247- تتمة الثمرة مع الأمثلة - الوضع أو الانصراف للكامل من المعاملة، أو الأعم؟
الثلاثاء 14 ربيع الثاني 1439هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(247)
تتمة الثمرة: لا يصح التمسك بالإطلاقات مع الشك في جواز المعاملة
والحاصل: انه لو قيل بان البيع وأشباهه موضوع أو منصرف للحلال والجائز منه خاصة، وان المحرم كالبيع الربوي مثلاً ليس ببيع شرعاً بل هو صورة بيع لدى الشارع وإنما يطلق عليه البيع حينما يطلق من باب المجاز بالمشاكلة، وذلك كما ان بيع الفضولي ليس ببيع عرفاً وإنما سمي بيعاً للمشاكلة، وذلك بناء على ان أسماء المعاملات موضوعة للمسببات، أوضح، فلو شككنا في مدخلية أمر في حلية العقد مطلقاً أو البيع خاصة بان شك مع فقده في ان هذا البيع جائز أم لا فلا يصح التمسك بـ(أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ)([1]) أو (أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ)([2]) لأنه حينئذٍ من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، ويظهر ذلك بملاحظة الأمثلة التالية:
لو شك في حلية فعل مودٍّ لأذية الوالدين
أ- لو شك في ان هذا البيع لو كان سبب إيذاء أحد الأبوين فهل هو حرام أم لا، فقد أطلق بعض الأعلام حرمة ما يسبب ايذاءهما، بينما خصّها بعض كما سبق بما كان انتهاكاً لهما بما هو من شأنهما مما لو كان على غيرهما لكان محرماً فيكون فيهما أشد حرمة، دون ما كان من شأنه (الابن) كالتزوج بهذه أو شراء هذا أو بيعه فانه ليس بحرام إذا لم يفعله بقصد إيذائهما، وخصّ بعض الحرمة بما إذا نهاه أحدهما عن أمر شفقةً عليه وكان أحدهما يتأذى بالمخالفة فهذا هو المحرم من الأفعال التي تؤدي إلى إيذاء أحدهما دون ما إذا نهاه أحدهما عن أمر لا للشفقة عليه بل كان النهي حسداً أو حقداً أو بلا وجه وكانا يتأذيان بالمخالفة فانه ليس بمحرم فعل ما يؤدي إلى إيذائهما حينئذٍ.
وعلى أي فلو شك في مدخلية رضاهما أو عدم تأذيهما في جواز هذا الأمر (كالزواج أو السفر أو التجارة) فانه يشك في حليته وحرمته، ومع القول بوضع ألفاظ المعاملات أو انصرافها للحلال فان التمسك بمثل (أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ) يكون من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، اما على القول بالأعم فيصح لصدق البيع موضوعاً بلا انصراف فيشمله أحل حكماً.
لو شك في حلية بعض أنواع الكالي بالكالي([3])
ب- وكذا لو شك في حلية بعض أنواع الكالي بالكالي؛ فان بعض الأعلام فصّل بين ما لو كان المتعلَّق عيناً شخصية مقابل مبلغ خارجي شخصي وقد اشترطا تأخير التسليم إلى مدة معينة، فحكم بالجواز، وما لو كان كلياً في الذمة لكلي في الذمة واشترطا التأجيل فحكم بالبطلان لأنه من الكالي بالكالي، مع ان ظاهر إطلاق البعض الآخر تعميم الجواز([4]).
ولا يخفى ان هذا المثال كلاحقه يصلح مثالاً لكلا البحثين على التقديرين: بحث ان ألفاظ المعاملات موضوعة للصحيح أو الأعم وبحث ان ألفاظها موضوعة للجائز أو الأعم، وذلك على تقديري القول بان بيع الكالي بالكالي باطل فقط والقول بانه حرام كما قد يدّعى لما فيه من الاخطار والاضرار وكونه منشأ الفساد كما ظهر ذلك، اقتصادياً وعلى مستوى العالم في الانهيارات الاقتصادية الكبرى التي حدثت في الأعوام الماضية([5]) والتي كان من أهم مفرداتها بيع الكالي بالكالي والدين بالدين. فتأمل
لو شك في صحة المضاربة بشرط كون الخسارة عليهما
ج- وكذا لو شك في جواز (أو صحة) المضاربة لو اشترط كون الخسران عليهما معاً وذلك في صورتين: الأولى: ما لو شك في ان هذا الشرط خلاف مقتضى العقد أو خلاف إطلاقه؟ فانه إذا أحرز الفقيه انه خلاف مقتضى العقد حكم ببطلانه (أو حرمته)([6]) وإذا أحرز انه خلاف إطلاقه كما صار إليه صاحب العروة خلافاً للمشهور حكم بصحته وجوازه، فلو شك كان من مصاديق مسألتنا هذه.
الثانية: لو شك في ان الشرط الفاسد مفسد للعقد أم لا، فلو أحرز الفقيه انه مفسد أو أحرز عدمه فهو، ولو شك ظهرت الثمرة في هذه الصورة.
ثانياً: هل ألفاظ المعاملات موضوعة([7]) للكامل أو الأعم؟
المبحث الثاني([8]): هل أسماء المعاملات موضوعة أو منصرفة للكامل منها أو للأعم منه ومن غير الكامل لا بمعنى الناقص غير المستجمع للأجزاء والشرائط ليرجع إلى بحث الصحيح والفاسد بل الكامل وغير الكامل من الصحيح فمثلاً: البيع اللازم، صحيح كامل والبيع المتزلزل بيع صحيح لكن غير تام فهل البيع موضوع (أو منصرف) للصحيح الكامل أو للصحيح الأعم من الكامل وغيره؟ هذا
وأمثلة غير الكامل كثيرة:
منها: البيع قبل القبض فانه متزلزل.
ومنها: البيع معاطاة فانه يفيد الملك المتزلزل على رأي.
ومنها: الهبة لغير ذي الرحم فانها جائزة قبل التلف أو التصرف. وللبحث صلة بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ((إِنَّ أَمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا يَحْمِلُهُ إِلَّا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ وَلَا يَعِي حَدِيثَنَا إِلَّا صُدُورٌ أَمِينَةٌ وَأَحْلَامٌ رَزِينَةٌ)) نهج البلاغة: ص280.
------------------------------------------------------------------------------------
([1]) سورة المائدة: آية 1.
([2]) سورة البقرة: آية 275.
([3]) أو ان هذا البيع من الكالي بالكالي، أو لا.
([4]) قال في وسيلة النجاة: (القول في القبض والتسليم: مسألة 1: يجب على المتبايعين تسليم العوضين بعد العقد لو لم يشترط التأخير؛ فلا يجوز لكل منهما التأخير مع الإمكان إلا برضى صاحبه؛ فان امتنعا اجبرا، ولو امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه أجبر الممتنع. ولو اشترط كل منهما تأخير التسليم إلى مدة معينة جاز، وليس لغير مشترط التأخير الامتناع عن التسليم لعدم تسليم صاحبه الذي اشترط التأخير).
وقال السيد الكلبايكاني معلقاً على (ولو اشترط كل منهما) (2- في الأعيان الخارجية، وأما في الكلي فاشتراط تأخير كل منهما يوجب أن يكون بيع الكالي بالكالي وهو باطل). السيد أبو الحسن الموسوي الاصفهاني، وسيلة النجاة، ط1 1393هـ ، ص49.
([5]) في العامين 2008 و 2009م في أزمة الرهون العقارية والتضخم المغالى فيه في قيمة الأصول التي تنتقل من واحد لآخر ككلي في الذمة.
([6]) فتأمل.
([7]) أو منصرفة.
([8]) المبحث الأول: هل ألفاظ المعاملات موضوعة أو منصرفة للجائز الحلال منها أو الأعم؟ المبحث الثاني: هل هي موضوعة أو منصرفة للكامل منها أو الأعم؟ المبحث الثالث: هل هي موضوعة أو منصرفة للحسن أو الأعم؟ فهذه ثلاثة بحوث إضافة للبحث المعهود في الأصول وهو: هل ألفاظ المعاملات موضوعة للصحيح أو الأعم؟
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(247)
تتمة الثمرة: لا يصح التمسك بالإطلاقات مع الشك في جواز المعاملة
والحاصل: انه لو قيل بان البيع وأشباهه موضوع أو منصرف للحلال والجائز منه خاصة، وان المحرم كالبيع الربوي مثلاً ليس ببيع شرعاً بل هو صورة بيع لدى الشارع وإنما يطلق عليه البيع حينما يطلق من باب المجاز بالمشاكلة، وذلك كما ان بيع الفضولي ليس ببيع عرفاً وإنما سمي بيعاً للمشاكلة، وذلك بناء على ان أسماء المعاملات موضوعة للمسببات، أوضح، فلو شككنا في مدخلية أمر في حلية العقد مطلقاً أو البيع خاصة بان شك مع فقده في ان هذا البيع جائز أم لا فلا يصح التمسك بـ(أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ)([1]) أو (أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ)([2]) لأنه حينئذٍ من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، ويظهر ذلك بملاحظة الأمثلة التالية:
أ- لو شك في ان هذا البيع لو كان سبب إيذاء أحد الأبوين فهل هو حرام أم لا، فقد أطلق بعض الأعلام حرمة ما يسبب ايذاءهما، بينما خصّها بعض كما سبق بما كان انتهاكاً لهما بما هو من شأنهما مما لو كان على غيرهما لكان محرماً فيكون فيهما أشد حرمة، دون ما كان من شأنه (الابن) كالتزوج بهذه أو شراء هذا أو بيعه فانه ليس بحرام إذا لم يفعله بقصد إيذائهما، وخصّ بعض الحرمة بما إذا نهاه أحدهما عن أمر شفقةً عليه وكان أحدهما يتأذى بالمخالفة فهذا هو المحرم من الأفعال التي تؤدي إلى إيذاء أحدهما دون ما إذا نهاه أحدهما عن أمر لا للشفقة عليه بل كان النهي حسداً أو حقداً أو بلا وجه وكانا يتأذيان بالمخالفة فانه ليس بمحرم فعل ما يؤدي إلى إيذائهما حينئذٍ.
وعلى أي فلو شك في مدخلية رضاهما أو عدم تأذيهما في جواز هذا الأمر (كالزواج أو السفر أو التجارة) فانه يشك في حليته وحرمته، ومع القول بوضع ألفاظ المعاملات أو انصرافها للحلال فان التمسك بمثل (أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ) يكون من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، اما على القول بالأعم فيصح لصدق البيع موضوعاً بلا انصراف فيشمله أحل حكماً.
ب- وكذا لو شك في حلية بعض أنواع الكالي بالكالي؛ فان بعض الأعلام فصّل بين ما لو كان المتعلَّق عيناً شخصية مقابل مبلغ خارجي شخصي وقد اشترطا تأخير التسليم إلى مدة معينة، فحكم بالجواز، وما لو كان كلياً في الذمة لكلي في الذمة واشترطا التأجيل فحكم بالبطلان لأنه من الكالي بالكالي، مع ان ظاهر إطلاق البعض الآخر تعميم الجواز([4]).
ولا يخفى ان هذا المثال كلاحقه يصلح مثالاً لكلا البحثين على التقديرين: بحث ان ألفاظ المعاملات موضوعة للصحيح أو الأعم وبحث ان ألفاظها موضوعة للجائز أو الأعم، وذلك على تقديري القول بان بيع الكالي بالكالي باطل فقط والقول بانه حرام كما قد يدّعى لما فيه من الاخطار والاضرار وكونه منشأ الفساد كما ظهر ذلك، اقتصادياً وعلى مستوى العالم في الانهيارات الاقتصادية الكبرى التي حدثت في الأعوام الماضية([5]) والتي كان من أهم مفرداتها بيع الكالي بالكالي والدين بالدين. فتأمل
ج- وكذا لو شك في جواز (أو صحة) المضاربة لو اشترط كون الخسران عليهما معاً وذلك في صورتين: الأولى: ما لو شك في ان هذا الشرط خلاف مقتضى العقد أو خلاف إطلاقه؟ فانه إذا أحرز الفقيه انه خلاف مقتضى العقد حكم ببطلانه (أو حرمته)([6]) وإذا أحرز انه خلاف إطلاقه كما صار إليه صاحب العروة خلافاً للمشهور حكم بصحته وجوازه، فلو شك كان من مصاديق مسألتنا هذه.
الثانية: لو شك في ان الشرط الفاسد مفسد للعقد أم لا، فلو أحرز الفقيه انه مفسد أو أحرز عدمه فهو، ولو شك ظهرت الثمرة في هذه الصورة.
المبحث الثاني([8]): هل أسماء المعاملات موضوعة أو منصرفة للكامل منها أو للأعم منه ومن غير الكامل لا بمعنى الناقص غير المستجمع للأجزاء والشرائط ليرجع إلى بحث الصحيح والفاسد بل الكامل وغير الكامل من الصحيح فمثلاً: البيع اللازم، صحيح كامل والبيع المتزلزل بيع صحيح لكن غير تام فهل البيع موضوع (أو منصرف) للصحيح الكامل أو للصحيح الأعم من الكامل وغيره؟ هذا
وأمثلة غير الكامل كثيرة:
منها: البيع قبل القبض فانه متزلزل.
ومنها: البيع معاطاة فانه يفيد الملك المتزلزل على رأي.
ومنها: الهبة لغير ذي الرحم فانها جائزة قبل التلف أو التصرف. وللبحث صلة بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ((إِنَّ أَمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا يَحْمِلُهُ إِلَّا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ وَلَا يَعِي حَدِيثَنَا إِلَّا صُدُورٌ أَمِينَةٌ وَأَحْلَامٌ رَزِينَةٌ)) نهج البلاغة: ص280.
([1]) سورة المائدة: آية 1.
([2]) سورة البقرة: آية 275.
([3]) أو ان هذا البيع من الكالي بالكالي، أو لا.
([4]) قال في وسيلة النجاة: (القول في القبض والتسليم: مسألة 1: يجب على المتبايعين تسليم العوضين بعد العقد لو لم يشترط التأخير؛ فلا يجوز لكل منهما التأخير مع الإمكان إلا برضى صاحبه؛ فان امتنعا اجبرا، ولو امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه أجبر الممتنع. ولو اشترط كل منهما تأخير التسليم إلى مدة معينة جاز، وليس لغير مشترط التأخير الامتناع عن التسليم لعدم تسليم صاحبه الذي اشترط التأخير).
وقال السيد الكلبايكاني معلقاً على (ولو اشترط كل منهما) (2- في الأعيان الخارجية، وأما في الكلي فاشتراط تأخير كل منهما يوجب أن يكون بيع الكالي بالكالي وهو باطل). السيد أبو الحسن الموسوي الاصفهاني، وسيلة النجاة، ط1 1393هـ ، ص49.
([5]) في العامين 2008 و 2009م في أزمة الرهون العقارية والتضخم المغالى فيه في قيمة الأصول التي تنتقل من واحد لآخر ككلي في الذمة.
([6]) فتأمل.
([7]) أو منصرفة.
([8]) المبحث الأول: هل ألفاظ المعاملات موضوعة أو منصرفة للجائز الحلال منها أو الأعم؟ المبحث الثاني: هل هي موضوعة أو منصرفة للكامل منها أو الأعم؟ المبحث الثالث: هل هي موضوعة أو منصرفة للحسن أو الأعم؟ فهذه ثلاثة بحوث إضافة للبحث المعهود في الأصول وهو: هل ألفاظ المعاملات موضوعة للصحيح أو الأعم؟