• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1433-1434هـ) .
              • الموضوع : 40- الجواب الثالث : قرائن ثلاثة على الشمول للاعانة 1ـ قرينية المادة 2ـ مناسبة الحكم والموضوع 3ـ الملاك والغرض .

40- الجواب الثالث : قرائن ثلاثة على الشمول للاعانة 1ـ قرينية المادة 2ـ مناسبة الحكم والموضوع 3ـ الملاك والغرض

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآلة الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
كان البحث حول الاستناد إلى آية(وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)في مسائل أربعة كما ذكرنا،وبينا إن تنقيح البحث يتوقف على تحقيق معنى التعاون وانه هل يشمل الإعانة أم لا؟ وقلنا أننا لو سلمنا بالكبرى الكلية وان باب التفاعل منحصر في صدور الفعل من الطرفين على نحو التقابل، فان هذا المعنى متحقق في الإعانة؛ لان النسبة تلاحظ بالقياس للمجموع من حيثالمجموع، لان الخطاب في الآية الشريفة هو(وَلا تَعَاوَنُوا)وهو خطاب للمجموع، لا لشخصين فقط حتى يشترط التقابل بينهما حصراً، هذا هو جواب السيد السبزواري والسيد الوالد كما سبق. 
وأضفنا جوابا ثانيا وقلنا: لنا ان ننكر الكبرى، أي ننكرإن باب التفاعل حقيقة فيما ذكر ومجاز في سائر المعاني، بل نقول: ان باب التفاعل حقيقة في معنىالمشاركةالمتقابلة وفي المعاني الأربعة الأخرى كذلك، وان كانت هي الأقل استعمالاً، وقد مضى كل ذلك، فهذان جوابان. 
الجواب الثالث: قرينة المجاز موجودة 
سلمنا إن باب التفاعل أي هذه الهيئة، حقيقة في التقابل بين طرفين شخصيين في فعل واحد,ومجاز فيما لو أريد بهاباب الإفعال والإعانة، 
ولكن نقول: ان قرينة المجاز موجودة في خصوص الآية الشريفة، وان الدليل قائم على إرادة باب الإفعال أيضا، أي إن القرينة على شمول لا تعاونوا لـ(لا تعينوا) موجودة، هذا مدعانا في المقام. 
توضيح المدعى بوجوه ثلاثة : 
الوجه الأول: اقوائية ظهور المادة من ظهور الهيئة 
ونستند في هذا الوجه إلى أقوائية ظهور المادة في الشمول، من ظهور الهيئة في ذلك المعنى الخاص المعهود الأول، أي: تقابل الطرفين. 
وتوضيحه: ان الهيئة مفادها قد يتعارض مع مفاد المادة، فيتقدم منهما الأقوى ظهورا عرفا،ولو تساويا في الظهور لكانت اللفظة مجملة، فلو قال المولى لعبده (تبرع بمبلغ من المال)فالمادة تستقضي الاستحباب؛ لأن التبرع ليس بواجب فالمادة تنطق بالجواز، هذا من جهة، و لكن من جهة أخرى فان الهيئة ظاهرها الوجوب فيحصل لدينا تعارض بين الظهورين، فيتقدم الأقوى منهما، وقد يقال إن الأقوى هو المادة،ولذا فان الهيئة– أي صيغة افعل تحمل على الاستحباب، وقد يقال بالعكس، والمرجع المقارنات 
والمثال الفقهي - من باب التنظير- قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) وهنا يوجد تعارض بين مادة الأمر المتعلِّق، والإحسان المتعلَّق؛ فالأمر ظاهره الوجوب، وأما المتعلَّق بالفتح، أي الإحسان فالمادة فيه تقتضي الاستحباب لا الوجوب، فان الإحسان – مادة -عندما يعرض على العرف وعلى أذهان المشرعة وعلى فتاواهم أيضا،فسنجد إن هذه المادة تنطق بان امتثال الأمر بها جيد وحسن،فالاحسانالى الناس حسن وليس بواجب، فهنا حصل التعارضبين هيئة الفعل وظهوره في الوجوب ومادة الإحسان وظهورها في الاستحباب، والمشهور ارتأوا الاستحباب أي ترجيح تصرف المادة في الهيئة فحكموا بالاستحباب، حيث منعت مادة الإحسان الأمر عن ظهوره في الوجوب، فيكون الأمر قد تعلق وجوبا بالعدل وبالإحسان استحبابا . 
وأما السيد الوالد قدس سره فقداستظهر عكس ذلك في الجملة؛ حيث رأى إن مادة الأمر تبقى على ظهورها دالةً على إن الإحسان واجب، وقد خرج ما خرج بالدليل. 
والخلاصة: ان الهيئة تتعارض في بعض الأحيان مع المادة فيقدم ما هو أقوى ظهورا عرفا. 
صغرى بحثنا :الآية الشريفة 
ونأتي إلى موضع كلامناوهو قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، فمادة العون تشمل ما كان في اتجاه واحد، إما هيئة التعاون فإنها حقيقة – على فرض التنزل - في غير ذلك- أي المشاركة والتقابل -، فيحدث تعارض بينهما، ونحن ندعي بان ظهور المادة أقوى فيقدم،فيشمل (التعاون): الاعانة أيضا. 
أمثلة تقريبية: 
ونذكر أمثلة تقريبية للذهن قد التزم بها اللغويون، ومنها (تعاهد زيد عمروا) فالهيئة تنطق بالتفاعلوالاشتراك و المقابلة، ولكن المادة تنطق بالشمول للتعهد من طرف واحد،فان (تعاهد)لاشكفي صدقهفيما لو تعهد زيد عمرا ولم يكن العكس في مقابله متحققا. 
قال صاحب لسان العرب: "وتعهد الشيء وتعاهده واعتهده تفقده واحدث العهد به "، ونذكر مثالا أخر فنقول: تسارعت دقات القلب أو الساعة فلا يراد - كما هو واضح - هنا باب التفاعل والمقابلة والمشاركة بل المراد اسرعت وازدادت سرعتها وذلك لأن مادة (سرع) ظاهرة في إن الفعل قد صدر من طرف واحد،حيث تدل على معنى ان سرعته قد تزايدت، لا انه يوجد تقابلفي التسارع ، وعليه فان المادة حكمت على الهيئة,وذلك في مقابل(استبقا الباب)فان مادة (سبق) في ضمن مادة الافتعال لا تعارض ظهور الهيئة في وجود طرفين. 
ونؤكد اناستدلالنا ليس مستندا إلى خصوص كلام لسان العرب، أو اشباهه من اللغويين للوصول الىالمراد، وإنما اعتمادنا واستنادنا إلى الفهم العرفي الواضح لمثل هذه المادة في مثل هذه الهيئة، 
وإما مقام البحث وهي كلمة (تعاونوا) فالأمر فيها كذلك، فان العرف لو رأوا شخصا اراد ان يعين آخرعلى باطله لقالوا له: لا تتعاون معه على الباطل، ولا يرون اطلاق التعاون على مصداق الاعانة خطأ، بل غاية الأمر – على تقدير التنزل – يرونه مجازاً وهوتعبير عرفي مستعمل. 
الوجه الثاني:قرينة الحكم والموضوع 
وهنا نتنزلمرة أخرىفنقول: 
انه قد يقال أن قرينة الحكم والموضوع تقتضي ذلك، أي تقتضي شمول التعاونللعون والإعانة من طرف واحد ، فما دام الحكم قد تعلق بهذه المادةفظاهر هذا التعلق هو إرادةالأعممن مفاد الهيئة، ومن هنا يتضح الفرق جلياًبين هذا الوجه والوجه الأول، كما لا يخفى، و قد أشار الى هذا الوجه السيد الوالد في كتاب المكاسب بمثال روائي عرفي وهو: (لا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا)، حيثان قرينة الحكم والموضوعتقتضي إرادة الأعم مما كان من طرف واحد،وان كانت المادة لا تقتضي ذلك؛ لان نفس التحاسد لو القي للعرف كما في (تحاسد زيد وعمرو) لفهم التقابل،ولو حسد طرف طرفا فلا يقولون: تحاسد زيد وعمرو, إلا ان وقوعه في دائرة النهي أو الأمر، أفاد الأعم. 
إذن المادة هنا ليست قرينة حاكمة على الهيئة، بل هي منساقة معها ، ولكن عندما تعلق بها النهي (الحكم) أي بهذه المادة والهيئة،دل على الأعمية، توضيحه: انهإذا حسد زيد عمروا من جهة وحسد بكر خالدا من جهة، فمع انه لا تقابل شخصي بينهما،ولكن نخاطبهمعرفا فنقول: لا تحاسدوا، هو خطاب عرفي ولا يعده العرف خطأ، وان فرض انهم يعدونه مجازاً، ونقول كذلك لا تباغضواولا تدابروا وان كان البغض من طرف واحد 
الوجه الثالث: لحاظ الملاك والغرض 
وفي هذا الوجه نتنزل أكثر فنقول : 
يوجد وجه ثالث لأجل تثبت دعوى شمول تعاونوا للإعانة،وهو لحاظ الغرض أو - الملاك -، فان الغرض من حرمة التعاونعلى الإثم والعدوان نفسه موجود في حرمة الإعانة على الإثم والعدوان؛حيث لا يرى العرف فرقا بين أن يتعاونزيد مع عمرو على قتل بكر، وبين ان يعين زيد عمرا على قتل بكر. 
وأما الملاك: فإننا نستند إما إلى قطعيته، وإما إلى الفهم العرفي، فانه عندما تطلق مثل لفظة (تعاونوا)فان الارتكاز الذهني من الغرض، موجب لفهم العرف من هذه اللفظة الأعمَّ من العون فتدبر، وفهم العرف حجة في تشخيص المفاهيم وان لم يكن حجة - على المشهور- في تشخيص المصاديق. 
ومثاله (تشاوروا) فعندما يقول المولى لعبده أو يقول العاقل لعاقل أخر أو مجموعة لأخرى تشاوروا، فان العرف بلحاظ الغرض وهو تلاقح الأفكار،يفهم من تشاور الأعم، إي الأعم من باب الافعال، فسواءً استشرته واستشارني فانه يصدق (تشاورت معه) أو إذا استشرته أنا فقط، يصدق انني تشاورت معه، وأولى منه بالصدق ما استشرت أنا بكراً وزيد استشارعمروا وهكذا فانه يصدق عليهم أنهم تشاوروا. 
كلام السيد الخوئي في مصباح الفقاهه : 
و إما السيد الخوئي فانه قد سار على رأي المشهور وعبارته– وقد بينا وجوه الإجابة عنها-ونحن سنضيف جوابا رابعامستفاداً من كلام نفس السيد الخوئي بعد صفحتين أو ثلاثمن كلامه الاول،حيث ينقض ما تأخر،أولَّ كلامه كما سيظهر.حيث يقول السيد الخوئي(قدس سره) في مصباح الفقاهة ص 283 - عبارته الأولى - :" فان باب التفاعل يقتضي صدور المادة من كلا الشخصين والظاهر عدم تحقق ذلك في محل الكلام) أي لو أعان الغير ثم يقول "التعاون عبارة عن اجتماععدة من الأشخاص لإيجاد أمر من الخير أو الشر ليكون صادرا من جميعهموهذا بخلاف الإعانة فإنها من الافعال وهي عبارة عن تهيئة مقدمات فعل الغير مع استقلال ذلك الغير في فعله " .وللكلام تتمة 
وصلى الله على محمد واله الطاهرين

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=62
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 3 صفر 1434هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23