||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 161- امير المؤمنين على ابن ابي طالب(عليه السلام) امام المتقين (التعرّف والتعريف والتأسي والاقتداء)

 206- مناشئ الضلال والانحراف وترشيد روافد المعرفة

 90- (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) مؤسسات المجتمع المدني في منظومة الفكر الإسلامي-3 - مسؤولية الأفراد تجاه الناس ومؤسسات المجتمع المدني والدولة

 156- مفردات ومصاديق مبادئ الاستنباط (3): علم البلاغة- علم اللغة- علم النحو – علم الصرف- علم المنطق

 154- الانذار الفاطمي المحمدي ـ للمتهاون في صلاته

 الأوامر المولوية والإرشادية

 482- فائدة أصولية: (الإيجاب متقدم رتبة على الصحة)

 359- الفوائد الاصولية: الصحيح والأعم (2)

 346- ان الانسان لفي خسر (4) التبريرات المنطقية للانتهازية والمكيافيللية

 عمارة الأرض في ضوء بصائر قرآنية



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23700395

  • التاريخ : 28/03/2024 - 19:37

 
 
  • القسم : خارج الأصول (التزاحم) .

        • الموضوع : 89- الاستشهاد بروایات (البینتین المتعارضتین)- الوجه في دعوی التخییر لدی التعارض رغم العلم الاجمالي بالخلاف .

89- الاستشهاد بروایات (البینتین المتعارضتین)- الوجه في دعوی التخییر لدی التعارض رغم العلم الاجمالي بالخلاف
الاثنين 22 رجب 1439هـ



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التزاحم
(89)


الأقوال والروايات في البينتين المتعارضتين وغيرها
وإجمال القول في البينتين المتعارضتين في الأمور المالية([1])، كملكية هذه الدار مثلاً، ان الصور فيها أربع فان الدار اما ان تكون بيد أحدهما أو بيدهما معاً أو بيد ثالث، أو لا تكون عليها يد مطلقاً، وقد اختلفت الآراء واضطربت الأقوال فيها بشدة كما اختلفت الروايات ظاهراً.

وليس فيها الترجيح بالتقدم والتأخر زمناً
وموطن الشاهد ان الأقوال والروايات تضمنت جهات ومرجّحات ووجوهاً أو حلولاً شتى ولكن ليس منها الترجيح بالتأخر أو التقدم الزمني، بل ان استعراض أدلة مختلف الحجج كخبر الثقة والظواهر والامارات كالبيّنة وغيرها يشرف بنا على القطع بان تأخر الحجة زمناً ليس ملاك حجيتها أو أرجحيتها على الحجة السابقة، وان خلاف ذلك خلاف الأصل العقلائي ومقتضى كونها طرقاً للواقع لا موضوعية لها فكون فتوى المعدول إليه، مع فرض تساويهما في كل الجهات، هي الحجة التعيينية في حقه خلاف القاعدة بل القاعدة اما التساقط أو التخيير وهو المنصور كما سبق وسيأتي.
ولنشر إلى روايات باب البيّنة كشاهد على ما ذكرناه، لا لِتعديةِ حكمها إلى باب الفتوى، بل لكونها صغرى كبرى الطريق ولكون استقراء حال غيرها أيضاً يفيد نفس ما أفادته وهو استقراء اما تام أو ان لم يكن تاماً فهو معلّل (بمداريّةِ الواقع وكونها طرقاً) أو مما يفيد الاطمئنان بأجنبية الزمان مطلقاً عن جهة حجية الحجج وانه صِرف ظرف، كالمكان، ولا غير.
فمنها: خبر أبي بصير ((سئل الصادق عليه السلام عَنِ الرَّجُلِ يَأْتِي الْقَوْمَ فَيَدَّعِي دَاراً فِي أَيْدِيهِمْ، وَيُقِيمُ الَّذِي فِي يَدِهِ الدَّارُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ وَرِثَهَا عَنْ أَبِيهِ، وَلَا يَدْرِي كَيْفَ كَانَ أَمْرُهَا؟ فَقَالَ عليه السلام: أَكْثَرُهُمْ بَيِّنَةً يُسْتَحْلَفُ وَيُدْفَعُ إِلَيْهِ...))([2]).
((فَقِيلَ لَهُ: فَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَأَقَامَا البَيِّنَةَ؟ قَالَ: أُحْلِفُهُمَا فَأَيُّهُمَا حَلَفَ وَنَكَلَ الْآخَرُ جَعَلْتُهَا لِلْحَالِفِ، فَإِنْ حَلَفَا جَمِيعاً جَعَلْتُهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، قِيلَ: فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَأَقَامَا جَمِيعاً الْبَيِّنَةَ؟ قَالَ: أَقْضِي بِهَا لِلْحَالِفِ الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ))([3]).
ومنها: خبر غياث عن أبي عبد الله عليه السلام ((أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام اخْتَصَمَ إِلَيْهِ رَجُلَانِ فِي دَابَّةٍ، وَكِلَاهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَنْتَجَهَا، فَقَضَى بِهَا لِلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ، وَقَالَ: لَوْ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِهِ جَعَلْتُهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ))([4]).
ومنها: خبر منصور ((رَجُلٌ فِي يَدِهِ شَاةٌ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَادَّعَاهَا، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ الْعُدُولَ أَنَّهَا وُلِدَتْ عِنْدَهُ، وَلَمْ يَهَبْ وَلَمْ يَبِعْ، وَجَاءَ الَّذِي فِي يَدِهِ بِالْبَيِّنَةِ مِثْلِهِمْ عُدُولٍ أَنَّهَا وُلِدَتْ عِنْدَهُ، وَلَمْ يَبِعْ وَلَمْ يَهَبْ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: حَقُّهَا لِلْمُدَّعِي، وَلَا أَقْبَلُ مِنَ الَّذِي فِي يَدِهِ بَيِّنَةً، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا أَمَرَ أَنْ يُطْلَبَ الْبَيِّنَةُ مِنَ الْمُدَّعِي، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَإِلَّا فَيَمِينُ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ، هَكَذَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ))([5]).
ومنها: المرسل ((عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام أَنَّهُ قَضَى فِي الْبَيِّنَتَيْنِ تَخْتَلِفَانِ فِي الشَّيْ‏ءِ الْوَاحِدِ يَدَّعِيهِ الرَّجُلَانِ: أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فِيهِ إِذَا عَدَلَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَيْسَ فِي أَيْدِيهِمَا، فَأَمَّا إِنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا فَهُوَ فِيمَا بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدَيْ أَحَدِهِمَا فَإِنَّمَا الْبَيِّنَةُ فِيهِ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْه‏))([6]).
ومنها: خبر البصري ((كَانَ عَلِيٌّ عليه السلام إِذَا أَتَاهُ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ بِشُهُودٍ عِدَّتُهُمْ سَوَاءٌ وَعَدَالَتُهُمْ سَوَاءٌ، أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَيِّهِمَا تَصِيرُ الْيَمِينُ)).([7])
ومنها: الرضوي عليه السلام ((فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمِلْكُ فِي يَدَيْ أَحَدٍ، وَادَّعَى فِيهِ الْخَصْمَانِ جَمِيعاً، فَكُلُّ مَنْ أَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، فَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ فَإِنَّ أَحَقَّ الْمُدَّعِيَيْنِ مَنْ عُدِّلَ شَاهِدَاهُ، فَإِنِ اسْتَوَى الشُّهُودُ فِي الْعَدَالَةِ، فَأَكْثَرُهُمْ شُهُوداً يَحْلِفُ بِاللَّهِ وَيُدْفَعُ إِلَيْهِ الشَّيْ‏ءُ وَكُلَّمَا لَا يَتَهَيَّأُ فِيهِ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْحَقَّ فِيهِ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِيهِ الْقُرْعَةُ))([8]) فهذا حال بعض الروايات. وقد جمع السيد اليزدي بين الروايات بما يقارب مؤداه هذه الرواية الأخيرة، وسيأتي.
(وأمّا الفقهاء فحيث إنهم لم يلاحظوا مجموع الأخبار بإجراء قاعدة الجمع بينها، وبنوا على الترجيح بذكر السبب فرّقوا بين الصور الأربع واختلفت أقوالهم فيها، خصوصاً في الصورة الأولى وهي ما إذا كانت العين بيد أحدهما:
فعن جماعة: تقديم بيّنة الخارج مطلقاً من غير رجوع إلى المرجّحات ومن غير فرق بين ذكر السبب في البيّنتين أو في إحداهما أو عدم ذكره، وعن الغنية الإجماع عليه،
وعن الشيخ في كتاب الدعاوي من الخلاف: تقديم الداخل مطلقا
وعن المشهور تقديم الخارج إذا شهدتا لهما بالملك المطلق مع التساوي في العدد والعدالة وعدمه، وعن الخلاف، والسرائر، وظاهر المبسوط، والغنية الإجماع عليه
وعن جماعة ترجيح الخارج إلا مع انفراد بيّنة الداخل بذكر السبب، وعن المهذّب نسبة خلافه إلى الندرة
وذهب بعضهم إلى تقديم بيّنة الداخل مطلقاً إلا مع انفراد الخارج بذكر السبب
وعن بعضهم تقديم الأكثر شهوداً، ومع التساوي فللحالف منهما
وعن ابن حمزة الفرق بين السبب المتكرّر وغير المتكرّر
إلى غير ذلك من الأقوال التي أنهاها في المستند إلى تسعة، ثم قال: وربما يوجد في المسألة أقوال أُخر،
وتردّد جماعة في المسألة أيضا كما في الدروس واللمعة والمسالك والكفاية، وقد اختلف بعضهم من بعض في نسبة الأقوال أيضا انتهى)([9]).
وأنت ترى انه لا يوجد قول ولا رواية بالترجيح بالتقدم الزمني للبيّنة أو التأخر، كما هو([10]) مقتضى القاعدة.
وقد جمع المحقق اليزدي بين الروايات بالصورة التالية فقال: (ومما ذكرنا من الأول إلى هنا: تبيّن أنّ الأقوى في جميع الصور الأربع الرجوع إلى المرجّحات المنصوصة وغيرها، ومع عدمها فإلى القرعة في غير الصورة الأولى، لما عرفت أنّ اليد مرجّحة لبيّنتها فلا يبقى محلّ للقرعة، فمن خرجت القرعة باسمه يستحلف، فإن حلف يقضى له، وإلا فإن حلف الآخر فكذا يقضى له، وإن نكلا قسم بينهما، وفي الصورة الأولى أيضاً إذا قدّمنا إحدى البيّنتين يحتاج إلى الحلف أيضاً لما ذكرنا من أنّ فائدة التقديم سماع قول من قدّمت بيّنته لا أنّها حجّة فعليّة كافية، هذا ما عندنا)([11]).
وقد سبق: (المنصور: وِزان الفتويين واحد، والزمن لا دخل له في الحجج
ولكن هذا كله جرياً على المعروف([12]) لكن المنصور، كما سبق، أن وِزان الفتويين السابقة واللاحقة من حيث كونهما مشمولتين لأدلة الحجية، وِزان واحد، فتشملهما الأدلة بنحو واحد، كالفتويين المتزامنتين تماماً، فإنّ تقارنَ زمن الفتويين كتعاقبهما غير دخيل في جهة الكاشفية، وكما سبق فإن التأخر الزمني ليس من المرجحات في غير الروايات، على كلام فيها أيضاً إذ لم يصر المشهور إلى الترجيح بالاحدثية)([13]).

الإشكال: العلم الإجمالي بخطأ احداهما مانع عن حجيتهما
وقد يورد عليه: بان العلم الإجمالي بكذب أحداهما أو خطأهما مانع عن حجيتهما، لبداهة كذب أحد المتعارضين إن لم يكونا جميعاً كاذبين، فلا مناص إلا من القول بالتساقط أو التوقف؟.

الجواب: العلم مانع عن الحجية التعيينية دون التخييرية
والجواب: فرق بين عدم وجود المقتضي لحجيتهما أو حجية أحدهما وبين وجود المانع، كما هنالك فرق بين اختلاط الحجة باللاحجة وبين تعارض الحجتين، فرغم ان المعلول لا يوجد إلا بوجود المقتضي وعدم المانع جميعاً وان كليهما جزء العلّة وان مع عدم أحدهما لا يوجد المعلول، إلا ان عدم وجود المعلول لعدم وجود مقتضيه يختلف عن عدمه لوجود المانع عنه واقعاً واعتباراً ولذا اختلف التعليل لعدم بذله الخمس بين لأنه لا مال له، وبين لأنه بخل به([14]) رغم ان له المال، كما اختلف حال المستصحَب في مثل رأي الشيخ بين صورة الشك في المقتضي فلا يجري الاستصحاب والشك في مانعه فيجري مع انه في كلتا صورتي الشك يشك في وجود المستصحب وعدمه للشك في تمامية اجزاء علته.
وفي المقام: فان الفرض ان المقتضي لكونهما (الفتويين المتعارضتين، والخبرين المتعارضين وهكذا) حجةً، موجودٌ، لكونهما مجتهدين عادلين ذكرين.. الخ إنما المانع هو أمر خارج وهو معارضة الآخر له، وإنما يتصور الإخلال بالمقتضي لو علم أو ظن أو شك في اجتهاد أحدهما أو عدالته مثلاً.
وعلى أي فان شمول أدلة الحجية لهما، اقتضاءاً، لا شكّ فيه، أي انه كلّاً منهما بما هو هو صالح لتشمله الأدلة والأدلة صالحة([15]) لتشمله وإنما الإشكال نشأ من العلم الإجمالي بخطأ أحداهما لتعارضها والعلم الإجمالي مانع في مقدار تصادمه مع الحجتين، وهو إنما يصطدم مع تعيّن كل منهما للحجية بان يكون كلاهما حجة أي لازم الإتباع أو كاشفاً ولا يتصادم مع حجيتهما التخييرية فان العلم الإجمالي يفيد استحالة ان يكونا معاً حجة اما ان يكون أحدهما حجة تعييناً([16]) أو على سبيل البدل([17]) أو تخييراً فانه لا ينفيه بما هو.

كاشفية الاحتمال وكاشفية كل من المتعارضين
وبعبارة أخرى تفيد تحليل حال المتعارضين بشكل أعمق وأوضح وتدفع إشكالاً قد يورد على المذكور أعلاه، وهي:
ان الحجة هي الكاشف النوعي عن الواقع([18]) بناء على تفسيرها بالكاشفية وحجيتها على هذا تعني ان خبر الثقة أو الفتوى هي كاشفة بنسبة 80% عن الواقع مثلاً فإذا نزلت إلى 60% فقد يقال بانها ليست بحجة حينئذٍ بل هي ملحقة بالشك، ولكننا نرى ان الاستصحاب الذي هو عرش الأصول وفرش الامارات إنما كان متوسطاً بين الأصول والامارات لكاشفيته الضعيفة فلا هو غير كاشف أبداً ليكون أصلاً ولا هو كاشف قوي ليكون امارة.. لذا تقدمت عليه الامارات وتقدم هو على سائر الأصول.
وعلى أي فانه قد يتوهم ان 50% ليس بكاشف نظراً لان قسيمه 50% المعارِض، ولكننا حققنا في (الحجة معانيها ومصاديقها) ان الاحتمال – وليس الشك – كاشف ضعيف وإنما لم يعتبر حجة لا لعدم كاشفيته أبداً بل لأن كشفه كشفاً ضعيفاً مرجوح والطرف الآخر هو الراجح ولا يصح ترجيح المرجوح، فالراجح هو الحجة تعينياً.
وبعبارة أخرى: إذا قطعت بعدم صحة خبر زيد([19]) مثلاً فلا كشف أصلاً في كلامه.. ولكنك إذا احتملت صحة كلامه بنسبة 1% كانت كاشفيته 1% لا صفراً وإذا احتملت صحته بنسبة 10% ارتفعت كاشفيته ولكنه مع ذلك ليس بحجة لأن الطرف الآخر أقوى إذ هو 90% وترجيح المرجوح قبيح فعدم الحجية أعم من عدم الكاشفية إذ يجتمع مع الكاشفية الضعيفة.
والذي يدّلك على هذا: ان الاحتمال لدى الشك في العنوان والمحصل حجة منجز، ولو لم يكن فيه جهة كشف أبداً لما قيل بذلك ولما لزم الاحتياط بل كان تبرعياً صرفاً فكما ان الاحتياط مع القطع بالخلاف لغو فيلزم ان يكون مع احتماله أيضاً لغواً، مع انه ليس كذلك قطعاً..
وكذا الاحتمال في الأمور الخطيرة فان المحتمل الخطير مع الاحتمال الضعيف منجز وذلك لأن له جهة كشف ضعيفة ولو كان الاحتمال صفراً فانه لا يجب الاحتياط قطعاً وإن كان الشأن من الأمور الخطيرة بل أخطر الأمور.
فقد اتضح من ذلك ان احتمال 50% ليس صفراً في جهة الكاشفية بل هو كاشف ناقص كما ان الـ30% و70% كواشف ناقصة لكن على درجات.
ومنه يعلم ان الحجة إذا عارضتها حجة أخرى لا تسقط عن الكاشفية لتكون صفراً بل ان كاشفيته التي كانت 80% مثلاً تتنزل إلى 50% ومقتضى ذلك التخيير بينهما([20]) لا طرحهما والتساقط أو التوقف.
والحاصل: ان مقتضى القاعدة هو الحكم بشمول أدلة الحجية لهما والمصير للتخيير بينهما إذ سقوطهما خلاف كاشفيتهما في الجملة ولذا ينفيان الثالث بلا شك ولا مجال معهما للرجوع للأصل المخالف لهما، وكون أحداهما حجة تعينية هو بلا مرجح؛ لفرض مساواتهما.. وعلى ذلك أيضاً بناء العقلاء.
وقد أسهبنا في الذبّ عن ذلك وسدّ خلله ودفع الإشكالات عليه في كتاب (الحجة معانيها ومصاديقها) فراجع.

 

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: ((لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا تَحَابُّوا وَتَهَادَوْا وَأَدَّوُا الْأَمَانَةَ وَاجْتَنَبُوا الْحَرَامَ وَقَرَوُا الضَّيْفَ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ ابْتُلُوا بِالْقَحْطِ وَالسِّنِين‏)) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج2 ص29.

 

------------------------
([1]) مقابل دعوى كونها زوجة هذا أو ذاك.
([2]) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية – طهران، ج7 ص418.
([3]) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية – طهران، ج7 ص419.
([4]) المصدر نفسه.
([5]) الشيخ الطوسي، التهذيب، دار الكتب الإسلامية – طهران، ج6 ص240.
([6]) نعمان بن محمد التميمي المغربي، دعائم الإسلام، دار المعارف – مصر، ج2 ص522.
([7]) الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، مؤسسة النشر الإسلامي – قم، 1413هـ، ج3 ص94.
([8]) الإمام الرضا عليه السلام، فقه الإمام الرضا عليه السلام، المؤتمر للإمام الرضا عليه السلام، 1406هـ، ص260.
([9]) السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى، مؤسسة النشر الإسلامي – قم، ج6 ص636.
([10]) عدم الترجيح.
([11]) السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى، مؤسسة النشر الإسلامي – قم، ج6 ص635-636.
([12]) من أن الفتوى الأولى تعدم هي أو تعدم حجيتها بموت الفقيه، كما تعدم حجيتها بالعدول إلى غيره.
([13]) راجع الدرس (88).
([14]) أو لأن زيداً منعه مثلاً.
([15]) وشاملة على ما سيأتي.
([16]) لولا محذور الترجيح بلا مرجح في المتكافئين.
([17]) إن أمكن.
([18]) وهذا إثبات ولا ينفي كونها أيضاً الكاشف الشخصي عنه، أو الشخصي والنوعي، أو غير ذلك.
([19]) لكونه فاسقاً مثلاً.
([20]) فان الحق لا يعدوهما، بحسب دليلهما.

 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : الاثنين 22 رجب 1439هـ  ||  القرّاء : 3189



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net