||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 218- بحث فقهي: التعاون على البر والتقوى محقق لأغراض الشارع المقدس

 142- من فقه الحديث: محتملات معنى الحقيقة في قوله(عليه السلام): ((إنّ لكل حقٍ حقيقةً))

 210- دراسة في مناشيء الحق والحكم الستة : المالكية ، السلطة ، العدل ، النَصَفة ، المصلحة ، والرحمة

 383- فائدة أصولية: توقف الاجتهاد في المسائل الفرعية على الاجتهاد في مناشئ مقدماتها

 182- تجليات النصرة الالهية للزهراء المرضية 4- النصرة بمقام القرب لدى رب الارباب

 الأوامر المولوية والإرشادية

 179- اختلاف الشيعة في زمن الغيبة والممهّدات للظهور المبارك : التضرع والوفاء بالعهد

 188- مباحث الاصول : (مبحث العام) (1)

 350- الفوائد الاصولية: بجث الترتب (1)

 201- ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) ـ4 الموقف الشرعي من الحجج الباطلة للفرق الضالة: المنامات ، الخوارق ، الاخبارات الغيبية والاستخارة.



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23698914

  • التاريخ : 28/03/2024 - 14:50

 
 
  • القسم : الفوائد والبحوث .

        • الموضوع : 297- الفوائد الأصولية (الحكومة (7)) .

297- الفوائد الأصولية (الحكومة (7))
18 صفر 1440هـ

الفوائد الأصولية (الحكومة (7))
جمع و اعداد الشيخ عطاء شاهين *

الفائدة الحادية عشر: ومن أقسام الحكومة أن الحاكم تارة يتمثل بالدليل نفسه وأخرى بدليل حجيته ؛ فالأول كما  ( لا ربا بين الوالد وولده) فإنه بلفظه ناظر وشارح للدليل الآخر؛ والثاني كما في دليل الدليل الاجتهادي على الأصل؛ إذ أنه ناظر إلى الأصل بنفي موضوعه [1].

تفصيل الفائدة:
وينقسم الحاكم بوجه آخر-  وهو ما أشار إليه الشيخ (قدس سره)-  إلى أنه تارة يكون الحاكم هو الدليل نفسه وأخرى يكون الحاكم هو دليل حجيته.

حكومة الدليل الاجتهادي بنفسه على الأصل
أما الأول فواضح ؛ وذلك كقوله: (لا شك مع كثرة الشك) و (لا ربا بين الوالد وولده ) [2] في الرافع، أو (الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاة ) [3] أو (التَّيَمُّمَ أَحَدُ الطَّهُورَيْن) [4] في المثبت فإنه بلفظه ناظر وشارح للدليل الآخر : أدلة أحكام الشك والربا والصلاة والطهور.
وقد مثّل له بعض الأعلام بقاعدة لا حرج ولا ضرر ؛ وذلك في مثل ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾[5] واضح كما سبق[6] وفي غيره يحتاج لتدبر.

حكومة دليل اعتبار الدليل الاجتهادي على الأصل
وأما الثاني: فقد ارتأى الشيخ أن دليل الأمارات[7] هو الحاكم على الأصول[8] لا الأمارات بنفسها لعدم كون لسانها لسان الشرح والناظرية.
وبعبارة أخرى: أنه  ارتأى أن الدليل الاجتهادي بملاحظة دليل اعتباره ناظر إلى الأصول بنفي موضوعها لينتفي حكمها أو بنفي الحكم من موضوعها، وليس هو بنفسه ناظراً.
توضيحه: أنه اختلفت الأقوال في وجه تقدم الأمارة [9] على الأصل[10]  والبراءة العقلية والنقلية، فذهب قوم إلى ان الوجه هو التخصيص؛ لأن كل أمارة فهي أخص مطلقاً من الأصل في موردها، وذهب آخرون إلى أن الوجه هو الورود حتى بالنسبة للأصل النقلي، وذهب جمع آخر  إلى أن الوجه هو الحكومة ، ولكنهم اختلفوا في وجهها ؛ فذهب البعض - ومنهم المحقق اليزدي-  إلى أن الوجه حكومة نفس الامارة كقوله: العصير العنبي إذا غلى ولم يذهب ثلثاه تنجس ، وذهب البعض الآخر - وعلى رأسهم الشيخ-  إلى أن الوجه هو حكومة دليل الأمارة - لا نفس الأمارة- على الأصل؛ وقد علّل ذلك الشيخ بوجهٍ فيما علّله الميرزا الشيرازي بوجه آخر، وله وجه ثالث، وكل ذلك سيأتي بإذن الله تعالى[11].

بحث تطبيقي:
الظاهر أن نسبة (أدلة الولاية) على ( النَّاسَ مُسَلَّطُونَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ ) [12][13]هي الحكومة ، فلاحظ قوله: ( فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ حَاكِماً ) فإنه ناظر بمدلوله اللفظي عرفاً إلى (النَّاسَ مُسَلَّطُونَ...) إذ جعله حاكماً على الغير ؛ يعني حكومته على ما لَهُ سلطنة عليه ؛ والحاكم على نفس الغير -أو ماله-  حاكم على ما للغير سلطنة عليه ارتكازاً وعرفاً وشرعاً، سلمنا لكن التعريف الأعم - بحذف مدلوله اللفظي- منطبق عليه.

نسبة أدلة الولاية إلى (النَّاسَ مُسَلَّطُونَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ )
وتحقيق ذلك في ضمن مطالب:
المطلب الأول: أن أدلة الولاية متعددة وهي مختلفة لساناً ؛ فهي كقوله تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾[14] وقوله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾[15] و قوله (عليه السلام) : (فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ حَاكِماً) [16] والأوسط منها دالّ على ولاية عموم المؤمنين ، والأخير دالّ على ولاية الحاكم الشرعي [17]،  كما أن أدلة السلطنة مختلفة ؛ فهي كقوله (صلى الله عليه واله وسلم): (النَّاسَ مُسَلَّطُونَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ) [18] و كقوله تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾[19][20] ؛ فإنها دالة على أن لهم ولاية على أنفسهم ولكن النبي (صلى الله عليه واله وسلم)  أولى.
وهنا لا بد لتشخيص النسبة من ملاحظة كل دليل من الطائفة الأولى مع كل دليل دليل من الطائفة الثانية، ونكتفي ههنا ببحث نسبة (حَاكِماً) على (النَّاسَ مُسَلَّطُونَ) وعلى الأفاضل دراسة حال سائر الأدلة.

حكومة (حكم الفقيه) أو حكومة (دليل نفوذ حكمه)؟
المطلب الثاني: أنه تارة يبحث عن حكومة حكم الفقيه على قاعدة السلطنة، وأخرى يبحث عن حكومة دليل نفوذ حكم الفقيه عليها، وتحقيق هذا يرجع إلى تحقيق حال القاعدة العامة في الحكومة وقد أشرنا إليها إشارة سابقاً ونعيد بيانها ههنا بنحو آخر في ضمن المطلب الثالث.

المحتملات الثلاث للحكومة
المطلب الثالث: أن المحتملات في حكومة دليل على آخر هي ثلاثة؛ فهي إما حكومة دليله على دليله، أو حكومة متعلَّقه ومضمونه - وهو الحكم الذي تضمنه - على دليله، أو حكومة دليل دليله على دليله، هذا من حيث الدليل الحاكم.
وأما من حيث الدليل المحكوم فالصور ثلاثة كذلك ، ونقتصر الآن على بيان حال الدليل الحاكم  فـ:

أن يكون الحاكم هو الدليل نفسه
الاحتمال الأول: أن يكون الحاكم هو الدليل نفسه؛  وذلك كـ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾[21] و ( لَا ضَرَرَ وَ لَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَام )[22] فإن هذا الدليل بنفسه حاكم على وجوب الصوم وغيره ؛ فإنه ناظر إليه بمدلوله اللفظي[23] من غير حاجة إلى التسكع على أعتاب دليل الدليل كدليل حجية الظواهر مثلاً.

أن يكون الحاكم هو دليل الدليل
الاحتمال الثاني: أن يكون الحاكم هو دليل الدليل لا الدليل؛ وذلك كأدلة حجية خبر الثقة ؛ فإن مفادها هو (الغِ احتمال الخلاف) أو (صدِّق الثقة)[24] قال السيد اليزدي: (الوجه الأول: لتقديم الأدلّة على الأصول: الحكومة؛ ويمكن تقريرها بوجوه:
أحدها: ما ذكره المحقق الأنصاري (قدس سره)  من أنّ الدليل الاجتهادي بملاحظة دليل اعتباره ناظر إلى الأصول بنفي الحكم من موضوعاتها أو بنفيها لينتفي حكمها، وذلك لأنّ معنى جعل الأمارة حجّة أنّه لا يعبأ باحتمال مخالفة مؤداه للواقع، فالحكم المترتب على الاحتمال لا يترتب عليه بعد وجود الأمارة، قال (قدس سره): فمؤدى الأمارات بحكم الشارع كالمعلوم لا يترتب عليه الأحكام المجعولة للمجهولات.
وحاصل مرامه : أنّ قوله صدّق العادل في قوّة قوله ألغ احتمال الخلاف، ولا يترتب على الاحتمال ما كان يترتب عليه لو لا هذا الخبر من الأمارة العقليّة والشرعيّة)[25]
فهذا الدليل هو الحاكم على الأصول العملية كالاستصحاب مثلاً ؛ إذ مفاده ( فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَنْقُضَ الْيَقِينَ بِالشَّكِّ أَبَدا ) [26] ودليل حجية خبر الثقة يفيد أنه وإن شككت في مضمونه لكن نزّله منزلة المتيقن ؛ إذ يفيد صدِّق العادل أو الغِ احتمال الخلاف؛ إذن فليس  من نقض اليقين بالشك ببركة حكومة الدليل الدال على حجية خبر الثقة.
أما خبر الثقة بنفسه فليس بحاكم؛ ألا ترى أن إخبار الثقة بـ(زيد زوج أو مالك أو قائم) ليس بناظر بمدلوله اللفظي- بل مطلقاً- إلى أحد الأصول الأربعة كالشك المأخوذ ركناً في رواية الاستصحاب مثلاً .
نعم،  له شأنية النظر، ولكنه حسب التحقيق ليس ملاك الحكومة وإلا لانطبق على قسائمها كالمخصص والوارد أيضاً.

كون الحاكم هو الحكم نفسه
الاحتمال الثالث: أن يكون الحاكم هو الحكم نفسه ؛ ولكن لا تصح نسبة الحكومة إلى الحكم بنفسه، إذ الحكومة والورود والتخصيص وغيرها هي من عالم الأدلة لا المدلولات.
وبعبارة أخرى: هي من مستثنيات باب تعارض الأدلة [27]؛ والحكم هو مدلول الدليل؛ ولذا يبحث عن حال الحكم نفسه في باب التزاحم، وبوجهٍ في باب اجتماع الأمر والنهي ،فتأمل.
اللهم إلا إذا كان الحكم بنفسه دليلاً [28]؛ فإنه يندرج في الحكومة وأخواتها بذلك لا بنفسه؛ نظير حكم رفع الحرج المصوغ بقالب دليل (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) و ( لَا ضَرَرَ وَ لَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَام).
والحاصل: أن نفس الضرر مانع عن وجوب الصوم ولكن لا يصح التعبير عنه بالحاكم؛  بل دليله وهو الرواية هي الحاكمة.
ويتضح ذلك أكثر بلحاظ حال المخصِّص ؛ فإن الدليل هو المخصص لا الحكم ؛ إذ حرمة إكرام زيد العالم أخص مطلقاً من وجوب إكرام العلماء لا أنه مخصص له، وفرق كبير بين الأخص والمخصِّص، وأما المخصص فهو الدليل الدال على الاستثناء كـ(لا تكرم زيداً العالم).

لسان الدليل هو المرجع في حكومة حكم الفقيه
وقد اتضح بذلك أن حكم الفقيه بنفسه لا يمكن أن يكون حاكماً على مثل (الناس مسلطون) ولا مخصِّصاً له ولا غيرهما، بل الأمر مرتهن بلسان الدليل؛ فلو قال الفقيه الولي: (يجب عليك طلاق زوجتك أو بيع دارك أو دفع الضريبة) [29]كان مخصصاً لدليل السلطنة،
ولو قال(بعض سلطنتكم على أنفسكم أو أموالكم أسلبها عنكم)كان من الحكومة ، فتأمل[30].

الفائدة الثانية عشر : ومن تقسيمات الحكومة أن الدليل الحاكم تارة يتصرف بتوسعة موضوع الدليل المحكوم ؛ كما ( لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُور ) و (التراب أحد الطهورين)؛  فالأخير قد وسّع الطهارة للترابية , هذا إذا  لم نعمم (الطهور)   للطهارة الواقعية والظاهرية وإلا  كان   وارداً ؛ وتارة أخرى أن يتصرف الدليل الحاكم بتضييق موضوع الدليل المحكوم ؛ كما في الأمارات والأصول العملية ؛  فإن (خبر الثقة حجة) حاكم على  (ما لا يعلمون ) بالتضيق ؛ فالأول ليس علماً حقيقة  وإنما هو منزّل منزلة العلم ؛ وأما إن قلنا إن المراد من العلم (الحجة)   فسيكون  وارداً ؛ لأنه ينفي (لا يعلمون) حقيقةً تعبداً؛ وثالثة أن يتصرف الدليل الحاكم بتضييق دائرة المحمول ؛ كما في أدلة العناوين الثانوية  وأدلة العناوين الأولية؛  فإن (لا حرج) يرفع حكم  الصيام الضرري لا الموضوع نفسه ؛ ورابعة أن يتصرف الدليل الحاكم بتوسعة محمول الدليل المحكوم وعقد الحمل فيه؛ كما في (المطلقة رجعية زوجة) و(المعقود عليها زوجة) إذ الأول موسّع لدائرة الزوجية - المحمول-  في الثاني ؛ إذ أنها زوجة عرفاً وشرعاً، وخامسة أن يكون الدليل الحاكم رافعاً لموضوع الدليل الآخر في عالم التشريع؛ كحكومة خبر الثقة على الاستصحاب ؛ وحكومة الأصول بعضها على بعضها؛ فإن خبر الثقة لا يرفع الشك حقيقة وإنما يرفعه في عالم التشريع ، وكذا الحال في حكومة الأصول بعضها على بعضها ، بل وحكومة الاستصحاب السببي على الاسنصحاب المسببي ؛ فهو ليس مضيقاً لدائرة المسببي بل هو رافع له مطلقاً وحاكم عليه دوماً ؛ فلو شك في بقاء الزوجية بسبب عدالة شهود الطلاق ؛ له أن يستصحب عدالتهما فيصح ويقع الطلاق؛ فلا يبقى مجال للشك في بقائها زوجة[31].

تفصيل الفائدة :
ويمكن تنويع الحكومة- بوجه آخر-  إلى  أقسام[32]؛ وهي:

أن يفيد الدليل الحاكم توسعة موضوع الدليل المحكوم
القسم الأول: أن يفيد الدليل الحاكم توسعة موضوع الدليل المحكوم ، ويمكن التمثيل لذلك بأمثلة بعضها متفق عليها وبعضها مختلف فيها .
فمن المتفق عليها[33]:قوله (عليه السلام) ( لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُور ) [34] فإنه محكوم بقاعدة الطهارة  ، كما هو محكوم بقوله (عليه السلام) (التراب أحد الطهورين )[35] فإن ظاهر (طهور) هو الطهارة الواقعية[36] المائية[37]؛ وقاعدة الطهارة وسّعت الطهارة لتشمل الظاهرية ، وقوله (التراب أحد الطهورين) وسّع الطهارة للترابية، والحاصل: أن القاعدة ورواية أحد الطهورين تفيدان توسعة الموضوع ؛ وهو (طهور) إلى الظاهرية والترابية.
وقد ظهر من هذا البيان: أن كون المثال من الحكومة مبني على دعوى ظهور الطهور في الطهور الواقعي والمائي، عكس ما لو قلنا بأن الطهور يراد به الأعم من الطهارة الواقعية والظاهرية ؛  فإن قاعدة الطهارة تكون واردة حينئذٍ لا حاكمة.
نعم ،كونها واردة مبني على توسعة الورود ودعوى أنه أعم من أن يزيل أحد الدليلين موضوع الدليل الآخر حقيقةً بعناية التعبد -كما هو المعهود من تعريف الأصوليين له-  ومن أن يثبت أحدهما موضوع الآخر حقيقة بعناية التعبد أو على أن نرجع الإثبات للنفي؛  فإنه إن أثبتت قاعدة الطهارة الطهارة فقد زالت اللاطهارة التي هي مانع من الصلاة.
وفيه: أن ظاهر أمثال (لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُور) و(إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) و(وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) شرطية الطهارة لا مانعية عدمها، فتأمل.
ولا يخفى أن هذا المثال مبني على اعتبار الطهور هو الموضوع بإعادة قوله (عليه السلام) : (لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُور) إلى مثل (الطهور به تصح الصلاة أو تتحقق)[38] أو شبه ذلك، لكنه خلاف ظاهر لسان الدليل ؛ فإن ظاهره أنه المحمول؛ إذن فالتصرف في المحمول بالتوسعة ، فتأمل.
ومن المختلف عليها[39]: قوله تعالى: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ... ﴾[40] فإنه محكوم بقوله (عليه السلام): (الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاة ) [41] إذ وسّعت الرواية من دائرة الموضوع في الآية فنزّلت الطواف منزلة الصلاة واعتبرته صلاة ادعاءً؛ وحيث إنها من الأمور الاعتبارية والاعتبار بيد المعتبر كان له ذلك التنزيل.
وكذلك قوله (عليه السلام) : (الْخَمْرُ حَرَام...) [42] فإنه محكوم بقوله (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْر)[43] إنه وسع دائرة الخمر إلى كل مسكر وإن لم يُسمّ خمراً عرفاً.

مناقشة المشكيني في المثالين
لكنّ المحقق المشكيني أشكل على هذين المثالين بقوله: (وأما التمثيل له بقوله ((عليه السلام)): الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاة ) أو بقوله:( كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْر ) ففيه: منع واضح؛ لعدم كشف الأول عن إرادة الأعم من الصلاة فيما رتّب في الدليل على الصلاة، ولا الثاني على إرادة الأعم من الخمر فيما رتب على الخمر في الأدلة)[44].

النقاش مبنائي، والظاهر الحكومة
أقول: نقاشه مبني على النزاع المبنائي  ؛ وإجماله : هل يشترط في الحكومة أن يكون الحاكم ناظراً إلى المحكوم مفسراً له بحيث يكون المحكوم أيضاً - بلحاظ ورود الحاكم- ناطقاً بأن المراد الجدي منه هو ما أفاده الحاكم ، أم لا ؟
فعلى الأول يبتنى الإشكال ؛ لوضوح أن أدلة الصلاة كـ(لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُور)حتى بعد ورود (الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاة ) لا تكون ناطقة بأن مدلولها والمراد الجدي منها هو ما فسره الحاكم ، بل الناطق هو الحاكم فقط.
والحاصل: أن الحاكم هل تشترط فيه ناظريته وشارحيته فقط؟ أم لا بد فيه من كون المحكوم عليه أيضاً ناطقاً- بعد لحاظ الحاكم- بأنه مفسَّر مشروح منظور إليه ، بأن يكون حال الحاكم حال القرينة المتصلة؟ وذلك كما لا شك لكثير الشك؛ فإن مثل (الشك في الثنائية حكمه البطلان) بعد ورود (لا شك لكثير الشك) يكون ناطقاً بأن المراد به ما عدا شك كثير الشك، فتأمل.
وقد يقال: بعدم ابتناء ذلك على ذلك، بل على مجرد استظهار ان المراد من (الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاة )  هو أن حكمه حكمه لا أنه أريد به تنزيله موضوعاً منزلته.
وفيه: أن الظاهر هو ذلك.
إيضاح مبنى اشتراط ظهور المحكوم في إرادة غير مورد الحاكم
وحيث قد يستغرب البعض مما ذكرناه من النقاش المبنائي[45] ؛ لذا لا بد أن نشير إلى أن هناك من الأعلام من صرح بهذا المبنى ؛ ومنهم الميرزا الشيرازي (قدس سره) عندما قال: (والمراد من كونه مفسِّراً له أولاً: أنه يكون بحيث لا يفهم التنافي بينه وبين المحكوم عليه من[46] أول النظر، بل يكون كالقرائن المتصلة من حيث كونه موجباً لظهور المحكوم عليه في اختصاص الحكم الذي تضمّنه بغير مورد الحاكم ابتداءً.
وبعبارة أخرى: ميزانه أن يكون بحيث يوجب ظهور المحكوم عليه في إرادة اختصاص الحكم المعلّق على الموضوع المذكور فيه، بغير مورد الحاكم مع صدق ذلك الموضوع على ذلك المورد بنفسه، وذلك بأن يكون ذلك الدليل الحاكم بمنزلة قول المتكلم: أعني غير هذا المورد.
ومن هنا ظهر الفرق بينه وبين المخصّص المنفصل، فإنه ليس بحيث يوجب ظهور العام في اختصاص الحكم المعلّق عليه بغير مورد التخصيص، بل العام معه – أيضاً – ظاهر في تعميم الحكم بالنسبة إلى ذلك المورد، وإنّما يقدّم الخاص لترجيح ظهوره على ظهور العام، فالعام والخاص متعارضان إلا أن الترجيح للخاص، فيقدم عليه لذلك.
بخلاف الحاكم والمحكوم عليه؛ فإن المحكوم عليه لا ظهور له في عموم الحكم بالنسبة إلى مورد الحاكم حتى يتعارضا، بل ظاهر في اختصاصه بغير ذلك المورد ... السرّ في ذلك: ما مرّ من أن الحاكم مع ظهوره مفسِّر للمحكوم عليه، وموجب لظهور المحكوم عليه في اختصاص الحكم الذي تضمّنه بغير مورده، فيدور تقديمه عليه مدار بقاء ظهوره من دون توقف على أمر آخر. بخلاف الخاص؛ فإنه بمجرد ظهوره لا يوجب صرف العام، حتى يكون بنفسه مقدّماً عليه، بل مع رجحان ظهوره – أيضاً – لا يوجب صرفه، وإنّما يوجب ذلك تقديم ظهوره على ظهوره)[47].
نعم ، هذا المبنى مضيق للحكومة جداً، حتى أضيق مما ذكره الشيخ (قدس سره)، والمنصور هو تعميم الحكومة للحكومة المصطلحة[48]والحكومة العرفية[49] وتعميمها للأقسام الأربعة ، بل الخمسة للحكومة حسب ما نحن فيه من البحث.

أن يفيد الحاكم تضييق موضوع المحكوم
القسم الثاني: أن يفيد الدليل الحاكم تضييق موضوع الدليل المحكوم ؛ وذلك كالأمارات والأدلة الاجتهادية بالنسبة للأصول العملية على أحد المسلكين؛  فإن (خبر الثقة حجة) حاكم على ( رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي... مَا لَا يَعْلَمُون ) [50] ان أريد بالعلم فيه العلم بمعناه المعهود المقابل للظن؛ فإن خبر الثقة ليس علماً حقيقة ولا ينتفي به عدم العلم[51] حقيقة ، بل أنه منزّل منزلة العلم فهو حاكم لا وارد، وأما إن أريد بالعلم فيه (الحجة) - أي الأعم من العلم والعلمي-  فإن (خبر الثقة حجة) وارد عليه؛ لأن خبر الثقة حجة فينفي به (لا يعلمون) حقيقةً ؛ إذ ينتفي به (ما لا حجة عليه) حقيقةً لكن بعناية التعبد[52]، فإن تعبّد الشارع إيانا بحجيته جعله حجة، وكذا حال إمضائه لحجيته كما سيتضح لاحقاً ، وقد سبق أن الأولى حذف التعبد والاكتفاء بـ(بعنايةٍ) في تعريف الورود.
وكذلك حال جميع الأمثلة التي ذكرها الشيخ للحكومة  -  كما لا شك لكثير الشك ، ولا شك مع حفظ الإمام ، ولا شك مع حفظ المأموم  ، ولا شك في النافلة- بالنسبة للأدلة التي تثبت للشك أحكاماً من البطلان والاعادة[53] أو البناء على الأكثر وصلاة الاحتياط وشبه ذلك.

أن يفيد الحاكم تضييق المحمول والحكم
القسم الثالث: أن يفيد الدليل الحاكم تضييق دائرة المحمول ؛ وذلك ككافة أدلة العناوين الثانوية بالنسبة لأدلة العناوين الأولية، كـ (لا حرج) و ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [54]  و (لَا ضَرَرَ وَ لَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَام)[55] فإنها ترفع حكم الوجوب أو الجواز عن الصيام الضرري مثلاً لا الموضوع نفسه.

أن يفيد الحاكم توسعة المحمول والحكم
القسم لرابع: أن يفيد الدليل الحاكم توسعة محمول الدليل المحكوم وعقد الحمل فيه؛ وقد صعب على بعض الأصوليين العثور على مثال لذلك ، فلم يجد مثالاً إلا التوسعة في متعلق المحمول ؛ حيث مثّل له بـ(الصلاة واجبة في ثوب طاهر) مع قاعدة الطهارة الحاكمة عليه، فإن (طاهر) صفة وهي من التوابع ، والمحمول هو (ثوب) ، بل لدى الدقة هو (واجبة) ، فهو متعلق متعلق المحمول وليس متعلق المحمول كما قال.
ولكن التمثيل له سهل يسير والأمثلة غير عزيز؛ وذلك مثل (المطلقة رجعية زوجة) ؛ فإنه يوسّع عقد الحمل في (المعقود عليها زوجة)؛ لوضوح تضاد الطلاق مع الزوجية عرفاً ؛ فقوله (المطلقة رجعية زوجة) موسّع لدائرة (زوجة) المحمول في (المعقود عليها زوجة) ؛ فإنها هي الزوجة عرفاً وشرعاً، فأضاف الدليل الحاكم المطلقةَ رجعيةً للزوجة.
ويمكن عدّ هذا المثال مثالاً أيضاً للحاكم على الموضوع توسعةً إذا كان المحكوم هو مثل : الزوجة تجب النفقة عليها.

إمكان ان يكون الدليل حاكماً بنوعين من الحكومة
ومنه ظهر أنه يمكن أن يكون الحاكم حاكماً على دليل بتوسعة موضوعه ويكون بنفسه حاكماً على آخر بتوسعة محموله ، فالدليل الحاكم قد تتعدد أنواع حكومته على حسب الدليل المحكوم  ، ثم إنه قد يمثل للصورة الرابعة بما مثل به القوم للصورة الأولى[56] .
نعم، يبقى أنه متعلق المحمول وليس المحمول بنفسه ؛ إذ المحمول هو الصحة أو نظائرها، فتأمل هذا.

أن يرفع الحاكم موضوع المحكوم، تنزيلاً
القسم الخامس: وقد أضاف الميرزا النائيني قسماً خامساً إلى الأقسام الأربع السابقة[57] ؛ وهو
ما لو كان الدليل الحاكم رافعاً لموضوع الدليل الآخر في عالم التشريع، فليس بموسّع ولا بمضيّق[58] بل هو رافع للموضوع من رأس؛ فيكون كالورود مع فارق أن الورود هو أن يزيل أحد الدليلين موضوع الدليل الآخر حقيقةً بعنايةٍ؛ أما هذا النوع من الحكومة فهو أن يزيل أحد الدليلين موضوع الآخر في عالم التشريع؛ فهي إزالة تنزيلية غير حقيقية.
قال (قدس سره): فالتحقيق: أنّه لا يعتبر في الحكومة أزيد من أن يرجع مفاد أحد الدليلين إلى تصرّف في عقد وضع الآخر بنحو من التصرّف إمّا بأن يكون مفاد أحدهما رافعا لموضوع الآخر في عالم التشريع، كما في حكومة الأمارات على الأصول العمليّة و حكومة الأصول بعضها على بعض - على ما تقدّم بيانه في خاتمة الاستصحاب - وإمّا بأن يكون مفاد أحدهما إدخال ما يكون خارجا عن موضوع الآخر أو إخراج ما يكون داخلا فيه[59].
أقول: وتوضيح كلامه في نقاط:
أولاً: أن قيد (في عالم التشريع) لإخراج الورود كما سبق.
ثانياً: أنه اعتبر هذا قسيماً للتضييق والتوسعة في الموضوع ؛ إذ قال (وإمّا بأن يكون مفاد أحدهما إدخال ما يكون خارجاً عن موضوع الآخر) وذلك مثل (الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاة ) [60]،  وقال (أو اخراج ما يكون داخلاً فيه) ؛ وذلك مثل ( لا ربا بين الوالد وولده ) [61].
ثالثاً: قوله (كما في حكومة الأمارات...) كحكومة خبر الثقة على الاستصحاب ؛ فإن خبر الثقة لا يرفع الشك حقيقة ، بل يرفعه في عالم التشريع ، أي يعتبره كلا شك؛ إذ يعتبر دليل حجية خبر الثقة مؤداه بمنزلة العلم؛ فقوله (عليه السلام) : (لَا تَنْقُضِ الْيَقِينَ أَبَداً بِالشَّك ) [62] محكوم لـ(خبر الثقة حجة) إذ لا يرتفع الشك مع مجيء خبر الثقة حقيقة ؛ بل تنزيلاً (بل انقضه بيقين آخر) ومؤدى خبر الثقة يقين تعبدي تنزيلي؛ هذا كله بناءً على أن المراد من اليقين والشك معناهما العرفي الظاهر وإلا كان[63] من الورود كما سبق.
رابعاً: قوله: (حكومة الأصول بعضها على بعضها) كحكومة الاستصحاب على البراءة النقلية؛ إذ لا يرتفع به (لا يعلمون) حقيقة بل تنزيلاً.
بعبارة أخرى: الاستصحاب ناظر إلى (لا يعلمون) ومفسر له بأنه لا يشمل ما كانت له حالة سابقة ملاحَظة؛ فإنه مما يعلمون تنزيلاً ، وهذا كسابقه في البناء والمبنى.

المناقشة: رجوع الصورة الخامسة للقسم الثاني
ولكن قد يرد عليه: أن مرجع هذا القسم الخامس إلى القسم الثاني[64]، فإن الحاكم- كالإمارة على الأصل وكالاستصحاب على البراءة- إنما ضيّق من دائرة المحكوم موضوعاً بإخراج بعض أفراده منه، ولم يرفعه بأكمله، فصار قسماً لا قسيماً مع أن ظاهره أنه قسيم لـ(اخراج ما يكون داخلاً فيه).

تحقق هذا القسم ووقوعه
ولكنّ الظاهر تحقق هذا القسم ووقوعه؛ وذلك كما في الاستصحاب السببي ؛ فإنه حاكم على الاستصحاب المسببي مطلقاً بحيث لا يبقي له مورداً ؛ فليس مضيقاً لدائرة المسببي بل هو رافع له مطلقاً حاكم عليه دوماً.
بيانه: أن الاستصحابين المتعارضين[65] قد يكونان عرضيين وقد يكونان طوليين؛ فإنه إذا كان الشك فيهما مسبباً عن أمر ثالث كما لو وقعت قطرة دم في أحد الإنائين فإن استصحاب الطهارة في كل منهما معارض باستصحاب الطهارة في الآخر[66] ،  وقد نشأ تعارضها من سقوط القطرة في أحدهما والعلم الإجمالي بنجاسة أحدهما فانه يصادم طهارة كليهما بالاستصحاب.
وبعبارة أخرى: لا يجتمع حكم الشارع بطهارة كليهما مع حكمه بالتنجس بملاقة قطرة الدم.

الاستصحابان الطوليان، مثالاً
وأما إذا كان الشك في أحدهما مسبباً عن الشك في الآخر[67] فحيث إنه متقدم رتبة فإنه يجري الاستصحاب فيه بما ينتفي معه موضوع الاستصحاب الذي وقع في رتبة لاحقة في طوله، فإن الاستصحاب السابق رتبة يرفع الشك اللاحق ويصنع اليقين التعبدي فلا يبقى مجال للاستصحاب الثاني لعدم تمامية أركانه ؛ وذلك كما لو شك في أنها لا تزال زوجته أم لا؟ للشك في أن الطلاق قد وقع أو لا؟ نظراً للشك في عدالة الشهود ، فإنهما إذا كانا عادلين فشككنا في عدالتهما فنستصحبها فيقع الطلاق فلا تكون زوجة، فالشك في كونها زوجة نشأ من الشك في عدالة الشهود على الطلاق [68]، وحيث جرى استصحاب عدالتهما ثبت شرعاً صحة الطلاق ومع ثبوت وقوع الطلاق وصحته شرعاً -وهو يقين تعبدي- لا يبقى مجال للشك في أنها زوجة.

وجه تقدم الاستصحاب السببي على المسببي
وبعبارة أخرى: - وعلى حسب احدى الوجوه – فقد قال تعالى: ﴿يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ﴾ [69] واشترط ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾[70] والاستصحاب أوجد صغرى الآية ؛ إذ به أحرز كونهما ذوي عدل ؛ فيكون وجدان شهادتهما واستصحاب عدالتهما صانعاً لصغرى كبراها قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [71][72] فلا يبقى مجال للشك في كونها زوجة[73].
ومن ذلك ظهر أن الأصل السببي حاكم على الأصل المسببي مطلقاً؛ إذ أنه رافع لموضوعه ؛ فإن موضوع الاستصحاب هو الشك الملحوظ فيه الحالة السابقة والاستصحاب السببي يرفع هذا الشك تنزيلاً ؛ فلا مجال لإجراء الاستصحاب في المسببي.
نعم، قد يستشكل على ما ذكر : بأن الحكومة إنما هي بين دليلين لا بين مدلولي دليل واحد أو فردين أو صنفين أو مرتبتين من دليل واحد.
وفيه: أنه لا دليل بل لا وجه لتقييد الحكومة بذلك، وسيتضح ذلك أكثر خلال البحث الآتي بإذن الله تعالى[74].


-------------

* هذه المباحث الاصولية تجميع لما طرحه سماحة السيد في مختلف كتبه وبحوثه، قام باعدادها وجمعها و ترتيبها مشكوراً فضيلة الشيخ عطاء شاهين وفقه الله تعالى
[1]  وهذا التقسيم باعتبار نوع الحاكم وصفته .
[2]  ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار: ج10 ص488.
[3]  عوالي اللئالي: ج2 ص167.
[4]  الكافي : ج3 ص64.
[5]   سورة الحج: 78.
[6]  لما سبق من ان  في الدين  يراد به في أحكام الدين أو انه بإطلاقه شامل لها.
[7]  مرادنا من الأمارة في المقام هو الدليل الاجتهادي، وليس ما اصطلح عليه من أن الأمارة هي للحجج على الموضوعات ، والدليل هو للحجة على الأحكام.
[8]  أو على أدلة الأصول.
[9]  كخبر الثقة .
[10]  كالاستصحاب.
[11]  مباحث التعارض : الدرس 115.
[12]  عوالي اللآلئ: ج1 ص222.
[13]  دون حكومة  الحكم الوَلَوي  نفسه فانه تابع للسانه كما سيأتي.
[14]  سورة الأحزاب: آية 6.
[15]  سورة التوبة: آية 71.
[16]  الكافي : ج1 ص67.
[17]  إن لم نقل إنه في باب القضاء.
[18]  عوالي اللآلئ: ج1 ص222.
[19]  سورة الأحزاب: آية 6.
[20]  وغيرهما من الأدلة .
[21]  سورة الحج: آية 78.
[22] عوالي اللآلئ: ج1 ص220.
[23]  إذ المراد من  في الدين : في أحكام الدين أو هو شامل له.
[24]  على المبنيين.
[25]  كتاب التعارض: ص79.
[26]  تهذيب الأحكام: ج1 ص421.
[27]  إذ اعتبرت من التعارض غير المستقر.
[28]  أي إذا تلبّس بلباس الدليل.
[29]  مع فرض ثبوت المصلحة الملزمة في ذلك وعلى القول بثبوت الولاية له.
[30]   مباحث التعارض : الدرس 247، 248.
[31]  هذا التقسيم كذلك باعتبار آثار الحاكم على المحكوم ولكنه بشكل أشمل  مما سبقه من التقسيم .
[32]  على أخذ ورد آتٍ.
[33]  أي فيمن وجدنا ممن مثّل بها.
[34]  من لا يحضره الفقيه: ج1 ص58، تهذيب الأحكام: ج1 ص50.
[35]  ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار: ج2 ص207.
[36]  إذ الاسماء أسماء لمسمياتها الثبوتية.
[37]  للانصراف، بل للظهور العرفي.
[38]   تتحقق  على الصحيحي  تصح  على الأعمي.
[39]  أي ومن الأمثلة المختلف عليها.
[40]  سورة المائدة: 6.
[41]  عوالي اللئالي: ج1 ص214.
[42]  دعائم الإسلام: ج2 ص131.
[43]  الكافي : ج6 ص408.     
[44]  كفاية الأصول مع حواشي المشكيني: ج5 ص117.
[45]  وهو ما في قوله (دام ظله) : وإجماله هو أنه هل يشترط .... ألخ  .
[46]  قيد  لا يفهم  والأدق انه قيد  التنافي  أي حتى من أول النظر لا يفهم التنافي.
[47]  تقريرات الميرزا الشيرازي: ج4 ص179.
[48]  والتي هي أيضاً أعم من هذا التضييق.
[49]  كما سبق.
[50]  تحف العقول : ص50.
[51]  في  ما لا يعلمون .
[52]  أي بعناية أدلة حجية خبر الثقة.
[53]  كما في الثنائية والثلاثية.
[54]   سورة الحج: 78.
[55]  وسائل الشيعة: ج26 ص14.
[56]  كما جاء في قوله :  ولا يخفى ان هذا المثال...
[57]  وإن لم يصرح بكل الصور الأربع إذ لم يذكر صورة توسعة المحمول.
[58]  كما هما القسمان الأولان.
[59]  فوائد الأصول : ج4 ص712.
[60]  عوالي اللئالي: ج1 ص214.
[61]  ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار: ج10 ص488.
[62]  وسائل الشيعة: ج1 ص245.
[63]  لو أريد من اليقين الحجة ومن الشك عدمها.
[64]  على حسب ما مثّل به.
[65]  المراد الأعم من التعارض البدوي.
[66]  وأما إجراء الاستصحاب في أحدهما دون الآخر فترجيح بلا مرجح.
[67]  فيما إذا كان الترتب شرعياً كالمثال أعلاه لا عقلياً أو عادياً.
[68]  أي من الشك في وقوع الطلاق الناشئ من الشك في عدالتهما.
[69]  سورة الطلاق: 1.
[70]   سورة الطلاق: 2.
[71]   سورة البقرة: 228.
[72]  القياس هكذا: هذه مطلقة - لإنشاء الطلاق وجداناً ، وكون الشاهدين عدولاً استصحاباً- وكل مطلقة تتربص بنفسها ثلاثة قروء.
[73]  المراد الزوجة المقابلة للمطلقة أي الزوجة غير المطلقة، وإلا فالمطلقة رجعية زوجة.
[74]  مباحث التعارض : الدرس 108، 109 ، 110 مع بعض التصرف والاختصار.

 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : 18 صفر 1440هـ  ||  القرّاء : 8999



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net