57- الاشكال على المختار: ـ تناقض دعوى التفريق بين حضور وقت العمل مع دعوى ان كلام المعصومين (عليهم السلام) ككلام الواحد في المجلس الواحد والجواب ـ الاشكال على اصالة التطابق بالاجماع على قاعدة سن القانون وجوابه
خارج الاصول (التعارض 57) - الاربعاء 23 ربيع الاخر 1437هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(57)
كلام المعصومين (عليهم السلام) ككلام الواحد فليس الزمان والحضور والاتصال وعدمها مائزاً
ثم ان المختار قد يورد عليه بأمور وإشكالات:
الإشكال الأول: ان كلام المعصومين (عليهم السلام) جمعياً ككلام الواحد في المجلس الواحد وذلك لإحاطة كل واحد منهم بكل ما يقوله الآخر السابق أو اللاحق من عمومات ومخصصات وغيرها، وعليه: فالزمان ليس فارقاً والاتصال والانفصال في القرائن ليس مائزاً ومنوّعاً وحضور وقت العمل وعدمه ليس مفصِّلاً ومغيراً للحال، فلا فرق بين المخصص المتصل والمنفصل ولا بين صدور العام قبل حضور وقت العمل أو حينه ولا بين كون العام سابقاً والمخصص لاحقاً أو العكس مما احتمل فيه العكس.
والحاصل: ان الالتزام بهذين المبنيين معاً مما لا يصح لعدم اجتماعهما فاما ينبغي رفع اليد عن اعتبار مجموع كلامهم (عليهم السلام) منزلاً منزلة كلام الواحد في المجلس الواحد أو ينبغي رفع اليد عن التفصيل بين المخصص المتصل والمنفصل وما قبل وقت العمل وحينه.
إشكال النائيني على الآخوند
وهذا الإشكال هو نظير الإشكال الذي أورده الميرزا النائيني على الآخوند في جمعه بين الالتزام بان كلامهم (عليهم السلام) ككلام الواحد في المجلس الواحد وبين تفريقه بين القدر المتيقن في مقام التخاطب وغيره.
قال في فوائد الأصول: (والمحقق الخراسانيّ - قدّس سرّه - قد أفاد في بعض فوائده الأصوليّة: من أنّ اللازم علينا جمع كلمات الأئمّة عليهم السلام المتفرّقة في الزمان و تفرض أنّها وردت في زمان و مجلس واحد و يؤخذ ما هو المتحصّل منها على فرض الاجتماع. و هذا الكلام منه ينافي ما ذهب إليه: من أنّ العبرة على عدم البيان في مقام التخاطب، لا مطلقا، فتأمّل جيّدا)([1])
الدفاع عن الآخوند بان كلاميه في مقامين
أقول: إشكال الميرزا على الآخوند غير تام ظاهراً، ومن بيان وجه دفع إشكاله يظهر دفع الإشكال في المقام، فان الظاهر انه لا تنافي بين كلاميه لكونهما في مقامين، فقوله: (اللازم علينا جمع كلمات الأئمّة عليهم السلام المتفرّقة في الزمان و تفرض أنّها وردت في زمان و مجلس واحد) يراد به في مرحلة الإرادة الجدية، وقوله: (العبرة على عدم البيان في مقام التخاطب، لا مطلقا) يراد به في مرحلة الإرادة الاستعمالية فلا تهافت.
انعقاد الإطلاق في مقام الإرادة الاستعمالية
توضيحه: ان البحث عن انعقاد الإطلاق وعدمه هو بحث في مقام الإرادة الاستعمالية وان انعقاده متوقف في مرحلة المقتضي على مقدمات الحكمة الثلاث ومنها ان لا يكون هناك قدر متيقن في مقام التخاطب - وهذا حسب المستفاد من كلام الآخوند([2]) أو ان عدم البيان في مقام التخاطب مخلّ لا مطلقاً حسب صريح فهم الميرزا لكلام الآخوند - وعلى أي فان هذا شرط انعقاد الإطلاق والظهور فيما قال، عكس العام([3]) الذي ينعقد له العموم في المراد الاستعمالي ببركة الوضع فلا حاجة به إلى مقدمات الحكمة في مرحلة ما قال وتبقى مرحلة ما أراد متوقفة على أصول أخرى كأصالة التطابق بين الإرادتين وغيرها.
وجمع كلمات المعصومين (عليهم السلام) في مقام الإرادة الجدية
واما جمع كلمات المعصومين (عليهم السلام) فانما هو لفهم المراد الجدي منها لا الاستعمالي، ويدل عليه قوله (ويؤخذ ما هو المتحصَّل منها على فرض الاجتماع) فلاحظ قوله (يؤخذ) وقوله (المتحصَّل منها) فانه صريح في المراد الجدي إذ هو الذي يؤخذ به.
كما يدل عليه ان الإرادة الجدية هي الباعث أو الزاجر وعنها الانبعاث والانزجار فهي المدار في اعتبار كلماتهم (عليهم السلام) المتفرقة ككلام الواحد في المجلس الواحد، إضافة إلى انها عليها مدار الحكم ومصبه لا على الاستعمالية، كما انها عليها مدار الجزاء والعقوبة والمثوبة، فيجب ان تلاحظ كلماتهم (عليهم السلام) ككلام مجلس واحد لأجل ذلك كله (تحديد الباعث وما صب عليه الحكم ومحط الجزاء) لا لأجل تشخيص ما قال مجرداً عما أراد، إضافة إلى ان الإغراء بالجهل هو في هذه المرحلة أيضاً دون تلك المرحلة فتدبر جيداً
ويوضحه أكثر ان الحال كذلك في مقام التعليم إشكالاً وجواباً فلا تصح مساواته لمقام الفتوى ولولا ذلك لتساويا، فتأمل.
بعبارة أخرى: كلامه الثاني([4]) في مقام تشخيص صغرى الظهور، وكلامه الأول([5]) في مقام تشخيص الحجة اللازمة الاتباع فلاحظ.
العام المخصص مجاز في الكلمة لاصالة التطابق
الإشكال الثاني: انه قد مضى الاستدلال على ان العام المخصّص حتى بمنفصل هو من المجاز في الكلمة، بأصالة التطابق بين الإرادتين الجدية والاستعمالية؛ فانه ان قيل بان العام استعمل في عمومه في مرحلة ما قاله والإرادة الاستعمالية كان حقيقة وكان المخصص وارداً على المراد الجدي وما أراده فيلزم التفكيك بين الإرادتين، وهو خلاف أصالة التطابق وكون الألفاظ جسوراً للمعاني أو قوالب لها فلا ينبغي ان تكون أوسع أو أضيق إلا لحكمة قانونية غالبة فلا مناص بلحاظ هذا الأصل من الالتزام بمجازية العام المخصص وانه قد استعمل في بعض مدلول العام كي تتطابق الإرادة الاستعمالية مع الجدية.
الجواب: الخروج عن الأصل لحكمة سن القانون
وأجاب الآخوند عن ذلك بان الحكمة في التفكيك وفي عَقْد الاستعمالية واسعة هو سنّ القانون وكفى بها حكمة.
الرد: لا شك في الامكان ولكن لا دليل على الوقوع
وأجبنا عنه: بان ذلك في مرحلة الإمكان – كما هو صريح عبارته – لا ريب فيه، إلا ان الكلام كلّ الكلام في عالم الإثبات والدليل على ذلك، ولا دليل من آية أو رواية أو شبهها على أن المولى استعمل ألفاظ العمومات في معانيها الشمولية الموضوعه لها رغم ان إرادته الجدية على البعض؛ لمصلحة سن القانون للرجوع إلى عموم العام – المستعمل فيه اللفظ حسب هذا المبنى – لدى الشك في شرطية أمر أو جزئيته كي لا يكون من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
جواب الرد: الاجماع برهان إنّي على الوقوع
وقد يجاب عن جوابنا بان الدليل على ذلك هو الإجماع فانه برهان إنّي على المدعى، توضيحه: ان الإجماع، إلا من بعض الاخباريين، انعقد على انه لدى الشك في شرطية أمر أو جزئيته بعد الفحص وعدم العثور على دليل، على البراءة ونفي الجزئية والشرطية مما يكشف إنّا عن ان متعلق التكليف وهو العام أو المطلق قد استعمل في عمومه وإلا لما أمكن التمسك بالإطلاق اللفظي لنفي الجزئية أو الشرطية إذ يكون الشك في الجزئية والشرطية بناءً على مسلك استعمال العام في البعض مجازاً في الكلمة، راجعاً إلى الشك صدق الموضوع والعنوان([6]) وعدمه ولا يصح التمسك بالعام مع الشك في تحقق موضوعه.
الرد: الاجماع أعم من الاطلاق اللفظي والمقامي
ولكنه مردود؛ فان الإجماع على فرض انعقاده وحجيته، أعم من المدعى فان البراءة لا تدل على ان الوجه هو الإطلاق اللفظي المستند إلى استعمال اللفظ في العموم سناً للقانون، بل قد يكون المستند فيها هو الإطلاق المقامي وإن لم يكن إطلاق لفظي وكان اللفظ مستعملاً في البعض مجازاً. فتدبر جيداً.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
===============
خارج الاصول (التعارض 57) - الاربعاء 23 ربيع الاخر 1437هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |