• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الفوائد والبحوث .
              • الموضوع : 343- فائدة فقهية تقسيم الكذب إلى كذب الحاكي والمحكي .

343- فائدة فقهية تقسيم الكذب إلى كذب الحاكي والمحكي

تقسيم الكذب إلى كذب الحاكي والمحكي[1].
اعداد: الشيخ محمد علي الفدائي

إطلاقات الكذب:
يطلق الكذب بإطلاقين:
الأول: كذب الحاكي، والثاني: كذب الحكاية، وهما نوعان مختلفان.
فإنّ الحكاية تارة: يقصد بها حكاية اللفظ، وتارة أخرى: يقصد بها حكاية اللافظ، والفرق بينهما كبير، موضوعاً وحكماً.
فإنه تارة: يلاحظ الكذب منسوباً لفاعله ولقائله، أي مسنداً إلى لافظه، فإذا كان نائماً أو غالطاً أو معلماً فلا كذب هنا، إذ هذا اللافظ ليس حاكياً في مقامه.
وتارة أخرى: يلاحظ اللفظ بما هو هو ومع قطع النظر عن لافظه، وهنا يصح أن نصفه بالصدق أو الكذب، أي إنه مع قطع النظر عن حالات اللافظ المختلفة لو طرق ذهن شخص جملة (زيد في المدرسة) من غير معرفته باللافظ وحالاته أو مع قطع النظر عنها، فإنه لو كانت هذه الجملة الخبرية غير مطابقة للواقع فهي كذب، لكنها بما هي هي مما لا وجه للردع عنها.
والمحصل: إنه تارة يوصف الخبر بأنه يحكي، وأخرى: يوصف المخبر بأنه حاكٍ.
وعلى ذلك: فالكلام في مصب الأدلة الناهية عن الكذب.
 فإنّ المحتمل في (اتقوا الكذب...) [2]ونظائره، وجهان:

الوجه الأول: شمول الإطلاق للصنفين
التمسك بإطلاق مثل: (اتقوا الكذب)، فتشمل الرواية كذب اللفظ والحكاية، وكذب اللافظ والحاكي، ولا فرق بينهما؛ إذ لا يوجد تقييد في الرواية بقسم دون آخر حتى يكون الكذب المنهي عنه هو ذلك الذي أُشرِب النسبةَ للمتكلم ليكون كذب الحاكي هو المنهي عنه فقط.

الوجه الثاني: ظهور النهي في كذب الحكاية.
فإنه وإن احتمل كون النهي عن فعل إنما كان بلحاظ انتسابه لفاعله أي: كذب الحاكي، إلا أن الأصل ـ أي الظاهر ـ عند تعلق النهي بعنوان كونه منهياً عنه بما هو هو، لا بخصوص صورة كونه منتسباً لفاعله[3]؛  فإن النهي في الرواية: (اتقوا الكذب...)، منصب على عنوان الكذب وظاهره أنه تمام الموضوع للحرمة من غير تقييد بوجود نسبة للفاعل، أي بكون الكذب منسوباً للفاعل عرفاً، أو شبه ذلك.
وعليه: فالكذب المحرم هو كذب الحكاية، بغض النظر عن الحاكي، أي المحرم ما هو كذب في حد نفسه وبالحمل الشائع الصناعي، فيكون الكاذب هازلاً وإن كان غير قاصد للحكاية آثماً؛ لأن كذب الحكاية متحقق وهو محرم، وإن لم يصدق كذب الحاكي.
إن قلت: فكيف في مصداق المعلم والتعليم؟
قلنا: إنه ثبت إخراجه بالدليل الخاص من بناء العقلاء والسيرة وغيرهما فلا ينقض به.
والمتحصل: في كل مورد لا دليل على إخراجه فهو باقٍ على الأصل، وهو: إن الحكم قد انصب على الموضوع بما هو هو، ولا دليل على إخراج الكذب الهزلي، نعم لو أقام قرينة فإن الظهور الثاني للحكاية يكون هو المقياس للوصف بالصدق والكذب.


----------
[1] اقتباس من كتاب حرمة الكذب ومستثنياته لسماحة السيد مرتضى الشيرازي: ص١٥٥.
[2] وسائل الشيعة : ج٢ ص٢٥٠.
[3] وللتفصيل يراجع: (فائدة أصولية: أنواع الأحكام بلحاظ أنحاء تعلق متعلقاتها بها) (موقع مؤسسة التقى الثقافية)


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=3501
  • تاريخ إضافة الموضوع : 20 رجب 1440هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29