90- الشيخ: التفصيل بين كون مستند اصالة الظهور هو اصالة عدم القرينة على الخلاف او هو الظن النوعي ـ المناقشة
السبت 23 جمادى الآخرة 1437هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(90)
الشيخ: إذا كان منشأ أصالة الظهور هو الظن النوعي فالخاص وارد
وقال الشيخ (قدس سره): (هذا كله على تقدير كون أصالة الظهور من حيث أصالة عدم القرينة.
وأما إذا كان من جهة الظن النوعي الحاصل بإرادة الحقيقة - الحاصل من الغلبة أو من غيرها - فالظاهر أن النص وارد عليها مطلقا وإن كان النص ظنيا، لأن الظاهر أن دليل حجية الظن الحاصل بإرادة الحقيقة - الذي هو مستند أصالة الظهور - مقيد بصورة عدم وجود ظن معتبر على خلافه، فإذا وجد ارتفع موضوع ذلك الدليل، نظير ارتفاع موضوع الأصل بالدليل)([1]).
المباني الأربع:
أقول: المباني في مستند حجية أصالة الظهور أربعة:([2])
منشأ أصالة الظهور هو أصالة عدم القرينة
الأول: ان منشأ اصالة الظهور هو أصالة عدم القرينة أي ان وجه حجيتها هو أصالة عدم القرينة، وهذا هو الوجه الذي بنى عليه الشيخ وجود كلا احتمالي الحكومة والورود للمخصص الظني السند القطعي الدلالة، على العام الظاهر الدلالة (سواءً أكان ظني السند أم قطعيّه) أي على أصالة الظهور والعموم فيه.
المنشأ: الظن النوعي مقيداً في أصل وجوده بعدم القرينة على الخلاف
الثاني: ان منشأها هو وجود الظن النوعي على الوفاق مع الالتزام بان هذا الظن النوعي مقيد في أصل وجوده بعدم وجود قرينة على الخلاف فإذا وجدت القرينة على الخلاف – وهي الخاص في المقام – لم يوجد الظن النوعي على إرادة العموم جداً، أصلاً أي لم يوجد في مرحلة المقتضي.
والحاصل: ان النوع يحصل لهم الظن متى استعمل المتكلم الحكيم لفظاً عاماً كـ(العلماء) في (أكرم العلماء) بان مراده الجدي منعقد على ذلك أي على حسب الوضع والمراد الاستعمالي، فظهور (أكرم العلماء) في انه مراد بالإرادة الجدية (أو حجيته)([3]) نابع من الظن النوعي بدلالته عليه (ولدينا: بدلالة حالة اللافظ عليه) واما منشأ هذا الظن النوعي فهو الغلبة أو غيرها كأصالة التطابق أو غيرها، وهذا هو الوجه الذي بنى عليه الشيخ كون دليل حجية الخاص وارداً على أصالة الظهور.
المنشأ: الظن النوعي، والقرينة مانع
الثالث: ان منشأها هو وجود الظن النوعي على الوفاق كالسابق لكن مع فارق ان هذا المبنى يرى ان وجود القرينة على الخلاف مانع عن حجية الظن النوعي على الوفاق لا انه يمنع أصل انعقاده، وبعبارة أخرى: يتقدم عليه الظن الحاصل من الخاص، لا لعدم وجوده – أي الظن الحاصل من العام – رأساً حينئذٍ بل لوجوده ومغلوبيته.
فإذا تم هذا كان هو الإشكال الثالث الذي يورد على الشيخ في قوله: (لأن الظاهر أن دليل حجية الظن الحاصل بإرادة الحقيقة - الذي هو مستند أصالة الظهور - مقيد بصورة عدم وجود ظن معتبر على خلافه، فإذا وجد ارتفع موضوع ذلك الدليل، نظير ارتفاع موضوع الأصل بالدليل)
وحاصل الإشكال على المبنى الثالث هو: ان دليل حجية الظن بإرادة الحقيقة الذي هو مستند أصالة الظهور تام في مرحلة المقتضي وليس الظن مقيداً في أصل وجوده ولا دليل حجيته مقيد بعدم الظن المعتبر على خلافه، لكنه محكوم بالظن المعتبر على خلافه مغلوب له فحيث وجد المانع لم يكن هذا الظن حجة لا انه لم يوجد المقتضي والظن أو الدليل أصلاً.
وعليه: يكون الأولى الالتزام بالعكس: بان يلتزم الشيخ في هذه الصورة بالحكومة وان يلتزم في صورة ومبنى كون مستند اصالة الظهور هو أصالة عدم القرينة بالورود فقط لا الحكومة؛ إذ إذا كان مستند أصالة الظهور هو أصالة عدم القرينة كان وجود القرينة سبباً لعدم انعقاد أصالة الظهور من رأس فكان ذلك كورود خبر الثقة وسائر الامارات والحجج على البراءة العقلية إذ يرفع (اللابيان) حقيقة بورود خبر الثقة الذي هو بيان.
المنشأ: الظن النوعي وهو حجة بلا ملاحظة احتمال الخلاف
الرابع: ان منشأها هو وجود الظن النوعي على الوفاق كالسابقين لكن مع فارق أساسي عنهما وهو ان هذا الظن النوعي حجة – لدى العقلاء – على المراد الجدي من غير ملاحظة منهم أبداً لاحتمال وجود قرينة على الخلاف ثم نفيها بالأصل.
والحاصل: انه مع عدم وجود قرينة واصلة على الخلاف، فان المكلف عندما يستمع العام يتبادر إلى ذهنه فوراً انه المراد الجدي من دون خطور هذه الأمور الثلاثة في باله: 1- مفهوم العموم أو الإطلاق أو الحقيقة. 2- تحقق القرينة على الخلاف وعدمها. 3- إجراء الأصل لإحراز عدمها.
وعلى هذا بُني الإشكال الثالث على الشيخ: بان دعواه الورود لا وجه لها إذ دليل حجية الظن الذي هو المستند لاصالة الظهور تام، ولا نظر أصلاً إلى احتمال وجود قرينة على الخلاف ونفيها بالأصل، نعم إذا ثبت وجودها تقدمت لأن الظن الحاصل منها أقوى من الظن الحاصل من العام، لا لانتفائه حقيقة بعناية التعبد ولا لكونه ملاحظاً في مرحلة الاحتمال كي يكون حينذاك مانعاً.
وعلى ذلك أورد الإشكال: بـ(أنّ القول بالورود فيما إذا كان حجية أصالة الظهور من جهة الظنّ النوعي والترديد بين الحكومة والورود فيما إذا كانت من جهة أصالة عدم القرينة غير سديد، بل الأنسب هو العكس، فإنّ المخصّص قرينة على عدم إرادة العموم، فلو كانت حجية أصالة العموم من جهة أصالة عدم القرينة كانت معلّقة من أوّل الأمر على عدم ورود قرينة على التخصيص، فإنّ الاعتماد على أصل عدم القرينة إنما هو فيما إذا لم يوجد قرينة، وأما إذا كانت حجيته من باب الظن فالظاهر أنّ بناء العقلاء على العمل بالظن من غير التفات حينه إلى طروّ الطواري من التخصيص وغيره. نعم، بعد العثور عليه يأخذون به من جهة كون الظن فيه أقوى.
ثم إن الظاهر أن أصالة الظهور أصل مستقل عند العقلاء يجري في الحقائق والعمومات والمطلقات، وليس ذلك من جهة أصالة عدم القرينة، وليس كلّ من أصالة الحقيقة أو العموم أو الإطلاق أصلاً مستقلاً أيضاً، وذلك لأن أحداً منهم إذا سمع اللفظ بلا قرينة على المجازية أو التخصيص أو التقييد تبادر إلى ذهنه ما يكون اللفظ موضوعاً له ظاهراً فيه، فينقدح في نفسه كونه مراداً للمتكلم من دون أن ينقدح في نفسه عدم تحقق القرينة أو مفهوم الحقيقة أو العموم أو الإطلاق فضلاً عن أن يجري فيها الأصل. نعم، لو عثر على القرينة أو المخصّص أو المقيّد أخذ بها لكونها أقوى، وأما فيما إذا لم يعثر عليها فلا ينقدح في ذهنه مفاهيمها فضلاً عن إجراء الأصل فيها)([4])
لكن هذا الكلام مخدوش من وجوه عديدة:
العموم والقرينة على الخلاف والأصل، منقدحة في الذهن إجمالاً ارتكازاً
منها: ان تلك الثلاثة تنقدح في الذهن مطويةً وبشكل فطري ارتكازي، لا انها غير منقدحة في نفسه أصلاً.
والظاهر ان منشأ الوهم لديه هو عدم لحاظه التفات الذهن إليها إجمالاً وانه يجري الأصل فيها بالفطرة ارتكازاً، وتوهم ان المراد – والمطلوب – هو الالتفات التفصيلي التحليلي.
وعليه: فأصالة الظهور متوقفة على إدراك العموم – واخواته - وإدراك احتمال عدم إرادته والبناء على عدم وجود قرينة على خلافه مادام لم تصل إلينا، ولكن كل ذلك يمرّ بالبال كالبرق الخاطف مما أوهم المستشكل عدم لحاظ الذهن لها وعدم انقداحها رأساً.
وللبحث صلة.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=====================
السبت 23 جمادى الآخرة 1437هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |