• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : قاعدة الالزام(1432-1433هـ) .
              • الموضوع : 57- بعض الادلة على وجود الاصول العلمية اللغوية ، ومناقشتان .

57- بعض الادلة على وجود الاصول العلمية اللغوية ، ومناقشتان

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
لازال البحث حول رواية الالزام المعهودة, وتوقفنا عند كلمة دين ومعانيها المختلفة والمرجع في تحديد المعنى الموضوع له وتكلمنا عن التبادر ثم سائر الادلة الاربعة ثم عن البعض ما ادعي من وجوه وامارات اخرى ثم وصلنا الى مبحث مبنائي وهو ,انه قد يقال :ان الادلة اوالاصول في علم الالفاظ على قسمين كما هو الامر في عالم الاحكام وهي الاصول الاجتهادية اللفظية (اللغوية) و الاصول العملية اللفظية . 
اما القسم الاول فقد مضى الحديث عنه وهي التي ذكرها المشهور ,(1) و قد ذكرنا ان القسم الثاني من الاصول اللفظية وهي العملية لم يشر اليها الاعلام حسب استقراء ناقص ولكن هذه الاصول هي مقتضى القاعدة , وذكرنا انه يوجد كما في علم الاصول هذان النوعان فكذا الامر هنا واوضحنا اجمالا الفرق بينهما ,فالاصول الاجتهادية ملاكها الكشف عن الواقع والحكم الشرعي واما العملية فملاكها هو تحديد الوظيفة العملية لا اكثر عند الجهل بالواقع . 
ولكن ماهو الدليل على تقسيم الاصول اللفظية الى ذينك القسمين ؟سنذكر دليلين (او وجهين ) على المدعى وكذا اشكالين ونترك التفصيل لمظانه . 
الوجه الاول: هو بناء العقلاءعلى اصالة ثبات اللغة (2) وهو بنحو العموم والاستغراق وقد خرج منه ما علم بعدمه فيبقى الباقي وهذه كبرى, واما صغرى بحثنا فهي ان اللغة تتغير وتتبدل تدريجيا على مر مئات او الوف السنين وهذا مما لاشك فيه قليلا كان التغير ام كثيرا وهذا التغير اما في دلالتها المطابقية او التضمنية او الالتزامية او في دلالة التنبيه او الايماء, فهي على تعبير بعضهم كائن حي ينمو ويتطور ونحن لا نقبل الامر على كليته, لكنه لا شك في تحققه بل وكثرته , والعقلاء بناؤهم بشكل عام على الالتزام بثبات اللغة مالم يعلم النقل او التغيير بنحو ما , من غير فرق ذلك بين الاطمئنان بعدم التغيير او الظن او الشك فيه وهو موطن الشاهد . 
توضيحه : تارة نطمئن ببقاء اللغة على حالتها ومعناها الاولى وتارة نطمئن بالعكس أي النقل ونحوه , والاخرى نشك في التحول وعدمه وجدانا وفي هذا المورد نجد اصالة ثبات اللغة محكمة وعليها بناء العقلاء بالرغم من عدم وجود الكاشفية عن المراد او الوضع لديهم ههنا لان المورد مورد الشك ولكنهم على الثبات اللغوي كاصل عملي يعتمدون عليه رغم عدم وجود كاشفية نوعية عن الواقع لديهم ولكن يوجد بناء عملي على البقاء, هذا هو الوجه الاول الذي يمكن ان يذكر مع قطع النظر عن الاخذ والرد فيه . 
واما الوجه الثاني : فهو نفس الوجه الذي استند اليه عدد من الاعاظم قبل الاخوند كما نقل ذلك واراءهم المحقق صاحب القوانين, وهو وجه استندوا اليه لتصحيح تعليل التمسك بمطلق المرجحات في مبحث تعارض الاحوال غير الاربعة المعهودة , فهل يصح الترجيح بمطلق المرجحات ومنها الغلبة؟ ومنها : ان هذا اشد اختصارا من ذاك , مثلا الاضمار ارجح من الاشتراك لاختصاص الاجمال الحاصل بالاضمار ببعض الصور ولان اوجز وهو من محاسن الكلام , والوجه الذي ذكر هناك بعينه نذكره هنا ونستفيد منه .
وللننقل عبارة صاحب القوانين : ( من كون صاحب المزية الكاملة اولى بالارادة للمتكلم(3) فلا بد من حمل كلامه على ما هو اكمل واحسن واتم فائدة اذ لا يختار المتكلم ما هو اخس وانقص واقل فائدة إلا في حال الضرورة وحال الضرورة نادر بالنسبة الى غيرها والظن يلحق الشيء بالاعم الاغلب ) القوانين ج1 ص90 ط 3 دار المحجة , ونحن في مقام ذكر الوجه الثاني لابد من نعضد ونقوي كلام صاحب القوانين بأمرين ليتم الاستدلال به في المقام ( بعد تقويته ) لاثبات الاصول العملية اللغوية . 
الامر الاول : ان مفروض الكلام في صورة الشك بالوضع او المراد هو ان المتكلم حكيم بل هو سيد الحكماء فهو الشارع الاقدس والذي لا يتسرب خطأ الى ساحته (فلا يحتمل فيه الجهل بالكبرى ,وما هي المزايا ولا الجهل بالصغرى , وما هو ذو المزية ) . 
الامر الثاني : وفيه نقوم بالعدول عن دليل صاحب القوانين (والظن يلحق الشيء بالاعم الاغلب) الى وجه آخر اقوى لانه قد يقال ان الظن ليس بحجة إلا ماكان نوعيا وليس منه (الغلبة) , لكن تعبيرنا المتبنى يتناسب وصاحب المبنى الانفتاحي حيث نستدل بدليل بناء العقلاء لانهم يبنون على ان الحكيم الملتفت القادر ( وفي الشارع هذا الامر قطعي ) ينتخب الافضل ولا شك في ذلك , حيث ينتخب الراجح لا المرجوح إذ ان ارادة المفضول والمرجوح خلاف حكمة الحكيم . 
وهذا الكلام بعد تعضيد كلام صاحب القوانين بهذين الامرين يصلح لكي يجري في المقام لاثبات الاصول العملية اللفظية في مبحث تعارض الاحوال بان يقال : ان تأسيس الاصل ( في مبحث الوضع )اولى بالمتكلم وان جريه على الاصل اولى به لاخراج السامع من الحيرة فان لم يفعل ذلك او لم يعول على ذلك الاصل فسيبقى السامع في حيرته لمعرفه مراد المولى حيث انقطعت الامارات عنه وفي ذلك نقض للغرض(4) , ولهذا المبحث اخذا وردا تفصيل يترك لمحله . 
و قد يشكل باشكالين على دعوانا, الاشكال الاول :ان غاية ما يستفاد من الوجه الثاني ثبات الحسن بعد الامكان والحسن لايلازم الوقوع فان مراعاة ماهو الانفع و الافضل من قبل المتكلم حَسَن فهو اولى له ولكن غاية الامر هنا اثبات الحسن العقلي ولاملازمة بينه وبين وقوع ماهوحسن عقلا ,وتحقيق حال هذا الاشكال وجوابه يترك الى مبحث المستقلات العقلية من جهة اولى ,ويترك الى نظير(5) ما يذكر في مبحث قاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع للملازمة بينهما , اذهنا ايضا يوجد تلازم بين الحسن بالنظر للحكمة وبين الوقوع الخارجي اي ان الحكيم لابد ان يعمل بما هو حسن عقلا اذا كان قادرا (كما في الشارع) ولم يوجد مزاحم اقوى . 
الاشكال الثاني و هو في تصوير اصل مبحثنا, فهل يمكن تصوير ما قلناه قبل التصديق به ؟ اي تصوير وجود اصل عملي في دائرة المفاهيم واللغة ؟ ولكن لماذا الاشكال في التصوير ؟ وذلك لان الاصل العملي هو ما يلجأ اليه في مقام العمل لتحديد الوظيفة بعد اليأس عن معرفة الحكم الواقعي , وهنا وفي عالم الالفاظ والدلالة والوضع والارادة لا عمل فيها فلا معنى لوجود هكذا اصول فيها فهل من دافع لهذا الاشكال ؟هذا ما سياتي تفصيله باذن الله . وصلى الله على محمد وآله الطاهرين 
الهوامش ........................................................... 
1) الاطراد وصحة الحمل والتبادر والتنصيص 
2) و مشهور عند الاصوليين حجيته وكذلك يطلق عليها : اصالة عدم النقل او الاستصحاب القهقري للغة .
3) لاسيما اذا كان الشارع فهو الحكيم المطلق . 
4) وهذا الدليل يحتاج الى مزيد تأمل اذ قد تقتضى الحكم الاجمال او الاهمال وابقاء السامع على حيرته . 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=941
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 18 ربيع الاول 1433هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23