• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1433-1434هـ) .
              • الموضوع : 67- مناقشة فقه الصادق للمستتند (قول اللغويين ليس بحجة ) جوابنا : بحث مبنائي حول حجية قول اللغوي ـ ادلة الميرزا النائيني والسيد الخوئي على عدم حجية قول اللغوي 1ــ ان اللغوي متصدّ لبيان المستعمل فيه لا الموضوع له وفيه : أ ـ التشبع والاستقراء يشهد بالعكس ب ــ اللازم أعم من الاشتراك اللفظي والمعنوي 2ــ ان اللغوي حتى لو تصدى للوضع ، فليس من اهل الخبرة فيه ـ وفيه بل اللغوي متخصص في اللغة وإذا لم يكن اهل الخبرة فمن هم اهل الخبرة في الوضع؟ .

67- مناقشة فقه الصادق للمستتند (قول اللغويين ليس بحجة ) جوابنا : بحث مبنائي حول حجية قول اللغوي ـ ادلة الميرزا النائيني والسيد الخوئي على عدم حجية قول اللغوي 1ــ ان اللغوي متصدّ لبيان المستعمل فيه لا الموضوع له وفيه : أ ـ التشبع والاستقراء يشهد بالعكس ب ــ اللازم أعم من الاشتراك اللفظي والمعنوي 2ــ ان اللغوي حتى لو تصدى للوضع ، فليس من اهل الخبرة فيه ـ وفيه بل اللغوي متخصص في اللغة وإذا لم يكن اهل الخبرة فمن هم اهل الخبرة في الوضع؟

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
كان الحديث حول الرشوة مفهوما من حيث تحديد دائرتها سعة وضيقا، ووصلنا الى كلام صاحب المستند حيث انه اعتمد على مجموعة من الأدلة ومنها إن معظم الفقهاء واللغويين ظاهرا ذهبوا إلى إن الرشوة اعم من كونها ما يبذل لإبطال حق وكونها ما يبذل لإبطال باطل أيضا، وكذلك اعم مما يبذل لإحقاق باطل وما يبذل لإحقاق حق أيضا، هذا هو الدليل الأول لصاحب المستند من ظاهر كلامه. 
إشكال فقه الصادق (عليه السلام) على صاحب المستند : 
وقد استشكل صاحب فقه الصادق (عليه السلام) على أدلة صاحب المستند بأجمعها، فبدأ بالدليل الأول فقال: (ان قول اللغويين ليس بحجة)، وأضاف (لا سيما في صورة اختلافهم في تعيين المفهوم) وهذا الجواب – والإشكال - من صاحب فقه الصادق (عليه السلام) هو المشهور الآن, ولعل الذي ولّد هذه الشهرة في العصر المتأخر (من عدم حجية قول اللغوي) هو الميرزا النائيني وتبعه السيد الخوئي وتلامذتهما ساروا على نفس المنهاج - عادة - ولذا أصبحت هذه القضية لعلها من المسلمات عند الكثيرين ، وحيث ان هذا المبنى يؤثر على المئات - بل لعله الألوف - من المسائل الفقهية، كما وانه يؤثر بصورة مباشرة على مسألتنا؛ إذ استعرضنا لغويا تحديد مفهوم الرشوة وباستيعاب، ولو ذهبنا إلى ان قول اللغوي ليس بحجة فان البحث السابق سيكون لغوا ولا قيمة له، أو غاية الأمر سيرقى إلى رتبة المؤيد، وحيث ان هذا البحث من الأهمية بمكان لكون هذه المسالة مسألة مفتاحية؛ لذا كان من المناسب ان نتوقف عندها - مبنائيا - بعض التوقف . 
أدلة الميرزا والسيد الخوئي على عدم حجية قول اللغوي : 
قد استدل الميرزا النائيني وكذلك استدل السيد الخوئي مجموعاً بأدلة ثلاثة على عدم حجية قول اللغوي، وهي: 
الدليل الأول: ان اللغوي ليس من شأنه تعيين الموضوع له، وإنما شأنه هو تحديد موارد الاستعمال لا غير، والاستعمال اعم من الحقيقة ونص عبارته: (لان أهل اللغة شانهم بيان موارد الاستعمالات) انتهى 
وقال السيد الخوئي في المصباح: 
(اللغة لم توضع لبيان الموضوع له بل لبيان ما يستعمل فيه اللفظ حقيقة كان أو مجازاً) أي اللغة وضعت لكي تشخص موارد الاستعمال فقط الأعم من الحقيقة والمجاز، وهذا الإشكال هو إشكال صغروي، وعليه فالرجوع الى اللغة لتشخيص الموضوع له لغو. 
الدليل الثاني: 
اللغوي ليس من اهل الخبرة في الوضع، نعم هو من أهل الخبرة في المستعمل فيه، وهذا إشكال صغروي أيضا. 
الإشكال الثالث: 
وهو: انه حتى لو فرض ان اللغوي هو من اهل الخبرة وانه قد تصدى لذلك في كتب اللغة، ولكن مع ذلك فرأيه ليس بحجة. 
الدليل الأول: اللغوي متصدِّ للمستعمل فيه فقط 
وأما صاحب المصباح فقد أكمل كلام الميرزا، وطوره بعض التطوير حيث يقول : 
" لا يصح الرجوع إلى أهل اللغة لأنها لم توضع لبيان الموضوع له، بل لبيان ما تستعمل فيه فقط، حقيقة كان او مجازاً "، 
ثم يستدل على مدعاه فيقول: " وإلا لزم ان تكون جميع الألفاظ المستعملة في اللغة العربية - إلا النادر - مشتركا لفظيا؛ لان اللغويين يذكرون للفظ الواحد معاني كثيرة، وهو مقطوع البطلان " انتهى. 
مناقشة أدلة الميرزا والسيد الخوئي: 
لكن قد يورد على ما ذكره السيد الخوئي في الدليل الأول، إشكالان: 
الإشكال الأول : ان اللغويين شأنهم بيان الموضوع له الحقيقي وقد تصدوا لذلك 
نقول: ان التشخيص الصغروي الذي ذكره السيد الخوئي محل نظر, بل الأمر بعكس ما ذكره، فان اللغويين عامة قد تصدوا تمام التصدي لتحديد الموضوع له، وان من شان اللغوي هو تحديد الموضوع له، ويظهر ذلك جليا بتتبع كتب اللغة، فإننا نجد عموما – إلا النادر – وباستقراء شبه تام ما يدل على مدعانا؛ فان اللغويين لا ينطقون بالمجازات ولا يذكرونها كمعاني للألفاظ، بل يذكرون المعاني الحقيقية فقط، ويكفيكم في هذه العجالة أن تلاحظوا الكلمات التالية: فمثلاً: القمر يذكرْْ اللغويون بمعناه الحقيقي وهو القرص المعروف، ولا نجد في كتب اللغة ان من معانيه (مضيء الوجه) مع انه مجاز مشهور فيه، وكذلك (البحر) إذ نقول بحر في علمه، ولا نجد في كتب اللغة تفسير البحر بالعلم، وكذلك لفظ الأسد إذ لا نجد الرجل الشجاع، مذكوراً في جملة معانيه في كتب اللغة.. وهكذا سائر الألفاظ المجازية المعروفة، ولذا فان قول السيد الخوئي ليس بتام؛ فان اللغوي في كتابه يذكر المعنى الحقيقي فقط، 
كما ان السيد الوالد صرح بذلك أيضاً فقال: " واللغوي لا يذكر المجازات إلا مع الإشارة إليها" أي مع الإشارة إلى ان هذا المعنى مجازي. 
الإشكال الثاني: 
ونقول ثانيا (اللازم) أعم من التالي الفاسد المذكور 
ان استدلاله حيث قال " وإلا لزم ان تكون جميع الألفاظ المستعملة - إلا النادر -مشتركا لفظيا، حيث ذكر اللغويون للألفاظ معان كثيرة، وعليه ستكون هذه المعاني من المشتركات اللفظية وسيكون غالب لغة العرب هكذا، وهذا مقطوع البطلان "، 
ونقول في جواب ذلك: ان هذا الكلام ليس بصحيح فانه لا يلزم من المقدَّم خصوص ما ذكره السيد الخوئي من اللازم، لان اللازم هو الاشتراك أعم من كونه اشتراكا لفظيا أو اشتراكا معنويا، فلا يلزم خصوص الاشتراك اللفظي المدعى , فالمقدم الذي ذكره السيد الخوئي لا ينتهي الى خصوص الاشتراك اللفظي ليلزم من القطع ببطلان التالي بطلان المقدم، بل الظاهر ان تعدد المعاني هو لكونها أصنافاً للموضوع له، وكونها بنحو الاشتراك المعنوي، أي ان الوضع كان للجامع، وهذه المعاني المتعددة كلها فروع ومصاديق له، وقد بينا سابقا كون ذلك هو مقتضى الحكمة ودأب الحكيم في الوضع، كما يدل على ذلك مراجعة الكتب اللغوية المتعددة كمعجم مقاييس اللغة، وكتاب الفراهيدي وغيرها، 
إذن: كون أكثر اللغة مشتركات لفظية ليس بتام، ولا تلازم بين المقدم والتالي، واللازم الذي ذكره ليس بلازم. 
الدليل الثاني: اللغوي ليس من اهل الخبرة 
وأما الدليل الأخر فهو ما ذكره السيد الخوئي: 
انه حتى لو تصدى اللغوي لبيان الوضع والموضوع له، فانه ليس بأهل خبرة، ولذا فكلامه ليس بحجة، وعبارته: 
"وان شئت قلت ليس اللغوي من اهل الخبرة بالنسبة لتعيين ظواهر الألفاظ بالوضع او بالقرينة العامة بل هو من اهل الخبر ة بالنسبة إلى موارد الاستعمال فقط " انتهى. 
الجواب: بل اللغوي هو من اهل الخبرة 
وفي مقام جواب الإشكال فنقول: 
ان اللغوي هو من أهل الخبرة، بل هو الأكثر خبرة و خبروية من أي شخص آخر أو جهة أخرى؛ حيث انه قد صرف سِنيّ عمره الطويلة ولعل كل عمره في تتبع اللغة ومفرداتها وجذورها و وتفريعاتها ومعانيها ، وإذا لم يكن أهل اللغة خبراء في الألفاظ وما وضعت له، فمن هم أهل الخبرة بذلك؟ ومما يدل على ذلك الرجوع لمعرفة اللغات الاخرى، إلى أهل اللغة عند إرادة التعرف على معاني الكلمات وما وضعت له. 
الدليل الثالث: ليس قول أهل الخبرة حجة في الحسّيات 
وأما الدليل الثالث فهو: 
سلمنا ان اللغوي هو أهل خبرة في الوضع، وبأنه قد تصدى لذلك، ولكن مع كل هذا فان قوله ليس بحجة؛ لان أهل الخبرة على نوعين: فتارة يكون أهل خبرة في الحدسيات، وحينئذٍ فرأيه حجة كالطبيب والمهندس وما أشبه، ولكن تارة أخرى يكون أهل خبرة في الحسيات، وبحسب المبنى الذي ارتضاه السيد الخوئي فان الحسيات داخلة في دائرة الشهادة وليست في دائرة اهل الخبرة، وهناك فرق بينهما إذ لو أدخلت الحسيات في دائرة اهل الخبرة فقول الخبير كاف في المقام وحجة، وأما لو أدخلت في دائرة الشهادة فان هناك – وكما هو معروف – شروطا للشهادة متعددة كالحياة والذكورة والعدالة والعدد وغيرها، ولو ادخل كلام اللغوي في باب الشهادة فان أكثر كلماتهم تسقط عن الحجية، وهذا إشكال كبروي في المقام 
وأما عبارة السيد الخوئي فهي: 
" ان الرجوع إلى أهل الخبرة إنما هو في الأمور الحدسية التي تحتاج إلى إعمال النظر والرأي، لا في الأمور الحسية التي لا مدخل للنظر والرأي فيها" وهذه هي الكبرى منه، ثم يذكر بعد ذلك الصغرى فيقول: "وتعيين معاني الألفاظ من قبيل الأمور الحسية؛ لان اللغوي ينقلها على ما وجدها من الاستعمالات والمحاورات وليس له إعمال النظر والرأي فيها " انتهى. 
إذن: الدليل الثالث مركب من شقين، فالصغرى هي إن إخبار اللغوي حسي وليس حدسيا، وأما الكبرى فهي ان الاخبارات الحسية ليست مندرجة في دائرة حجية قول أهل الخبرة، وإنما هي مندرجة في باب الشهادة، وللكلام تتمة. 
وصلى الله على محمد واله الطاهرين 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=89
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 6 ربيع الثاني 1434هــ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23