338- تفصيل الكلام عن شمولية النميمة للعام الفوقاني (ادلة حرمتها) او التحتاني (اية الاعتداء) او التفصيل.
السبت 4 شعبان 1436هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
النميمة
(41)
تحقيق النسبة بين العام الفوقاني والتحتاني والمخصص للتحتاني
ولكن التحقيق ان تمامية الأدلة الثلاثة التي سقناها كدليل على عدم جواز النميمة من باب الاعتداء بالمثل وجزاء السيئة بالسيئة([1]) منوطة بتحقيق النسبة بين أمور ثلاثة: العام الفوقاني والعام التحتاني والمخصصات للعام التحتاني:
والمراد من العام الفوقاني([2]): أدلة حرمة النميمة وسائر المحرمات.
والمراد بالعام التحتاني: أدلة جواز الاعتداء بالمثل كالآيتين الكريمتين، وأسميناها بالعام التحتاني مع ان النسبة بينهما وأدلة المحرمات الأولية هي العموم والخصوص من وجه، لأنها ناظرة للأدلة الأولية وحاكمة عليها نظير لا ضرر ولا حرج فحيث افترض فيها وجود حكم سابق عليها تكون هي ناظرة له وشارحة تأخرت رتبةً، فلذلك اسميناها بالعام التحتاني أي اللاحق الناظر أي ما كان بالعنوان الثانوي.
والمراد بالمخصصات: ما ذكرناه من أدلة إخراج الأعراض وما علم من الشرع كراهة وقوعه وما انتهك حق الآخرين، عن كونها مشمولة للعام التحتاني أي لآية الاعتداء بالمثل.
فيجب ان تلاحظ النسبة بين الخاص والعام التحتاني فان الخاص (الأخص من العام التحتاني أو الناظر له الحاكم عليه) إن لم يكن مشمولاً له (أي بان خصصه أو حكم عليه) كان مشمولاً للعام الفوقاني لا محالة، وان كان مشمولاً له (بان لم يخصصه لوجهٍ ما) كان محكوماً بحكمه لا العام الفوقاني، وإن شك ففرق بين كون العام التحتاني مخصصاً أو حاكماً متصلاً بالفوقاني أو منفصلاً.
المحتملات والصور الأربعة
توضيحه: ان المحتملات والصور المفترضة في الخاص (وهو دائرة الأعراض وما علم من الشرع كراهته... الخ) والعام التحتاني هي مجموعاً أربعة، يختلف باختلافها الحكم:
وجود دليل لفظي خاص له معقد عام، مخصص للعام التحتاني
الأول: ان يوجد دليل لفظي للخاص، له معقد عام فيدل على استثنائه مطلقاً من العام التحتاني (دليل الاعتداء) فلا محالة يكون مشمولاً للعام الفوقاني، فلو ورد دليل لفظي على أن (الأعراض) مطلقاً غير مشمولة لدليل الاعتداء بالمثل لكانت باقية على مشموليتها للعام الفوقاني، فتكون النميمة – التي تنتهك السمعة التي هي من الأعراض بالمعنى الأعم إذ السمعة عِرض للشخص – باقية على حرمتها إذ لم تدخل في قانون الاعتداء بالمثل ببركة الدليل اللفظي الدال على خروجها.
وجود أدلة خاصة في موارد خاصة مخصصة للعام التحتاني
الثاني: ان لا يوجد دليل لفظي للخاص له معقد عام، بل توجد موارد خاصة صرح الشارع فيها أو استلزم كلامه فيها حرمة تلك الموارد الخاصة وعدم كونها مشمولة للعام التحتاني أي لقانون الاعتداء، فيكون غير تلك الموارد مشمولاً لـ(قانون الاعتداء) فيجوز (أي غير تلك الموارد المصرح بها).
والتتبع في أدلة النميمة ومستثنياتها يقودنا إلى عدم وجود دليل لفظي على استثناء الأعراض من عموم آية الاعتداء بل الموجود هو موارد خاصة وردت فيها روايات خاصة (كحرمة القذف وإن قذفه، وكحرمة المقابلة بالمثل في القضايا الجنسية) لا يمكن اصطياد قاعدة عامة منها، وعليه: تخرج الموارد الخاصة من قاعدة الاعتداء فيبقى غيرها (كالنميمة التي لم يرد بها نص خاص على عدم جواز المقابلة بالمثل فيها أو على جوازها) في دائرة أدلة الحكم الثانوي وهو قانون الاعتداء، فتجوز
نعم لو استندنا إلى (ما علم من الشرع كراهة وقوعه) وإلى ما انتهك حق الغير، كانت النتيجة التفصيل وهو: حرمة النميمة التي تضمنت انتهاك حق الغير (كأن ينم بينهما ولم يكونا معاً ممن نمّ عليه أو ينمّ عليهما بما ينتهك حق غيرهما) والنميمة التي علم من الشرع كراهتها وهي الموجبة للفتنة والفساد فانه يعلم خروج الثاني وقد يستظهر خروج الأول من العام التحتاني وبقاؤه في العام الفوقاني، اما النميمة التي لا توجب إلا الكدورة فانها ليست مما علم من الشرع كراهته وليس فيها فتنة وفساد فلا مُخرِج لها عن قانون الاعتداء بالمثل فتكون محللة من باب رد السيئة بالسيئة([3]).
الانصراف عن الأعراض مطلقاً
الثالث: ان يقال بانصراف قانون الاعتداء عن الأعراض مطلقاً (أي حتى مثل السمعة) وحينئذٍ تكون النميمة مشمولة للعام الفوقاني (لأدلة حرمتها) من دون ان يوجد ما يخرجها عنه إذ الفرض انصراف قانون الاعتداء فتكون محرمة مطلقاً.
لكن الظاهر انه لا وجه للقول بالانصراف بقول مطلق
الانصراف عنها في الجملة
الرابع: ان يقال بانصراف قانون الاعتداء عن الأعراض في الجملة (أي عن الجنس([4]) وعن مثل القذف) فيبقى غيرها (كهتك السمعة) مشمولاً لقانون الاعتداء فيخرج عن عموم العام الفوقاني فيكون جائزاً.
لكن ذلك مختص – كما اتضح في الصورة الأولى – بما لو أوجبت النميمة الكدورة بينهما فقط لا ما إذا أوجبت الفتنة والفساد في الأرض فانه مما يعلم من الشرع كراهة وجوده أو انتهكت حق الغير([5]).
فتكون النتيجة على هذا التفصيل بين أنواع النميمة وتتحد من جهة النتيجة مع ما ذكر في الاستدراك في الصورة الثانية.
والمستظهر هو الانصراف في الجملة (أي الصورة الرابعة) وإلا فالاستدراك من الصورة الثانية. وللحديث صلة
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
=======================
السبت 4 شعبان 1436هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |