39- تلخيص الوجوه المختارة لحل مشكلة تأثير الايجاب والقبول: 1ـ الاعتبارية 2ـ الوجود المراعى 3ـ الوجودان ـ تتميم كيفية امكان ان يكون الركوع جزءاً بالفعل للصلاة وهي معدومة ككل بالفعل
السبت 12 ربيع الثاني 1437هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(39)
صفوة البحث والوجوه المختارة:
سبق ان الإيجاب والقبول حيث كانا ركني العقد كانا مؤثرين فيه وكان مجموعهما السبب في حصوله، وحيث انهما من التدريجيات نشأت معضلة استحالة تأثير المتقدم في المتأخر وبالعكس فاندرجت المسألة في كبرى مسألة الشرط أو السبب المتأخر أو المتقدم التي ارتأى بعض الأعلام كالميرزا النائيني استحالته، وقد أجيب عن ذلك بوجوه ثمانية كان أسلمها عن الإشكال ثلاثة:
اعتبارية السبب والشرط
أولاً: ان الشرطية والسببية في الاعتباريات اعتبارية، والملكية أمر اعتباري وكذا نقلها فسببه هو اعتبار المعتبر للنقل واعتباره لسببية الإيجاب والقبول له، فالسببية اعتبارية وليست حقيقية، والسبب الحقيقي هو اعتبار المعتبر وهو مقارن وليس متقدماً أو متأخراً وإن كان ما صورته صورة السبب متقدماً أو متأخراً.
الوجود المراعى
ثانياً: ان يلتزم بالوجود المراعى وهو – كما سبق – غير الوجود التعليقي فان الأخير غير فعلي بل هو مستقبلي وقد انشأ الآن في ظرفه الآتي فالانشاء فعلي والمنشأ مستقبلي، وذلك كالوصية التمليكية وهذا النحو من الوجود هو الذي يرد عليه إشكال استحالة تأثير المتقدم في المتأخر وانه كيف يكون السبب فعلياً والمسبب استقبالياً، اما الوجود المراعى فالمقصود به الوجود الفعلي المتزلزل وهذا على نحوين.
الأول: ان يراد به ان الإيجاب يوجد النقل الآن لكنه مراعى بالقبول اللاحق بمعنى ان يكون الإيجاب الآن علة محدثة للنقل الآن والقبول اللاحق علة مبقية له فهنا علتان ومعلولان: الإيجاب والقبول للحدوث والبقاء وكلها فعلية، فذلك خارج عن كبرى السبب والشرط المتقدم أو المتأخر.
لكن الكلام في عالم الإثبات ومركوز العرف وظواهر الأدلة، والظاهر ان العرف لا يرون الأمر كذلك، كما انه قد يرجِّح العدم أنَّ لازم هذا الوجه كون النماء شبهه للمشتري وإن لم يقبل لفرض حدوث النقل وان عدم القبول أخل بالبقاء لا بالحدوث مع ان الارتكاز والشرع على العدم. فتأمل
الثاني: ان يراد به تأثير الإيجاب في وجود النقل الآن مراعى بالقبول اللاحق على ان يكون القبول اللاحق وعدمه مؤثراً في الحدوث أيضاً، فيزيله في ظرفه الماضي، وهذا الوجه يدرج المسألة في كبرى مبحث الشرط والسبب المتقدم، اللهم إلا على التنزيل فيرجع إلى الجواب الأول([1])، وهذا بعيد عن الارتكاز العرفي أيضاً.
تحقق وجودين
ثالثاً: ان يقال: بتحقق وجودين: الوجود الإنشائي للبيع والوجود الواقعي أي ذو الأثر له، والأول يوجده الإيجاب والثاني يوجده القبول، وقد سبق ان تعدد إطلاقات البيع وصحة الحمل عليها، بوجهين، وعدم صحة السلب، يساعده.
حل الميرزا لمعضلة الجزئية للحقائق المتدرجة الوجود
سبق ان الميرزا النائيني حيث ارتأى حلّ مشكلة الشرط المتأخر والمتقدم في مبحث مدخلية القبول المتأخر في تأثير الإيجاب المتقدم، بان الإيجاب يوجد مادة البيع وقوته والقبول يوجد فعليته فلا تأثير للمتأخر في المتقدم، انتقل إلى مشكلة جزئية أجزاء المركبات التدريجية فارتأى حل مشكلتها بنفس النحو قال: (وهذا جار في جميع التدريجيات فان اجزاء الصلوة كالحمد والسورة إنما تصير جزء من الصلوة بعد تحقق الجملة، ولمكان تدريجيتها في الوجود يكون لكل واحد منها في موطن تحققه قوة أن يصير جزء من الصلوة فيوجده المصلى بواسطة تلك الشأنية لكى يصير صلوة بعد تحقق الجملة فالموجود من المصلى بالقصد والارادة ليس هو الجزء الفعلى من الصلوة بل انما هو يقصد ايجاد ما له امكان الجزئية الذى ينتهى الى الفعلية بعد تحقق الجملة)([2]).
حاصل الإشكال مع التطوير والجواب والمناقشة
وحاصل الإشكال، مع تطوير وتغيير ثم مناقشة جواب الميرزا، ان الصلاة وسائر التدريجيات بل والتكوينيات التدريجية أيضاً كالمشي من المنزل للمسجد فان كل خطوة هي جزء مجموع مشيه للمسجد، حيث لا تجتمع أجزاؤها في الوجود فيستحيل كونها كلّا وأجزاؤها أجزاء إذ الركوع مثلاً في حينه لا يعقل ان يكون جزءً للصلاة (التي هي عبارة عن مجموع الأجزاء الواجدة للشرائط) لأن بعضها ماضٍ فهو معدوم وبعضها لاحق وهو معدوم أيضاً فكيف يكون الركوع جزءً بالفعل للصلاة التي يستحيل وجودها كمجموع بالفعل وإلا لما كانت تدريجية؟ هذا خلف.
وإن قيل – كما قاله النائيني – بان الركوع بعد إتمام الصلاة يكون جزءً لها بالفعل([3]) – ورد عليه انه بعد إتمام الصلاة فان الركوع منعدم بالفعل وكذا الصلاة منعدمة بالفعل لأنها صارت بانتهائها من الماضي فكيف يكون ما هو معدوم – وهو الركوع – جزءً بالفعل لمجموعٍ – هو الصلاة – معدومٍ بالفعل؟ فلا يجدي جواب الميرزا بالقوة والفعل لحل المعضلة، إضافة إلى ان كلامه خلاف الارتكاز فان من يأتي بالركوع يرى – حينه – انه يأتي بجزء للصلاة لا بقوة جزء الصلاة. فتأمل
الجواب المختار: الجزء جزء اعتباري لكلٍّ إعتباري
والجواب المختار هو: ان الكل إذا كان ذا أجزاء مجتمعة في الوجود فان كونها أجزاء بالفعل لا تلزم منه مشكلة التفكيك بين المتضايفين المتكافئين قوة وفعلاً لأن الكل أيضاً متحقق بالفعل فكلا المتضايفين، الكل والجزء متحقق بالفعل، نعم الكلية والجزئية([4]) هي من المعقولات الثانية الفلسفية التي يكون الاتصاف بها في الخارج والعروض في الذهن، وعلى أي فالكل متصف بكونه كُلَّا بالفعل والجزء متصف بكونه جزءً بالفعل، وهذا كله من غير فرق بين المركبات الحقيقية والاعتبارية.
أما إذا كان الكل ذا أجزاء متدرجة في الوجود فانه لا يعقل وجود الكل دفعةً لفرض انه متدرج على امتداد الزمن فإذا لم يوجد الكل والاتصاف به بالفعل أبداً في أي زمن من الأزمان لم يوجد الجزء بما هو جزء أي الاتصاف بالجزئية بالفعل في أي زمن من الأزمان، من غير فرق بين المتدرجات التكوينية كالمشي للمسجد أو الاعتبارية كالصلاة فانها مركب اعتباري إذ هي مؤلفة من عدد من الأجناس التي لا جامع حقيقي لها كمقولة الفعل والكيف والوضع([5]).
والحل: بان الكل للتدريجيات وإن لم يكن له وجود حقيقي، كما سبق، لكن له وجود اعتباري فيكون الكل اعتبارياً ويكون الجزء جزءً اعتبارياً للكل الاعتباري، وحينئذٍ بلاحظ المكلف والمولى:
أ – بعد الصلاة، الصلاةَ كلها ذات وجود اعتباري في حضرته جلت آلاؤه – أو أي معتبر بيده الاعتبار - وأجزاؤها أجزاء بالفعل لهذا الموجود الاعتباري الفعلي.
ب- واما في حين الصلاة كحالة الركوع، فانه يلاحظ اكتمالها ووجودها مجموعةً في عالم الاعتبار، ويعتبر الركوع جزءً لهذا المجموع الاعتباري الملاحَظ، وحينئذٍ فان أكملها انكشف صحة الاعتبار والمعتَبر جزءً وكُلَّا وإن لم يكملها انكشف خطأ كلا الاعتبارين: اعتبار هذا الركوع جزءً للمجموع واعتبار المجموع المفترض صلاةً.
الانتزاعي من الاعتباري وجوده بوجوده
ثم ان عنوان الجزئية وإن كان انتزاعياً إلا انه حيث كان منتزعاً من الاعتباري وكان الانتزاع موجوداً بوجود منشأ انتزاعه كان المنتزَع اعتبارياً باعتبارية منشأه، فلا يرد ان الانتزاع قهري وليس اعتبارياً ليكون بيد المعتبر ومما يتغير بتغير الاعتبار. فتأمل جيداً
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
==================
السبت 12 ربيع الثاني 1437هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |