329- تحقيق ان الاضافة في ( شاهد زور ) لامية او بيانية او هي اضافة للمفعول او غير ذلك والثمرة في ذلك
الاثنين 8 رجب 1436هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
النميمة
(32)
أقسام الإضافة: مزيد توضيح
سبق انه يمكن الاستدلال بقوله ( عليه السلام ) (النمّام شاهد زور) على تحديد ماهية النميمة ورسم حدها بالنسبة إلى جملة من القيود المختلف فيها، وذلك بناء على تحقيق حال نوع الإضافة في (شاهد زور) فنقول: ان الإضافة على أقسام:
اقسام الإضافة
1- الإضافة اللامية، وعلامتها صحة وضع اللام على المضاف إليه، وهي – أي الإضافة اللامية - تفيد الملك أو الاختصاص، فالأول كـ: كتاب زيد ودار عمرو والثاني كـ: كلام زيد ورأي عمروٍ أي كلام لزيد فيفيد الاختصاص ومثله عبدُ هوىً وشهواتٍ.
ليست الإضافة في (شاهد زور) لامية
ولكن الإضافة في (شاهد زورٍ) لا يمكن ان تكون لامية إذ لا ملك ولا اختصاص، وإن قُدِّرت اللام([1]) فللتعدية أو للتقوية([2]) لا الملك ولا الاختصاص.
ويحتمل كونها بيانية
2- الإضافة البيانية، وعلامتها إمكان تحويل المضاف والمضاف إليه إلى مبتدأ وخبر، وأيضاً وضع ضمير الفصل بينهما، كقولك قول زورٍ أو كلام حقٍ أو ثوب حريرٍ أي قولٌ هو زورٌ وكلام هو حقٌ وثوب هو حريرٌ، والملاك – كما قالوا – ان يكون المضاف جنساً للمضاف إليه، والأصح هو ان يكون أعم مطلقاً أو من وجه فتدبر([3]).
وفي المقام فانه يحتمل في (شاهد زور) ان تكون الإضافة بيانية على تقدير متعلَّق محذوف فشاهدُ زورٍ تعني شاهدٌ زورٌ، أو شاهدٌ هو زورٌ أو هو الزور وحيث ان البطلان والزروية هي وصف الشهادة أولاً وبالذات لا الشاهد إذ يقال شهادة زور أي شهادة هي زور أي شهادة باطلة، لذا كان حمل إضافة شاهد زور على البيانية إنما هو بتقدير متعلق محذوف([4]) فيكون التقدير هكذا (شاهدٌ شهادتُه زور).
وإذا كانت الإضافة بيانية قلّت فائدة هذا التعريف أو الحمل في تحديد ماهية النميمة إلا على وجه سيأتي فيكون تام الفائدة عليه.
وليست الإضافة ظرفية ولا تشبيهية
3- الإضافة الظرفية، وعلامتها صحة تقدير (في) كقوله تعالى: (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ)([5]) أي مكر في الليل وكقولك (سهر الليل مضرّ) أي السهر في الليل.
ولا يحتمل في (شاهد زور) ان تكون إضافته ظرفية.
4- الإضافة التشبيهية، وهي ما كان المضاف مشبهاً به والمضاف مشبهاً كقولهم (نَثَر لؤلؤَ الدمعِ على وردِ الخد) أي دمعاً كاللؤلؤ على خدٍّ كالورد.
ولا يحتمل هذا أيضاً في (شاهد زور).
ثم ان الإضافة، بتقسيم آخر، قد تكون من إضافة اسم الفاعل وقد تكون من إضافة اسم المفعول وقد تكون من إضافة الصفة المشبهة وذلك كضارب زيد ومضروب عمرو وحَسَن الوجه و(شاهد زور) هو من إضافة اسم الفاعل، لكن لا ثمرة لذلك في مبحثنا.
الإضافة تارة للفاعل وأخرى للمفعول
وهناك تقسيم آخر للإضافة، تترتب عليه ثمرة كبيرة في مبحثنا، وهي ان المضاف إليه تارة يكون مفعولاً وأخرى يكون فاعلاً:
فالمفعول: كقولك آكل الربا في النار مثلاً فان الربا مفعول – أي في واقعه – وكذلك لو اضيف إليه المصدر كـ(أكل الربا حرام)
والفاعل: كقولك (كلام الخالق) أو (هذا خلق الله) فان الخالق والله وهو المضاف إليه هو الفاعل.
مثال آخر: ضربُ زيدٍ عمرواً مؤلم لنا جميعاً، فان (ضرب) أضيف للفاعل، ولو قلت ضرب عمرو مأساةٌ فقد أضيف للمفعول.
الإضافة في (شاهد زور) إضافة للمفعول
وفي المقام فان (شاهد زورٍ) يحتمل فيه ان يكون من الإضافة للمفعول أي شاهدٌ زوراً أي شاهدٌ شهد زوراً، ويوضحه قوله تعالى (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ)، فهو كضارب عمرواً أو قاتل الحسين ( عليه السلام ) هو يزيد مثلاً.
الثمرة في كون الإضافة للمفعول
فإذا كان هذا هو المراد أفاد تقوّم موضوع النميمة بشرطين معاً:
الأولى: اشتراط ان يكون ما نمّ به (أي الكلام أو الفعل الذي نقله من الغير) نقصاً له، لا انتقاصاً.
الثانية: ان يكون كذبا لا صدقاً.
وذلك: لأن الزور متعلّق للشهادة والزور هو الباطل والمائل وليس إلا الكذب أو النقص، وعليه فلو نقل عنه كلاماً كان قد قاله بالفعل ولم يكن نقصاً له لكن بما أوقع الفساد بينهما فانه ليس بنميمة إذ لم ينقل عنه كذبا ولم ينقل باطلاً بل المنقول حق (إذ الفرض صدوره منه والفرض كونه غير نقص بل اما كمالاً أو حياداً، والكمال كما لو كان المنقول عنه قد اغتاب المنقول له من باب (إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ) إذ جاز له ذلك أو رجح أو كان من باب نصح المستشير فهو حسن كلاحقه أو لأنه رأي في نقل منكرٍ فَعَلَه ذلك الطرف، إلى صاحبه طريقاً إلى دفع منكره أو شبه ذلك، فان فعله هذا ليس نقصاً ونقل النمّام فعله وكلامه للآخر ليس كذباً، فيجب ان لا يصدق عليه انه نميمة وان حرم من وجه آخر ككونه فتنة أو شبه ذلك.
ولكن يرد عليه: ان النميمة – عرفاً – أعم من الصدق والكذب.
ثم انه على هذا الوجه (كون الإضافة للمفعول) لا يشترط في النميمة ان تكون مما يكره كشفه ولا مما ستره الله عليه؛ إذ قوامها بكون المنقول نقصاً وكونه غير مطابق للواقع. وللحديث صلة
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
=============================
الاثنين 8 رجب 1436هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |