||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 410- فائدة فقهية: التبين عن إخبار ذي الصنعة الثقة

 96- (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) مؤسسات المجتمع المدني في منظومة الفكر الإسلامي-9 هل للمؤمنات ولاية؟ -(الجماعة) وخصوصياتها الأربعة

 249- مباحث الاصول: (الحجج والأمارات) (7)

 3-فائدة لغوية استدلالية

 336- من فقه الحديث تحقيق في الخبر المختلق (لو أن فاطمة سرقت لقطعت يدها)

 288- قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِه ِ؟ (4) إعادة بناء النفس وبرمجة الشاكلة

 435- فائدة فقهية: استفراغ الوسع في الاجتهاد

 الوسطية والاعتدال في الفكر الإسلامي

 165- ضرورة التزام منهج التحقيق الموسع والتدقيق

 321- (خلق لكم ما في الأرض جميعاً) 9 التصاعد الهندسي للغلاء وتشاؤم مالثوس



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23711630

  • التاريخ : 29/03/2024 - 13:51

 
 
  • القسم : البيع (1444هـ) .

        • الموضوع : 603- تحقيق حول (جعل عدم الحكم) .

603- تحقيق حول (جعل عدم الحكم)
الأحد 2 جمادى الأولى 1444هـ



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(603)

سبق قول المحقق الاصفهاني فيما نقله عنه العقد النضيد: (فإنّ مدلول حديث الرفع هو جعل عدم الحكم، فالمجعول هو عدم الحكم برغم أنّ العنوان الوارد في الحديث هو عنوان الرفع، لكن الجعل متعلّق بعدم الحكم، لأنّ عدم فعليّة الحكم الواقعي بعدم الوصول عقلي، والأمر العقلي غير قابل للوضع والرفع، فإذن مدلول حديث الرفع ليس عدم فعليّة الحكم الواقعي، بل مدلوله اعتبار عدم الحكم وجعل ذلك عند الشك في الواقع بالنسبة إلى ما لا يعلمون وكذلك بالنسبة إلى الخطأ والنسيان)([1]).

ولكنّ هذا الكلام مناقش فيه صغرى وكبرى، في قوله: (الجعل متعلّق بعدم الحكم،... فإذن مدلول حديث الرفع ليس عدم فعليّة الحكم الواقعي، بل مدلوله اعتبار عدم الحكم وجعل ذلك عند الشك) وفي قوله: (لأنّ عدم فعليّة الحكم الواقعي بعدم الوصول، عقلي).

مراتب الحكم أربعة أو ثلاثة أو اثنتان؟

أما الثاني، فتحقيقه: ان مراتب الفعل بحسب المحقق الخراساني أربعة هي: الاقتضاء والإنشاء والفعلية والتنجز، وقيل بانها اثنتان فقط إذ الاقتضاء من مبادئ الحكم وليس حكماً والتنجز من نتائج الحكم (إذ التنجز يعني استحقاق العقاب بالمخالفة أي مخالفة حكم الشارع وأمره أو نهيه).

وعلى أي فقد فسرت الفعلية بمرتبة المحركية فان الحكم بمجرد إنشائه من دون ابلاغه وإيصاله للمكلفين ليس فعلياً أي ليس محركاً وباعثاً إذ يستحيل كونه بوجوده الثبوتي الواقعي محركاً، ألا ترى ان المشرِّع العادي إذا شرّع في مجلس الأمة، أو إذا شرّع الحاكم أو الملك في غرفته، حكماً فانه بما هو هو إنشاء لفظي أو كتبي وإيجاد لمعناه في عالم الاعتبار، لا يبعث أحداً ولا يزجره، وإنما يبعث ويزجر بوصوله أي بإبلاغ المجلس أو الملك أو الفقيه أو رئيس الشركة أو الولي، لإنشاءاته للناس والموظفين والأتباع؟ وكذلك تشريعات الشارع قبل ان يبلغها للناس وتصل إلى مرتبة (هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ) (سورة إبراهيم: الآية 52) و(رُسُلاً مُبَشِّرينَ وَمُنْذِرينَ) (سورة النساء: الآية 165) و(أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي) (سورة الأعراف: الآية 62و68) وغيرها، فمرتبة الفعلية هي مرتبة الإبلاغ وهي مرتبة المحركية، والتي تعقبها مرتبة التنجز، قال في نهاية الدراية: (ثالثتها: مرتبة الفعليّة وفي هذه المرحلة يبلغ الحكم درجة حقيقة الحكميّة ويكون حكماً حقيقيّاً وبعثاً وزجراً جدّياً بالحمل الشائع الصناعي، وإلاّ فمجرّد الخطاب من دون تحريمٍ وإيجابٍ إنشاءٌ محض، وبين الوجود الإنشائي الذي هو نحو استعمال اللفظ في المعنى وبين الوجود الحقيقي مباينة تباين الشيء بالحمل الأولى وبالحمل الشائع)([2]) هذا.

الاصفهاني: الفعلية ملحقة إما بالإنشاء أو بالتنجز

ولكنّ المحقق الاصفهاني رفض تربيع المراتب وارتأى انها ثلاثة بإلغاء مرتبة الفعلية، إذ انه وجد انها إما ملحقة بمرتبة الإنشاء (الثانية) أو بمرتبة التنجز (الرابعة) قال: (وسيجيء([3]) إن شاء الله تعالى ما عندنا من أن المراد بالفعلي ما هو الفعلي من قبل المولى لا الفعلي بقول مطلق، فمثله ينفكّ عن المرتبة الرابعة لكنه عين مرتبة الإنشاء حيث إن الإنشاء بلا داعٍ محال، وبداعٍ آخر غير جعل الداعي ليس من مراتب الحكم الحقيقي، وبداعي جعل الداعي عين الفعلي من قبل المولى، وإن أريد من الفعلي ما هو فعليّ بقول مطلق، فهو متقوّم بالوصول وهو مساوق للتّنجّز، فالمراتب على أي حال ثلاث)([4]).

وقوله: (وبداع آخر غير...) كالإنشاء بداعي الاستهزاء أو الأداء التمثيلي (المسرحية) أو حتى الامتحان في الأوامر الامتحانية.

الوالد: فعليتان: بالوصول النوعي ثم الشخصي

ولكنّ السيد الوالد (قدس سره) ارتأى تحقق المراتب الأربع، ووجود مرتبة ثالثة هي الفعلية مستنداً إلى أن الوصول وصولان: وصول نوعي وبه تتحقق المرتبة الثالثة (الفعلية) وعليه تترتب الآثار الوضعية ومنها مثلاً لزوم القضاء لو علم فيما بعد، ووصول شخصي وبه تتحقق مرتبة التنجز واستحقاق العقاب بالمخالفة.

وأوضحه: بان المشرِّع العادي، كمجلس الأمة أو رئيس الشركة أو الحاكم والملك وولي الأمر بعد مرحلة الاقتضاء وإحرازها، يُنشِأ الحكم، ثم يبلغه لعامة الناس عبر بعض وسائل الإعلام([5])، وللموظفين عبر كتيب الأوامر أو الكتابة على لوحة الإعلانات، فحينئذٍ يبلغ مرتبة الفعلية والبعث والمحركية، لكن هذا الإبلاغ إذا لم يصل إلى هذا الموظف أو المواطن أو المكلف، لقصور منه؛ لمرض أو غيره، فانه لا يتنجز الحكم عليه وإن كان قد وصل إلى مرتبة الفعلية والمحركية بالإبلاغ النوعي والذي يمكن ان تترتب عليه كل الآثار ما عدا العقوبة المصطلحة([6]).

ويوضحه: ان الحكومة لو منعت استيراد السيارات إلى مدّة (ولنفرضها حكومة شرعية تمتلك الصلاحيات، أو لنفرض الأمر في الحكومات المدنية صادراً من الحكومة التي يرتضونها) وإلا حجزت أو أرجعت إلى البلد المصدِّر لها، فإن المواطن لو لم يكن على علم بذلك رغم إعلانه بالصحف فاستورد، كان للحكومة حجز سياراته، من دون ان يصح لها معاقبته، أي بسجن وشبهه مما كان مقرراً على العالِم بالمنع العامد في الاستيراد.

والحاصل: ان كل الآثار الوضعية تترتب على مرتبة الفعلية والوصول النوعي دون استحقاق العقوبة بالمعنى المصطلح، واستحقاقها إنما يكون بالوصول الشخصي، وكذلك يمكن ان يحكم على هذا المكلف غير العالم بالحكم، بوجوب القضاء([7]) لو علم بعد الوقت مادام الوصول النوعي قد حصل، أما إذا لم يكن قد حصل فلا معنى لإيجاب القضاء إذ حاله حال زمن تدرج الأحكام. فتدبر.

وبذلك كله ظهر وجود مرتبة متوسطة بين (الفعلية لدى المولى) و(الفعلية بقول مطلق) وهي فعلية ما أُبلغ نوعاً ولم يصل شخصاً.

النتيجة: ان قوله (لأن عدم فعلية الحكم الواقعي بعدم الوصول، عقلي) لا يصح على مبنى الآخوند (قدس سره) بحسب شرح السيد الوالد (قدس سره) له، إذا أريد عدم الوصول الشخصي فان الحكم الواقعي رغم عدم الوصول الشخصي فعلي ببركة وصوله النوعي، مع ان (رفع ما لا يعلمون) منصرف إلى الوصول الشخصي سلّمنا لكنه يعمّه، نعم هو صحيح إذا أريد عدم الوصول النوعي.

وأما حسب مبنى الاصفهاني (قدس سره)، فان (عدم فعلية الحكم الواقعي بعدم الوصول) إنما يصح لو أريد (الفعلي بقول مطلق) أما لو أريد (الفعلي من قبل المولى) فانه رغم عدم وصوله (حتى النوعي) فِعلي لديه؛ إذ الفعلية من قبل المولى تساوي لديه (قدس سره) الإنشاء بداعي جعل الداعي، فتدبر.

استحالة تعلق الجعل بعدم الحكم

وأما الأول وهو قوله: (الجعل متعلّق بعدم الحكم) فيرد عليه: ان ذلك محال إذ كل أمر كان علّة لأمر آخر كان عدمه علّة لعدمه، فعدم العلّة علّة عدم المعلول، فبمجرد عدمها يعدم المعلول (حكماً كان أو غيره) فلا يعقل ان يقال بان عدم المعلول (عدم الحكم) مجعول وان الجعل تعلق به فانه إذا كان جعل الحكم علّة لوجوده (أي الحكم) كان عدم جعله (وهو النقيض) علّة لعدم وجوده، ولا يعقل تعلق جعل آخر به (العدم) وإلا لزم إما تحصيل الحاصل أو اجتماع المثلين أو الخلف: أما الأول: ففيما إذا تعلق الجعل بالعدم بعد ان كان معدوماً لعدم علته، وأما الثاني: ففيما إذا تعلق الجعل بعدمٍ مماثل، وأما الثالث: ففيما إذا لم تكن علّة الوجود علّة الوجود (هذا خلف) إذ إذا لم تكن علّة الوجود علّة الوجود لكان من الممكن ان يكون علّة عدم الوجود غير ما سمي بعلّة الوجود فتدبر وتأمل.

وبوجه أبسط: جعل عدم الحكم لغو بعد انعدامه قهراً بانعدام سبب الحكم.

بطلان قياس رُفِع عن الصبي على رُفِع ما لا يعلمون

كما يرد عليه ان قياس المقام (عمد الصبي مرفوع عنه الحكم) بحديث الرفع (وان من لا يعلم مرفوع عنه الحكم) وان الأخير من جعل عدم الحكم فالأول مثله، قياس لا وجه له إطلاقاً إذ لا يعقل فيمن لا يعلم فعليه الحكم في حقه، أي باعثيته له (إذ عدم فعلية الحكم الواقعي بعدم الوصول عقلي قطعي قهري) أما الصبي المميز فانه يعقل بل من العقلائي فعليه كافة الأحكام في حقه (لأنه مميز والفرض وصول الأحكام له (إذ جهة كونه صبياً جهة مستقلة غير جهة عدم الوصول إليه) غاية الأمر أنّ الشارع امتنّ عليه فلم يجعل الأحكام الواقعية عليه، فعدم فعلية الأحكام في حقه (بل عدم إنشائها) امتناني شرعي وليس عقلياً قهرياً.

والحاصل: انه يعقل في الصبي عدم جعل الحكم، وإن لم يعقل في مَن لا يعلم عدم جعله (إذ المتعيّن في الأخير جعل العدم).               


وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ لِمَنْ جَعَلَ لَهُ سُلْطَاناً أَجَلًا وَمُدَّةً مِنْ لَيَالٍ وَأَيَّامٍ وَسِنِينَ وَشُهُورٍ، فَإِنْ عَدَلُوا فِي النَّاسِ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَاحِبَ الْفَلَكِ أَنْ يُبْطِئَ بِإِدَارَتِهِ، فَطَالَتْ أَيَّامُهُمْ وَلَيَالِيهِمْ وَسِنِينُهُمْ وَشُهُورُهُمْ، وَإِنْ جَارُوا فِي النَّاسِ وَلَمْ يَعْدِلُوا أَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى صَاحِبَ الْفَلَكِ فَأَسْرَعَ بِإِدَارَتِهِ، فَقَصُرَتْ لَيَالِيهِمْ وَأَيَّامُهُمْ وَسِنِينُهُمْ وَشُهُورُهُمْ وَقَدْ وَفَى لَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ بِعَدَدِ اللَّيَالِي وَالشُّهُورِ‏)) (الكافي: ج8 ص271)

 

--------------------------------------------------------

([1]) الشيخ محمد رضا الأنصاري القمي، العقد النضيد، دار التفسير ـ قم: ج2 ص450.

([2]) الشيخ محمد حسين الغروي الإصفهاني، نهاية الدّراية في شرح الكفاية، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم، ج3 ص25-26.

([3]) في التعليقة ٣٠ و ٤٢.

([4]) الشيخ محمد حسين الغروي الإصفهاني، نهاية الدّراية في شرح الكفاية، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم، ج3 ص27.

([5]) كالإعلان في الجريدة الرسمية.

([6]) والتي تعد عقاباً على جريمة ارتكبت عمداً.

([7]) اما كونه بأمر جديد أو بنفس الأمر السابق، فله بحث وتفصيل يترك لمحله.

 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : الأحد 2 جمادى الأولى 1444هـ  ||  القرّاء : 1041



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net