• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1433-1434هـ) .
              • الموضوع : 74- الاستعمال مع ضميمة اصالة الحقيقة ، دليل الحقيقة ،اذ أـ عدم ايصال القرينة دليل عدم نصبها ثبوتاً ،بالنظر للحكمة ب ـ وعدم نصبها دليل انه يراه معنىً حقيقياً ج ـ ورؤية الشارع حجة بلا كلام ، اما احاد العرف فلان ذهنهم مرآة (الوضع ) و (العرف) والدليل على ذلك لكن الاشكال على المستند ، صغروي، لان الرواية تضمنت القرينة على المراد الاشارة الى طوائف الروايات الجديدة: ما تضمن ان الرشوة كفر او شرك .

74- الاستعمال مع ضميمة اصالة الحقيقة ، دليل الحقيقة ،اذ أـ عدم ايصال القرينة دليل عدم نصبها ثبوتاً ،بالنظر للحكمة ب ـ وعدم نصبها دليل انه يراه معنىً حقيقياً ج ـ ورؤية الشارع حجة بلا كلام ، اما احاد العرف فلان ذهنهم مرآة (الوضع ) و (العرف) والدليل على ذلك لكن الاشكال على المستند ، صغروي، لان الرواية تضمنت القرينة على المراد الاشارة الى طوائف الروايات الجديدة: ما تضمن ان الرشوة كفر او شرك

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
كان البحث حول استناد صاحب المستند الى رواية صحيحة استدل بها على أن الرشوة موضوعة للأعم، وقد ذكرنا إشكال فقه الصادق (عليه السلام) عليه حيث ذكر ان أصالة الحقيقة لا تجري إلا لو علم الوضع وجهل المراد، وأما لو كان العكس فلا يجري الأصل، كما هو الحال في روايتنا فانه قد علم المراد منها وجهل الوضع فيها، وذكرنا كذلك إننا ننتصر لصاحب المستند في كبراه ونرى إن أصالة الحقيقة هي مرجع أيضا لتحديد الوضع مع العلم بالمراد، هذا ما مضى . 
أصالة الحقيقة مرجع لتحديد الوضع أيضا: 
وبيان أن أصالة الحقيقة يمكن الاعتماد عليها أيضا لتحديد الوضع، يتضح بذكر امرين: 
الامر الأول وهو: ان المتكلم الحكيم عندما يأمر او ينهى فانه لو كان قد أراد المعنى المجازي في كلامه فلابد ان ينصب عليه القرينة، بالنظر للحكمة، هذا أولا، وثانيا: انه لابد أن يوصل تلك القرينة للمكلفين؛ إذ انه لو لم يوصلها لهم لتوهموا ان مراده هو المعنى الحقيقي، فامتثلوا غير ما أراد ما أمر به، فلزم من ذلك نقض الغرض، وهذا خلاف حكمته . 
عدم القرينة إثباتا يدل على عدم وجودها ثبوتا: 
وهنا نقول: ان الحكيم لو لم يوصل الينا القرينة لدل ذلك على عدم وجودها ثبوتا، فإننا ننتقل من عالم الإثبات – وصول القرينة وعدمه – إلى عالم الثبوت – وجودها وعدمها ، وذلك كما هو الحال في أصل الحكم؛ فانه كلما لم يوصل إلينا المولى حكمه، دل ذلك على انه لم يرده منا، أو لم ينشأه أو حتى لو انه أنشأه فان عدم الإيصال دال على عدم وصول الحكم إلى مرتبة الفعلية و التنجز، وان المولى قد أبقاه في مرتبة الاقتضاء، ولو ثبت ما قدمناه و ان عالم الإثبات هو طريق لعالم الثبوت، فإننا سننتقل من المقدمة الأولى الى المقدمة الثانية. 
الامر الثاني:[1] عدم إيصال القرينة دليل على ... (الحقيقة) 
ان المتكلم الذي لم يوصل لنا قرينة المجاز، فانه مريد للمعنى الحقيقي حتما؛ لأن هذا المتكلم لا يخلو أمره، إما ان يكون هو الشارع – كما هو موطن كلامنا في الرواية –، وإما أن يكون من عامة الناس، ونحن وعلى كلا التقديرين نثبت كبرى السيد المرتضى (مرجعية أصالة الحقيقة). 
أ- مرآتية الشارع للوضع 
أما الشق الأول: وهو ما لو كان الذي لم يوصل القرينة هو الشارع، فانه لا شك في ان ذهن الشارع هو مرآة للواقع ومرآة للعرف أيضا[2]، وعليه فلو ان الشارع استخدم لفظا معينا ولم ينصب قرينة في استعماله لدل ذلك على انه يراه هو الموضوع له حقيقة وهو الواقع بنظره، وإلا لو وجب ان ينصب تلك القرينة، وحيث لم ينصبها ثبوتا دل ذلك على ان الشارع يرى المعنى الذي استعمله فيه هو المعنى الموضوع له الحقيقي، ولذا استغنى بالوضع عن القرينة، وهذا في حق الشرع مما لا نقاش فيه، وكما قلنا فان روايتنا من هذا القبيل. 
ب- مرآتية احاد الناس، للعرف وللوضع 
وأما الشق الثاني: حيث الكلام في العرف[3]، واللفتة هنا هي مرآتية أذهان عامة الناس أيضاً، للوضع وللعرف توضيحه: لو ان شخصا من عامة الناس كان غير عارف بلغة القوم في بلد معين – كمن لا يعرف الفارسية مثلاً – فلم يكن يميز بين المعاني الحقيقية والمجازية في كلامهم ، بل ولا شيئاً منها ، فانه لو رأى واحدا من أفراد عرف ذلك البلد استخدم كلمة في معنى معين من دون أن ينصب قرينة، فان ذلك يدله على ان هذا المعنى هو الموضوع له حقيقة عندهم، ووجه الدلالة - مع ان الشخص[4] هو من عامة الناس – هو: 
ان بناء العقلاء على كون ذهن آحاد الناس مرآة للعرف، وان العرف بدوره هو مرآة للوضع[5]، ولو لم يكن الأمر كذلك لما أمكن التعرف على الوضع في أية لغة من اللغات، بل لما أمكن التعرف حتى لو رأينا ألوف الاستعمالات بدون قرينة، إذ من أين نعرف ان الواضع وضع هذا اللفظ لذلك المعنى لو لم يكن ما ذكرناه – من المرآتية للوضع – تاماً، نظراً لأن هؤلاء الألوف من المستعملين لم يكونوا في زمن الوضع[6]؟. 
والخلاصة: ان بناء العقلاء وسيرتهم جارية على ان الشخص الواحد من أفراد العرف ذهنه مرآة للمجموع من العرف وهذا المجموع هو مرآة للوضع حقيقة؛ وذلك لأنهم قد تلقوا اللغة كذلك يدا بيد، وأبناً عن أب. 
علامات الحقيقة حجة على الشخص وعلى الجاهل بالوضع 
وبتعبير آخر نقول: ان علامات الحقيقة هي تلك المعروفة، من التبادر والاطراد وصحة الحمل وعدم صحة السلب، والشخص من عامة الناس لو لاحظ لفظة معينه فتبادر الى ذهنه من ذلك معنى معين، فان هذا الانسباق والتبادر هو علامة الحقيقة، مع ان هذا الشخص لم يكن في زمن الوضع، وما ذلك إلا لأن التبادر، في ذهنه، يُعدّ عند العقلاء، مرآة للعرف العام وللوضع، والكل يبني على ذلك[7]، وكما هو الحال في الشخص المذكور فكذلك الحال في آحاد المكلفين جميعاً. 
وبتعبير آخر: كما يصح للشخص ان يستخدم القرائن الأربعة طريقا لاكتشاف الوضع، فانه يمكن لكل إنسان ان يكتشف الوضع فيما إذا رأى ابنا من أبناء اللغة والعرف قد طبّق علامات الحقيقة واستدل بها على الوضع فينطلق منها ذلك الانسان – الناظر - الى ان الموضوع له هو المعنى المتبادر لهذا الشخص – المنظور إليه – إذ لا فرق بين الناظر والمنظور إليه في وجه مرآتية ذهنهِ للعرف ومن ثمّ للوضع، وبهذا الوجه الذي بيناه فانه يثبت كلام السيد المرتضى[8] 
والخلاصة: إن رؤية الفرد من العرف ان هذا اللفظ موضوع لهذا المعنى استناداً للارتكاز والقرائن الأربعة هو حجة على الغير، وعليه فتكون الكبرى الكلية التي ذكرها السيد المرتضى صحيحة، وكلام المشهور غير تام حيث ان الدليل لا يساعد عليه فيكون الحق مع صاحب المستند في كبراه[9] 
الحق في الصغرى مع فقه الصادق (عليه السلام) لا المستند: 
ولكن وبالرغم مما ذكرناه من صحة الكبرى، إلا انه في صغرى المقام نقول: 
ان الحق مع فقه الصادق (عليه السلام) لا المستند، واستدلال الأخير ليس بتام[10]. 
الوجه في ذلك: وجود القرينة في الرواية 
والوجه في عدم تمامية صغرى المستند هو وجود القرينة في الرواية؛ فانها على المعنى المراد، ومع وجودها فانه لا يمكن القول ان المعنى المستعمل فيه اللفظ هو المعنى الحقيقي[11]، وأما القرينة فهي خصوصية المتعلَّق فإنها ناطقة بالمراد؛ وذلك ان موطن النزاع بين صاحب المستند وغيره، هو ان الرشوة تطلق بنحو الحقيقة على ما بذل من المال او غيره لأجل حق، لا لأجل الباطل فقط، فلو بذل المال لإحقاق الحق فهو مصداق للرشوة بنظر (المستند)، والمتعلَّق في الرواية هو حق وأمر جائز إذ هو ان يتحول الساكن من منزل إلى آخر، وهذا أمر مباح وحلال وحق، وليس بباطل، وسؤال السائل في الرواية كما بينا هو عن بذل المال في قبال ذلك . 
والمتحصل: ان الرشوة قد استخدمت في الرواية فيما بذل للحق، مع وجود القرينة، فلا تكون الرواية صغرى لتلك الكبرى المذكورة (وهي ان الاستعمال بضميمة عدم القرينة دليل الحقيقة) 
وبهذا الوجه تخرج صغرى المستند عن كبرى السيد المرتضى، 
والنتيجة: انه لا يصح الاستناد لهذه الرواية لإثبات ان الرشوة موضوعة للأعم كما اعتمد صاحب المستند عليها في استدلاله[12]. 
إشكال اخر[13]: الاستعمال في كلام المتكلم لا الإمام (عليه السلام) 
ونوجز هذا الإشكال بكلمة واحدة وهي: انه لو فرض تمامية كلام المستند وصغراه فانه مع ذلك قد يناقش في كلامه من ان الرواية تصلح للاستدلال على الوضع للأعم، وذلك أن الاستعمال كان في كلام المتكلم وليس الإمام ع، وتقرير الإمام(عليه السلام)لا يعلم شموله لتصحيح الأخطاء اللغوية – كالنحوية والصرفية - للسائل او المتكلم؛ وذلك: ان تقرير الإمام (عليه السلام) في الأحكام هو الحجة، فانه كلما قِيل حكمٌ في محضر الإمام (عليه السلام) فسكت عنه – لا لجهة تقية او غيرها – دل سكوته على تقريره له، ولكن لو ان متكلما او سائلا اخطأ في كلامه- وفي موردنا: فرض أو إحتمال انه اخطأ في استخدام الرشوة في غير الموضوع له – فليس من وظيفة الإمام(عليه السلام)التصحيح له، كأن يقول للمتكلم إن استخدامك للفظ الرشوة في السؤال كان مجازيا وبلا قرينة فليس بصحيح، وحيث لم يشكل عليه الإمام (عليه السلام)، دلّ على انه حقيقة فيه ولذا لم يستخدم القرينة. 
ولكن مدفع هذا الإشكال هو ما قلناه سابقا هو من إن ذهن الرواي أيضاً هو مرآة للعرف والعرف مرآة للواقع والوضع . 
الى هنا تم ما أردنا ذكره من كلام وبحث في رواية المستند، وننتقل منه الى روايات أخرى 
روايات أخرى : 
وتوجد روايات أخرى[14] في مقام الاستدلال، ونحن نقسمها الى صنفين، ونحاول ان نبحث عنها بحثا جديدا، فقد ذكرنا قسما من الروايات سابقا تحت عنوان، (مجهولة المراد والوضع )، ولكن هذا القسم أيضاً يمكن ان نصنفه الى صنفين: 
الصنف الأول: ما أمكن فيه الاستناد الى قرينة الحكم والموضوع لتحديد الوضع والمراد 
الصنف الثاني: ما لم يمكن الاستناد فيه الى قرينة الحكم والموضوع لتحديد الوضع والمراد 
ونتوقف الآن عند الصنف الأول منها ونذكر فيه روايتين: 
أما الرواية الأولى فقد وردت في ثواب الأعمال، فعن الاصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (أيّما وال احتجب عن حوائج الناس احتجب الله عنه يوم القيامة وعن حوائجه، وان أخذ هدية كان غلولا[15], وان أخذ رشوة فهو مشرك) 
وهنا نلاحظ ان أخذ الرشوة في الرواية ليس محرما فقط، بل يترتب عليه اثر عظيم وهو كونه مشركاً. 
وأما الرواية الثانية فقد جاء في كتاب الإمامة و التبصرة عن الإمام الهمام الكاظم (عليه السلام) عن أبيه عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (إياكم والرشوة فإنها محض الكفر), وهي تصرح بان الرشوة كفر، وللكلام تتمة وصلى الله على محمد واله الطاهرين 
 
 
 
________________________________________ 
[1] - وهي مقدمة دقيقة وتوجد فيها لفتة دقيقة لتوجه كلام السيد المرتضى 
[2] - فيما لو كان العرف في نظر الشارع هو المرجع 
[3] - وهذه لفتة كما قلنا هي دقيقة ولو قبلت فانه لابد من الإعراض عن كلام المشهور من الاصولين مطلقا 
[4] - المستَمع له. 
[5] - بل يصح القول ان ذهن آحاد الناس مرآة للوضع مباشرة. 
[6] - خاصة على مبنى مشهور المتأخرين من ان أهل اللغة أيضاً ليسوا أهل خبرة في الوضع. 
[7] - الكلام من ناحية الأصل العام وبصورة مبدئية لا في حالة التعارض 
[8] - فكما قلنا ان كلام السيد المرتضى مركب من ركنين: الاستعمال بضميمة أصالة الحقيقة، دال على الوضع وقد حللنا كلامه وبرهانه. 
[9] - وهذا بحث مبنائي ومفصلي فانه تترتب عليه ثمرات كثيرة في الفقه سلبا او إيجابا 
[10] - وهنا لفتة دقيقة في التفكيك بين الصغرى والكبرى 
[11] - إذ شرط ذلك هو التجرد عن القرينة. 
[12] - وقد اعتبر السيد الوالد في الفقه القضاء الرواية هذه مؤيدا للوضع للأعم ولعله لما ذكرناه. 
[13] - وهو إشكال لطيف أشار إليه احد الطلاب الاكارم 
[14] - وهي حوالي 10 روايات 
[15] - الغلول هي السرقة من الغنيمة قبل القسمة ثم عمت بالوضع التعيني ظاهرا كل خيانة 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=96
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 20 ربيع الثاني 1434هــ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23