف هو ما ذهب إليه المحقق اليزدي([8]).
الثمرة:
وليس البحث عن محتملات موضوع الاحتياط نظرياً علمياً فقط بل ليس البحث عن ان النسبة بين الامارات والاحتياط (وكذا الاستصحاب والتخيير) هي الحكومة أو الورود أو غيرهما([9]) نظرياً بل لو فوائد وثمرات عميلة:
1- على الورود لا يحسن الاحتياط، ويحسن على الحكومة
ومنها: انه بناء على الورود فانه لا يحسن الاحتياط، وأما على الحكومة فهو حسن.
توضيحه: انه إن قيل بان موضوع الاحتياط هو (احتمال العقاب) – وهو الاحتمال الخامس – فان الامارة تكون واردة عليه لأنه ينتفي قطعاً مع مجيء خبر الثقة أو شبهه من الحجج إذ لا يعقل العقاب حينئذٍ مع مجيء حجة من الشارع على البراءة فلا يحتمل العقاب أبداً، ومع عدم احتماله بالمرة لا معنى للاحتياط وحسنه بل هو لغو محض.
واما إذا قيل بان موضوعه (احتمال التكليف) فلا ريب انه لا ينتفي مع قيام الحجة على البراءة أو العدم بل يبقى وجداناً، فتكون الأمارة حاكمة عليه لفرض كونه حجة منجزة أو معذرة، ومع بقاء احتمال التكليف وجداناً فانه يرجح الاحتياط ويحسن فتكون قاعدة (الاحتياط حسن على كل حال) مبنية على هذا المبنى والفرض، دون المبنى السابق.
جريان الاحتمالات التسع في الاحتياط العقلي والنقلي
ثم انه لا يخفى ان الاحتمالات التسع في موضوع الاحتياط تجري كلها في كل من الاحتياط العقلي إذ يبحث عن ان موضوعه أي منها، والنقلي كـ"أَخُوكَ دِينُكَ فَاحْتَطْ لِدِينِكَ بِمَا شِئْتَ"([10]) إذ ينبغي البحث حينئذٍ في فقه الحديث وان قوله (عليه السلام): "فَاحْتَطْ لِدِينِكَ" ما هو موضوعه؟ فهل هو احتمال التكليف (بصورة الأربع الأولى بل وبعض الصور الأخيرة) أو هو احتمال العقاب؟.
والمرجع في موضوع الاحتياط العقلي هو العقل أي عقل المكلف (أو المجتهد خاصة – على بحث ونقاش) إذ يكون حينئذٍ من المستقلات العقلية.
أما موضوع الاحتياط النقلي فمرجعه فقه الحديث والذي يدور حول لفظ "احْتَطْ" وشبهه وملاحظة مناسبات الحكم والموضوع والنسبة لسائر الأدلة والإجماع وغير ذلك.
تمرين
ثم أنك خبير باكتشاف العلاقة على سائر الاحتمالات التسعة وانها الحكومة أو الورود، فمثلاً: بناء على ان موضوع الاحتياط هو الشك المحيِّر أو عدم البيان، فهل العلاقة هي الورود أو الحكومة أو بالتفصيل([11])؟ وهكذا.. فعليك باستخراج ذلك كله.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
قال الإمام الصادق (عليه السلام): "إِنَّا صُبُرٌ وَشِيعَتُنَا أَصْبَرُ مِنَّا، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، كَيْفَ صَارَ شِيعَتُكُمْ أَصْبَرَ مِنْكُمْ؟ قَالَ: لِأَنَّا نَصْبِرُ عَلَى مَا نَعْلَمُ وَشِيعَتُنَا يَصْبِرُونَ عَلَى مَا لَا يَعْلَمُونَ" الكافي: ج2 ص93.
............................................
الاثنين 19 رجب 1438هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |