554- تتمة المناقشة واستظهار ان الذم عن طريق دليل عدم امضائه ـ (امرهم) كلي طبيعي وانطباقه على عامه افراده طَبْعي 4ـ تعميم الرواية يستلزم ما لايمكن الالتزام به الاستدلال برواية (ان أحق الناس بهذا الامر... اعلمهم) المناقشة
الاحد 5 شعبان 1436هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
تقليد الأعلم
(78)
الذم في الطرق كاشف عن عدم الإمضاء وعدم الجعل
والتحقيق: ان الذم لو إنصب على الطريق لأفاد عرفاً عدم إمضائه إن كان من الامضائيات وإلا فعدم تأسيسه، ألا ترى ان قوله تعالى: (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) ظاهر عرفاً في عدم إمضاء أو عدم جعل حجية خبر الفاسق استناداً إلى الذم الوارد فيه على إتباع قول الفاسق لأنه موجب لإصابة القوم بجهالة والندم([1])؟ والذم في المقام كذلك إن لم يكن أقوى دلالةً فان ((مَنْ أَمَّ قَوْماً وَفِيهِمْ أَعْلَمُ مِنْهُ أَوْ أَفْقَهُ مِنْهُ لَمْ يَزَلْ أَمْرُهُمْ فِي سَفَالٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة)) ظاهر في الذم فكيف يجعل مَن ذمّه الشارع بكونه سبباً لسفال أمر القوم إلى يوم القيامة حجة أو إماماً فتأمل([2]).
وعمدة الإشكال على الاستدلال بالرواية انها ليست عن الطرق – والكلام في المقام عنها؛ إذ الكلام عن حجية قول غير الأعلم وجواز العمل بنظره – بل هي عن منصب إمامة القوم أو عن تصديه للإمامة وفيهم من هو أعلم منه.
وقد ظهر بذلك الجواب عن ما سبق من (اما الأوّل: فان الطرق العقلائية بناؤها على السعة والتسامح فانهم يبنون على حجية مثل خبر الثقة والظواهر وغيرها وان استلزمت تفويت مصلحة الواقع في الجملة أو أوجبت الوقوع في مفاسد مخالفته في الجملة كذلك، وذلك لملاحظتهم المصالح المزاحمة كمصلحة التسهيل وعدم الإيقاع في العسر والحرج بل وعدم اختلال النظام اللازم من عدم حجيتها في الجملة)([3]).
فان الشارع لو رأى غلبةَ مصلحةِ جعلِ حجيةِ أمرٍ على مفسدته فجعله حجة، لما كان هناك وجه لمذمة اتباعه والحال هذه، فبالبرهان الإنّي من مذمة إتّباعه يكتشف انه لم يجعله حجة ولو من باب التزاحم. فتدبر جيداً
(امرهم) كلي طبيعي يفيد العموم
ثم ان قوله (عليه السلام) ((أمرهم))([4]) كلي طبيعي مضاف فيفيد العموم عقلاً لا بالوضع وذلك لانطباق الكلي الطبيعي قهراً([5]) على كافة أفراده فيكون (أمرهم) مفيداً لما تفيده كلهم (أمورهم).
والحاصل: ان الكلي الطبيعي إنما يفيد الوحدة إذا كان مع القرينة ومنها التنوين([6]) ولذا لا تفيد النكرة في سياق الإثبات العموم، لكنها لو تجردت عن التنوين وذلك في صورتين: تحليتها بأل كـ(الأمر) وإضافتها كـ(أمرهم) أفادت العموم([7]). ولئن نوقش في ذلك فلا مجال للمناقشة مع لحاظ مادة (الأمر) وإضافته لضمير الجمع فانه بذلك ظاهر عرفاً ظهوراً لا شك فيه في الإطلاق.
وتوضيحه بالمثال: ان قولك (فكره إسلامي أو علماني) أو (حكمه نافذ) أو ((كَلَامُكُمْ نُورٌ وَأَمْرُكُمْ رُشْد...)) الخ ظاهره ان طبيعيَّ فكرِه وحكمِه وقولِه كذلك وليس ان أحد أفراده كذلك، ويؤكده انه ان أراد بعض الأفراد لوجب ان يقول: بعض فكره إسلامي أو بعض حكمه نافذ أو – في الرواية – (لم يزل بعض أمرهم في سفال).
على ان الاستدلال لا يتوقف على ذلك فانه حتى لو أريد بـ(أمرهم) بعض أمرهم أو أحد مصاديق أمرهم لتمّ الاستدلال لما سبق من وفاء دلالة الذم بذلك خاصة مع التصريح بـكونه ((إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة)) نعم كون (أمرهم) عاماً شاملاً يفيد اقوائية الذم، فتدبر.
الجواب الرابع: عموم الرواية يستلزم توالي فاسدة
الجواب الرابع: ما ذكره السيد العم بقوله (ورابعاً: لو أُبقي: ((أمّ قوماً)) على اطلاقه ليشمل المفتي، لزم شموله ـ بنفس الاطلاق ـ لإمام صلاة الجماعة ولأمير الجيش ولغيرهما لانهم أئمة أيضاً ولا أظنّ أحداً يلتزمه ـ وإن قيل: بخروج ما خرج بالدليل لا يخدش في الاطلاق إلاّ إذا صار سبباً لخروج الاكثر ـ فتأمّل)([8])
بل قد يقال بخروج شبه المستوعب إذ يخرج كل من له إمامة وولاية عامة أو خاصة على شخص أو أشخاص كمدير المدرسة والمسؤول في الوزارة ومدير الشركة ومدراء الحسينيات والمساجد ومختلف المؤسسات، ولا يجدي لدفعه القول بان خروج مثل إمام الجماعة إنما هو بالدليل، إذ الفرض خروج الأكبر بل شبه المستوعب وهو قبيح([9]).
ولعل وجه تأمله (دام ظله) التفصيل بين خروج الأكثر العنواني وخروج الأكثر الأفرادي، أو إنكار قبح خروج الأكثر مطلقاً بل القبح تابع للاستظهار العرفي ولقصد المشرع أو المخبر الذي ذكر عاماً ثم خصصه بالأكثر والفوائد التي أرادها من ذلك مما فصلناه في بعض مباحثنا في العام الماضي. فتأمل
الاستدلال بـ((أَحَقَّ النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ... أَعْلَمُهُم بِأَمْرِ اللَّهِ فِيه ))
وقد يستدل بما جاء في نهج البلاغة من ((أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ أَقْوَاهُمْ عَلَيْهِ وَأَعْلَمُهُم بِأَمْرِ اللَّهِ فِيه))([10])
ويرد عليه ما أشار إليه السيد العم بقوله: (وثانياً: بأنّ المنصرف من كلمة: ((هذا الامر)) هو الامامة كما لا يخفى على من لاحظ روايات باب الامامة، فإنّ هذا من ذاك السياق، ولا شكّ في لزوم كون الامام العادل أعلم الناس جميعاً في عصره)([11]).
ونضيف: انه لو فرض عدم الانصراف إلى الإمامة فيكون ((هذا الأمر)) مجهولاً إذ ليس مطلقاً قطعاً لوجود أداة الإشارة، فالمراد هو أمر خاص مشار إليه بـ(هذا) فإذا لم يعلم المراد به لم يصح الاستدلال به على تعين فتوى الأعلم وعدم حجية غيره إذ لا يعلم انه هو المشار إليه بـ(هذا) أو غيره فيكون من التمسك بالمجمل. وللحديث صلة
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
==============================================
الاحد 5 شعبان 1436هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |