536- 2ـ الافقهية في القاضي متوقفة على اركان ثلاثة 3ـ ظاهر الرواية ان القاضي مجمع العناوين الثلاثة: القضاء، الفتوى والرواية 4ـ الظاهر انتقال الامام من القضاء الى الرواية لا الى الفتوى قرينة(خارجية...) على العدول عن القضاء
الاربعاء - 25 - جمادي الاخرة - 1436 هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
تقليد الأعلم
(60)
سائر مناقشات ما استظهره الشيخ ( قدس سره )
(الأفقه) بالحكم والموضوع والمصداق والانطباق
ثانياً: ان الظاهر ان المراد من (افقههما) هو الأفقه بالحكم الشرعي الكلي وبموضوعه، وبالمصداق وبالانطباق([1])، وذلك خاص بباب القضاء ولا يمكن شموله لباب الفتوى، وذلك لأن شأن الفقيه القضايا الحقيقية ولا شأن له بما هو فقيه بالمصاديق فلا وجه لاشتراط الأفقهية في المصاديق أو الانطباق عليها فيه، وإنما يصح فيه اشتراط الافقهية بالحكم وبموضوعه بما هو موضوعه أي الافقهية بحكم كل موضوعٍ موضوعٍ([2])، اما القاضي فشأنه الفصل في الخصومات كقضية خارجية وذلك متوقف على الاحاطة بتلك الأمور جمعياً (الحكم والموضوع والمصداق والانطباق).
وعليه فان ظاهر (الحكم ما حكم به افقههما) هو الأفقه في تلك الجهات لمكان الإطلاق، والتوقف([3])، لأن حذف المتعلق يفيد العموم، فلا يمكن ان يكون المراد به الافقهية في باب الفتوى كما ذهب إليه الشيخ من (مع أنّ الرواية – عند التأمّل – ظاهرة في أنّ ترجيح حكم الأعلم من أحد الحاكمين على الآخر من جهة رجحان فتواه)؛ إذ ذلك إنما يكون ظاهراً لو كان السؤال والجواب عن مَن شأنه القضية الحقيقية وهو المفتي، اما والسؤال عن القاضي الذي شأنه القضية الخارجية وفصل الخصومات وهي متوقفة على الاحاطة بالجهات الأربع فان المراد الأفقه بها جميعاً فلا يشمل باب الفتوى بوجه لا لفظاً ولا ملاكاً ومناطاً.
ويؤكد ما ذكر ان ابن حنظلة في سؤاله قال (واختلفا فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم) فان (اختلفا فيما حكما) إشارة للقضية الخارجية والمصداق و(كلاهما اختلفا في حديثكم) إشارة للاختلاف في القضية الحقيقية والمستند والفتوى، ويستبطن ذلك الاختلاف في الانطباق بالضرورة واما الفقيهان المختلفان فالاختلاف بينهما في الجهة الثانية فقط، على ان اطلاق كلام الإمام ( عليه السلام ) كافٍ وإن فرض عدم دلالة كلام السائل إلا على الجهة الثانية. فتدبر
القاضي مجمع العناوين الثلاثة: فانه راوٍ ومفتٍ وحاكم
ثالثاً: ان الظاهر ان القاضي في مورد سؤال السائل وجواب الإمام ( عليه السلام ) هو مجمع العناوين الثلاثة: كونه قاضياً، وكونه مفتياً، وكونه راوياً، مما لا تنطبق على المفتي بما هو مفت؛ وذلك لأن الظاهر من الأوصاف الثلاثة التي ذكر الإمام ( عليه السلام ) هو ذلك فان (اصدقهما في الحديث) ترتبط بالقاضي بما هو راوٍ للحديث و(افقههما) ترتبط بالقاضي بما هو مفت وذو نظر في القضايا الحقيقية و(اعدلهما) تناسب القاضي بما هو قاض وذلك لأن القاضي بالذات من بين الثلاثة([4]) هو الأشد عرضة للاهواء والشهوات والجور في الحكم بالارتشاء ومماشاة الحكام والاقوياء وأشباه ذلك لذا ناسب ان تشترط فيه الاعدلية في صورة التعارض بين الحكمين، والفقيه والراوي وان امكن فيهما ذلك إلا ان ذلك أضعف فيهما من القاضي بكثير.
والحاصل: ان ظاهر كلام الإمام هو تعليق الحكم على مَن جمع الصفات الأربع لمكان الواو فان إرادة (أو) الترديدية منها الدالة على كفاية احدى الصفات خلاف الظاهر جداً بل مستنكر عرفاً لا يصار إليه إلا بقرينة واضحة صارفةٍ عرفية ولا يوجد مثلها في المقام وما أدعي منها مردود – كما بيّن في محله – وحيث اشترطت الأربعة – والمقصود هنا ثلاثة منها – وحيث انها لا ترتبط بالمفتي بما هو مفت بل ترتبط بالقاضي بما هو مجمع العناوين الثلاثة لذا كان جواب الإمام ( عليه السلام ) بمجموع الصفات الأربع التي منها (افقههما) خاصاً بالقاضي لا غير.
الانتقال من الترجيح بصفات القاضي إلى صفات الراوي
ثم الظاهر ان الإمام ( عليه السلام ) نقل الكلام من الترجيح بصفات القاضي إلى الترجيح بصفات الرواية أو عوارضها، كما ان الظاهر ان طرف الخطاب في الترجيح هو المجتهد أو من شارف الاجتهاد([5]) لتعذر الترجيح بتلك الصفات على غيرهما عادة، فليس الكلام عن الفتويين ولا المخاطب العامي المحض بل الكلام عن الروايتين وطرف الخطاب غير العامي العاجز.
بيان ذلك: ان ابن حنظلة إذ فرض ((فَإِنَّهُمَا عَدْلَانِ مَرْضِيَّانِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لَا يُفَضَّلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ)) فقد فرض تساوي القاضيين من كل الجهات فلا مجال للترجيح بصفات القاضي فانتقل الإمام ( عليه السلام ) إلى الترجيح بخصوصيات الرواية فقال ((يُنْظَرُ إِلَى مَا كَانَ مِنْ رِوَايَتِهِمْ عَنَّا فِي ذَلِكَ الَّذِي حَكَمَا بِهِ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِكَ فَيُؤْخَذُ بِهِ مِنْ حُكْمِنَا وَ يُتْرَكُ الشَّاذُّ الَّذِي لَيْسَ بِمَشْهُورٍ عِنْدَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ لَا رَيْبَ فِيه)) فالكلام عن مرجح الروايتين المتعارضتين لا الفتويين المتعارضتين، ثم ان العلم بما هو المشهور من القولين ليس مما يعرفه العامي عادة خاصة مع تعبير الإمام ( عليه السلام ) (بالمجمع عليه) المراد به (المشهور) على خلاف ظاهره بقرينة ذيله (ويترك الشاذ..) فان ذلك مما لا يفهمه العامي عادة.
ولئن نوقش في ذلك فانه لا مجال للنقاش في المرجع اللاحق وهو ((يُنْظَرُ فَمَا وَافَقَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَخَالَفَ الْعَامَّةَ فَيُؤْخَذُ بِهِ وَيُتْرَكُ مَا خَالَفَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَوَافَقَ الْعَامَّة)) فان معرفة موافقه هذا الحكم للكتاب والسنة ومخالفته للعامة مما لا يتيسر إلا للفقيه بل بعض الفقهاء وهو المطلق المحيط أو المتجزي المتتبع المحقق لتوقف ذلك على الاحاطة بكل أحكام الكتاب والسنة وأراء العامة مما يحتمل ارتباطه بهذا الحكم بوجه، وهذا مما لا يمكن إلا للفقيه المتتبع معرفته. فتأمل
دلالة (فارجه) على الانتقال
كما يؤكد انتقال الإمام ( عليه السلام ) من مرجحات باب القضاء إلى مرجحات باب الرواية قوله في اخرها ((إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَرْجِهِ حَتَّى تَلْقَى إِمَامَكَ فَإِنَّ الْوُقُوفَ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ خَيْرٌ مِنَ الِاقْتِحَامِ فِي الْهَلَكَات)) لوضوح ان القضاء مما لا يتحمل التأخير إذ به تزداد الخصومة أو تبقى وهي مفسدة كبرى، واللقاء بالإمام ( عليه السلام ) في تلك الأزمنة لعموم الشيعة المتخاصمين في مختلف البلاد كان صعباً جداً يتوقف على اسفار طويلة ولم يكن ذلك متيسراً لأغلبهم عادة حتى بالواسطة إلا بعد مضي فترة طويلة لا تتحملها الخصومات عادة.
اما الروايتان المختلفتان فيمكن التريث في امرهما مع البناء عملاً على الاحتياط مثلاً. وللحديث صلة
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
===========================
الاربعاء - 25 - جمادي الاخرة - 1436 هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |