120- عناوين المسائل الرئيسية : المبذول له القاضي او الحاكم او/ اخذ الرشوة مع الحاجة وعدمها ومع تعيين القضاء وعدمه / وعلى المستحبات والمقدمات
السبت 5 شعبان 1434هـ




بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
عناوين المسائل الرئيسية
صور المسألة: ان عناوين المسائل الرئيسية في مبحث الرشوة يمكن تصنيفها في مجاميع؛ لكل مجموعة فروع متعددة قد تختلف أحكامها، ثم ان فروع كل مجموعة من الأصناف يمكن ان تضرب في فروع المجموعة الأخرى ثم سائر المجموعات، فتبلغ المسائل والصور حينئذٍ الألوف، وسنشير بإيجاز إلى عناوين تلك المسائل الرئيسية وبإجمال إلى بعض أدلتها، إذ قد سبق في مطاوي الكتاب تفصيل وجوه الاستدلال، كما سنلحق بذلك بعض الوجوه الأخرى في الجزء القادم من هذا الكتاب بإذن الله تعالى.
1- المبذول له: القاضي أو الحاكم أو المعلم أو..
المجموعة الأولى ما يتعلق بـ(المبذول له) فانه قد يكون: 1- القاضي المنصوب 2- قاضي التحكيم 3- العامل 4- المرجع 5- شيخ العشيرة 6- الآمر بالمعروف 7- المبلِّغ 8- المعلم، وقد مضى الحديث عنها.
2- أخذ الرشوة مع الحاجة وعدمها و..
المجموعة الثانية: هي التي تتعلق بـ(الاعطاء والأخذ) فان (الأَخذ) قد يكون:
1- مع حاجة الآخذ (كالقاضي، والعامل: كالوالي أو الشرطي، والمبلّغ ونظائرهم).
2- وقد يكون مع عدمها واستغناء الآخذ.
فقد يفصل: بالقول انه مع عدم احتياج الآخذ للمال، فان ما يعطى له رشوة، إذ لا وجه لأخذه المال إلا استغلال حاجة الطرف الآخر، فهو ابتزاز عرفاً وأكل مال بالباطل شرعاً[1] لذا يراه العرف رشوة، عكس صورة حاجته، فانها عرفاً تصلح مصحِّحاً لأخذه، ولو في الجملة، مما يقرب إلى الذهن عدم إطلاقهم الرشوة عليه.
ووجّه في (المختلف) هذا التفصيل (الذي أورده في مبحث أخذ الأجرة) بقوله (واما اعتبار الحاجة فلظهور اختصاص أدلة المنع بصورة الاستغناء كما يظهر بالتأمل في روايتي يوسف وعمار المتقدمتين) ومهما كان البحث هنالك[2] فان الظاهر: ان حاجة الآخذ وعدمها ليست ملاك صدق الرشوة وعدمه عرفاً.
ويوضحه: ان الجندي أو الشرطي لو أخذ المال كي يسمح للشخص بالمرور أو للسيارة بالعبور، مما كان وظيفته أن يسمح، فإنها رشوة عرفاً سواءاً أكان محتاجاً أم لا كما لو أخذ حرصاً وطمعاً في الثراء الأكثر[3].
على أن الحاجة مفهوم مشكك، ويشمل الحاجات المادية والنفسية[4] فتأمل.
وأما طريق دفع الحاجة أو رفعها فهو ما حدده الشارع أو أمضاه من الاكتساب والعمل أو الارتزاق من بيت المال أو الصدقات، ولا توجب الحاجة عدم صدق الأسماء على مسمياتها العرفية؛ ألا ترى عنوان السرقة صادقاً وإن كان مضطراً؟ فكذلك عنوان الرشوة، نعم الاضطرار يرفع الحكم فيندرج في ضوابطه ومباحثه.
3- وقد يكون (الإعطاء والأخذ) مع احتياج المعطي، وهو احرى بصدق الرشوة ان أريد احتياجه إلى ماله، وان أريد حاجته لقضاء حاجته وتمشية أمره فمع الاضطرار يرفع الحكم لا غير كما سبق.
4- وقد يكون مع عدمه
ومع انه في صورة الاحتياج والاضطرار يكون البذل أقرب[5] للرشوة[6]، كما يكون أكلاً للمال بالباطل، فان الرشوة صادقة عرفاً حتى مع عدم حاجة المعطي للحكم أو نظائره، والمقصود بعدم الحاجة عدم الضرورة[7]، إذ لا يتصور عدم الحاجة بوجه مطلق والإقدام مع ذلك على البذل فتأمل.
أخذ الرشوة مع تعين القضاء ونظائرها وعدمه
5- وقد يكون (الأخذ) مع (التعيُّن) أي تعيُّن القضاء أو التعليم أو غيرهما عليه.
6- وقد يكون مع عدم تعينه.
قال العلامة في المختلف في مسألة أخذ الأجرة على القضاء (الأقرب ان نقول: إنْ تعيَّنَ القضاء عليه، أما بتعيين الإمام (عليه السلام) له أو بفقد غيره أو بكونه الأفضل وكان متمكناً، لم يجز الأجر عليه، وان لم يتعين أو كان محتاجاً فالأقرب الكراهية) وقريب منه ما ذكره المحقق في الشرائع.
أقول: ذاك هناك أما في المقام فان الظاهر ان تعيُّنَ القضاء وعدمه ليس دخيلاً في صدق الرشوة عرفاً، فانه سواء تعين عليه أم لم يتعين عليه القضاء فإن أخذه المال مقابل الحكم بالباطل رشوة، وكذا أخذه المال لكي يحكم لأحدهما مطلق أي سواء أكان على حق أم باطل، وكذا أخذه المال ليحكم بالحق – بناء على تعميم للرشوة للحكم بالحق – من غير مدخلية وتأثير لتعيُّن القضاء عليه وعدمه في صدق الرشوة، بل الدخيل هو الأخذ على نفس التصدي أو على الحكم بالحق، فانه ههنا قد يشكك في صدق الرشوة وعدمه – كما هو مورد الخلاف -.
وأما (الأجرة) فيترك بحثها لمحلها.
أخذ الرشوة على المستحبات والمقدمات
7- (الاخذ) على العمل المستحب أي عمل القاضي أو العامل أو الآمر بالمعروف إذا كان مستحباً كما في أمره بالمستحب، فهل بذل مال له ليأمر به رشوة؟
والظاهر ان وجوب العمل واستحبابه وإباحته، ليست دخيلة في صدق الرشوة عرفاً وان توهم ان الأخذ على المستحب ليس رشوة إذ لا يجب عليه فعله فيكون الباعث هو المال المبذول له، فلا بد من بحث تضاد عنوان المستحب مع أخذ المال عليه وانه أكل مال بالباطل أو لا فإذا نفي التضاد، كما هو الظاهر ولم يكن أكل مال بالباطل، في بعض الصور مسلماً، فإن عمدة الإشكال يكون من جهة صدق الرشوة، والمرجع العرف من غير مدخلية للاستحباب في فهمهم الصدق. فتأمل
8- (الأخذ) على المقدمات كسماع الشهادة وتوثيقها ونظائرهما، وقد فصلنا البحث عن ذلك سابقاً فليلاحظ. وللكلام تتمة
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
[1] - أي بلحاظ ورود هذا العنوان في الشرع والقرآن الكريم، وليس المراد الحقيقة الشرعية لهذا المصطلح.
[2]- إذ لا يظهر من الروايتين اختصاص المنع بصورة الاستغناء فإن رواية عمار بن مروان – كما في الخصال – قال (والسحت أنواع كثيرة منها ما أصيب من أعمال الولاة الظلمة، ومنها أجور القضاة، وأجور الفواجر...) ورواية يوسف بن جابر (لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من نظر إلى فرج امرأة لا تحل له ورجلاً خان أخاه في امرأته ورجلاً احتاج الناس إليه لفقهه فسألهم الرشوة) وسؤاله الرشوة أعم من حاجته إليها وعدم الحاجة، وتوهم دلالة (سألهم) على حاجته ضعيف.
[3] - ولو فرض تأثير الحاجة وبلوغها درجة الاضطرار، فانها تؤثر في الحكم لا في صدق العنوان العرفي وعدمه.
[4] - فان (جمع المال) يروي ظمأَ جشعِهِ.
[5] - المقصود انه أوضح في صدق الرشوة عليه.
[6] - لاستغلال القاضي حاجة المترافع المضطر، حينئذٍ لأخذ المال منه.
[7] - بان يبذل له ليحكم له، بما يوسع به تجارته مثلاً أو بما ييسر له بناء بيت أوسع أفخم لا يحتاجه عرفاً.
السبت 5 شعبان 1434هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |