38- تتمة لحضور وقت العمل وعدمه وان الغرضين متلازمان في الصورتين ودفع اشكال المقدمة الاعدادية ـ رد احتمال ان الميرزا يرى المقام من قسم غرضية استخراج مراد المتكلم ـ كلام الميرزا عن ضياع قرائن كثيرة، فالوثوق الشخصي غير معتبر ولا استخراج واقع مراد المتكلم
الاحد 15 ربيع الاول 1437هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(38)
والحاصل: ان المستظهر هو انه حين حضور وقت العمل يجب عليه تحصيل كلا الغرضين آلياً طولياً فيجب عليه تحصيل مرادات المولى الجدية وواقع مراده من كلامه ويجب عليه معرفة بعثه وزجره، والأول مقدمة موصلة للثاني، وكلاهما واجب آلياً ومقدميا للامتثال والإتيان بالمأمور به. نعم لو أمكن الثاني دون الأول لاكتفي به لكن الظاهر توقفه عليه، فتدبر. هذا حين حضور وقت العمل.
واما قبل حضور وقت العمل فانه لا يجب على المكلف تحصيل أي واحد من الغرضين فلا يجب عليه استخراج مراد المتكلم الجدي كما لا يجب عليه معرفة ان المولى بَعَث أو زَجَر أو أراد تحريك إرادته نحو المؤدى أو لا؛ وذلك لوضوح ان وجوب التعلم غيري وليس وجوبه نفسياً على المشهور الذي كاد أن يكون إجماعياً إلا من المقدس الاردبيلي إذ ذهب إلى نفسيته، فالعلم بأغراض المولى وبمراده من كلماته أو بعثه وزجره ليس إلا لأجل العمل بها ومادام لم يحضر وقت العمل فلا يجب.
وجوب إعداد المقدمات قبل وقت العمل
لا يقال: يجب عليه تحصيل المقدمات التي لولاها لما أمكنه العمل حين حضور وقته، كما لو كان لا يمكنه التعلم إذا حضر وقت العمل([4]).
إذ يقال: أولاً: ذلك من حين حضور وقت العمل إذ يراد به – عقلاً وعرفاً – الأعم من امتثاله بإتيان مقدماته التي يتوقف عليها وجوده.
ثانياً: على فرضه، فان الواجب حينئذٍ معرفة كلا الغرضين آلياً وطولياً أي استخراج مراد المولى الجدي ومعرفة بعثه أو زجره إلى أو عن المؤدى، فلا تفكيك بين الغرضين ههنا أيضاً.
هذا كله فيما يتعلق بالأحكام الفرعية مما لها وقت عمل ووقت سابق عليه وهو مورد الكلام في المقام، اما الاعتقاديات فوقت العمل بها حين البلوغ أو التمييز، فان العمل بها هو العلم بها. فتدبر
دفاعاً عن الميرزا: أراد إدخال المقام في النوع الأول من الغرض
ثم انه قد يجاب عن الإشكالات الأربعة الآنفة على تفصيل الميرزا بين نوعي الغرض، بان مبناها جميعاً على فرض إدراجه المقام – أي العام والخاص([5]) وسائر الظواهر وكافة الأدلة في الأصول والفقه – في النوع الثاني من الغرض، مع ان الاحتمال وارد بانه قصد إدراجه في النوع الأول فلا يرد عليه شيء حينئذٍ.
الجواب: عباراته صريحة في إدخاله المقام في النوع الثاني منه
ولكن يرد عليه: بان عباراته صريحة في انه أدرجها في النوع الثاني فلاحظ مثلاً قوله ههنا: (وبالجملة: المتبع في مقام الاحتجاج والاعتذار نفس ظهور الكلام لا غير)([6]) بل والفقرة السابقة عليه([7]) إذ من الواضح انه يرى الظواهر والأدلة الشرعية مندرجة في مقام الاحتجاج والاعتذار: فللعبد الاعتذار عن عدم الانبعاث بظهور كلام المولى مثلاً في الجواز أو التخيير وعدم البعث، وللمولى الاحتجاج عليه بظهور كلامه في البعث أو الزجر.
ولاحظ قوله في مبحث الظن: (بل هذا التفصيل([8]) اقتضاه دليل الحجية و طريقة الإحتجاج بين الموالي و العبيد و ما يلحق بذلك ممّا كان في البين إلزام و التزام، كالكلام الصادر بين الوكيل و الموكل و نحو ذلك)([9]) فان من الواضح ان طريق الاحتجاج بين الموالي والعبيد هو الذي سار عليه الشارع لا انه اخترع طريقة جديدة، بل تمثيله بالوكيل والموكل شاهد على إدراجه المقام في الغرض الثاني بدعوى ان له – أي للوكيل – ان يحتج بظاهر كلامه – أي الموكل – في البعث أو الزجر دون ان يُلزَم بمعرفة مراده الواقعي، بل ان ذهابه (قدس سره) في هذه الصورة إلى عدم اعتبار الوثوق الشخصي دليل على انه يراه من باب غرضية البعث دون غرضية استخراج المراد النفس امري للمتكلم. فتدبر
الاشكال على ادراجه في الغرض الأول
على انه لو أدرجه([10]) في الغرض الأول، لورد عليه التلازم بين الغرضين وعدم التفكيك بينهما في بناء العقلاء، كما يرد عليه انه حتى لو كان الغرض الثاني هو المقصود فانه لا بد من نفي احتمال القرينة المنفصلة ولو بالأصل.
دفاع آخر: الغرض الثاني إنما هو في صورة ضياع قرائن كثيرة
ثم ان هنالك مخرجاً آخر لكلام الميرزا، وان كان غير صحيح في حد نفسه إلا انه لو كان مراده من التفصيل بين نوعي الغرض خصوص هذه الصورة لما كان مستغربا منه أو مستبعداً بل لكان له وجه وان كان المستظهر عدم صحته، والمخرج الآتي في حد ذاته مبحث هام له الموضوعية، كما انه يشكل مخرجاً له وتخلصاً بانه لعل إطلاق كلامه بل نصه الآنف الذكر، محمول عليه، إضافة إلى انه ضروري لتحليل ان دليل حجية الخاص وارد على دليل حجية العام أو حاكم عليه أو ان مورده خارج تخصصاً منه وهو مورد بحثنا هنا كما سيتضح([11]).
الميرزا: حيث ان غرض الشارع الإلزام والاحتجاج فلا يلزم الوثوق الشخصي بالمراد
فنقول: ذهب الميرزا إلى ان المتكلم لو كان من عادته الاعتماد على القرائن المنفصلة، كما ان دأب الشارع كذلك، ثم ضاع قسم منها، فانه بعد الفحص وعدم العثور وإن لم ينتفِ احتمال وجود قرينة على الخلاف بها – وبه([12]) – ينجلي مراد المتكلم الجدي، إلا انه لا يعتنى بذلك نظراً لكون الغرض ليس استخراج مراد الشارع الجدي فانه الذي يجب فيه حصول الوثوق الشخصي بمراده ولا يتم([13]) إلا بنفي احتمال القرينة على الخلاف مع انه لا طريق لنا للنفي للعلم بوجود قرائن قد خفيت علينا([14]).
بل الغرض هو الإلزام والالتزام والبعث والانبعاث وإقامة الحجة والاحتجاج وهنا لا يجب حصول الوثوق الشخصي بالمراد بل النوعي كافٍ ولا([15]) يضر عدم طريق لنا لنفي احتمال وجود القرينة على الخلاف.
قال: (الثاني: أنّه لا يجوز الأخذ بظاهر كلام من كان من عادته الاعتماد على القرائن المنفصلة قبل الفحص عنها، وأمّا بعد الفحص فيجب الأخذ بالظهور ولو لم يحصل الوثوق([16]) بإرادة الظاهر، كما لا يبعد عدم حصوله([17]) في الغالب بالنسبة إلى الروايات، لقوة احتمال أن تكون في البين قرينة منفصلة تدلّ على إرادة خلاف الظاهر وقد اختفت علينا لدواعي الاختفاء، إلاّ أنّ ذلك لا يوجب التوقف في متابعة الظاهر بعد الفحص، ولا ينافى هذا ما تقدم: من أنّ بناء العقلاء ليس على التعبد بالظواهر ولو لم يحصل لهم الوثوق([18])، لأنّه فرق بين ما إذا تعلق الغرض باستخراج واقع مراد المتكلم من ظاهر كلامه فهذا لا يكون إلاّ بعد الوثوق بأنّ الظاهر هو المراد - وعليه بناء العقلاء - وبين ما إذا كان الغرض الإلزام و الالتزام بالظواهر في مقام الحجة والإحتجاج، فانّه في مثل ذلك لا بد من الأخذ بظاهر الكلام ولو لم يحصل الوثوق بكونه هو المراد، إذ ليس للمولى مؤاخذة العبد على العمل بالظاهر عند عدم إرادته، كما أنّه ليس للعبد ترك العمل بالظاهر بمجرد احتمال القرينة المنفصلة، وهذا ليس تفصيلا في بناء العقلاء حتى يقال: إنّه لا معنى للتفصيل في بناء العقلاء، بل هذا التفصيل اقتضاه دليل الحجية وطريقة الإحتجاج بين الموالي والعبيد وما يلحق بذلك ممّا كان في البين إلزام والتزام، كالكلام الصادر بين الوكيل والموكل ونحو ذلك)([19]).
وسيأتي التعليق على كلامه وانه ابتكر بكلامه هذا حلا وسطاً بين الانسداد والانفتاح كما ستأتي المناقشة.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=======================
الاحد 15 ربيع الاول 1437هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |