147- توجيهان لقول الشيخ بتعدد موضوع الامارة والاصل والمناقشة ـ هل مسألة حكومة الامارات على الاصول مبنية على مسألة اجتماع الامر والنهي؟
السبت 4 صفر 1438هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(147)
توجيه كلام الشيخ: تعدد الموضوع في لسان الدليل
ويمكن توجيه كلام الشيخ الذي ذكره في باب التعادل والترجيح من تعدد موضوع الأصول والحكم بما ذكره المحقق اليزدي من (غاية ما يكون أنَّ الموضوع في لسان الدليل متعددٌ حيث إنَّه في أحدهما المشكوك بوصف أنَّه مشكوك وفي الآخر ذات الفعل مع قطع النظر عن العلم والجهل)([1]).
والحاصل: أن تعدد الموضوع إثباتي وإن لم يكن ثبوتياً فإنه وإن كانت النسبة بين حكم الامارة وحكم الأصل العموم المطلق إلا أن المأخوذ كموضوع في لسان دليل الامارة غير المأخوذ كموضوع في لسان دليل الأصل.
وبعبارة أخرى: وإن اتحد المرئي إلا أن المرآة متعددة فقوله بالتعدد إنما هو بلحاظها لا بلحاظه.
الجواب عن التوجيه
وأجاب عنه اليزدي بـ(وهذا المقدار غير كافٍ في نفي المعارضة والمنافاة، إذ المدار على اتحاد الموضوع ولو بالأخرة، وهو متحقق في المقام، فمع الإغماض من حيث الحكومة وأنَّ لسان الشرح غير لسان التعارض لا يتم المطلب)([2]).
وبعبارة أخرى: المدار على المعنون لا على العنوان، والمعنون واحد وإن تعدد العنوان (وهذا مدخل ما سيأتي من أن المسألة من صغريات اجتماع الأمر والنهي أو لا).
وعليه: فإذا كان المعنون واحداً فكيف يتصف من جهة بالوجوب؛ لأنه الحكم الواقعي الذي قامت عليه الامارة فرضاً وإن لم تصل، ومن جهة بالإباحة لكونه مجرى الأصل؟ أو بالوجوب للاستصحاب مثلاً وبالحرمة لكونه الحكم الواقعي؟
تتميم التوجيه وجوابه
نعم يمكن تتميم التوجيه بـ(نعم يمكن أن يقال إنَّ غرضه أنَّ تعدد الموضوع في لسان الدليل يوجب دفع التعارض من جهة أنَّه يستلزم تحقق الحكومة الرافعة للمنافاة لا أنَّ ذلك بمجرَّده كافٍ، ففي الحقيقة الوجه في عدم كونها من المتعارضين هو الحكومة بالبيان الذي ذكرنا، وتعدد الموضوع في لسان الدليل سببٌ في الحكومة بالنسبة إلى بعض الموارد، وفي الورود بالنسبة إلى بعضها الآخر، فلا يريد بيان أنَّ الموضوع متعدد بحيث يرتفع به بمجرَّده التنافي)([3]).
فتعدد الموضوع يدفع التعارض بواسطةٍ، هي الحكومة، لا بالمباشرة.
ولكنه غير تام لوجهين:
الأول: ما سبق من أن الإشكال هو عدم تعدد الموضوع إذ الامارة تزيل موضوع الأصل فلا يوجد إلا موضوع واحد لا ان هناك موضوعين متعددين ثم يحكم أحدهما الآخر فيندفع بهذه الحكومة التعارض، فالإشكال انه لا تعارض من باب السالبة بانتفاء الموضوع (إذ لا يوجد موضوعان) لا أنه وجد موضوعان فتحقق التعارض البدوي ثم يدفع بالحكومة.
الثاني: ما أجابه المحقق اليزدي من (وكيف كان فالوجه ما ذكرنا، والتعدد في لسان الدليل بمجرَّده لا يتمم المطلب ولا حاجة إليه بعد كون المدار على كون اللسان لسان الشرح والبيان).
وفيه: أنه لو أغمض النظر عن الإشكال السابق أنه قد يجاب بأن الحكومة والشارحية في هذه المقام توقفت على تعدد الموضوع في لسان الدليل، نعم لو ادعى الشيخ أن كل حكومة تتوقف على تعدد الموضوع لصح الإشكال عليه بانها متوقفة على الشرح وإن لم يكن تعدد لكنه يقول في خصوص حكومة الامارات على الأصول بذلك إذ الحكومة هنا إنما هي لكون تعدد الموضوع علة معدة للشارحية. فتأمل
هل حكومة الامارات على الأصول مبنية على مبحث إمكان اجتماع الأمر والنهي؟
ثم أن هذا البحث (حكومة الامارات على الأصول) مشتبَكُ ثلاثِ بحوث: بحث الحكومة، وبحث إمكان أو استحالة اجتماع الأمر والنهي، وبحث اجتماع الحكم الظاهري والواقعي فلا بد من التفكيك بينها ومعرفة النسبة بينها، فنقول:
إن بعض الأعلام بنى كلام الشيخ وهذا البحث على مبحث إمكان اجتماع الأمر والنهي فصار إلى انه إن قلنا بإمكان اجتماع الأمر والنهي صح كلام الشيخ إذ تعدد الموضوع العنواني كافٍ حينئذٍ وإن قلنا بالامتناع لما صح فانه وإن تعدد العنوان إلا انه حيث اتحد المعنون وامتنع اجتماع الأمر والنهي لما أجدى تعدد الموضوع العنواني.
كما أن هذا المبحث بذاته، حسب هذا العَلَم، مبني على مبحث اجتماع الأمر والنهي، إذ أن حكومة الامارات على الأصول تُصحَّح، بإمكان اجتماع الأمر بمؤدى الامارة مع النهي أو الإباحة (وهو مؤدى الأصل) وسيأتي كلامه والجواب عنه لاحقاً بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
................................................
قال الإمام الصادق (عليه السلام) لأحد أصحابه: "بَلَغَنِي أَنَّ قَوْماً مِنْ شِيعَتِنَا تَمُرُّ عَلَيْهِمُ السَّنَةُ وَالسَّنَتَانِ لَا يَزُورُونَ الْحُسَيْنَ (عليه السلام) - أَمَا وَاللَّهِ لِحَظِّهِمْ أَخْطَئُوا وَعَنْ ثَوَابِ اللَّهِ زَاغُوا وَعَنْ جِوَارِ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله) تَبَاعَدُوا قُلْتُ فِي كَمِ الزِّيَارَةُ قَالَ يَا عَلِيُّ- إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تَزُورَهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ فَافْعَلْ، قُلْتُ: لَا أَصِلُ إِلَى ذَلِكَ لِأَنِّي أَعْمَلُ بِيَدِي وَلَا أَقْدِرُ أَنْ أَغِيبَ مِنْ مَكَانِي يَوْماً وَاحِداً، قَالَ أَنْتَ فِي عُذْرٍ وَمَنْ كَانَ يَعْمَلُ بِيَدِهِ وَإِنَّمَا عَنَيْتُ مَنْ لَا يَعْمَلُ بِيَدِهِ مِمَّنْ إِنْ خَرَجَ كُلَّ جُمُعَةٍ هَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَمَا إِنَّهُ مَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ عُذْرٍ وَلَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) مِنْ عُذْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ..."
وسائل الشيعة: ج14 ص534.
================
السبت 4 صفر 1438هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |