40- الصور الاربع للخاص بالقياس للعام: 1ـ ان يكون الخاص قطعي السند والدلالة: ـ الشيخ: فهو وارد على العام ـ النائيني: فمؤداه خارج تخصصاً عن العام دليل حجية العام المناقشة
السبت 21 ربيع الاول 1437هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(40)
النسبة بين العام والخاص من حيث قطعيتهما وظنيتهما
إذا تمهد ذلك فنقول: ان الخاص بالنسبة للعام على أنواع:
فقد يكون الخاص قطعي السند والدلالة، كما لو كان نصاً قرآنياً أو خبراً متواتراً أو محفوفاً بالقرينة القطعية.
وقد يكون ظنيهما كخبر الثقة الظاهرة في مؤداه.
وقد يكون قطعي السند ظني الدلالة، وقد يكون بالعكس: ظني السند قطعي الدلالة.
وذلك كله بعد فرض العام ظني السند والدلالة أو قطعي السند ظني الدلالة.
واما إذا كان العام ظني السند قطعي الدلالة كما في الآبي عن التخصيص أو المطابق لأصول المذهب مقابل الخاص إذا كان مخالفاً لذلك، ففيه كلام سيأتي.
واما لو كان العام قطعي السند والدلالة فانه يعارض الخاص المقطوع السند والدلالة دون كلام ولا مجال للقول بالحكومة([1]) أو الورود أو التخصص أو شبه ذلك، وعليه فاما التساقط أو التخيير أو التوقف على المباني.
وعلى أي فأنواع الخاص أربعة:
أ- ان يكون الخاص قطعي السند والدلالة
الأول: ان يكون الخاص قطعي السند والدلالة، ولنمثل له بقوله تعالى: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)([2]) والروايات المتواترة الدالة على ولاية المعصومين (عليهم السلام) وذلك في مقابل عموم "النَّاسُ مُسَلَّطُونَ عَلَى أَمْوَالِهِم"([3]) وكذا "انفسهم وحقوقهم" وهي قاعدة مصطيدة مسلَّمة.
وقد ذهب الشيخ إلى انه واردٍ عندئذٍ على العام قال (فان كان المخصص مثلاً دليلاً علمياً، كان وارداً على الأصل المذكور، فالعمل بالنص القطعي في مقابل الظاهر كالعمل بالدليل العلمي في مقابل الأصل العملي)([4])
فيما ذهب الميرزا النائيني إلى ان مؤداه – أي الخاص – خارج تخصصاً عن مفاد اصالة الظهور.
قال في فوائد الأصول: (فان كان([5]) قطعي السند و الدلالة: فلا إشكال في تخصيص العامّ به، و لا مجال لجريان أصالة الظهور في طرف العامّ، لأنّ الخاصّ رافع لموضوعها، للعلم بأنّ العموم ليس بمراد، فالخاصّ يكون واردا على أصالة العموم.
بل يمكن أن يقال: إنّ مؤدّى الخاصّ يكون خارجا عن مفاد أصالة الظهور بالتخصص لا بالورود، لما عرفت: من أنّ ورود أحد الدليلين على الآخر إنّما يكون بمعونة التعبّد بأحدهما، و الخاصّ القطعي السند و الدلالة لا يحتاج إلى التعبّد؛ لأنّه يعلم بصدوره و إرادة مؤدّاه، و العلم لا تناله يد التعبّد. و على كلّ حال: لا إشكال في تقدّم الخاصّ على العامّ إذا كان قطعي السند و الدلالة)([6]).
أقول: لنبدأ بتوضيح كلامه وتقويته أولاً ثم مناقشته:
أ- المراد بـ(أصالة الظهور) – لدى الميرزا – هو أصالة مطابقة الإرادة الجدية للارادة الاستعمالية؟ فمصبّها الدلالة التصديقية الثانية "ما اراد" لا الاولى "ما قال" ولا التصورية.
تعليل الورود على المباني الأربعة في وجه حجية العام
ب- (كون الخاص رافعاً لموضوعها) يمكن تعليله بان موضوع اصالة الظهور هو الشك([7]) كما يمكن تعليله على حسب كافة المباني الأربعة في حجية أصالة الظهور:
مبنى ان وجه أصالة الظهور والحقيقة هو الظن الشخصي.
ومبنى ان وجهه هو التعبد، بدعوى اننا نعلم بكون بناء العقلاء على أصالة الظهور، لكن لا نعلم وجهه.
ومبنيي ان وجهه هو (الظن النوعي) استناداً إلى الغلبة فهو أصل وجودي أو استناداً إلى عدم وجود قرينة على الخلاف فيعود الأصل الوجودي([8]) – على هذا – إلى أصل عدمي.
وعلى كل المباني الأربعة يمكن الالتزام بالورود([9]) لأن الخاص القطعي السند والدلالة رافع للظن الشخصي والنوعي بقسميه والتعبد في العام، فهو وارد إذ قد أزال موضوع أصالة الظهور أي موضوع حجية العام وهو الظن أو التعبد أو فقل هو الشك بقول مطلق إذ العام حجة مع الشك في وجود نص مخالفٍ له لا مع العلم بالمخصص – أو مطلق المخالف – القطعي السند والدلالة.
كما انه يجري التعليل الآنف على المباني الأربعة، في القول بالتخصص الآتي – أيضاً.
وجه القول بالتخصص
واما التزام الميرزا بنفي الورود والذهاب إلى التخصص فلأن تعريف الورود هو ان يزيل أحد الدليلين موضوع الدليل الآخر حقيقةً لكن بعناية التعبُّد كما يزيل خبر الثقة الضابط، موضوعَ البراءة العقلية (قبح العقاب بلا بيان) وهو اللابيان حقيقةً؛ إذ خبر الثقة الضابط بيانٌ، لكن بعناية التعبّد أي بعناية تعبّد الشارع إيانا بحجية خبر الثقة إذ كان له ان لا يعتبره حجة فلا يكون حينئذٍ بياناً فلا يرتفع اللابيان به فيبقى قبح العقاب والبراءة العقلية بحالها.
لكن هذا في الخاص الظني الدلالة أو الظن السند والدلالة([10])، اما الخاص المقطوع السند والدلالة فان حجيته ذاتيه لا يحتاج إلى تعبُّد فقد أزال هذا الخاص موضوع حجية العام حقيقةً تكويناً لا بعناية التعبد.
وقد ذهب البعض إلى توجيه التخصّص بانه لكون الخاص والعام في موضوعين، وسيأتي بيانه وردّه.
إشكال: الخاص لا يتصرف في عقد وضع العام فلا ورود ولا تخصّص
لا يقال: ليس الخاص القطعي السند والدلالة وارداً على العام كما اختاره الشيخ ولا مؤداه خارج عنه تخصصاً كما اختاره الميرزا، إذ الوارد يتصرف في عقد الوضع للمورود عليه فيزيله اما الخاص فلا يتصرف في عقد الوضع للعام بل يؤكده فانه مخصص له، ألا ترى ان لا تكرم زيداً العالم متصرف في عقد الحمل أي الحكم في أكرم العلماء من غير مساس له بموضوعه بل هو مبني على ثبوت الموضوع من غير نفي تكويني أو تنزيلي له، فكيف يقال بورود الخاص على العام؟.
واما امر التخصّص فأوضح إذ هو في صورة كون موضوع أحد الدليلين مغايراً لموضوع الآخر، أما الخاص فهو منه، فتدبر
الجواب: الورود بلحاظ التصرف في موضوع حجية العام لا فيه نفسه
إذ يقال: ليست دعوى الورود أو التخصص بلحاظ المراد الاستعمالي للعام بل هي بلحاظ المراد الجدي، وبعبارة أخرى: ليست الدعوى بلحاظ العام نفسه ليقال ان الخاص موضوعاً غير مباين ولا مزال أو مورود عليه، بل هي بلحاظ دليل حجية العام واصالة الظهور.
والحاصل: ان الخاص خاص بالنسبة إلى (ما قال) وظاهرِ اللفظ بحسب وضعه ولكنه وارد – أو غيره – بالنسبة إلى (ما أراد) وظاهرِ حال المتكلم بحسب حكمته في انه اراد بالإرادة الجدية ما اللفظ ظاهر فيه بالإرادة الوضعية هذا.
لكن ومع ذلك فان المستظهر عدم تمامية كلا القولين: القول بالورود والقول بالتخصص، كما سيأتي بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=====================
السبت 21 ربيع الاول 1437هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |