• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الفوائد والبحوث .
              • الموضوع : 121- فائدة فقهية: صور المعاملة المحاباتية ونسبتها مع الرشوة .

121- فائدة فقهية: صور المعاملة المحاباتية ونسبتها مع الرشوة

فائدة فقهية: صور المعاملة المحاباتية ونسبتها مع الرشوة*

والمحاباة هي: أن يبيع شخص إلى القاضي ـ مثلاً ـ لأنه القدر المتيقن من الرشوة ـ بضاعة قيمتها مليون دينار بنصف مليون دينار، أي: بنصف القيمة، فإن هذه معاملة محاباتية, ولكن هل هي رشوة أم لا؟
 
صور المعاملة المحاباتية:
إن الصور في المعاملة المحاباتية هي خمسة[1]:
الصورة الأولى: أن تكون المعاملة هي المصب, وتكون المحاباة بمنزلة الشرط في صيغة العقد، أي: أن يكون الغرض الأول والأسمى هو نفس المعاملة, ولكن المحاباة فيها تكون بنحو التزام في التزام.
الصورة الثانية: وهي بعكس الصورة الأولى، بأن تكون المحاباة هي المصب والمعاملة بمنزلة الشرط، أو قل: بمنزلة الهيئة والشكل، أما المادة والجوهر فهي المحاباة.
الصورة الثالثة والرابعة: أن تكون المحاباة أو المعاملة مصباً ويكون الآخر داعيا لا شرطاً، لكن ما هو الفرق بين الشرط والداعي؟
 
الفرق بين الداعي والشرط:
يمكن تصوير الفرق بين الداعي والشرط في المعاملات العرفية بملاحظة تاجر له صداقة مع تاجر آخر، أحدهما يبيع الأقمشة والآخر يتاجر بالطعام مثلاً، فيبيع الأول بضاعته حصرياً للثاني ضمن اتفاق معين.
وهنا نتساءل: ما هو غرض التاجر الأول؟ فهل يقوم بهذا لأجل أن يقوم الآخر كذلك ببيعه بضاعته بصورة حصرية أيضاً بنحو الشرط الضمني أو لا؟ ههنا تتجلى الصور الأربع السابقة:
الصورة الأولى: أن يكون المصبّ هو نفس المعاملة لكن الشرط فيها أن يقابله الآخر بالمثل, فإذا لم يبع الثاني حصراً له كذلك، فإن للأول عندئذٍ خيار تخلف الشرط[2].
ولكن الأمر في الصورة الثالثة والرابعة ليس كذلك، بل تكون المعاملة فيهما هي المصب, وأمّا بيع الثاني للأول بصورة حصرية أيضاً فأنه يكون بنحو الداعي وليس بنحو الشرط، بمعنى أن يضع التاجر الأول في باله أنه يقوم ببيع البضاعة للآخر ليرى الآخر أنه قد راعاه في ذلك، فمن الطبيعي أن يراعيه الآخر في قبال مراعاته له، فيكون العقد بينهما مجرداً من شرط المقابلة, ومن دون بناء عليه، والفرق كبير بين الموردين, ففي الصورة الأولى والثانية لو أخلف التاجر الثاني مع الأول لكان مخالفاً قانوناً, وثبت للأول على الثاني خيار الشرط، ولكن في الصورة الثالثة والرابعة حيث لا شرط في المقام، بل يوجد الداعي فقط، فإنه لا خيار ولا مخالفة للقانون أو الشرع.
وفي مورد بحثنا نقول: إنّ المعاملة المحاباتية للقاضي تنقسم أيضاً لتلك الصور الأربعة, فتارة تكون المعاملة مصباً والمحاباة شرطاً، وأخرى بعكس ذلك، وتارة أخرى تكون المعاملة مصباً والمحاباة داعياً، وأخرى بعكس ذلك, فهذه صور أربعة.
الصورة الخامسة[3]: وهي أن يكون كلاً من المعاملة والمحاباة مصباً، أي: إن كليهما يكون مقصوداً لذاته, فأي الصور الخمسة رشوة ومحرمة؟ وأيها ليست كذلك؟
 --------------------------------
 
 
[1] ذكر الشيخ الأنصاري صوراً ثلاثة، ولكن التحقيق يقتضي أن تكون خمسة، بل أكثر, وسيأتي الحديث عن ذلك بإذن الله تعالى، حيث قال في المكاسب1: 248: >ومما يعد من الرشوة ـ أو يلحق بها ـ المعاملة المشتملة على المحاباة, كبيعه من القاضي ما يساوي عشرة دراهم بدرهم, فإن لم يقصد من المعاملة إلا المحاباة التي في ضمنها، أو قصد المعاملة لكن جعل المحاباة لأجل الحكم له ـ بأن كان الحكم له من قبيل ما تواطئا عليه من الشروط غير المصرح بها في العقد ـ فهي الرشوة، وإن قصد أصل المعاملة وحابى فيها لجلب قلب القاضي فهو كالهدية ملحقة بالرشوة، وفي فساد المعاملة المحابى فيها وجه قوي<.
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2455
  • تاريخ إضافة الموضوع : 15 ربيع الثاني 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20