101- مناقشات مع الشيخ: لاتعارض بين ظهور العام وسند الخاص، ومؤيدات ـ تقدم الخاص على العام لمقام القرينية لا للورود
الاربعاء 12 رجب 14437هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(101)
النقض على الشيخ بموارد تقدم العام على الخاص
لا يقال: بان قول الشيخ (انا لم نجد ولا نجد من أنفسنا مورداً يقدم فيه العام من حيث هو على الخاص) ينقض بموارد عديدة:
منها: ما لو اعرض المشهور عن الخاص أي عن مضمونه، بناءً على شمول "فَيُؤْخَذُ بِهِ مِنْ حُكْمِنَا وَيُتْرَكُ الشَّاذُّ الَّذِي لَيْسَ بِمَشْهُورٍ عِنْدَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ لَا رَيْبَ فِيه"([1]) للشهرة الفتوائية.
ومنها: ما لو كان الخاص على مبنى المشهور معرضاً عنه من حيث السند، أي لم يكن سنده تاماً على مبانيهم، وذلك بناء على كون الشهرة كاسرة سواءً أقلنا بانها جابرة أو لا.
ومنها: ما لو وافق العامُّ الكتابَ وعارضَه الخاصُّ بناءً على تقدمه عليه لذلك وإن كان الخاص مقدما على العام القرآني لو خَلِي عن معارضة العام الروائي – على المبنى.
الجواب: تقدمه لعامل خارجي
إذ يقال: لا يرد أي منها حتى على القول بها نقضاً على الشيخ، إذ انه قيد العام بـ(من حيث هو) والعام في موارد النقض قد تقدم لا بما هو بل لموافقته الكتاب أو المشهور أو لسقوط الخاص عن الحجية باعراض المشهور سنداً أو مضموناً عنه فلم يتقدم عليه بما هو بل تقدم عليه بما ان الخاص قد وهن بمعارضة المشهور له سواءً أقلنا بان وهنه بمعارضتهم له مخرج له عن أصل الحجية أو لا فانه على الأول واضح إذ ليس الخاص حينئذٍ حجة أبداً ليعارض العام حتى يقال ان العام ههنا تقدم عليه واما على الثاني فلأن العام تقدم عليه لا بما هو بل لأن الخاص قد وهن بجهة خارجية فتقدم العام عليه.
إشكالان على الشيخ
ولكن قد يورد على الشيخ بوجوه نشير إلى بعضها ههنا:
1- لا تعارض بين ظهور العام وسند الخاص؛ لوجوه
الأول: ما ذكره جمع من الأعلام ومنهم المحقق اليزدي، من انه لا تعارض بين ظهور العام وسند الخاص أي دليل اعتباره كي يقال بانه لا نجد مورداً يتقدم فيه العام من حيث هو على الخاص من حيث سنده وصدوره؛ وذلك لأن دليل حجية سند الخاص – وكما سبق – بما هو لا شأن له بمضمون العام ولا بمضمونه هو([2]) أبداً كي يعارضه فيتقدم عليه؛ إذ ان دليل حجية السند بما هو([3]) لا يدل – ولا يمكنه ان يدل – إلا على حجية السند نفسه ولا يدل بما هو على حال مضمونه ودلالته؛ ألا ترى ان دليل حجية السند ينسجم مع كل من كون الدلالة نصاً أو أظهر أو ظاهراً أو مجملاً كالمتشابهات؟.
فان كون السند حجة أي انه صادر لكن صدور الكلام أعم من كونه مجملاً أو مبيناً ومن كونه مراداً بالإرادة الجدية أو لا ككونه تقية أو تورية أو انه صدر لمجرد سنّ القانون دون إرادة عمومه جداً أو غير ذلك من الوجوه، وقد سبق ذلك([4]).
ونضيف: بان السيد اليزدي استدل على ذلك بدليلين آخرين أيضاً هما:
1- (ولذا إذا كان الخبر قطعي الصدور لا يقال إنَّ هذا القطع معارض مع ظهور العام المقابل له، هذا)([5]).
2- و(ألا ترى أنه لو كان الخبر شارحاً للعموم ومبيناً له بصراحة لفظه، لا يجعل سنده معارضاً لذلك العموم، فكذا إذا كان نصاً أو أظهر، وكانت شارحيَّته بحكم العقل والعرف بعد ملاحظتهما معاً)([6]).
2- وجه تقدم الخاص هو قرينيته
ثانياً: ان وجه تقدم الخاص على العام مطلقاً – الذي جعله الشيخ مستند دعواه الورود – ليس هو كون أصالة الظهور ودليل حجية الظن في العام معلقاً ومقيداً بصورة عدم وجود ظن معتبر على الخلاف ليكون الخاص وارداً على العام، بل الوجه هو ان الخاص قرينة([7]) على المراد من العام، والقرينة تتقدم على ذيها وإن كانت أضعف منها دلالة وذلك لاعتضادها بمقام القرينية.
وهذا هو ما صار إليه المحقق اليزدي([8]) إذ قال: (والتحقيق في المقام: أن التعارض ليس بين ظهور العام ودليل السند، حتى يكون من باب الحكومة أو الورود بل بينه وبين دلالة الخاص، وإذا كان نصاً وأظهر كما هو المفروض فيكون مقدّماً من باب حكم العقل والعرف حيث يجعلونه قرينة، بل التعارض بدوي يزول بملاحظة ما ذكر من كونه قرينة عندهم، ودليل اعتبار السند إنما يفيد مجرد الاعتبار ويجعله كمعلوم الصدور، ومن المعلوم أن تقديم دلالة الخاص على العام أو المطلق ليس إلا من باب التخصيص أو التقييد.
والحاصل: أن الخاص الناص أو الأظهر من حيث هو مقدَّم على العام في نظر العقلاء ويكون مخصِّصاً له وقرينة عليه)([9]).
ويوضح كلامه: ان العقلاء يصرفون (أسد) إلى إرادة المعنى المجازي في (أسد يرمي) مع ان ظهور أسد في المفترس أقوى من ظهور يرمي في الرجل الشجاع إذ الأسد في المفترس حقيقة وفي الرجل الشجاع مجاز أما يرمي فانه حقيقة في الرجل وفي الأسد إذ الأسد أيضاً يرمي التراب بيديه لكنه أظهر في الرجل من الأسد، وعلى أي فمع ان أسد أظهر في مضمونه من يرمي إلا ان يرمي الأضعف يصرف الأسد الأقوى عن مدلوله والموضوع له وما ذلك إلا لأن مقام القرينية يقتضي ذلك، فلئن كان (يرمي) في حد ذاته أضعف إلا انه لأنه يراه العقلاء قرينةً أقوى، فكذلك الخاص والعام إذ العقلاء يرون الخاص قرينة على المراد من العام فيتقدم عليه وإن كان هو في حد ذاته أضعف. هذا غاية توجيه مبنى اليزدي وإشكاله على الشيخ، وسيأتي بحثه بإذن الله تعالى في ضمن بيان الصورة الرابعة([10]).
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=====================
الاربعاء 12 رجب 14437هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |