• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1433-1434هـ) .
              • الموضوع : 54- تحقيق ان (الباء) في (بالباطل) للمقابلة او للسببية واجوبة اربعة عن (عدم شمول الآية للمتعلّقات الباطلة واختصاصها بالاسباب الباطلة) والحاصل : دلالة الاية على بطلان بيع كتب الضلال الذاتي بل والعرضي ومختلف التقلبات (من المعاملات ) في مسببات الفساد .

54- تحقيق ان (الباء) في (بالباطل) للمقابلة او للسببية واجوبة اربعة عن (عدم شمول الآية للمتعلّقات الباطلة واختصاصها بالاسباب الباطلة) والحاصل : دلالة الاية على بطلان بيع كتب الضلال الذاتي بل والعرضي ومختلف التقلبات (من المعاملات ) في مسببات الفساد

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, 
(المصباح): باء (بالباطل) سببية فلا ترتبط بالمتعلَّقات 
كان البحث حول بيع كتب الضلال ومختلف التقلبات في مسببات الفساد (أي المعاملات عليها) وانها هل هي باطلة وضعا أو لا ؟ ذكرنا إن الدليل الخامس الذي يمكن أن يستدل به على البطلان هو الآية الشريفة: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)، وبينا وجها أولا للاستدلال بها، وانتقلنا إلى الوجه الثاني، وذكرنا ان السيد الخوئي في مصباح الفقاهة ذكر أن (الباء) في (الباطل) سببية ؛ ولذا فهي تشير إلى الأسباب الباطلة، – وبتوضيح منا - إن الآية لا تتحدث عن المتعلقات الباطلة - كما ادعينا-، وإنما معنى لا تأكلوا الأموال بالباطل، أي: بسببٍ باطلٍ مثل القمار والسرقة والربا، ولا تتحدث عن المتعلق لو كان باطلا وكان السبب صحيحا، كما في محل بحثنا وهو بيع كتب الضلال الذاتي فان السبب وهو عقد البيع صحيح ولكن المتعلق باطل، - وتتميما لكلامه- فيكون التمسك بالآية لإثبات بطلان بيع كتب الضلال تمسكا بالعام في الشبهة المصداقية، فانه لابد من تثبيت الصغرى وكون المورد هو سببا باطلا حتى يمكن الاستدلال بكبرى الآية الشريفة. 
و عبارة السيد الخوئي هي : " وفيه ان دخول باء السببية على الباطل ومقابلته في الآية للتجارة عن تراض، ولا ريب ان المراد بالتجارة هي الأسباب، قرينتان على كون الآية ناظرة إلى فصل الأسباب الصحيحة للمعاملة عن الأسباب الباطلة " انتهى، ومزيد توضيح لكلامه قده سيأتي ان شاء الله تعالى. 
مناقشة كلام (المصباح) بوجوه أربعة 
و الظاهر ان كلام السيد الخوئي ليس بتام، وذلك لوجوه أربعة: 
الوجه الاول: الباء للمقابلة وليست للسببية 
أما الوجه الأول: ان الباء الداخلة على كلمة الباطل في الآية الشريفة يحتمل فيها أن تكون (باء المقابلة) وليست (باء السببية)، وباء المقابلة هي تلك الداخلة على الأعواض والأثمان، كما في قولك (اشتريت الكتاب بألف دينار)، أي الشراء كان في مقابل إلف دينار، وكذلك قوله تعالى: (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) أي: ادخلوا الجنة مقابل عملكم في الدنيا، وهذا الاحتمال قد يدعى انه المستظهر عرفا فيكون معنى (لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) أي لا تأكلوها في مقابل الثمن أو المثمن الباطل، وهذا ينطبق على المتعلِّقات – وما نحن فيه مصداقها – لا الأسباب، فتكون النتيجة هي على عكس ما استظهره السيد الخوئي، فيكون المال المنهي عن أكله هو ما وقع مقابل المتعلق الباطل، كما في كتب السحر الذاتي، فالشخص الذي يبيعها فانه يكون قد أكل الأموال التي أخذها من الطرف الآخر بمقابل باطل وهي هذه الكتب. 
إشكال تفسير الروايات للآية يشير إلى الأسباب لا المتعلقات 
وهنا إشكال قد يرد: ان الآية ورد تفسيرها بالقمار، والقمار هو من عالم الأسباب لا المتعلقات، وما ذكر من كون الباء هي باء المقابلة تشير للمتعلق لا السبب. 
جواب الإشكال: دخول المتعلقات في دائرة الأسباب 
وجوابه: يمكن انطباق الآية (بتفسير بائها بباء المقابلة) على المقامرة؛ لان الذي يقامر يأكل المال في مقابل المقامرة وهي باطل، وبتعبير أدق: هو يأكل الأموال في مقابل الغلبة في المقامرة وهي ناقل باطل وكذلك الحال في السرقة، فان السارق يأكل المال بالباطل، إذ أنه يرى ان جهده الذي بذله لسرقة للمال هو الذي احل له أكل المسروق، فيصدق انه أكل المال في مقابل الباطل، والباطل هو الجهد الذي بذله لكي يفتح ذلك الصندوق ويأخذ ما فيه مثلا , 
وبهذا البيان أدخلنا كل ما قيل انه من عالم الأسباب في عالم المتعلقات، فتدبر 
 
الوجه الثاني: الآية تشمل الأسباب والمؤديات، على السببية 
وهو جواب تنزلي على ما ذكره السيد الخوئي: 
سلمنا ان الباء هي باء السببية ولكن يرد على ما ذكره السيد الخوئي: 
انه لا مانعة جمع بين كون الآية شاملة لكلا الموردين معا أي: هي ناهية عن أكل الأموال بسببٍ باطل وبمتعلقٍ باطل أيضا، ولا تهافت, 
ولكن قد يرد إشكال وهو: ان ما ذكرتم هو استعمال للفظ في أكثر من معنى، وهو ليس بصحيح . 
جواب الإشكال: 
ونجيب عن ذلك بكبرى وصغرى : 
أما كبرى، فما أسلفناه سابقا من ان استعمال اللفظ في أكثر من معنى لا إشكال فيه، خاصة فيما لو كان كل واحد من المعنيين هو جزء وبعض أو جزئي ومصداق المعنى المراد 
وأما صغرى، فإن تفسير (بالباطل) بأي بسببٍ ومتعلَّقٍ باطل ليس هو من قبيل استعمال اللفظ في أكثر من معنى، وإنما هو من باب التكُّثر في المتعلَّق، حيث ان حذف المتعلّق يدل على العموم، ونحن في هذه الدائرة لا دائرة الاستعمال وتعدد المعنى، أي إننا قد قدرنا بين (الباء والباطل) أمرين: الأول هو: بسببٍ باطل والثاني هو: بمتعلقٍ باطل، فيكون التكثر في المتعلق المحذوف أي: حذف المتعلَّق يفيد العموم، هذا هو الوجه الثاني في الرد على مبنى السببية 
الوجه الثالث: تقدير كلمة (أمر) 
وأما الوجه الثالث في الجواب فهو ان نقول ان معنى بالباطل هو " لا تأكلوا أموالكم بينكم بأمر باطل"، والأمر يشمل السبب كما انه يشمل المتعلق، وبتعبير آخر اننا في هذا الوجه جئنا بجامع معقول بين الأمرين، وقد يقال بان المستظهر من الآية هو وجود هذا الجامع . 
الوجه الرابع: (سبب باطل) هي مضاف ومضاف اليه لا صفة وموصوف 
الوجه الرابع: 
سلمنا بان معنى بالباطل هو بسبب باطل - كما في الوجه الثاني - ولكن ما هو المراد من ذلك ؟ هل المراد هو بسببٍ باطلٍ، او بسببٍ باطلٍ, أي هل المراد من الجملة هو: المضاف والمضاف إليه (سببِ باطلٍ) او المراد هو الصفة والموصوف (سببٍ باطلٍ)؟ 
والفرق بينهما: ان الكلام بناءاً على إرادة (بسببٍ باطلٍ) يدور في عالم الأسباب وليس المتعلقات، وأما (بسببِ باطلٍ) فيدور في عالم المتعلقات لا الأسباب 
وجه الاستظهار: 
ونقول ان المستظهر - نحويا وعرفيا - ان الباء اذا كانت سببية، فالإضافة هي المرادة وليست الصفة والموصوف، وذلك من خلال ملاحظة: إننا عندما نقول في المثل المعروف في الكتب النحوية والأدبية (ضربته بسوء أدبه) فالمعنى هو بسببِ سوءِ أدبه، فالإضافة هي المرادة، وليست الصفة والموصوف أو البدلية (بسببٍ سوءِ أدبه) ، والانصراف العرفي هو للأول دون الثاني، وكذلك عندما تقول الآية: (فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) فالباء السببية معناها هو بسببِ كسبهم لا بسببٍ كسبهم، وكذلك الأمر فيما نحن فيه, فان (بالباطل) يعني بسببِ باطلٍ لا بسببٍ باطلٍ, 
والمتحصل: تمامية دلالة الآية على بطلان بيع كتب الضلال الذاتي، بل والعرضي ومختلف التقلبات (من المعاملات) في مسببات الفساد، وللكلام تتمة. 
وصلى الله على محمد واله الطاهرين 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=76
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 10 ربيع الاول 1434هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23