345- فائدة أصولية: موارد الاحتياط.
15 ذي الحجة 1440هـ
موارد الاحتياط [1].
اعداد: الشيخ محمد علي الفدائي
الاحتياط: هو الإتيان بكل ما احتمل وجوبه أو مقدميته أو شرطيته أو جزئيته أو قيديته لواجب، أو شك في محققيته للغرض الملزم، تحفظاً عليه، وترك كل ما احتملت حرمته أو مانعيته أو قاطعيته لواجب أو مقدميته لمحرم، وهذا تعريف بمقتضى الحمل الشايع الصناعي، وعليه فتكون نطاقاته ومصاديقه هي الموارد الستة الآتية:
المورد الأول: الشك في أصل التكليف، وذلك كما في الشبهات البدوية قبل الفحص في موارد الشبهات الوجوبية، والاحتياط هو في الفعل عكس موارد الشبهة التحريمية؛ حيث إن الاحتياط فيها بالترك وإجتناب ما شك في حرمته.
ومثال الشبهة الوجوبية: ما لو شك في أن (المهر) فيه الخمس باعتبار أنه فائدة؟ أو لا لأنه لا يصدق عليه الاكتساب؟ فمثل صاحب العروة (قدس سره) ذهب إلى أنه (الأحوط استحباباً)، والبعض ـ كالسيد الوالد (قدس سره) ـ احتاط وجوباً[2]، وكذا الحال في الهدية، وكذا لو شك في وجوب صلةِ رحمٍ بعيدةٍ للشك في شمول الإطلاقات لها، فالاحتياط يقتضي صلته.
وفي فقه الدولة: لو شك في وجوب فصل السلطات وتقسيم القدرة وإقرار نظام التداول السلمي للسلطة، خوفاً من طغيان الحكومة واستبداد الحاكم؛ استناداً إلى مثل {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى}[3] و {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ...}[4] و {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}[5] إذا لم يتضح له الإيجاب أو السلب، فشك فيكون من مجاري الاحتياط.
ومثال الشبهة التحريمية: ما لو شك في حرمة المرتضعة معه عشراً أو علم بالحرمة وشك في أنها ارتضعت معه الرضاع المحرم أو لا، كشبهة موضوعية؛ أو شك في حكم (التسوق الشَّبَكي) هل هو حلال أم لا، وهل ينطبق عليه عنوان الإضرار بالغير عرفاً أو لا؟ وقد حرّمه بعض الفقهاء وأجازه آخرون، والاحتياط يقتضي التجنب، وهي شبهة تحريمية؛ وكذا لو شك في كون هذه البضاعة مسروقة أو مغصوبة فهذه شبهة موضوعية، أو شك في حرمة إجراء الحدود في زمن الغيبة أو حرمة تسلط الفقيه أو غيره على الناس بدون رضاهم في حكومة أو منظمة أو شركة وهذه شبهة حكمية.
المورد الثاني: الشك في متعلقي الوجوب أو متعلقاته بعد العلم بأصل وجوبه.
أي في صورة الشك في المكلف به بعد العلم إجمالاً بأصل التكليف، وذلك فيما لو كان الوجوب معلوماً والمصداق مردداً؛ فالاحتياط يقتضي الجمع، كما لو شك في أن وظيفته القصر أو الإتمام؛ فالأحوط أن يجمع بينهما، وكما لو شك في أن هذا هو الذي يريد قتله أو ذاك، فالاحتياط يقتضي الابتعاد عنهما وتجنبهما.
المورد الثالث: الشك في الجزئية كما لو شك في جلسة الاستراحة هل هي جزء للصلاة أم لا؟ فالاحتياط يقتضي أن يأتي بها، بل مطلق ما لو شك في جزئية أمر أو مادةٍ لمركبٍ وجب شرعاً أو عقلاً، أو لعقد أو عهد وإن عادا إلى أحدهما مآلاً.
المورد الرابع والخامس: الشك في شرطية أمر لأمر أو في قيديته له كجزئية مادةٍ لدواء أو شرطيته أو لإحكام بناء، أو شرطية التنجيز أو العربية أو الماضوية أو الموالاة لصحة البيع، وشبه ذلك.
والفرق بين الجزء والشرط والقيد: هو إن الجزء داخل في الشيء، والشرط خارج، أما التقيد فهو داخل كالجزء، ولكن الفرق بينه وبين الشرط: أن المقيد به ينتفي بانتفاء القيد، بخلاف الشرط، نعم يكون له خيار تخلف الشرط في المعاملات.
فالاحتياط في هذه الثلاثة هو بأن يأتي بما شك كونه جزءاً أو شرطاً أو قيداً.
مثلاً إذا شك في شرطية دخول الوقت أو كفاية مشارفته لصحة الوضوء للصلاة فالاحتياط يقتضي أن يأتي بالوضوء بعد دخول الوقت إذ الصور ثلاثة:
الأولى: الوضوء قبل الصلاة بوقت طويل بنية الصلاة ولأجلها، فعدم الصحة جزماً، والصورة .
الثانية: الوضوء بعد دخول الوقت، فالصحة قطعاً، والثالثة: الوضوء قبل الصلاة بوقت قصير للتهيؤ، والفتوى على الصحة إنما الكلام في صورة الشك.
مثال آخر: لو شك في شرطية أن لا يكون جربزياً في صحة تقليده ـ كما أشار إليه صاحب القوانين ـ فالاحتياط يقتضي تجنب تقليد الجربزي المتسرع في الفتوى المتهجم على اللوابس، وكذا لو شك في شرطية الشجاعة وحسن الإدارة والتواضع والشورية، في القائد للأمة أو من يتولى أمراً من أمورها فالاحتياط باختيار من اتصف بها وتجنب من فقدها.
المورد السادس: الشك في محقق الواجب المأمور به، أو محقق الغرض، وذلك كما في قوله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}[6]، فهل الواجب المعنى المصدري، أو الاسم المصدري ؟
فإذا كان المراد هو الاسم المصدري، كما استظهره الشيخ الأنصاري (قدس سره) من الآية، وأن المأمور به هو التطهر وهذه الغسلات والمسحات مقدمة له[7]، فهو شك في محقق المأمور به؛ كما لو شك في أن غسل بعض باطن الأذن وأجب أم لا، فالاحتياط يقتضي الإتيان به وغسل الباطن المشكوك.
ولا يخفى أن ما سبق تعريف بالحمل الشائع الصناعي وهو تعريف بالمصداق، وأما التعريف بالحمل الأولي الذاتي فقد يتوهم أنه لا مناص إلا من شرح الاسم، لكنه غير تام فإنه في الأمور الحقيقية لا المفاهيم الاعتبارية والمخترعات العرفية أو الشرعية.
المورد السابع: الاحتياط في المحصِّل.
ويمكن إضافة مورد آخر على ماذكر من موارد الاحتياط، وذلك لأن الاحتياط يقتضي الإتيان بما يحتمل دخله ومحصليته لأحد هذه الأمور الأربعة:
1: البسيط الاعتباري. 2: البسيط التكويني.
3: المركب الاعتباري. 4: المركب التكويني.
فأولاً: الاحتياط في محصِّل البسيط الاعتباري:
كما في (الملكية) على المشهور؛ حيث إنها أمر منوط باعتبار المعتبر؛ فلو شك في محققِّها ومحصِّلها، كما لو شك في تحقق الملكية بالتعامل مع الصغير، فالاحتياط في العدم؛ أو شك في اشتراط العربية فالاحتياط بالإتيان بها، وهنا ليس الشك في الواجب ولا في مصداقه ولا جزئه ولا شرطه ولا قيده، بل الشك في محصِّل الأثر.
وكـ(العدالة) أيضاً؛ فإننا لو قلنا بأن العدالة تعني الملكة فهي أمر بسيط، فلو شك في محققها، كما في تجنب منافيات المروءة للشك في أنها مخلة بالعدالة أو لا، فالاحتياط يقتضي الاجتناب عنها لإحراز تحقق العدالة المعتبرة في مثل الشاهدين على الطلاق.
والثاني: هو الاحتياط في محصِّل البسيط التكويني
وذلك كما في محصِّل الطهارة أو محقق النجاسة، بناءً على كونهما أمرين تكوينيين كشف عنهما الشارع، كما لو شك في مطهرية الغسلة الواحدة، أو نجاسة ماء الغسلة المزيلة (بعد الخلو عن عين النجاسة).
الثالث: الاحتياط في محصِّل المركب الاعتباري
وذلك كالصلاة فإنها بلحاظ هذه الهيئة ذات الآثار الخاصة التي اعتبرها الشارع واجبة مركب اعتباري وإن كانت أفعالها أفعالاً حقيقية خارجية من مقولة الفعل والوضع؛ وحينئذ لو شك في تحقق هذه الهيئة الاعتبارية، كما لو شك في أن الرياء في مقدمات الصلاة أو أجزائها المستحبة أو مكانها مثلاً هل هو مبطل أم لا، فالاحتياط يقتضي ترك الرياء فيها المقدمات.
الرابع: الاحتياط في محصِّل المركب التكويني
وذلك كرمي الجمار؛ فلو شك في أن المأمور به هو المعنى المصدري للرمي فيكفي صِرف الرمي وإن لم يصب، أم هو المعنى الاسم المصدري فلا تكفي إلا الإصابة، والمأمور به على كلا التقديرين مركب فإنه على الثاني أيضاً مركب من سبعة؛ لكون آحادها بشرط شيء لا لا بشرط، فالاحتياط يقتضي إحراز حصول المعنى الاسم مصدري والعلم بتحقق الإصابة، فتأمل.
موارد ادعيت كونها من الاحتياط:
وقد ذكر البعض موارد أخرى للاحتياط غير الموارد المتقدمة:
منها: الاحتياط عند دوران الأمر بين الوجوب والحرمة، كما لو دار أمر صلاة الجمعة زمن الغيبة بين الوجوب والحرمة، أو دار أمر إقامة الحكومة الإسلامية زمن الغيبة بين الوجوب والحرمة.
وفيه: إن هذا المورد خارج؛ إذ لا يمكن فيه الاحتياط، وقد يجاب بامكانه بالفعل تارة والترك أخرى.
وفيه: إنه خلاف الاحتياط إذ فيه المخالفة القطعية (وإن كانت فيه الموافقة الاحتمالية) عكس الفعل مطلقاً أو الترك مطلقاً فانه مخالفة احتمالية كما هو موافقة احتمالية.
وقد يجاب: بإمكان الاحتياط فيه بان يترك دائماً، إذا رجحنا جانب الترك لأن دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة.
وفيه: إنه لا إطلاق لذلك ما دامت كلتاهما ملزمتين بحيث حرّم الشارع وأوجب.
ويمكن درج هذه الصورة في الشك في التكليف إن أريد به جنسه، فتأمل.
ومنها: الاحتياط عند دوران الأمر بين الوجوب والاستحباب.
وفيه: إن هذا المورد داخل في المورد الأول، وهو الاحتياط بالإتيان بما شك في أصل التكليف.
-------------
[1] اقتباس من كتاب "بحوث في الاحتياط" لسماحة السيد مرتضى الحسيني الشيرازي: ص٨-١٦.
[2] انظر العروة الوثقى المحشى: ج4 ص277.
[3] سورة العلق: 6.
[4] سورة البقرة: 251، وسورة الحج: 40.
[5] سورة المطففين: 26.
[6] سورة المائدة: 6.
[7] انظر كتاب الطهارة للشيخ الأنصاري: ج2 ص133
ومثال الشبهة الوجوبية: ما لو شك في أن (المهر) فيه الخمس باعتبار أنه فائدة؟ أو لا لأنه لا يصدق عليه الاكتساب؟ فمثل صاحب العروة (قدس سره) ذهب إلى أنه (الأحوط استحباباً)، والبعض ـ كالسيد الوالد (قدس سره) ـ احتاط وجوباً[2]، وكذا الحال في الهدية، وكذا لو شك في وجوب صلةِ رحمٍ بعيدةٍ للشك في شمول الإطلاقات لها، فالاحتياط يقتضي صلته.
وفي فقه الدولة: لو شك في وجوب فصل السلطات وتقسيم القدرة وإقرار نظام التداول السلمي للسلطة، خوفاً من طغيان الحكومة واستبداد الحاكم؛ استناداً إلى مثل {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى}[3] و {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ...}[4] و {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}[5] إذا لم يتضح له الإيجاب أو السلب، فشك فيكون من مجاري الاحتياط.
ومثال الشبهة التحريمية: ما لو شك في حرمة المرتضعة معه عشراً أو علم بالحرمة وشك في أنها ارتضعت معه الرضاع المحرم أو لا، كشبهة موضوعية؛ أو شك في حكم (التسوق الشَّبَكي) هل هو حلال أم لا، وهل ينطبق عليه عنوان الإضرار بالغير عرفاً أو لا؟ وقد حرّمه بعض الفقهاء وأجازه آخرون، والاحتياط يقتضي التجنب، وهي شبهة تحريمية؛ وكذا لو شك في كون هذه البضاعة مسروقة أو مغصوبة فهذه شبهة موضوعية، أو شك في حرمة إجراء الحدود في زمن الغيبة أو حرمة تسلط الفقيه أو غيره على الناس بدون رضاهم في حكومة أو منظمة أو شركة وهذه شبهة حكمية.
أي في صورة الشك في المكلف به بعد العلم إجمالاً بأصل التكليف، وذلك فيما لو كان الوجوب معلوماً والمصداق مردداً؛ فالاحتياط يقتضي الجمع، كما لو شك في أن وظيفته القصر أو الإتمام؛ فالأحوط أن يجمع بينهما، وكما لو شك في أن هذا هو الذي يريد قتله أو ذاك، فالاحتياط يقتضي الابتعاد عنهما وتجنبهما.
والفرق بين الجزء والشرط والقيد: هو إن الجزء داخل في الشيء، والشرط خارج، أما التقيد فهو داخل كالجزء، ولكن الفرق بينه وبين الشرط: أن المقيد به ينتفي بانتفاء القيد، بخلاف الشرط، نعم يكون له خيار تخلف الشرط في المعاملات.
فالاحتياط في هذه الثلاثة هو بأن يأتي بما شك كونه جزءاً أو شرطاً أو قيداً.
مثلاً إذا شك في شرطية دخول الوقت أو كفاية مشارفته لصحة الوضوء للصلاة فالاحتياط يقتضي أن يأتي بالوضوء بعد دخول الوقت إذ الصور ثلاثة:
الأولى: الوضوء قبل الصلاة بوقت طويل بنية الصلاة ولأجلها، فعدم الصحة جزماً، والصورة .
مثال آخر: لو شك في شرطية أن لا يكون جربزياً في صحة تقليده ـ كما أشار إليه صاحب القوانين ـ فالاحتياط يقتضي تجنب تقليد الجربزي المتسرع في الفتوى المتهجم على اللوابس، وكذا لو شك في شرطية الشجاعة وحسن الإدارة والتواضع والشورية، في القائد للأمة أو من يتولى أمراً من أمورها فالاحتياط باختيار من اتصف بها وتجنب من فقدها.
فإذا كان المراد هو الاسم المصدري، كما استظهره الشيخ الأنصاري (قدس سره) من الآية، وأن المأمور به هو التطهر وهذه الغسلات والمسحات مقدمة له[7]، فهو شك في محقق المأمور به؛ كما لو شك في أن غسل بعض باطن الأذن وأجب أم لا، فالاحتياط يقتضي الإتيان به وغسل الباطن المشكوك.
ولا يخفى أن ما سبق تعريف بالحمل الشائع الصناعي وهو تعريف بالمصداق، وأما التعريف بالحمل الأولي الذاتي فقد يتوهم أنه لا مناص إلا من شرح الاسم، لكنه غير تام فإنه في الأمور الحقيقية لا المفاهيم الاعتبارية والمخترعات العرفية أو الشرعية.
ويمكن إضافة مورد آخر على ماذكر من موارد الاحتياط، وذلك لأن الاحتياط يقتضي الإتيان بما يحتمل دخله ومحصليته لأحد هذه الأمور الأربعة:
كما في (الملكية) على المشهور؛ حيث إنها أمر منوط باعتبار المعتبر؛ فلو شك في محققِّها ومحصِّلها، كما لو شك في تحقق الملكية بالتعامل مع الصغير، فالاحتياط في العدم؛ أو شك في اشتراط العربية فالاحتياط بالإتيان بها، وهنا ليس الشك في الواجب ولا في مصداقه ولا جزئه ولا شرطه ولا قيده، بل الشك في محصِّل الأثر.
وكـ(العدالة) أيضاً؛ فإننا لو قلنا بأن العدالة تعني الملكة فهي أمر بسيط، فلو شك في محققها، كما في تجنب منافيات المروءة للشك في أنها مخلة بالعدالة أو لا، فالاحتياط يقتضي الاجتناب عنها لإحراز تحقق العدالة المعتبرة في مثل الشاهدين على الطلاق.
وذلك كما في محصِّل الطهارة أو محقق النجاسة، بناءً على كونهما أمرين تكوينيين كشف عنهما الشارع، كما لو شك في مطهرية الغسلة الواحدة، أو نجاسة ماء الغسلة المزيلة (بعد الخلو عن عين النجاسة).
وذلك كالصلاة فإنها بلحاظ هذه الهيئة ذات الآثار الخاصة التي اعتبرها الشارع واجبة مركب اعتباري وإن كانت أفعالها أفعالاً حقيقية خارجية من مقولة الفعل والوضع؛ وحينئذ لو شك في تحقق هذه الهيئة الاعتبارية، كما لو شك في أن الرياء في مقدمات الصلاة أو أجزائها المستحبة أو مكانها مثلاً هل هو مبطل أم لا، فالاحتياط يقتضي ترك الرياء فيها المقدمات.
وذلك كرمي الجمار؛ فلو شك في أن المأمور به هو المعنى المصدري للرمي فيكفي صِرف الرمي وإن لم يصب، أم هو المعنى الاسم المصدري فلا تكفي إلا الإصابة، والمأمور به على كلا التقديرين مركب فإنه على الثاني أيضاً مركب من سبعة؛ لكون آحادها بشرط شيء لا لا بشرط، فالاحتياط يقتضي إحراز حصول المعنى الاسم مصدري والعلم بتحقق الإصابة، فتأمل.
وقد ذكر البعض موارد أخرى للاحتياط غير الموارد المتقدمة:
منها: الاحتياط عند دوران الأمر بين الوجوب والحرمة، كما لو دار أمر صلاة الجمعة زمن الغيبة بين الوجوب والحرمة، أو دار أمر إقامة الحكومة الإسلامية زمن الغيبة بين الوجوب والحرمة.
وفيه: إن هذا المورد خارج؛ إذ لا يمكن فيه الاحتياط، وقد يجاب بامكانه بالفعل تارة والترك أخرى.
وفيه: إنه خلاف الاحتياط إذ فيه المخالفة القطعية (وإن كانت فيه الموافقة الاحتمالية) عكس الفعل مطلقاً أو الترك مطلقاً فانه مخالفة احتمالية كما هو موافقة احتمالية.
وقد يجاب: بإمكان الاحتياط فيه بان يترك دائماً، إذا رجحنا جانب الترك لأن دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة.
وفيه: إنه لا إطلاق لذلك ما دامت كلتاهما ملزمتين بحيث حرّم الشارع وأوجب.
ويمكن درج هذه الصورة في الشك في التكليف إن أريد به جنسه، فتأمل.
ومنها: الاحتياط عند دوران الأمر بين الوجوب والاستحباب.
وفيه: إن هذا المورد داخل في المورد الأول، وهو الاحتياط بالإتيان بما شك في أصل التكليف.
-------------
[1] اقتباس من كتاب "بحوث في الاحتياط" لسماحة السيد مرتضى الحسيني الشيرازي: ص٨-١٦.
[2] انظر العروة الوثقى المحشى: ج4 ص277.
[3] سورة العلق: 6.
[4] سورة البقرة: 251، وسورة الحج: 40.
[5] سورة المطففين: 26.
[6] سورة المائدة: 6.
[7] انظر كتاب الطهارة للشيخ الأنصاري: ج2 ص133