23- ثمرة البحث على رأيي الشيخ والاخوند ـ تحقيق صور ثبوت التعارض و عدمه في الدلالات الثمانية
السبت 1 صفر 1437هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، بارئ الخلائق أجمعين، باعث الأنبياء والمرسلين، ثم الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الأبرار المنتجبين، سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم إلى يوم الدين، ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم.
الاصول
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(23)
تحديد موطن التعارض في المراحل الثمانية
ثم انه لا بد من التدبر في ان (التعارض) يقع في أية مرحلة من المراحل الثمانية الآنفة الذكر، ومنه سيظهر انه لا فرق بين تعريف الآخوند للتعارض بانه تنافي الدليلين وتعريف الشيخ له بانه تنافي مدلولي الدليلين من حيث ان وزانهما واحد في كل تلك المراحل فان صدق التعارض في احداها على تعريف الآخوند صدق على تعريف الشيخ أيضاً وإن لم يصدق، لم يصدق.
ولنبين ذلك في ضمن ثلاث مراحل فقط ونوكل استخراج غيرها منها:
في مرحلة الدلالة التصورية - الأولى
المرحلة الأولى: (الدلالة التصورية، والتي قد يعبر عنها بالإرادة الاستعمالية والمراد بها دلالة اللفظ على معناه الموضوع له، لدى العالم بالوضع، وان صدر اللفظ من غير العاقل، كالحاسوب أو المسجل مثلاً)([1]) فان التعارض بين العام والخاص مثلاً – وهما من موارد الجمع العرفي الخمسة – في هذه المرحلة متحقق([2]) سواءً على تعريف الشيخ أم على تعريف الآخوند، وذلك لوضوح ان الدلالة التصورية لـ(العلماء) – سواءً بمفردها كانت أم في ضمن جملة كأكرم العلماء – لازمةٌ للفظ بعد الوضع والعلم به، ولذا لو صدر حتى من النائم بل الجهاز غير العاقل، خطر معنى الشمول من العلماء في ذهن العالم بالوضع.
وعليه فان (أكرم العلماء) مناف في مرحلة دلالته التصورية اللصيقة باللفظ لـ (لا تكرم زيداً العالم) في شخص زيد من غير فرق بين الدلالتين والدليلين أم المدلولين؛ لما سبق من ان المدلول بما هو مدلول مضايف للدليل بما هو دليل قوة وفعلاً فإذا وجد الدليل التصوري وجد المدلول التصوري قهراً.
في مرحلة الدلالة التصديقية الخامسة
المرحلة السادسة: (6- الدلالة التصديقية الخامسة، وهي دلالة اللفظ على ان مدلوله مراد بالإرادة الجدية الأولية، وذلك إذا عدم المخصص المتصل)([3]) فانه مع عدم المخصص المتصل ينعقد الظهور البدوي للفظ في ان مدلوله مراد بالإرادة الجدية الأولية، من غير فرق بين الدلالة والدليل وبين المدلول، فان مدلول أكرم العلماء البدوي، مع عدم المخصص المتصل، منعقد وهو مناف المدلول لا تكرم زيداً العالم الذي يجيء منفصلاً كما ان الدليلين متنافيان، فالتنافي والتعارض في هذه المرحلة متحقق على كلا التعريفين. لكن التنافي في مرحلة الظهور لا الحجية، على تفصيل سيأتي بيانه بإذن الله تعالى.
في مرحلة الدلالة التصديقية السابعة
المرحلة الثامنة: (8- الدلالة التصديقية السابعة، وهي دلالة اللفظ على ان مدلوله مراد بالإرادة الجدية المستقرة الحقيقية في العرف الخاص وهو عرف الشارع الذي جرى على تفكيك الإرادة الاستعمالية عن الجدية – بهذا المعنى الأخير - وعلى تفكيك مقام التعليم عن مقام الفتوى وعلى – وهذا هو محل الشاهد – عدم ورود كثير من المخصصات حتى بعد وقت الحاجة؛ لعلل شتى منها باب التزاحم وتدرجية نزول الأحكام ثم تدرجية بيانها – مما فصلناه في كتاب المعاريض والتورية - وعلى ذلك فانه حتى لو حضر وقت الحاجة ولم يرد المخصص فان الدلالة السابعة وان انعقدت لكن الثامنة لم تنعقد بعدُ)([4]).
وعليه: فان المخصص حتى لو يُؤتَ به حتى حين الحاجة، فانه حيث جرى العرف الخاص الشارعي في محيط التقنين على تأخير كثير من المخصصات أو المقيدات حتى عن وقت الحاجة لمصالح شتى تُزاحِمُ مصلحةَ بيان الحكم([5])، فان ظهور اللفظ على ان مدلوله مراد بالإرادة الجدية المستقرة الحقيقية النهائية، غير منعقد حتى لو لم يصل مخصص إلى حين الابتلاء.([6])
وعليه: فلا تعارض حتى لحظة حين الابتلاء إذ لم ينعقد هذا الظهور إذ هو مراعى ومعلق على عدم مجيء المخصص مطلقا([7]) فكيف يعارض ظهور المخصص المنفصل الذي جاء بعد وقت الحاجة بفترة؟ من غير فرق كذلك بين تعريف التعارض بتنافي الدليلين أو تنافي المدلولين؛ إذ لا تنافي ولا تعارض في هذه المرحلة. لكن سيأتي مزيد تحقيق لهذا ولما سبقه وتفصيل فيه فانتظر.
الثمرة:
وقد ظهر بما سبق من التحقيق وجه الثمرة في البحث عن تعريفي الشيخ والآخوند على مسلكنا، فانه حيث أوقعنا الصلح بين التعريفين وبرهنّا انه لا فرق بينهما مآلاً خلافاً للمشكيني وغيره، حيث فرقوا بينها بالفروق الجوهرية الأربعة الماضية، ثبت ان العام والخاص، وكذا سائر موارد الجمع العرفي كما سيأتي بيانها، خارجة عن دائر أخبار الترجيح والتخيير لخروجها عنها موضوعاً إذ ليس العام الخاص متعارضين ولا متنافيين في مرحلة الدلالة التصديقية السابعة ولا السادسة([8]) حيث كان المخصص منفصلاً لأن العام مراعىُ معلق في مرتبتي الظهور هاتين، على عدم الخاص المنفصل أيضاً، كما ليسا متعارضين في مرحلة الدلالة التصديقية إذا وجد المخصص المتصل، واما إذا عدم المتصل([9]) ووجد المنفصل فهما متعارضان في هذه المرحلة بدواً لكن حيث جاء المخصص المنفصل ظهر انه لا تعارض واقعي([10]) (في التصديقية السادسة أو السابعة) فيبقى التعارض البدوي لكن أدلة التعارض (يأتي عنكم الخبران المتعارضان) منصرفة إلى التعارض المستقر لا البدوي (وهو الدلالة التصديقية الخامسة) فتدبر جيداً
كلام الطوسي والاصفهاني
وبذلك ظهر عدم تمامية ما ذهب إليه الشيخ الطوسي في (العُدة) من تعارض العام والخاص على ما نقله عنه السيد الاصفهاني في منتهى الأصول، قال السيد (قوله([11]): ولا تعارض أيضاً إذا كان أحدهما قرينة على التصرف (الخ). هذا إذا كان النظر إلى حكم العقل في باب التعارض بالتساقط أو التخيير يكون كذلك، لأن موضوع حكمه بالتساقط أو التخيير هو عدم إمكان الجمع بين الدليلين وحصول التحير في مقام العمل، ومع الجمع العرفي الدلالي لا يبقى حيرة في مقام العمل فلا يتحقق تعارض بينهما في مقام الدلالة والإثبات، واما بالنظر إلى أخبار التعارض فيمكن دعوى شمولها لمثل الظاهر مع النص والأظهر، كما يظهر من الشيخ في العدة حيث يعد تعارض العام والخاص مشمولا لأخبار العلاج، لكن التحقيق خروجه عن اخبار العلاجية كما سيظهر وجهه عند التعرض لقاعدة الجمع عن قريب)([12]) وسيأتي عند الكلام عن ان التعارض هو تعارض الظهورين أو تعارض الحجتين، ما يتنقح به كلام السيد ههنا، فانتظر.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=====================
السبت 1 صفر 1437هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |