191- الفرق بين التعبير الكنائي والحكومة الكنائية وحكومة لاضرر والحكومة التنزيلية
السبت 6 جمادى الاولى 1438هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(191)
تتمات وإيضاحات:
1- سبق (أ- أن التعبير الكنائي في مثل (كثير الرماد) قائم في حد ذاته بالدلالة التصورية أما الحكومتان فقائمتان بالدلالة التصديقية لكون قوام الحكومة بالحكومة. فتدبر)([1]).
وجه قيام التعبير الكنائي بالدلالة التصورية
لا يقال: التعبير الكنائي في مثل (كثير الرماد) قائم بالدلالة التصديقية لا التصورية؛ فانه دالّ ومشير إلى الجود المشير إلى الصفة النفسية وقد أراد المتكلم ذلك؟.
إذ يقال: كلا؛ فإن الدلالة التصديقية عبارة عن الإذعان بالنسبة، أما مجرد تصور الطرفين والنسبة بينهما فليست من الدلالة التصديقية فكيف بمجرد إرادة أمر من لفظ لا نسبة فيه؟ إذ قوله كثير الرماد لا نفي فيه ولا إثبات ولذا يحتمل الأمرين.
بعبارة أخرى: إرادة المعنى أعم من الدلالة التصديقية إذ كل غير غالط وغير ساهٍ ونائم وشبه ذلك إذا أراد معنى من لفظ كمعنى الجدار من لفظه واستعمله فيه فقد أراده بالإرادة الاستعمالية دون الإرادة الجدية بل لم يرده حتى بالاستعمالية – حسب المراد منها اصطلاحاً([2]) - .
بعبارة أخرى: كما أن لفظ الجدار مشير إلى معناه وقد قصده المتكلم عندما تلفظ به (في الملتفت غير الغافل والنائم.. الخ) ولكنه لم يخرجه ذلك عن الإرادة الاستعمالية إلى الجدية بل ولا عن الدلالة التصورية إلى التصديقية، فكذلك المجازات والكنايات([3])، غاية الأمر تعدد المشير طولياً في الكناية: ففي (الكريم) يوجد مشير هو اللفظ ومشار إليه هو الصفة النفسية أما في (كثير الرماد) فهناك مشير إلى المشير وهو (كثير الرماد) فانه مشير إلى الكرم المشير إلى الصفة النفسية.
نعم، يمكن أن تكون الدلالة التصديقية كنائية أيضاً.
النسبة بين التعبير الكنائي والحكومة، من وجه
2- وسبق (فالتعبير الكنائي لا يضاد الحكومة كما أنه ليس بمقوّم لها)([4]).
وبعبارة أخرى: التعبير الكنائي قد يجتمع مع الحكومة فليس بمضاد لها وقد يفترق عنها فليس بمقوّم لها:
والأول مثل ما لو أراد من (لا ضرر) الحكم الناشئ منه الضرر – حسب الشيخ – أو الضرر غير المتدارك فإنه كنَّى بالضرر عن الضرر غير المتدارك([5]). فتأمل([6])
وقد أجتمع ذلك مع كون لا ضرر حاكماً على عناوين الأدلة الأولية إذ يراد به أنه كلما جعل الشارع الضرر فقد تداركه أيضاً بجعل ما يعوِّضه، ومن ذلك ما التزم به السيد الوالد صناعياً (ولعله فتوى أيضاً) من أنه لو اضطر إلى غصب حبل الغير لإنقاذ الغريق فتلف الحبل، فقد ذهب المشهور إلى ضمانه([7]) له إذ من أتلف مال الغير فهو له ضامن ولغيره، لعدم تلازم الحكم التكليفي (بوجوب استعمال الحبل في إنقاذ الغريق) مع الحكم الوضعي (بعدم ضمانه له، بل هو ضامن) لكن الوالد ارتأى الملازمة العرفية بين أمر الشارع للعبد وجوباً باستعمال الحبل وبين عدم ضمانه وأنه يكون الضمان على بيت المال، وكذلك فإن وجوب بذل المالك للحبل لينقذ به الغريق لا ينفي ضمان الشارع له ولا يعني عدم استحقاقه الأجرة عليه أو على الغريق أو على وليه، فالضرر متدارك إذاً أي أن ضرر المالك متدارك بتعويض بيت المال له أو الغريق أو وليه فلا ضرر غير متدارك، وكذلك ضرر الأجنبي الذي غصب الحبل وقيل بضمانه فانه إن قيل بضمانه فانه غير مستقر عليه على رأي([8]) بل يرجع فيه إلى بيت المال فهو ضرر لكنه متدارك فلا ضرر غير متدارك في الإسلام.
والثاني: مثل ما لو قال (لا حكم ضررياً) فإنه حاكم من دون تعبير كنائي، بل قد يقال الأمر كذلك حتى على ما اختاره الأخوند من نفي الحكم بلسان نفي الموضوع إذ لم يرد به الكناية بل اللسان لسان الكناية ولكنه من غير كناية. فتأمل
بين لا ضرر والتنزيل
3- وسبق (فاختلف بذلك عن (لا ضرر) إذ انه لا تنزيل فيه على المعاني التي ذهب إليها غير المشهور)([9]) ولكن (غير) زائدة خطأ والصحيح (التي ذهب إليها المشهور) أي بعض الأقوال المشهورة كقول الشيخ وقول الآخوند، وقد سبق ذكرهما.
4- وسبق (نعم يتحقق فيه التنزيل على الاحتمال الأول([10]) ويكون من الحكومة الكنائية على الاحتمال الثاني)([11])
والمراد بالاحتمال الأول (أن الضرر منزّل منزلة اللاضرر) وبالاحتمال الثاني (أن الضرر محكوم بحكم اللاضرر) وقولنا (ويكون من الحكومة الكنائية على الاحتمال الثاني) المراد به أنه يكون من الحكومة الكنائية لكن بلا تنزيل.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=====================
قال الإمام الصادق (عليه السلام): "وَمَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا أَثْبَتَ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فِي قَلْبِهِ وَأَنْطَقَ بِهَا لِسَانَهُ وَبَصَّرَهُ عُيُوبَ الدُّنْيَا دَاءَهَا وَدَوَاءَهَا وَأَخْرَجَهُ مِنَ الدُّنْيَا سَالِماً إِلَى دَارِ السَّلَامِ"
من لا يحضره الفقيه: ج4 ص410.
..............................................
السبت 6 جمادى الاولى 1438هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |