07- الاشكال على (مبادلة مال بمال) بأنه يقتضي عدم صحة تثليث الاطراف والجواب بوجوه دالة على صحة عدم دخول المعوض في ملك من خرج منه العوض, وكذا الخروج
السبت 5 ذي الحجة 1436هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
البيع
(7)
سائر الاشكالات على تعريف المصباح
المبادلة تستلزم ملكية العوض لمن خرج منه المعوّض، ولا لزوم له.
السادس: ما اشار اليه في فقه الصادق عليه السلام بقوله (الخامس: ان مقتضى هذا التعريف لزوم دخول العوض في كيس من خرج منه المعوض عن كيسه، مع انه لا يعتبر ذلك ، الا ترى ان الانسان يعطي الدرهم الى الخباز ويقول : اعطِ الخبز للفقير[1]، فان هذا بيع مع انه لا مبادلة فيه، والالتزام بانه يملك الفقير الدرهم اولاً ثم يعطي الخباز، او انه يوكله في تمليكه الخبز اياه ثم اعطائه للفقير، خلاف الواقع الذي عليه بناء العرف والعقلاء في امثال هذه المعاملة)[2].
توضيحه وبرهانه: ان مقتضى المبادلة هو حلول احدهما موقع الاخر فاذا كان الثمن ملكاً لذاك والمثمن ملكاً لهذا اقتضت المبادلة ان ينعكس الامر وكما يستحيل في عالم التكوين ان يكون احد الامرين بدلاً للآخر حقيقة دون ان يكون ذلك الاخر بدلاً له حاّلاً محله والا لما كان بدلاً هذا خلف، كذلك يستحيل في عالم الاعتبار.
والحاصل: ان المبادلة تقتضي تثنية الاطراف وحلول البائع محل المشتري في ملكيته الثمن وبالعكس : حلول المشتري محل البائع في ملكية المثمن.
والاشكال: هو انه – حسب كلامه دام ظله – يصح تثليث الاطراف وان يحل البائع محل المشتري في اخذ الثمن وتملكه دون ان يحل المشتري محل البائع في تملك المثمن فيصح ان يخرج المال من زيد ليدخل في ملك عمرو وفي المقابل يخرج الخبز من ملك عمرو ليدخل في ملك بكر.
ويمكن ان نستدل على ذلك بما ذكره السيد اليزدي في حاشيته على معاطاة المكاسب :
استدلال المحقق اليزدي على صحة تثليث الاطراف
قال: (ويمكن الخدشة في الوجه العقلي بان مقتضى اطلاق المعاوضة والمبادلة وان كان دخول العوض في ملك من خرج عن ملكه المعوض، الا انه قابل للتقييد بالخلاف، ولا يخرج بذلك عن حقيقة المعاوضة، لكفاية لحاظ كونه عوضا عرفا في صدقها، كما في المهر في النكاح، فإنه عوض البضع، ويمكن ان يكون على غير الزوج، وكما في أداء دين الغير كما يقال خِط ثوب زيد وانا أعطيك درهماً، أو احمل زيدا وعليَّ عوضه، أو خذ هذا الدرهم عوض ركوب زيد، ونحو ذلك. فالمعتبر في حقيقة المعاوضة جعل الشيء في مقابل الشيء من حيث هما مع قطع النظر عن كون المالك هذا أو ذاك، وحينئذٍ فإذا اذن في بيع ماله لنفسه صح ،كأن يقول بع مالي لك وكذا في الشراء، كأن يقول: اشتر بمالي لك، فتأمل)[3].
ولا يرد على امثلته ما اورده بعض الاعلام[4] كما سيأتي بسط الكلام في محله بإذن الله تعالى.
ولكن كلامه[5] مع ذلك كله متأمل فيه في كلا شقّي الملازم واللازم:
مناقشات:
المشهور عدم صحة تثليث الاطراف
اما اللازم: فانه لا يصح تثليث الاطراف حسب المشهور وتلزم المبادلة بين المالكين كالعوضين بدخول العوض والثمن في ملك من خرج المعوض من كيسه وبالعكس فلا يرد هذا الاشكال عليهم فلهم ان يلتزموا بتعريف المصباح للبيع، نعم نرى صحة ما ذهب اليه غير المشهور كما سيظهر.
ولكن لا يصح الاستدلال بمثال الخباز والفقير على صحة تثليث الاطراف بانه لا توكيل في البين ولاهبة، ببناء العقلاء والعرف ، فهو اذاً بيع مثلث الاطراف ، فانه غير تام اذ القسمة غير حاصرة لوجود شق رابع قد يدعى ان عليه ارتكاز العرف وبناء العقلاء وهو انه بيع حقيقة ويدخل فيه المثمن في كيس المشتري الذي خرج منه الثمن واما قوله أي المشتري (اعطه للفقير) فهو طلب من الخباز ان يعطي الخبز، بعد ان انتقلت ملكيته الى المشتري، للفقير، فهو أمر او ترجّي لا دخل له بالمعاملة.
لايقال: يشترط في الملكية القبض ولا يتم الا بفرض التوكيل الذي الارتكاز يأبى تحققه؟
اذ يقال: لا يشترط فيها القبض، الا ترى السلم والنسيئة؟ والفرض انه سلّم الدرهم فليس ايضاً من الكالي بالكالي.
والحاصل: انه بشرائه وتسليمه المال ملك الخبر في ذمة الخباز او ملك الخبز الخارجي[6] فوجب عليه تسليمه له ، فيطلب منه – وهذا امر خارج عن العقد – ان يسلمه للفقير.
والحاصل: انه لابد من الاستدلال بغير ذلك وهو ما سنشير له بعد قليل.
مقتضى المبادلة تبديل الملكين لا المالكين
اما الملزوم فالتحقيق:
اولاً: ان مقتضى المبادلة ليس ما ذكره فان مقتضاها تبديل الملكين وليس تبديل المالكين ولذا عبّر بـ(مبادلة مالٍ بمال) لا (مبادلة مالك بمالك) فالمقياس في مبادلة مال بمال وفي حقيقته: ان يحل المثمن محل الثمن وبالعكس وليس ان يحل المالكان محل بعضهما، وذلك حاصل مع تثليث الاطراف ايضاً.
ولا تلازم بين التبديلين[7] خلافاً لما التزم به جمع من الفقهاء ومنهم السيد الوالد كما مضى تصريحه اذ لا نرى التلازم بين كل الامور الستة: تبديل الملكين والمالكين والملكيتين، كما سيأتي بيانه وتفصيله، ويكفي هنا الاشارة الى امكان التفكيك وحسنه وعرفيته في الجملة فتدبر.
ولا إستحالة ؛ لوجهيِن
واما حديث الاستحالة فـ:
اولاً: المبادلة امر اعتباري والاعتباري خفيف المؤونة فلا تجري فيه احكام الحقائق على المشهور، فتأمل[8].
ثانياً: سلمنا، لكن حقيقة المبادلة امر متقوم بالعوضين، وقد تبودلا، لا المالكين ، وتحقق المبادلة بين المالكين غالباً او بالشرط غير موجب لدخولهما في قوام المبادلة البيعية كما سبق فلا ضير في تثليث الاطراف.
وقد ظهر مما ذكرنا عدم تمامية الوجه العقلي لدعوى الاستحالة الذي ردّه السيد اليزدي بحديث التقييد، ولولا الجواب عن الاستحالة بما ذكر لما تم جواب السيد اليزدي من (الا انه قابل للتقييد) اذ لا يعقل التقييد الا بعد الجواب عن الاستحالة فان المستحيل لا استثناء فيه. فتأمل جيداً.
نعم، بعد الفراغ عن عدم الاستحالة يقال مقتضى اطلاق المبادلة هو المبادلة ملكاً – وهو الذي اعتبرناه ركناً للعقد – و مالكاً – و حينئذٍ يمكن التقييد باستثناء الاخير بان تحدث المبادلة ملكاً لا مالكاً فتدبر.
وسيأتي بحث ذلك باذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
============================
* الكافي (ط - الإسلامية) / ج5 / 365 / باب النظر لمن أراد التزويج ..... ص : 365
السبت 5 ذي الحجة 1436هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |