12- وجه عدول الاخوند عن (مبادلة مالٍ بمال) الى (تبديل مال بمال) : ان البيع فعل الواحد ـ اشكال الشهيدي عليه: التعريف بلحاظ الاضافة للمفعول ـ مناقشتنا للشهيدي: التعريف بلحاظ كلتا الاضافتين لا يتم الا بـ(مبادلة) وبرهنته
السبت 17 محرم 1437هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
البيع
(12)
سبق بعض الكلام حول التعريف الأول للبيع وهو مبادلة مال بمال وسبقت بعض المناقشات والردود.
تعريف الآخوند: تبديل مال بمالٍ
التعريف الثاني: ما ذهب إليه الآخوند وتبعه جمع من ان البيع (تبديل مال بمال) وقال في وجه ذلك (التعبير بالمبادلة لا يخلو عن مسامحة، حقه ان يقال: تبديل مال بمال، فانه فعل الواحد لا اثنين فافهم)([1])
مناقشة الشهيدي للآخوند: التعريف بلحاظ الإضافة للمبيع
أقول: سيأتي منا ما هو مقتضى التحقيق بإذن الله، إنما الكلام الآن فيما أورده المحقق الشهيدي على الآخوند انتصاراً لتعريف المصباح، قال: (للبيع وكذلك الشراء إضافتان: إضافة إلى الفاعل ومن يصدر عنه المبدأ، وإضافة أخرى إلى المفعول وما يرد عليه المبدأ وهو المبيع والمال. وهو بالنظر إلى الإضافة الأولى عبارة عن التبديل والتعويض ونحو ذلك. وأما بالنظر إلى الإضافة الثانية؛ فلما أخذ في مفهومه – بلحاظ الإضافة المذكورة – قيام كلّ واحد من المالين مقام الآخر فيما له من الأوصاف الاعتبارية العقلائية التي لها آثار شرعيّة، كالملكية والوقفية والرقيّة، وكان المقصود الأهم بيان مفهومه بهذا اللحاظ الثاني، فلا محيص عن تعريفه بالمبادلة لإفادة قيام كلّ من المالين مقام الآخر، حيث إن التبديل ونحوه لا يفيد ذلك كما هو واضح. وإلى هذه الإضافة الثانية ينظر الفيّومي في تعريفه بما ذكر. فإشكال غير واحد من المحشين على المتن عليه بأن اللازم عليه من جهة كون البيع فعل شخص واحد بالضرورة التعبير بالتبديل بدل المبادلة، غفلة وذهول عن كونه بصدد تعريفه بلحاظ الإضافة الثانية لا الأولى)([2]).
مناقشات لمناقشة الشهيدي: التعريف بلحاظ كلتا الإضافتين متقوّم بالطرفين
لكن الظاهر ان إشكاله على الآخوند غير وارد وذلك لأن للبيع أربعة أطراف وليس ثلاثة وله ثلاث إضافات وليس اثنتين وحيث غفل الشهيدي عن الإضافة الثالثة وعن الطرف الثاني أورد ما أورد ولو لاحظها لما كان وجه للإيراد.
توضيح ذلك:
الأطراف الأربع في البيع
ان للبيع أربعة أطراف([3]):
من صدر منه البيع ومن صدر إليه المبيع وهما البائع والمشتري أي المتبايِعان.
ما وقع عليه البيع وما أبدل به وهما الثمن والمثمن أي المبيعان أو المتبايَعان.
وذلك لوضوح ان البيع كما يتقوّم بالمثمن والثمن كذلك يتقوّم بالبائع والمشتري إذ لا يعقل بيع بدون وجود مشتري بل لو فرض صحة بيع الشخصِ الشيءَ لنفسه([4]) فان الاثنينية الاعتبارية متحققة أيضاً.
الإضافات الثلاث في البيع
وفي البيع إضافات ثلاث أيضاً: يوضحه انك تقول لدى تحقيق القول وبسط الإجمال المنطوي فيه: (باع زيد الدار إلى عمرٍ) فهنا ثلاث إضافات:
إضافة البيع إلى الفاعل أي من يرد عليه المبدأ وهو زيد.
وإضافته إلى المفعول وما يرد عليه المبدأ (وهو الدار أي المبيع)
وإضافته إلى المشتري أي من يصل إليه المبدأ والمثمن.
وحيث اغفل الشهيدي الإضافة الثالثة والطرف الثاني من الأطراف الأربعة الآنفة، أشكل بما أشكل ولو لوحظت لارتفع الإشكال.
بيانه: ان البيع بالنظر للإضافة الأولى أيضاً مبادلةٌ وتبادلٌ وذلك لتقوّم الإضافة الأولى بالثالثة إذ سبق انه لا يعقل صدور البيع من طرف بدون وصوله إلى الطرف الآخر فقد أُخِذ في مفهوم البيع المضاف للبائع بيعُه لمشترٍ ما وصدوره منه إليه كما أخذ في مفهوم المبيع كونه مقابَلاً بالثمن، ولذا فان كلمة (البيع) بنفسها تدل على مثمن وثمن وبائع ومشترٍ؛ فان البيع من المفاهيم الإضافية المتقومة بهذه الأطراف الأربعة جميعاً لا بلحاظ الوجود فقط بل بلحاظ المفهوم أيضاً. فتدبر جيداً
والحاصل ان قوله (وهو بالنظر إلى الإضافة الأولى عبارة عن التبديل والتعويض) غير تام لصحة وصدق (تبادل زيد مع عمروٍ) و(بادَلَ زيدٌ عمراً ماله)، على انه سبق ان التبديل أيضاً يتضمن المبدل منه([5]) فهو كالمبادلة والتبادل من هذه الجهة إلا ان الفرق ان التبديل يدل على أصيل وتابع تالٍ([6]) اما التبادل والمبادلة فتدل على طرفين دون دلالة على أصالة أحدهما ولحوق الآخر([7]).
فظهر بذلك أيضاً ان قوله (حيث ان التبديل ونحوه لا يفيد ذلك كما هو واضح) غير تام لأن التبديل في جوهره يتضمن وجود مبدل ومبدل منه وقيام احدهما مكان الآخر وإلا لما كان تبديلاً.
المحصّلة
والحاصل: ان المصباح ومن تبعه حتى لو كان بصدد تعريف البيع بلحاظ الإضافة الأولى لكان يصح ان يقول مبادلة إلا انه صح تبديل لأنه يدل على المبادلة مع زيادة كون أحد الطرفين أصيلاً لا لما ذكره الآخوند من صحة التبديل دون المبادلة لأن التبديل فعل الواحد فانه وإن كان فعل الواحد إلا انه متقوم بالطرف الآخر وهو المشتري فصحت المبادلة، أيضاً ولكن سيأتي ان الحق تعدد إطلاقات البيع وبه تنحل العقدة ويقع الصلح بوجه أشمل([8]) بين الأقوال فتأمل([9]).
الصلح بين الطرفين
ثم انه لو سلمنا تمامية كلام الشهيدي فان به يقع الصلح بين الطرفين بان يقال: من عرّفه بالمبادلة أراد الإضافة الثانية ومن عرّفه بالتبديل أراد الإضافة الأولى. وللحديث صلة
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
============================
السبت 17 محرم 1437هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |