445- فائدة فقهية ـ عقائدية: شبهة تسلّل مسألة بيع الصبي الراشد من العامة
26 شوال 1443هـ
بقلم: السيد نبأ الحمامي
قد يقال: إنّ مسألة بيع الصبي الراشد وشراؤه، قد تسلَّلت إلينا من العامة؛ وأنهم لا يرون لفعل الصبي أثراً، وذلك من أجل نفي أثر إسلام أمير المؤمنين (عليه السلام) حين كان صبيًّا، وبالتالي يرفضون القول بأنه (عليه السلام) أوَّل من أسلم؛ باعتبار رفع القلم عن الصبي في حديث الرفع المعروف، فالصبي جميع أقواله مسلوبة التأثير والصلاحية والآثار، فإذا تشَّهد الشهادتين مثلاً، فلا تأثير في هذه الشهادة، ووجودها كالعدم، هكذا قالوا.
ولكننا نقول: إنها لم تتسلَّل إلى الفقه الشيعي من العامة لأسباب، منها:
1: وجود هذه المسألة (بيع الصبي) في النصوص القرآنية، وفي أحاديث كثيرة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وقد استند الفقهاء إلى الآيات والروايات، فكيف تكون متسللة من العامة إليهم؟.
2: خروج إسلام أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو صغير عن حديث الرَّفع تخصُّصاً أو تخصيصًا:
أ) أما تخصُّصاً، فلوجوه:
منها: أن حديث رفع القلم غير ناظر إلى الأمور الاعتقادية، بل التشريعية، فقلم التشريع قد رُفع، لا قلم العقل والمستقلات العقلية والتوحيد وسائر أصول الدين التي هي من دائرة المستقلات العقلية.
ومنها: أن الآيات والروايات الواردة في عدم نفوذ تصرفات الصبي، خاصة بالمعاملات أو الأموال موضوعاً، فلاحظ قوله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) ([1])، وقوله (عليه السلام): ((وَالْغُلَامُ لَا يَجُوزُ أَمْرُهُ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ وَلَا يَخْرُجُ مِنَ الْيُتْمِ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً))([2])، وغيرها بين غير المعتبر وبين المنصرف إلى ما ذكر.
ومنها: أنه (عليه السلام) مسلم بالفطرة، لأن أبويه (عليهما السلام) مسلمان.
ومنها: أنه مسلم منذ عالم الذر، بل في عالم الأنوار.
ب: وأما تخصيصاً؛ فلوجود الدليل القطعي من الفريقين على قبول النبي (صلى الله عليه وآله) لإسلام أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو صبي، فإن لم يكن خروجه (عليه السلام) عن حديث الرفع تخصصاً فهو تخصيص قطعي.
-------------
([1]) سورة النساء: الآية 6.
([2]) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامي: ج7 ص197.
([1]) سورة النساء: الآية 6.