20- الفرق بين تفسير التعارض بتنافي الدليلين او تنافي المدلولين : ان الحيثية تعليلية و الواسطة في الثبوت والوصف بحال الموصوف على الاول عكس الثاني. ـ الدليل على ان التعارض تنافي الدليلين: التبادر وصحة سلبه عن موارد الجمع العرفي.
الاثنين 26 محرم 1437هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، بارئ الخلائق أجمعين، باعث الأنبياء والمرسلين، ثم الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الأبرار المنتجبين، سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم إلى يوم الدين، ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم.
الاصول
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(20)
الفرق بين (تنافي الدليلين...) و(تنافي المدلولين...)
ثم ان الفرق بين تعريف الشيخ (تنافي المدلولين...) وتعريف الآخوند (تنافي الدليلين...) حسب ما ذكره المحقق المشكيني هو: (الفرق بين هذا التعريف والتعريف الذي هو ظاهر الشيخ في الرسالة([1]) – من كونه تنافي المدلولين -: هو كون التعارض من صفات نفس الدليلين حقيقة وإن كان منشؤه هو تنافي المدلولين على الأول، ومن صفات المدلولين حقيقة على الثاني، فيكون تنافي المدلولين على الأول([2]) من الحيثيات التعليلية وواسطة في الثبوت، وتوصيف الدليلين به توصيفاً بحال الموصوف، ولا يصحّ سلبه عنه مثل توصيف الماء بالحرارة بواسطة النار، ومن الحيثيات التقييدية وواسطة في العروض والتوصيف المذكور توصيفاً بحال المتعلّق، ويصح سلبه عنه على الثاني)([3]).
وقال المحقق اليزدي (وكونه([4]) بلحاظ المدلولين لا ينافي اتصافهما به أيضاً بالواسطة، فثبوت التنافي للدليلين وحمله عليهما من قبيل أن يقال زيدٌ شريفٌ لشرافة أبيه، فإن شرافة الأب توجب شرافة زيد فيصح اتصافه بها حقيقة، وعلى التعريف الثاني يكون من قبيل زيدٌ شريف الأب حيث إنّه لا يدل على شرافة زيد، ولو بالواسطة)([5])
أقول: توضيح وتنقيح ما ذكراه مع بعض الفوائد والاضافات في ضمن أمور:
الحيثية تقييدية وتعليلية
1- ان الحيثية تعليلية وتقييدية، والأولى ما كانت علة لثبوت الحكم أو الصفة للشيء المعلل له، والثانية ما كانت هي بعنوانها الموضوع للحكم، وتنافي المدلولين حيثية تعليلية لثبوت التنافي للدليلين فوصْفُ الدليلين بالتعارض حقيقيٌّ وإن كانت علة اتصافهما بالتعارض هو تنافي مدلوليهما.
الواسطة في الثبوت أو العروض
2- ان الواسطة اما في الثبوت واما في العروض، والأولى مساوقة للحيثية التعليلية والثانية مساوقة للحيثية التقييدية، فان النار واسطة في ثبوت الحرارة للماء وكذا وساطة الحركة لعروض الحرارة على الجسم كما انها حيثية تعليلية لها، وحركة السفينة واسطة في عروض الحركة لراكب السفينة كما انها حيثية تقييدية أي ان السفينة هي المتصفة بالحركة حقيقة فالسفينة هي الموضوع وهي الحيثية التقييدية أي الجهة التي تعرضها الحركة حقيقة لذا سميت واسطة في العروض([6]) بان كان العارض حقيقة عارضاً لنفس الواسطة، كما انها ليست حيثية تعليلية لثبوت الحركة للراكب بل وصفه بها مجاز.
وتنافي المدلولين واسطة في ثبوت التنافي للدليلين بناء على تعريف الآخوند لكنهما حسب تعريف الشيخ واسطة في العروض أي ان التنافي عارض عليهما أي المدلولين حقيقة لا على الدالين إلا مجازاً. فتأمل
الوصف اما بحال الموصوف أو متعلقه
3- ان الوصف قد يكون بحال الموصوف كزيد كريم وقد يكون بحال متعلَّقِهِ كزيد كريم الأب، ووصف الدليلين بالتعارض حسب تعريف الآخوند وصف بحال الموصوف إذ هما متصفان بالتعارض حقيقة، واما وصفهما بالتعارض حسب تعريف الشيخ فانه وصف بحال متعلقه أي التعارض هو صفة المدلولين حقيقة على رأيه ثم بعلاقة الدال والمدلول يتصف به الدالان مجازاً.
الوصف بحال المتعلق قد يسري للموصوف
4- ان الوصف بحال المتعلق قد يسري حقيقة إلى الموصوف وقد لا يسري.
فمن الأول: زيد قوي العشيرة فان القوة وصف بحال متعلق الموصوف([7]) لكنه يتصف بها زيد حقيقة إذ يكون قوياً بقوة عشيرته.
اجتماع العناوين الستة الحيثية التعليلية والتقييدية و...
وحينئذٍ فهذا المثال هو مجمع العناوين الستة فالحيثية تعليلية وتقييدية (لكن لا فيما إذا لوحظت بشرط لا الذي لا يجتمع مع التعليلية بل لا بشرط) كما ان الواسطة في الثبوت وفي العروض([8]) (بنحو اللابشرط أيضاً لا البشرط لا الذي لا يجتمع مع قسيمه وهو الوساطة في الثبوت) كما انه وصف بحال الشيء ومتعلَّقه.
ومن الثاني: زيد شجاع العشيرة فان شجاعة العشيرة لا يلزمها شجاعة الشخص فقد تكون وصفاً بحال متعلق الموصوف فقط، والحيثية تقييدية والواسطة في العروض.
مثال آخر: (زيد طويل الاذن) فان طول اذنه لا يسري إلى طول بدنه إذ لا تلازم عادة، فطول الاذن وصف بحال المتعلق وواسطة في العروض والحيثية تقييدية.
وذلك على العكس من (زيد جميل العين) فان جمال العين يسري عادة إلى الوجه فجمال العين، والشعر ونظائرهما، إضافة إلى كونه وصفاً لمتعلق الموصوف فهو وصف له أيضاً وحيثية تعليلية وواسطة في الثبوت أيضاً.
والظاهر ان (الدليلان متعارضان لتعارض المدلولين) من قبيل الأول([9]) فان التعارض وصف لمتعلق الموصوف كما هو وصف له والحيثية تعليلية وأيضاً تقييدية (لا بشرطية، وليست تقييدية بشرط لائية كي تكون طاردة للتعليلية) والواسطة في الثبوت كما هي واسطة في العروض (اللابشرطي)([10])
وسيأتي بعض النقاش بإذن الله تعالى
الاستدلال على تعريف الآخوند بالتبادر وصحة السلب
واما البرهان على مدعى الآخوند فهو ما ذكره المحقق المشكيني أيضاً بقوله (إقامة البرهان على مختار المتن: والدليل عليه تبادره عن لفظ التعارض عرفاً، وصحة سلبه في موارد الجمع العرفي كذلك، فلو كان موضوعاً لتنافي المدلولين لما صحّ السلب)([11]).
أقول اما التبادر فواضح فانه المتبادر من سؤال الراوي في الرواية (يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان)([12]) ان الخبرين بنفسهما متعارضان لا ان مدلولهما متعارض وإن صح وصدق، وكذا هو المتبادر من المرجحات في الروايات مثل (خُذْ بِمَا اشْتَهَرَ بَيْنَ أَصْحَابِك)([13]) .. الخ.
واما صحة السلب: فلأن في موارد الجمع العرفي كالعام والخاص والحاكم والمحكوم فان المدلولين متنافيان اما الدالان فغير متنافيين:
اما عدم تنافي الدالين: فلوضوح ان الحاكم شارح للمحكوم فلا ينافيه وإن العام معلّق على عدم ورود الخاص فلا يعارضه إذ هو مسلّم أمره له وموقوف انعقاد ظهوره على عدم ورود الخاص فإذا ورد الخاص كان وارداً على العام، والحاصل: انه يمنع انعقاد الظهور له فلا يوجد الظهور من رأس فكيف يعارضه!.
اما تنافي المدلولين: فلوضوح ان مدلول العام وهو أكرم كل العلماء ينافي مدلول لا تكرم زيداً العالم والمنافاة في زيد، ومدلول رفع الحكم الضرري أو الحرجي منافٍ لمدلول إثبات الصوم المطلق الأعم من الضرري والحرجي.
وعليه: فان صحة سلب التعارض عن موارد الجمع العرفي دليل على ان التعارض صفة الدليلين (ولذا لا تعارض بين الحاكم والمحكوم لأنه شارح له فصح السلب)([14]) لا المدلولين إذ المدلولان حتى في الحاكم والمحكوم والمطلق والمقيد متعارضان مع اننا نجد صفة سلب التعارض عن الحاكم والمحكوم والعام والخاص فلو كان التعارض صفة المدلولين لما صح سلب التعارض عن الحاكم والمحكوم مع انه يصح، وسيأتي مناقشة ذلك بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
======================
الاثنين 26 محرم 1437هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |