• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1433-1434هـ) .
              • الموضوع : 58- تنقيح موضوع (الرشوة ) في الجهات التالية : 1ـ الباذل : من له صلة ولا صلة له / الاشخاص والجماعات 2ـ المبذول له : القاضي والحاجب و... والمحامي...الخ 3ـ البذل : وصوره 4ـ المبذول : المال، المنفعة ، الحق ، الفقه (الافعال والاقوال) .

58- تنقيح موضوع (الرشوة ) في الجهات التالية : 1ـ الباذل : من له صلة ولا صلة له / الاشخاص والجماعات 2ـ المبذول له : القاضي والحاجب و... والمحامي...الخ 3ـ البذل : وصوره 4ـ المبذول : المال، المنفعة ، الحق ، الفقه (الافعال والاقوال)

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين سيما بقية الله في الأرضين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, 
كلام صاحب الجواهر: 
أشار صاحب الجواهر في مبحث (الرشوة) إلى ان العديد من المسائل فيها لم يتم تحريرها - في وقته طبعا- فبعد ان ذكر بعض الصور في الرشوة قال: 
" لم أجد تحريرا لشيء من ذلك في كتب الأصحاب ". 
ونضيف: ان مبحث الرشوة رغم أهميته – كما بينا - فان التتبع يدل على انه لا تزال الكثير من العناوين المتعلقة به غير مبحوثة أو غير منقّحة في كتب الأصحاب، نعم إن السيد الوالد ذكر الكثير من العناوين والفروع وحرّر البعض الآخر، ولكننا مع ذلك وجدنا ان هناك فروعاً كثيرة لا تزال غير محررة أو غير مذكورة بالمرة رغم الأهمية الفائقة لها، ولذا كان لابد من التدبر جيدا في هذا البحث، وتناوله بمختلف أطرافه. 
تصنيف مسائل البحث: 
وبعد أن اشرنا إلى العناوين العامة لمباحث الرشوة، فإننا نبدأ بتنقيح موضوعها والمحتملات فيه ، وقد فكرنا في تصنيف مسائل هذا البحث في ضمن عناوين وأطرٍ، وذلك لأن المسائل المرتبطة بالموضوع هي بالعشرات، فكان من الوجيه وضعها ضمن اطر عامة, ثم اننا بعد تنقيح الموضوع نأتي إلى الأدلة لنرى المقدار المستفاد منها في ذلك و ما الذي يصدق عليه عنوان الرشوة وما الذي لا يصدق عليه، ثم ما هو المحرم من العناوين المختلفة المذكورة؟ 
عناوين البحث: 
العنوان الاول: الباذل وفيه بحثان: 
البحث الأول: ان بحث الرشوة تارة يدور حول الباذل – أي الراشي – وانه قد يكون شخصا، وقد يكون الراشي جهة، والكلام في الكتب الفقهية عادة يدور عن الأشخاص أي الشخص الراشي ، ولكن لو كان الباذل جهة كشركة او حزب او عشيرة او دولة، كما لو رشت الحكومة مثلا حكومة أخرى او جهة معينة، ففي مبحث تنقيح موضوع الحكم لا بد من بحث ان الراشي هو خصوص الباذل؟ او إن الهيئة المجموعية بما هي هي تعتبر الراشية؟ 
ثم انه بعد تحديد الموضوع لا بد ان نرى الحكم ومداه وشموله، فهل ان الكل آثم او البعض وذلك على كلا تقديري قولنا بانهم جميعا راشون او بعضهم – أي المباشر – فقط؟ 
البحث الثاني: 
وقد اشرنا إلى بعض هذا البحث سابقاً، وهو ان الباذل ( الراشي ) تارة يكون هو ذا المصلحة، أي من تناله الفائدة بصورة مباشرة، وتارة أخرى تنال المصلحة من تكون له صلة معه بوجه من الوجوه كولده او أخيه او غيره، كأن يدفع رشوة لتمشية معاملة متعلقة بأحدهم، هاتان صورتان، وأما الصورة الثالثة – وهي غير مطروحة فيما وجدت – فهي ان يبذل الشخص رشوة لتخليص معاملة مّا لآخر لا يرتبط به بوجه من الوجوه، فهل يدخل ذلك في موضوع الرشوة؟ سيأتي جوابه ان شاء الله تعالى 
العنوان الثاني: المبذول 
وهذا هو العنوان الثاني في مسألتنا، ويوجد بعض البحث حوله في كتب الفقهاء، فان المبذول قد يكون مالا، وهي الصيغة المتداولة و المتعارفة في الرشوة، ولكنه قد يكون حقا او منفعة او فقها او علما. 
ونذكر هنا عبارة صاحب الجواهر لأهميتها وفائدتها حيث يقول : 
" الذي ينبغي في المقام تحريره أمران: احدهما الرشوة خاصة في الأموال وفي بذلها على جهة الرشوة، او إنها تعمها وتعم الأعمال، بل والأقوال كمدح القاضي والثناء عليه والمبادرة الى حوائجه وإظهار تبجيله وتعظيمه ونحو ذلك " انتهى. 
إذن: هنا بحث آخر في (المبذول)، ونحن قد عممنا ذلك الى كون المبذول حقا كحق الاختصاص, بل قد يكون المبذول فقها 
وقد جاء في رواية ذكرها الشيخ في المكاسب، وهي رواية يوسف بن جابر انه (عليه السلام) قال: لعن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) من نظر إلى فرج امرأة لا تحل له، ورجلا خان أخاه في امرأته، ورجلا احتاج الناس إليه لفقهه فسألهم الرشوة فان النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) قد وضع العنوان الثالث في سياق الأولين، وهما من اقبح المعاصي والموبِقات، مما يدل على مدى فداحة جريمة ان يسأل الفقيه من الناس، الرشوة على بذله فقهه. 
تحليل أولي للرواية: 
وكتحليل أولي للرواية انه لابد من تحديد متعلَّق الحاجة في كلام الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) أي (الفقه) حيث قال احتاج الناس إليه لفقهه فما هو المقصود من ذلك؟ 
ان الدوائر المحتملة بين ضِيق وسِعة، متعددة, ولكننا نذكر الدائرة الواسعة في ذلك ، فانها تشمل الفقيه قطعا، ولعلها تشمل الخبير ومطلق العالم، ولو أراد الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) من ذلك، المعنى المصطلح فانه من خلال تنقيح المناط يمكن الوصول الى كون المفهوم والحكم يشمل الأوسع دائرة ولا يختص بالفقه بالمعنى الأخص أي (رجلا احتاج الناس إليه لعلمه) فتأمل 
وجوه احتياج الناس إلى العالم ( لفقهه): 
وتوجد وجوه متعددة لاحتياج الناس لفقه الرجل، فقد يكون احتياجهم له من جهة الإفتاء لكونه مرجع تقليد وهو أجلى من لاحقه وهو ما لو احتاج الناس إليه في نقل المسائل الشرعية، كالوكيل، فيطلب الرشوة على نقله ذلك، وكذلك الحال في التدريس بان يحتاج الناس إليه للتدريس فيسألهم الرشوة على ذلك، وكذلك لو احتاج الناس إليه في المذاكرة و المباحثة أو التأليف أو المنبر، وكذلك لو احتاجوا إلى فقهه في القضاء وهو القدر المسلم في المقام ، 
وقال المحقق الايرواني: 
"او يشمل ما دفع لأجل تصدي ما هو من وظائف الفقيه كتولي الأوقاف العامة وحفظ مال الصغير والغائب، لصدق الاحتياج اليه لفقهه على ان يكون الفقه واسطة في الثبوت. . "، وهذه الكلمة دقيقة من المحقق لبيان المطلب، فان الاحتياج إليه لشخصه، كان لعلةٍ وهي فقهه، ففقهه هو الواسطة في ثبوت حاجة الناس له – لا في الاثبات – فصَدَقَ عليه بالحمل الشائع الصناعي قوله (صلى الله عليه واله وسلم) رجلاً احتاج الناس إليه لفقهه. 
العنوان الثالث: البذل 
واما العنوان الثالث فهو البذل وكيفيته، وهذا العنوان مسائله محدودة وقليلة، فتارة يكون البذل بعنوان الرشوة صريحا، وتارة لا يكون كذلك، وقد طرح بعض الفقهاء ذلك في بحوثهم، ثم على كلا التقديرين المذكورين فان البذل قد يعطى بصورةِ وصيغةِ عاريةٍ او هبة او إجارة او وقف او غير ذلك، فهذه صور عديدة في المقام 
العنوان الرابع: المبذول له 
وأما العنوان الآخر فهو عنوان ( المبذول له)، وهو قليل الطرح أيضا، فان المبذول له تارة يكون قاضي الحق، أي ذلك القاضي المنصوب من قبل الإمام الجامع للشرائط او الفقيه النائب عنه، وأخرى يكون المبذول له هو قاضي الباطل والمنصوب من قبل الحاكم الجائر 
وهناك عنوان آخر وهو: انه تارة يكون المبذول له هو من بيده الحكم كالقاضي، وتارة أخرى يكون البذل لحاجبه او بوابه او ولده او من أشبه فما هو الحكم في ذلك؟ومثاله شخص يدفع مالا لمعاون القاضي ( السكرتير) لكي يسرّع المعاملة – أي النظر في قضيته - ويتجاوز حلقات الروتين فقد يكون ذلك مع مزاحمة حقوق الآخرين ومعاملاتهم بان يقدم معاملته عليهم، فهل كل من المعاون والقاضي مرتشي فتشملهما الحرمة؟ وتارة أخرى لا تكون هناك مزاحمة لحقوق الآخرين، وإنما ينظر القاضي في معاملته في وقت خاص به خارج الموعد المحدد لبقية الناس للنظر والحكم في أمورهم فما هو الحكم؟ ثم انه لو وصل للقاضي شيء من ذلك المال، فالأمر واضح، إنما الكلام فيما لو لم يكن القاضي في كل ذلك ينال من المال شيئا، بل يأخذ معاونه المال لنفسه فيتوسط لدى القاضي فيقبل وساطته مع علمه بأخذه، فهل القاضي أيضاً مرتشي؟ وهل قبوله هذه الوساطة حرام؟ وللكلام تتمة. 
وصلى الله على محمد واله الطاهرين 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=80
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 21 ربيع الاول 1434هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 23