51- تفصيل رأي الاخوند في نسبة المخصص المنفصل للعام، ـ التحقيق: الاقوال اربعة ـ ومناقشة رأي الاخوند
الثلاثاء 15 ربيع الثاني 1437هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(51)
الآخوند: العام المخصَّص بمنفصل حقيقة، والمخصِّص مانع عن (الجدية) فقط
وقال الآخوند (واما في المنفصل، فلان إرادة الخصوص واقعاً لا تستلزم استعماله فيه وكون الخاص قرينة عليه، بل من الممكن قطعاً استعماله معه في العموم قاعدةً، وكون الخاص مانعاً عن حجية ظهوره([1]) تحكيما للنص أو الأظهر على الظاهر، لا مصادما لأصل ظهوره، ومعه لا مجال للمصير إلى إنّه قد استعمل فيه مجازاً، كي يلزم الإِجمال)([2]).
وتحقيق الحال في المخصَّص بالمنفصل، يقتضي رسم أمور بها تتضح النسبة بين العام ومخصّصه المنفصل:
الأقوال في العام المخصَّص بمنفصل
الأمر الأول: ان المحتملات بل الأقوال في العام المخصَّص بمنفصل هي أربعة:
1- العام مستعمل في الخاص مجازاً
الأول: ان العام، مثل كل وجميع على رأي الآخوند ومثل العلماء ومطلق الجمع المحلى على المشهور وكذا النكرة في سياق النفي أو النهي، استعمل في الخاص مجازاً بعلاقة الكل والجزء أو الكلي والجزئي – على هذا القول – فانه استعمل في غير الموضوع له لا انه استعمل فيه وأريد منه في مرحلة الإرادة الجدية فقط، الخاص.
وعليه: فان مورد الخاص خارج عن العام تخصَّصاً لا تخصيصاً.
2- العام مستعمل في العموم حقيقةً لسنِّ القانون دون هدم له
الثاني: انه استعمل فيه بنحو الحقيقة سناً للقانون، وهذا هو الوجه الداعي إلى تفكيك الإرادة الجدية عن الاستعمالية فان مقتضي الأصل هو التطابق بين الظاهر المستعمل فيه اللفظ وبين المعنى المراد، أي ان الأصل هو ان يستعمِل المتكلم لإفادة مراده الجدي مراداً استعمالياً بسعته أو ضيقه لا أوسع منه، لكنَّ سن القانون ليرجع إليه لدى الشك – كما سبق بيانه – هو وجه الحكمة الداعي لعقد الإرادة الاستعمالية واسعة أي أوسع من الجدية، وهذا الرأي هو ما ذهب إليه الآخوند – في نص كلامه السابق -.
3- العام مستعمل في الخاص مجازاً في صور ثلاث
الثالث: انه لم ينعقد في مرحلة المقتضي حتى الظهور في الإرادة الاستعمالية، في صور ثلاثة:
أ- المكثر من المنفصلات، كالشارع الأقدس.
ب- الـمُقل منها لكن قبل حضور وقت العمل.
ج- الملتفت إلى ما سيخصص به عموم كلامه وإن كان مقلاً قاصداً التخصيص بعد حضور وقت العمل لحكمةٍ، كما في بعض الأحكام الشرعية ومخصصاتها المودعة عند الأئمة الأطهار كالصادقَين عليهما السلام أو حتى عند الإمام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) على احتمال.
توجيهان للقول الثالث
ولا ريب في ان ذلك ممكن، بل انه تفصيل في القول الأول، إذ هو مصير إلى الاستعمال مجازاً لكن في هذه الصور الثلاثة، اما الدليل في عالم الإثبات عليه فسيأتي بإذن الله تعالى.
كما انه يمكن توجيهه بنفس ما وجه به الآخوند انعقاد (كلّ) ضيقاً لضيق مدخوله في المتصل؛ وذلك لأن المنفصل وإن انفصل في عالم الألفاظ عن العام، زماناً، لكنه، في الملتفت([3])، متصل في أفق النفس، فكما ان (أكرم كل رجل عالم) – في مثال الآخوند السابق – عُقد فيه (كل) ضيقاً بضيق المدخول كذلك يمكن القول بأن (أكرم كل رجل) عقده المتكلم ضيقاً بلحاظ مجيئه لاحقاً بقيد (عالم) فحيث كان القيد حاضراً في ذهنه أمكنه – ثبوتاً – ان يصب (كل) عليه، ويقرّبه إلى الذهن أكثر ما ذكروه في بحث الحكومة([4]) من انه يفرض الكل، في مجلس واحد من متكلم واحد فلا يرى التنافي بل الشارحية، واما المقام فهو أولى([5]) من الفرض لوجود الاتصال في أفق النفس حقيقة إذا كان ملتفتاً فعلاً لقيده اللاحق.
ولا ريب في امكان ذلك ثبوتاً وانه في مثل العلماء بكون من العهد الذهني وفي مثل كل من التضيّق بتضيّق المدخول الأعم من المذكور والملحوظ، اما الدليل عليه إثباتاً فسيأتي بإذن الله تعالى.
4- انه مستعمل في العموم حقيقة مع هدمه لاحقاً
الرابع: ان العام استعمل في العموم ثم أخرجنا الخاص منه في مرحلة دلالته الاستعمالية، (لا الجدية فقط كما هو مسلك الجدية) للاظهرية مثلاً فهو تخصيص.
مناقشة للآخوند: كما يمكن الاستعمال في العموم قاعدة، يمكن الاستعمال في الخصوص مجازاً لإحراز المصالح
ثم انه قد يورد على الآخوند في قوله: (بل من الممكن قطعاً استعماله معه في العموم قاعدةً، وكون الخاص مانعاً عن حجية ظهوره تحكيما للنص أو الأظهر على الظاهر، لا مصادما لأصل ظهوره) انه كما يمكن الاستعمال في الكل قاعدةً يمكن الاستعمال في البعض مجازاً، وكما ان للاستعمال في الكل سناً للقاعدة وجهاً وهو المرجعية إليه لدى الشك، كما بيّناه في بحث البيع([6]) وفيما سبق أيضاً، فكذلك لعكسه – وهو الاستعمال في البعض مجازاً – وجه وهو الحائطة على المصالح والمفاسد الملزمة فان سن القانون ليرجع إليه لنفي شرطية أمر، كالتنجيز أو الماضوية أو العربية في البيع مثلاً، كلما لم يكن هناك دليل أو أصل محرز نافٍ، قد يستلزم تفويت اغراض المولى الملزمة، كما لو كان التنجيز أو الماضوية أو العربية واقعاً شرطاً، فلو قال أحل الله كل بيع أو البيوع ثم شك في حلّ البيع بالفارسية، وكانت العربية شرطاً واقعاً فرضاً، فلو استعمل البيوع في (العموم قاعدةً) لزم صحة التمسك بأحل الله البيوع لتصحيحه فيفوت بذلك غرض المولى الملزم والمصلحة الواقعية التامة الاقتضاء، وذلك عكس ما لو أراد الاحتياط على أحكامه فاستعمل العام في الخاص مجازاً([7]) كي لا يصح التمسك لدى الشك في شرط أو جزء بـ(أحل الله البيوع) لكونه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية حينئذٍ فيضطر العبد للاتيان بكل محتمل الشرطية أو الجزئية لولا حديث الإطلاق المقامي.
وعلى أي فان مصلحة سنّ القانون لو كانت هي التسهيل على العباد فتكون وجهاً مرجحاً له، فان المصالح الواقعية ترجح عدم سنّه واستعمال العام في الخصوص مجازا كي يأخذ العبد الحائطة لدينه. فتأمل وللبحث تتمة بل تتمات بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
======================
الثلاثاء 15 ربيع الثاني 1437هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |