• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1433-1434هـ) .
              • الموضوع : 38- دفاعنا عن الشيخ في اشكالنا الصغروي عليه في استدلاله برواية عبد الملك ـ اشكال كبروي على الشيخ : المحرم (القضاء) لا (مطلق المفسدة) ـ الاستدلال بآية (ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) على حرمة (التعاون ) و (الاعانة) و (الحفظ) ـ الوجه الاول لشمول (التعاون ) لـ (الاعانه) .

38- دفاعنا عن الشيخ في اشكالنا الصغروي عليه في استدلاله برواية عبد الملك ـ اشكال كبروي على الشيخ : المحرم (القضاء) لا (مطلق المفسدة) ـ الاستدلال بآية (ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) على حرمة (التعاون ) و (الاعانة) و (الحفظ) ـ الوجه الاول لشمول (التعاون ) لـ (الاعانه)

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآلة الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
كان البحث حول الاستدلال برواية عبد الملك بن أعين على حرمة حفظ كتب الضلال، وبعد الانتهاء من البحث السندي بقي إن نكمل مناقشتين كنا قد بدأناهما مع الشيخ قدس سره، ونعيد قراءة الرواية ثم نذكر كلام الشيخ ثم نذكر الإشكالين، حيث جاء في الرواية: "إني قد ابتليت بهذا العلم - أي التنجيم- فأريد الحاجة فإذا نظرت إلى الطالع ورأيت الطالع الشر جلست ولم اذهب فيها، وإذا رأيت الطالع الخير ذهبت في الحاجة؟ فقال لي(عليه السلام):تقضي؟ قلت نعم، قال احرق كتبك"، 
الإشكال على تفصيل الشيخ بين ترتب المفسدة وعدمه 
وإما كلام الشيخ فقد قال:"ومقتضى الاستفصال في هذه الرواية انه إذا لم يترتب على إبقاء كتب الضلال مفسدة لم يحرم" 
وقد استشكلنا فيما سبق على الشيخ إشكالا صغرويا، وهو أن الشيخ قد افترض كقضية مسلمة إن هذه الكتب، أي كتب التنجيم الموجودة لدى عبد الملك هي كتب ضلال، وقلنا كإيراد عليه انه لا يعلم إنها كتب ضلال ولا دليل عليه؛ حيث إن كتب التنجيم على أنواع، فان كانت مما تُسند الأحداث الجارية في العالم السفلي إلى أوضاع الكواكب وحركاتها بنحو الاستقلال عن الرب، أو بنحو لا لتشريك، أو بما أشبه ذلك من الصور السبعة المذكورة سابقا فهي كتب ضلال، وأما إذا كانت من النمط الذي يقول بالكاشفية الناقصة فإنها ليست بكتب ضلال وحتى الشيخ يصرح بالجواز في هذه الصورة، فلو تضمنت هذه الكتب صرف العلامية وأفادت: ان أوضاع هذه الكواكب علامة على بعض ما يجري في الكرة الأرضية، نظير دخول القمر في برج العقرب كعلامة على ان الزواج لو تم لكان زواج شؤم – كعلامة ناقصة عليه -، أي: ليست بحتمية الوقوع وانه لا تلازم بينهما، حيث ان القول بالعلامية الناقصة لا بالعلية أو الاقتضاء او الشرطية او المانعية، بل صرف العلامية لا بأس به، وذلك كالعلامات الموجودة في الطرق حيث لا ربط لها بجوهر الطريق حدوثاً وبقاء ولا تأثير لها فيه تغييراً إلا الدلالة. 
والحاصل: انه إذا كانت بنحو الكاشفية الناقصة فإنها ليست بكتب ضلال، ولعل كتب عبد الملك بن أعين كانت من هذا القبيل، فمن أين افترض الشيخ ان كتبه كانت كتب ضلال حتما لكي يرتب على ذلك ما رتبه من الاستناد الى الاستفصال، هذا ما أشكلنا به على الشيخ سابقا، وقد قلنا ان هناك تأملاً على هذا الإشكال. 
الجواب على إشكالنا، دفاعا عن الشيخ 
ونقول في رد إشكالنا السابق ودفاعا عن الشيخ: انه لايخلو الأمر من ان تكون هذه الكتب من قبيل الصور السبعة التي ذكرناها سابقا فتكون كتب ضلال ذاتيأ و ان تكون كتب ضلال عرضي. 
هل الكتب كتب ضلال ذاتي أو عرضي؟ 
فهنا احتمالان: 
الاحتمال الأول: ان تلك الكتب التي كانت بحوزة عبد الملك كانت من الأقسام السبعة الأولى وعليه يتمُّ كلام الشيخ بأنها كتب ضلال،لأن ضلالها ذاتي لكونها كتب شرك أو كفر، إلا ان هذه الرواية- على هذا التقدير- سوف لا تفيد حرمة حفظ كتب الضلال العرضي؛ إذ لا أولوية فلا تعدية منها الى كتب الضلال العرضي،وان أدى حفظها إلى ان يقضي الشخص على طبقها؛ إذ لعل المجموع كان الملاك في التحريم، أي كان الضلال الذاتي زائدا القضاء هو ملاك التحريم، اللهم - وكاستدراك على هذا الاستدراك – إلا إذا أحرزنا ان(تقضي؟) هو تمام الملاك، كما لا يبعد, هذا هو التقدير الأول الذي عليه يصح كلام الشيخ. 
الاحتمال الثاني: ان تكون هذه الكتب كتب ضلال عرضي، أي لا تتضمن إلا الأخبار عن العلامية الناقصة فنقول: ان الإمام(عليه السلام)اذا حرم كتب الضلال العرضي إذا قضى المنجم على طبقها، فان تحريمه لكتب الضلال الذاتي سيكون من باب أولى، 
إذن: على كل التقادير فان كلام الشيخ صحيح من حيث التشخيص الصغروي ولكن ذلك مع التتميم الذي ذكرناه، فتدبر 
الإشكال الكبروي: ترتيب عموم (المفسدة) على كتب الضلال 
ولكن عمدة إشكالنا هو إشكال كبروي، وهو الإشكال الثاني حيث نقول:إن الشيخ رتب الحرمة على ترتب المفسدة على إبقاء كتب الضلال، وهنا نقول: 
انه في الرواية المذكورة لم يؤخذ عنوان (المفسدة) لكي يجعل الشيخ الاستفصال والتفصيل دائرا مدارها، وإنما اخذ في الرواية عنوان خاص جدا وهو خصوص أجلى مصاديق المفسدة وأعلاها، أي (تقضي؟) الذي يعني (الشرك) بالمآل، وتحريم هذا العنوان لا يدل على تحريمما هو اضعف ملاكا، وعليه فانه كان ينبغي على الشيخ ان يقول: 
"ان مقتضى الاستفصال انه إذا لم يترتب على إبقاء كتب الضلال قضاء شركي لم يحرم ", هذا هو مقتضى القاعدة، لأن عنوان (القضاء) اخص مطلقا من (المفسدة),فكيف انتقل الشيخ من تحريم العنوان الشركي الى الحرمة المطلقة كما لو كان في حفظ كتب الضلال مفسدة عامة وان لم تود الى الشرك؟، أي وان كانت المفسدة محرمات أخرى فانها بدرجات اخف، وعلى أي فان هذا تنقيح للمناط ظني بل موهوم وعلى خلاف القاعدة. 
والخلاصة: بناءا على هذا الاشكال فالاستدلال برواية عبد الملك على مطلق حرمة حفظ كتب الضلال غير تام، وإنماتدل على حرمة حفظ خصوص كتب الضلال التي تؤدي للشرك او ما أشبه من الصور السبعة السابقة ، 
وبذلك انتهينا من رواية عبد الملك ببحوثها السندية والدلالية وننتقل ألان إلى دليل أخر . 
الدليل الرابع :اية (و لا تعاونوا على الإثم والعدوان) 
والدليل الرابع على حرمة حفظ كتب الضلال ومختلف التقلبات في مسببات الفساد قوله تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) ، وفي كتاب المكاسب نجد ان الشيخ تطرق لبعض الحديث عن المقطع الأولللآية الشريفة(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)في اسطر قليلة فقط ولم يفصل البحث حولها، لكن من الجدير ان يستوعب البحث حولها وحول المقطع الثاني (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ). 
مسائل أربعة هي محور البحث 
يمكن ان يستدل بهذه الآية الكريمة على تنقيح حكم عدة مسائل، وهي أربعة في حدود مبحثنا: 
المسالة الأولى: حرمة التعاون على الضلال والإضلال، كحرمة التخطيط المشترك والتعاون بين شخصين او جهتين لإضلال الناس،كإصدار مجلة أو جريدة ضلال او إلحاد او انحلال،او تأسيس حزب فاشي او شيوعي اوتنظيم إرهابي. 
المسالة الثانية: حرمة الإعانة على الإضلال والضلال، وهنا موطن بحث هام بين الأعلام، وينبغي ان يتوقف عنده طويلا، ولكننا نشير إليه إشارة، حيث ان السيد الخوئي مثلاً يرى انه لاتلازم بين حكم التعاون وحكم الإعانة فإذا كان التعاون على البر والتقوى واجبا فانه لا يدل على وجوب الإعانة عليها، ويجري الكلام نفسه ههنا فلو قلنا بحرمة التعاون على الإثم والعدوان، فان ذلك لايستلزم –حسب رأيه – حرمة الإعانة على الإثم والعدوان.وذلك على خلاف رأي السيد السبزواري والسيد الوالد وآخرين كما سيأتي ذلك ان شاء الله تعالى. 
إشارة صرفية: ونشير إشارة صرفية دقيقة في المقام ونقول: ما هو الفرق بين باب التفاعل وباب المفاعلة؟ 
السبب في ذلك هو: ان باب التفاعل قد اخذ في مفهومه التشارك بنسبة واحدة بين الفاعلين في الفعل،وأما باب المفاعلة فقد لوحظ ان احدهما هو المصبّ وهو المبادِر والعنصر الرئيسي في الفعل، وأما الثاني فانه وان شاركه في الفعل لكنه ذو دور هامشي وانفعالي 
وقد أشار إلى ذلك في شرح النظام : "وتفاعل لمشاركة أمرين في أصله صريحا ًومن ثم نقص مفعولا عن فاعل"، وتوضيحه: انه في باب التفاعل 1- قد لا يوجد مفعول، كما في (تضارب زيد وعمرو)، بل لدينا فاعلان فقط، وأما في باب المفاعلة فيوجد مفعول واحد، كما في ضارب زيد عمرا، 
2- وإذا اوجد في باب المفاعلة مفعولان فإن باب التفاعل سيكون له مفعول واحد مثل تجاذب زيد وعمرو الحديث وجاذب زيدٌ عمراً الحديث. 
الاستدلال بالآية على حرمة التعاون والإعانة والحفظ 
ولنرجع الى آيتنا الشريفة حيث يقول تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) 
فإما مسألتنا الاولى فان الاستناد إلى الآية الشريفة للدلالة عليها، تام واضح، وذلك كما لوتعاون زيد وعمرو في كتابة كتاب ضلال او تعاونا على ترويجه او طباعته اوعلى تأسيس حزب او غير ذلك، 
وأما المسالة الثانية، أي لو انه أعانه على الاضلال فهل تشمله الآية او لا؟ وذلك كما لو أعطاه مبلغا مساهمة منه في مشروعه الاضلالي (في طباعة كتب الإلحاد مثلا) 
واما المسالة الثالثة: فهي حفظ كتب الضلال بنحو تفاعلي بان أحفظ له كتب ضلاله وهو بدوره يقوم بحفظ كتب ضلالي 
واما المسالة الرابعة: وهي ان يكون الحفظ من طرف واحد، كما في تغليف وتجليد كتب الضلال للآخر فهل يجوز ذلك ام لا؟ وهل هذا المورد مشمول للآية المباركة؟ هذا ما سنبحثه بإذن الله. 
فنقول:تنقيح العناوين الثلاثة في الآية الشريفة: 
إن شمول الآية الشريفة للصور الأربعة من عدمه، يتوقف على تنقيح عناوين الآية الثلاث وهي: أولا: عنوان التعاون، وثانيا: عنوان الإثم، وثالثا: عنوان العدوان 
العنوان الأول:(التعاون) هل يشمل (الاعانة)؟ 
المبحث الأول: هل التعاون يشمل الإعانة؟ 
وهنا تخريج لطيف وجديد جاء به السيد السبزواري والسيد الوالد لشمول التعاون للإعانة، فانه بعد تسليم السيد السبزواري بالكبرى وهي ان باب التفاعل يعني المشاركة بين الفاعلين في الفعل بوزان واحد،أخرج المورد وقال – مع توضيح وإضافة منا -: "بان التعاون تارة ينسب لشخصين فهنا ينبغي ان يتشارك الاثنان في الفعل ويتقابلا فيه على القاعدة الصرفية المذكورة، 
وتارةأخرى ينسب الى صنفين او نوعين او حتى إلى نوع واحد، وهنا لايشترط التقابل بين شخص وشخص، بل يكفي التقابل الإجمالي في المجموع، من حيث المجموع وهو تخريج لطيف ودقيق. 
توضيحه: تارة نخاطب شخصين فنقول: لا تعاونا على الإثم والعدوان,فالأمر هناعلى القاعدة الصرفية - لو التزمنا بها -، 
ولكن لو كان الخطاب للمجموع وقلنا: لا تعاونوا، فانه لو أعان بعض هؤلاء بعض أولئك وبالعكس، فانه وان لم يكن هناك تقابل بين الأشخاص أي بين كل شخص وآخر بعينه فان (التعاون) متحقق،فانه وان اشترط في باب التفاعل التقابل، ولكن التقابل النوعي كاف، 
وبتعبير آخر: ان التقابل بلحاظ المجموع من حيث هو مجموع وليس بلحاظ الأشخاص؛ لان الخطاب قد وجه لمجموعهم بما هو مجموع، فالنظرة فيها تكون شمولية للمجتمع,فلو ان مئات من الأشخاص غلفوا كتب الضلال لآخرين,ثم ان المئات الآخرين– وهم المجموعة الثانية - أعطوا معونات مالية لمنحرفين غير المجموعة الأولى – أي لمجموعة ثالثة - فان هذا المجتمع يصدق عليه انه مجتمع متعاون على الإثم والعدوان وهو مصداق لذلك بالحمل الشائع الصناعي، وان لم يكن خصوص هذا معيناً لذاك وبالعكس.فتدبر وللحديث صلة 
وصلى الله على محمد واله الطاهرين 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=60
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 1 صفر 1434هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23