342- الادلة على جواز نميمة الظالم والمبتدع: 1ـ الانصراف 2ـ انهم لا احترام ولا حرمة لهم 3ـ عموم التعليل في صحيحة ابن سرحان عن الامام الصادق (عليه السلام) ( كي لايطمعوا في الفساد في الاسلام) 4ـ تنقيح المناط القطعي
السبت 11 شعبان 1436هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
النميمة
(45)
الفرع الثالث والرابع: النميمة بين الظلمة وأهل البدع
وهناك فروع أخرى عديدة:
منها: انه هل تجوز النميمة بين الظلمة وعلى الحاكم الظالم بل مطلق الظالم؟
ومنها: انه هل تجوز النميمة على المبتدع؟
ومنها: انه هل تجوز النميمة بين الكفار الحربيين.
ومنها: انه هل تجوز النميمة بين أهل الذمة؟
ومنها: انه هل تجوز النميمة بين أهل العامة؟
وسنتطرق ههنا للبحث عن الفرعين الأولين، ونوكل البحث عن المسائل الثلاثة الأخيرة إلى عقد مسألة خاصة عنها بإذن الله تعالى، فنقول:
أدلة الجواز
قد يستدل على جواز النميمة والإيقاع بين أهل البدع والظالمين (وكذا جواز سائر المحرمات التي كان منشأ تحريمها – كعلةٍ إذا أحرز ذلك([1]) - حرمة الآخر واحترامه، كالاغتياب له والكذب عليه ولعنه أو شتمه أو غير ذلك وإن كان اللازم عقد بحث خاص لكل عنوان من هذه العناوين وقد عقد الفقهاء في المكاسب المحرمة باباً خاصاً بعنوان سب المؤمن ومستثنياته والغيبة ومستثنياتها ومنها مثلاً المتجاهر بالفسق والمبتدع، وقد وردت في هذين العنوانين روايات خاصة أيضاً) بالأدلة التالية:
الانصراف
أولاً: الانصراف، والمراد به انصراف أدلة حرمة النميمة – والكذب والسباب والغيبة وشبهها - عن الحاكم الظالم وعن المبتدع؟ لا لكثرة الوجود فانها لا تصلح سبباً للانصراف ان لم يناقش فيها صغرى، بل لمناسبات الحكم والموضوع وارتكازية كون الوجه في التحريم – ولو في بعض الأنواع والمراتب – حرمة المؤمن ولا حرمة للظالم والمبتدع. فتأمل.
قال السيد الوالد في المكاسب المحرمة في بحث المتجاهر بالفسق (ثم ان المتجاهر يجوز غيبته ولو بقصد التفكّه، إذ... بل دليل الحرمة لا يشمله فهو خارج موضوعاً)([2]).
عدم ثبوت حرمة لهم
ثانياً: دعوى عدم ثبوت حرمة لهم بقول مطلق، بضميمة إثبات ان حرمة مثل غيبة الطرف الآخر أو سبه أو النميمة عليه إنما هي لحرمته واحترامه في غير ما وقع مقدمة لسفك الدماء المحترمة وهتك الأعراض المصونة وإتلاف الأموال المحترمة.
قال السيد الخوئي في بحث سب المتجاهر بالفسق (يجوز سب المتجاهر بالفسق بالمعصية التي تجاهر فيها لزوال احترامه بالتظاهر بالمنكرات كما في بعض الاحاديث، وسيأتي ذكره في البحث عن مستثنيات الغيبة)([3])
وقال السيد الوالد في المكاسب المحرمة (ثم ان المتجاهر يجوز غيبته ولو بقصد التفكّه، إذ لا احترام له كالكافر والمنافق ونحوهما لإطلاق أدلة الإستثناء، بل دليل الحرمة لا تشمله فهو خارج موضوعاً) وأضاف (ولا يبعد جواز غيبته في كل ما يعصي وما هو نقص، لإطلاق أدلته مثل: ((لا غيبة له))([4]) و((فلا حرمة له ولا غيبة))([5])، بل ذلك مؤيد بالإعتبار، فإن الفاسق يجب أن لا يحترم ويهتك حتى ينقلع ولا يتجرّى غيره)([6]). وقال (وكذا ما تقدّم: من انه ليس للإمام الجائر حرمة، وهو أعم من الخليفة فيشمل الأمراء والرؤساء والملوك وغيرهم كما هو واضح، وعدم الحرمة يشمل الغيبة أيضاً، كما يؤيده ما قربناه في صاحب البدعة والفاسق المعلن بالفسق)([7]) وسيأتي ما يكمل هذا الوجه بإذن الله تعالى.
عموم التعليل في صحيحة بن سرحان
ثالثاً: عموم التعليل في صحيحة داود بن سرحان عن الإمام الصادق (عليه السلام) وهي ((إِذَا رَأَيْتُمْ أَهْلَ الرَّيْبِ وَ الْبِدَعِ مِنْ بَعْدِي فَأَظْهِرُوا الْبَرَاءَةَ مِنْهُمْ وَ أَكْثِرُوا مِنْ سَبِّهِمْ وَ الْقَوْلِ فِيهِمْ وَ الْوَقِيعَةِ وَبَاهِتُوهُمْ([8]) كَيْلَا يَطْمَعُوا فِي الْفَسَادِ فِي الْإِسْلَامِ- وَ يَحْذَرَهُمُ النَّاسُ وَ لَا يَتَعَلَّمُونَ مِنْ بِدَعِهِمْ يَكْتُبِ اللَّهُ لَكُمْ بِذَلِكَ الْحَسَنَاتِ وَ يَرْفَعْ لَكُمْ بِهِ الدَّرَجَاتِ فِي الْآخِرَةِ))([9])
والظاهر عرفاً من ((كَيْلَا يَطْمَعُوا فِي الْفَسَادِ فِي الْإِسْلَامِ)) كونها علة يدور مدارها الحكم وجوداً وعدماً وكذا ((وَيَحْذَرَهُمُ النَّاسُ)) وان كنا صرنا إلى ان الأصل في ما ظاهره العِلّية انه حكمة، لكن خصوص المادة هنا – مادة الفساد والطمع فيه، في: كي لا يطمعوا في الفساد في الإسلام – قد تشفع لإبقاء الظاهر على ظهوره.
ومن الواضح على القول بكونها علة، ان النميمة على الظالم والمبتدع سوف تكون جائزة بل واجبة من هذا الباب، فتجوز كلما كانت سبباً لقطع طمعهم أو لحذر الناس منهم، فعلاً أو بالقوة، بنفسها أو بالضميمة، في الحال أو الاستقبال، للشخص أو غيره أو للنوع، فتدبر.
الأولوية القطعية من اللعن والسبّ
رابعاً: الأولوية القطعية من عدد من المستثنيات
وقد استدل السيد الخوئي في مصباح الفقاهة على جواز غيبة من انكر واحداً من الأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم بقوله: (المراد من المؤمن هنا من آمن بالله وبرسوله وبالمعاد وبالائمة الاثنى عشر (عليهم السلام)، اولهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) وآخرهم القائم الحجة المنتظر عجل الله فرجه وجعلنا من أعوانه وأنصاره، ومن أنكر واحدا منهم جازت غيبته لوجوه: 1 - انه ثبت في الروايات والادعية والزيارات جواز لعن المخالفين، ووجوب البراءة منهم، واكثار السب عليهم واتهامهم، والوقيعة فيهم اي غيبتهم، لانهم من اهل البدع والريب. بل لا شبهة في كفرهم، لان انكار الولاية والائمة (عليهم السلام) حتى الواحد منهم والاعتقاد بخلافة غيرهم، وبالعقائد الخرافية كالجبر ونحوه يوجب الكفر والزندقة، وتدل عليه الاخبار المتواترة الظاهرة في كفر منكر الولاية وكفر المعتقد بالعقائد المذكورة وما يشبهها من الضلالات)([10]).
ثم قال: (ومن البديهي ان جواز غيبتهم أهون من الامور المذكورة، بل قد عرفت جواز الوقيعة في اهل البدع والضلال، والوقيعة هي الغيبة)([11]) وقال (نعم قد ثبت حكم الاسلام على بعضهم في بعض الاحكام فقط تسهيلا للامر وحقنا للدماء).
والحاصل: ان من ذهب للاولوية في ذلك المقام([12]) فله – ظاهراً – ان يستدل بالأولوية المذكورة لجواز النميمة عليهم في مقامنا أيضاً إذ لا شك في ان النميمة بين الظلمة بما يوجب الكدورة بينهم أو فكّ تعاونهم على الباطل بل مطلق النميمة بينهم بما لا توجب فساداً أعظم كوقوع حرب تسفك فيها الدماء المحترمة وشبه ذلك، أولى بالجواز من تجويز لعنهم بل تحبيذه وقد قال تعالى: (أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ)([13]) (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ)([14])
بل بعض أنواع النميمة لا شك انها اهون من بعض أنواع السبّ بل مطلقه. فتأمل وللبحث صلة.
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
==========================
([2]) الفقه: المكاسب المحرمة ج1 ص267.
([4]) مستدرك الوسائل: ج8 ص461 ح10012.
([5]) بحار الأنوار: ج72 ص161 ب57 ح33.
([6]) الفقه: المكاسب المحرمة ج1 ص267.
([7]) الفقه: المكاسب المحرمة ج1 ص273.
([10]) مصباح الفقاهة ج1 ص503-504.
([12]) مقام الغيبة للمخالف، مستدلاً عليه بكونها أهون من الأمور المذكورة.
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |