• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1433-1434هـ) .
              • الموضوع : 56- توضيح اكثر لكلام للميرزا النائيني ـ اشكال السيد الروحاني عليه ، وجوابنا عنه ( مباحث الرشوة) فهرس المباحث : ـ حكمها التكليفي والوضعي ـ موضوع الرشوة سعةً وضيقاً : القولان الأولان .

56- توضيح اكثر لكلام للميرزا النائيني ـ اشكال السيد الروحاني عليه ، وجوابنا عنه ( مباحث الرشوة) فهرس المباحث : ـ حكمها التكليفي والوضعي ـ موضوع الرشوة سعةً وضيقاً : القولان الأولان

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 
تتمة مبحث المعاملات الجارية على مسببات الفساد: 
ذكرنا فيما سبق ان الميرزا النائيني استدل على بطلان المعاملات الواقعة على كتب الضلال – بل ومطلق مسببات الفساد حسب تعميمنا الذي أسلفناه سابقا بان من – شروط صحة البيع -, وهي ثلاثة، -: إلا يكون البائع – بل مطلق المتعاملين – محجورا عليه شرعا؛ لأنه لو كان كذلك لما كانت له السلطة على ماله لكي يبيعه او يهبه او يؤجره او غير ذلك – وبتوضيح وإضافة منا – كالمفلس والطفل والمريض في منجزاته على قول، هذه هي الكبرى الكلية وهي واضحة، أي ان المحجور عليه معاملاته باطلة . 
تطبيق الكبرى في كلام الميرزا على صغرى المقام: 
وبعد أن فرغنا من أن حفظ كتب الضلال محرم، وانه يجب إتلافها تكليفا، فان نهي الشارع التكليفي هذا معجِّز مولوي اعتباري للمكلف عن ان ينقلها إلى الغير ببيع او شراء او غيره، أي ان النهي من الشارع عن حفظ كتب الضلال والأمر باتلافها فورا معجز مولوي عن إعمال المالك سلطنته على ماله، ولو اعملها لما كانت نافذة، و هو معنى فساد المعاملة 
ونص عبارة الميرزا هي: 
وأما عبارة الميرزا فهي: (يعتبر في صحة البيع ان لا يكون البائع محجورا عن التصرف في المبيع ليكون له السلطة الفعلية على التصرف فيه، فإذا فرض تعلق النهي بالحفظ ووجوب الإتلاف كان النهي معجزا مولوياً للمكلف عن البيع ورافعا لسلطته عليه ويترتب عليه فساد المعاملة) انتهى. 
إشكال على كلام الميرزا ودفاع: 
ونكمل الكلام حول كلام الميرزا وذلك بذكر إشكال مع دفعه 
أما الإشكال: 
ان قلت: ان هذه المعاملة المحجور على القائم بها تكون كمعاملة الفضولي مراعاةً, فان لحقتها الإجازة جازت وإلا فلا, فلا يصح إطلاق كلام الميرزا من انه يترتب على المعجز المولوي الاعتباري الذي ذكره فساد المعاملة مطلقا، للنقض بالفضولي؛ فانه وان كان البائع فضولة لا سلطة له على ما باعه من ملك غيره ولكن المعاملة التي أجراها الفضولي لا تقع فاسدة بل تقع مراعاة بالإجازة المتأخرة، وإلا فسدت 
جواب الإشكال: لا مصحح لبيع كتب الضلال حدوثا وبقاء 
وفي جواب الإشكال نقول : 
ان كلام الميرزا صحيح في المقام، وذلك للفرق بين الموردين ؛ لان الفضولي وان لم تكن له سلطة على البيع ابتداء، إلا ان الذي بيده السلطة بقاءاً لو أجاز تحقّقَ البيع, وتمت المعاملة وصحت، وبتعبير آخر: يشترط في تحقق البيع ان يصدر إما ممن بيده الاعتبار حدوثا او ممن بيده الاعتبار بقاءاً، لكن المشكلة في حفظ كتب الضلال ان بيعها لا مصحح له مطلقا حدوثا و لا بقاءاً, أما حدوثا فلفرض ان الشارع قد أمر بإتلاف كتاب الضلال فورا فلا سلطة له عليه، وأما بقاء فانه لم يُجزه من بيده الاعتبار لاحقاً وهو الشارع حتى يحصل النقل والانتقال كما هو الحال في الفضولي, وعليه فان هذا الاشكال غير وارد على الميرزا. 
إشكال السيد الروحاني: النهي غير متعرض للامضاء وعدمه 
السيد الروحاني استشكل على الميرزا في فقه الصادق (عليه السلام) : (بان النهي إنما يدل على الزجر عن الحفظ ولا يكون متعرضا لإمضاء البيع على تقدير تحققه وعدم إمضائه) انتهى 
وكلامه مبني على عدم التلازم بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي 
الجواب: الملازمة ثابتة عرفا وعادة 
ولنا ان نجيب عن اشكال السيد الروحاني بإيجاز فنقول: 
ان الملازمة في نظائر المقام ثابتة بين الحكمين عرفا وعادة ؛ فان الشارع عندما يقول :( اتلف كتب الضلال فورا ) فلازم ذلك عرفا وعادة انه لم يشرِّع – تأسيساً أو امضاءاً – صحة المعاملات وضعاً، وبتعبير آخر: ان الأمر بالإتلاف الفوري لا ينسجم مع تصحيح من بيده الاعتبار كافة المعاملات الجارية على العين ونحن لا نقول ان هناك استحالة عقلية كما لا يخفى، بل نقول ان اللازم العرفي والعادي هو البطلان وبعبارة أخرى: هناك تهافت في نظر العرف بين حكم الشارع بوجوب الإتلاف الفوري وبين إمضاء كل المعاملات على عين الضلال وإعطائها الشرعية الاعتبارية الوضعية. 
إذن: الظاهر ان كلام السيد ليس بتام وليس على مقتضى القاعدة وكلام الميرزا هو الصحيح ، 
والى هنا انتهينا إجمالا من البحث عن حرمة بيع كتب الضلال ومطلق مسببات الفساد، وعن بطلان هذه المعاملات وان كان يوجد كلام كثير في ذلك، ولكن ما ذكر لعل فيه الكفاية . 
بحث الرشوة: 
وننتقل الى بحث اخر: وهو موضوع الرشوة وفيه عدة مباحث وبداية نشير الى العناوين الرئيسية فيها : 
البحث الأول: 
وهو حول الحكم التكليفي أي الحرمة، وهذا البحث لا كثير كلام فيه لضرورة الحرمة كما ادعاها بعض الأعلام إضافة للآيات والروايات والإجماع 
البحث الثاني: وهو حول الحكم الوضعي. 
البحث الثالث: حول تنقيح الموضوع – أي الرشوة - وهذا البحث ذو فائدة كبيرة، وعليه تتفرع الكثير من المسائل، وفيه تدور الآراء المختلفة، فالبحث يدور حول تحديد مفهوم الرشوة وتحديد المراد منها لغة وعرفا وشرعا، وتوجد في المقام عدة آراء بين ما يتبنى منها الدائرة الضيقة جدا كما ذهب إليه بعض علمائنا حيث خصوا الرشوة بدائرة خاصة جدا وهي "الجعل على الحكم الباطل" وعليه فهي ترتبط بحكم القاضي بالباطل فقط ولو حكم بالحق فليست برشوة، 
وأما الرأي الثاني فانه يرى ان الرشوة أوسع دائرة من ذلك وقد ذهب اليه جمع آخر من الفقهاء ومنهم السيد الوالد، وأما الرأي الثالث فيرى سعة مفهومها وان لها دائرة وسيعة جدا وقد ذهب اليه السيد الخوئي في المصباح. 
رأي السيد الوالد : 
الرشوة هي :" عبارة عن إعطاء مال ونحوه لإبطال حق او إحقاق باطل من غير فرق بين ان يكون لكسب المال او المرأة ، أو الفرار من قصاص أو دية أو ضمان وبلا فرق بين ان يكون الراشي هو نفس من يفعل ذلك او من له تأثير فيه كزوجته او ولده"، 
ثم بعد ذلك يعمم الوالد الدائرة في موضع آخر فيقول: " وتشمل الرشوة إعطاء المال ونحوه لإحقاق حق او إبطال باطل اذا كان ذلك واجبا مجانا على الطرف الآخر "، 
ثم ينتقل مرة أخرى ليوسع الدائرة ويعمم فيقول: "وتشمل إعطاء المال للقاضي ليحكم مع عدم علمه بالحق" 
ويقول في موضع آخر (ومن الرشوة المحرمة الوقف له فانه يعلم مما تقدم بطلان مثل هذا الوقف، وكذا النذر له وضيافته – أي القاضي – فالنذر باطل واكله وشربه حرام ويجب عليه رده" . وللكلام تتمة. وصلى الله على محمد واله الطاهرين 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=78
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 15 ربيع الاول 1434هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 16