55- جواب المحقق اليزدي عن اشكال عدم كون الكلي مملوكاً بان الملكية وان كانت عرضاً خارجياً لكنها اعتبارية فيكفي لها المحل الاعتباري والمناقشات ـ كلام عن حقيقة الملكية هل هي الاضافة والنسبة ام السلطة؟
السبت 18 جمادى الأولى 1437هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(55)
جواب المحقق اليزدي عن إشكال عدم مملوكية الكلي
سبق الإشكال على بيع الكلي والدين ونظائرهما بانه حيث كان معدوماً لم يمكن ان يكون مملوكاً إذ الملكية عَرَض يحتاج إلى محل موجود وحيث لم يمكن ان يكون مملوكاً لم يصح بيعه إذ لا بيع إلا في ملك، وقد طرح السيد اليزدي الإشكال وقال: (بل يجري([1]) في بيع الثمرة المتجددة([2]) إذا ضمت إلى ما بدا صلاحه، وأيضاً في الإجارة بالنسبة إلى المنفعة الآتية، مع أنَّ الظاهر الإجماع على صحة كل ذلك)([3]).
وأجاب بقوله: (والجواب: أنَّ الملكية وإن كانت من الأعراض الخارجية، إلا أنّ حقيقتها ليست إلا اعتباراً عقلائياً، فإنّهم يعتبرون – عند كون شيء في يد شخص – علقةً بينه وبينه منشأً لسلطنته عليه، أو يعتبرون نفس السلطنة حسبما يأتي بيانه)([4]).
المناقشة
أقول: مرجع جوابه إلى ما ذكرناه في الدرس الماضي وهو الجواب الثالث من الأجوبة التي سبقت في الدروس الأسبق، ولكنه يرد عليه:
الملكية ليست من الأعراض الخارجية
ان قوله: (ان الملكية وإن كانت من الاعراض الخارجية) غير تام بل ينقض الجواب وما بناه عليه، وذلك لأن الاعراض الخارجية هي تسعة:
(كمٌ وكيفٌ، وضعٌ، أينٌ، له، متى فعلٌ، مضافٌ، وانفعال ثبتا)
وليست الملكية منها فلا هي كم ولا هي كيف ولا...
والاعتباريات ليست أعراضاً خارجية بل هي صِرف اعتبار محله أنفس العقلاء لا غير.
وبعبارة أخرى العَرَض الخارجي لا بد له من معروض خارجي فلو كانت الملكية عرضاً خارجياً لكان لا بد من ان يكون معروضها خارجياً وحيث ان الكلي في الذمة والمنفعة المتجددة ونظائرهما ليست أمراً خارجياً فيستحيل ان تعرضها الملكية التي التزم بكونها من الأعراض الخارجية، وإن التزم بكون حقيقتها اعتباراً عقلائياً فليست إذاً من الأعراض الخارجية.
والحاصل: ان هناك تهافتاً، بين كلاميه (أنَّ الملكية وإن كانت من الأعراض الخارجية)، و(إلا أنّ حقيقتها ليست إلا اعتباراً عقلائياً).
توجيه كلامه بان الملكية كالمعقولات الثانية الفلسفية
نعم يمكن توجيه كلامه بان الملكية هي من (أو كـ) المعقولات الثانية الفلسفية التي يكون الاتصاف فيها في الخارج والعروض في الذهن كالإمكان للممكن والعلّية للعلة، عكس المعقول الثاني المنطقي الذي كلاهما فيه في الذهن:
(ان كان الاتصاف كالعروض في *** عقلك فالمعقول بالثاني صفي).
فكما ان زيداً الخارجي متصف حقيقة بانه ممكن كذلك هذا الكتاب الخارجي متصف حقيقته بانه مملوك لي.
الجواب: 1- الاعتباريات ليست من المعقولات الثانية
ولكن هذا التوجيه غير سديد([5]) إذ:
أولاً: المعقولات الثانية الفلسفية أمور انتزاعية واما الملكية فهي أمر اعتباري، والفرق بينهما جلي فان الأولى هي ذاتيات باب البرهان وهي التي تنتزع من حاق ذات الشيء ولا يغيّرها اعتبارٌ أو غيره، عكس الاعتباريات التي هي منوطة باعتبار المعتبر.
2- المعقولات الثانية الفلسفية ليست من الأعراض
وثانياً: المعقولات الثانية الفلسفية، حتى لو فرض – وليس – إلحاق الاعتباريات بها، ليست من الاعراض الخارجية وإن كان الاتصاف بها في الخارج؛ فان اتصاف شيء بشيء في الخارج هو أعم من كونه من الاعراض الخارجية؛ ألا ترى اتصاف الأربعة الخارجية بالزوجية حقيقة لكنها – أي الزوجية – ليست من الاعراض الخارجية للأربعة؛ وإلا للزم خُلوّها في حاق ذاتها، حيث كانت عرضاً لها، عنها وهو باطل بالضرورة، وكذا الحال في إمكان الممكن وغيره.
والحاصل: ان الشيء يتصف بذاتيات باب البرهان وذاتيات باب الكليات، وكلها ليست من الأعراض الخارجية بل الثانية من الجواهر فتدبر.
هل الملكية هي النسبة أو هي السلطنة؟
واما قوله (فإنّهم يعتبرون – عند كون شيء في يد شخص – علقةً بينه وبينه منشأً لسلطنته عليه، أو يعتبرون نفس السلطنة حسبما يأتي بيانه) فتوضيحه الإجمالي ولعله يأتي الكلام عنه تفصيلاً:
ان ههنا خلافاً في حقيقة الملكية وهو هل انها هي من مقولة الإضافة (ان المضاف نسبةٌ تكرّرُ ** منه الحقيقيّ وما يشتهر) كما لعله ظاهر كلام الشيخ إذ قال (فانها نسبة بين المالك والمملوك) فهي نسبة وعلقة بين المالك والمملوك ولازمها هو السلطنة الفعلية التامة (عكس السلطنة الناقصة كما في السلطنة على التصرف فقط).
أو انها هي نفس السلطنة الخاصة والعلقة والنسبة ملزومة لها، كما هو صريح المحقق اليزدي([6])؟
أو هي السلطنة والنسبة والعلقة لازمة لها كما هو احتمال أخر نضيفه؟
أو انها هي السلطنة والعلقة جنس لها، فلا هي ملزومة ولا هي لازمة كما هو الأظهر فلا يحتاج إلى جعلين بل جعلها جعلها، فلا يستشكل بضرورة اننا لا نجد من أنفسنا عند البيع نقل أمرين: السلطنة والنسبة أو العلقة، وإن أمكن الجواب بانه على الملزومية واللزومية فان العلاقة طولية استلزامية فلا يحتاج أيضاً إلى جعلين كي يرد بوجدانية عدمه([7]) فتدبر جيداً.
وعلى أية حال فان المرجع هو الوجدان والظاهر حكمه بالأخير، ولعله يأتي بحثه، وللبحث صلة بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
السبت 18 جمادى الأولى 1437هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |