• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 217- ــ جواب اشكال ان (الحقيقية) هي كالخارجية ، من حيث عدم انتاجها لانها كاذبة او غير مفيدة 7ـ (الحقيقية) يكفي فيها جعلها في المتناوَل والمعَرضية عكس (الخارجية) 8 ـ نسبة المحمول في (الحقيقية) الى الموضوع وضعاً ورفعاً لا اقتضائية ، عكس الخارجية .

217- ــ جواب اشكال ان (الحقيقية) هي كالخارجية ، من حيث عدم انتاجها لانها كاذبة او غير مفيدة 7ـ (الحقيقية) يكفي فيها جعلها في المتناوَل والمعَرضية عكس (الخارجية) 8 ـ نسبة المحمول في (الحقيقية) الى الموضوع وضعاً ورفعاً لا اقتضائية ، عكس الخارجية

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
ملخص ما تقدم 
كان البحث حول وجوه الفرق والاختلاف الثبوتي والاثباتي بين القضية الحقيقية والقضية الخارجية، ووصل الكلام إلى الفرق السادس وان القضية الحقيقية تصلح ان تكون كبرى في القياس المنتِج، واما القضية الخارجية فلا يصح وقوعها كبرى في القياس، لأنها اما ان تكون كاذبة او ان تكون لغوا لأن الكبرى الكلية ان لم تكن محرزة فهي كاذبة ان قلت (قتل كل من في العسكر) وان كانت محرزة فالقياس غير منتج اي غير مفيد لأنه تحصيل حاصل، وقد اوضحنا ذلك. 
شبهة وحلها: الحقيقة كالخارجية، اما كاذبة أو هي لغو 
ولكن قد يستشكل على هذا الكلام بان الاشكال بنفسه يجري على القضية الحقيقية ايضا، توضيح ذلك بالمثال: تارة يقول المولى (اكرم من في هذه المدرسة) فهذه قضية خارجية، وتارة يقول (اكرم الطالب او اكرم العالم) فهذه قضية حقيقية، فينتزع من الثانية وجوب اكرام كل عالم فتقع كبرى كلية، وهي (كل عالم يجب اكرامه)، وحينئذٍ فالاشكال مشترك الورود؟ لأننا لو شككنا ان هذا عالم او لا، فلا يصح التمسك بتلك الكبرى الكلية لأثبات وجوب الاكرام له فانه تمسك بالعام في الشبهة المصداقية فانه اذا شككنا ان هذا عالم او لا؟ فيقال ثبِّت العرش ثم انقش، فان المحمول يثبت للموضوع لا لمشكوك الموضوعية، اذن الحال في القضية الحقيقية كالحال في القضية الخارجية فكلاهما لا يصح ان يقع كبرى كلية في القياس؛ لأنه لو وقعت كبرى في القياس فنسأل: هل في صورة العلم بحال هذا الفرد وانه عالم او في صورة الجهل؛ فان قلت في صورة العلم بحاله فالقياس لغو غير مفيد، وان قلت في صورة الجهل بحاله فنقول هنا تمسك بالعام في الشبهة المصداقية، والنتيجة: لا فرق في هذه الشبهة بين نوعي القضايا، وهي ترد على مطلق القياس وكل الاستدلالات في المنطق بل في كل العلوم، ولا تختص بالمقام بل تسقط كل قياس عن الحجية أو الفائدة؛ لأنه اما كاذب او غير مفيد في الانشاءات، والامر كذلك في الاخبارات لكن كلامنا الآن في الانشاءات لذا صوّرنا المثال في الانشاء، فما الجواب عن هذه الشبهة؟ 
جواب الشبهة: الفرق بين القضيتين لدى الشك في إطلاق المحمول 
والجواب: ان الفرق يظهر لدى الشك المحمولي لا الشك الموضوعي كما توهم، بيان ذلك: ان خصوصية القضية الحقيقية انها تنسجم وتصح مع الاستغراق ومع الاستثناء، فلو كانت الاحكام مستغرِقة لكل الافراد فالقضية الحقيقية صادقة، فيمكن حمل الخبر والمحمول، على الطبيعي باعتباره مرآة لكل الافراد، كما انه لو كانت هنالك استثناءات ايضا لصحت القضية الحقيقية، إذ يدور الحكم فيها مدار الطبيعي بما هو هو، وهذه الخاصية تجعلها فضفاضة بعض الشيء فـ(اكرم العلماء) صحيح سواء اراد كافة العلماء او اراد بعضهم الاكثر نحو(اكرم العلماء الا زيدا) فهذه سواء اكانت بنحو المخصص المتصل فان الارادة الاستعمالية انعقدت ضيقة او كان بنحو المخصص المنفصل فالارادة الاستعمالية انعقدت واسعة ثم بعد ذلك بالارادة الجدية ضيقت 
والحاصل: ان خصوصية القضية الحقيقية صلاحيتُها على الانطباق على الاستغراق وعلى الاستثناء، اذن قوله (اكرم العالم) هذه القضية صحيحة سواء اراد كل العلماء ام اراد اكثرهم، ومن هنا ينشأ الشك، فحين قال (اكرم العالم او اكرم العلماء) بنحو القضية الحقيقية، فقد يشك المكلف انه هل يشمل العالم الفاسق او لا يشمله؟ فهنا اتمسك بالاطلاق لأن القضية صالحة للطرفين، اما القضية الخارجية فحدية ومحسومة لما تقدم من ان (الخارجية) مرآة الوجود مباشرة والوجود لا يقبل الفضفاضية والابهام لأن الشيء اما موجود او غير موجود، إذن: القضية الخارجية لأنها تتحدث عن الافراد مباشرة فان الكلية عندما يقول (اكرم كل جندي) اما انها صادقة او غير صادقة ولا شق ثالث بان يكون هناك شيء مبهم غير منضبط يقبل الانطباق على هذا او ذاك، والا لم تكن قضية خارجية. 
بعبارة أخرى: الفرق بين الامرين ان (الخارجية) باعتبار نظرها إلى الوجودات مباشرة وكون المحمول ثابتاً للوجودات اي للافراد اي للمتشخصات اي للوحدات، فهذه القضية اما صادقة وقد احرزت كليتها فغير مفيدة، او غير صادقة فلا تصح ان تقع كبرى، اما القضية الحقيقية فلان حديثها عن الماهية او عن الكلي الطبيعي فيمكن ان تقع كبرى كلية وتلقى إلى المكلف ويبقى مع إلقائها إليه شاكّاً بان هذه الكلية مرادة او غير مرادة فيتمسك بالاطلاق 
وبتعبير مكمّل ان الفرق بين القضية الخارجية والحقيقية ليس في صورة الشك الموضوعي لكي يستشكل انه تمسك بالعام في الشبهة المصداقية، وانما الفرق يظهر في صورة الشك المحمولي وانه هل اكرم شملت كل افراد هذه الطبيعة او بعضها؟ فيمكن ان يراد بـ(اكرم) الشمول لكل افراد الطبيعة ويمكن ان يراد به الشمول لاكثر افراد الطبيعة، وذلك حيث جعلت الطبيعة موضوعا 
ثم ان الحقيقية تنسجم مع القيود والطبيعة يمكن تقييدها لكن التقييد ايضا هو في عالم الطبيعة، والطبايع مهما قيد بعضها بقيود فانها لا تخرج عن كونها كلية، وهذه قاعدة معروفة في المنطق: ان الكلي الطبيعي لو قيدته بمليون قيد فانه يبقى كلياً طبيعياً نعم دائرته تتقيد لكنه لا يتحول إلى مصداق جزئي وذلك مثل مفهوم الشمس فانه كلي ولو فرض تقييدها بألف قيد بحيث لم تنطبق إلا على شمس واحدة، وكذا لو فرض ان لا شمس في الكون الا هذه، فتقييد الطبيعي بقيود طبيعية لا يصنع منه جزئيا ولا مصداقيا إذ الجزئية والمصداقية انما هي للوجود ولا غير وليست الجزئية مما يتحقق بكثرة القيود المفهومية، ومع التدبر في هذا الفرق يصبح الامر واضحا 
والحاصل ان الفرق والثمرة تظهر في صورة الشك في المحمول لا في صورة الشك في الموضوع، فاذا كان شك في الموضوع وانه جندي او لا؟ او هذا في المدرسة او لا؟ فلا يصح التمسك بالحقيقية ولا الخارجية أي انه من حيث الشبهة الموضوعية كلاهما غير جار وكلاهما لا يصح، ان يجعل كبرى كلية، عكس ما لو كان الشك محمولياً فليتدبر به 
كماتوجد شبهة اخرى يهجم بها الفلاسفة الجدد على المناطقة والفلاسفة القدامى، وقد وردت هذه الشبهة أيضاً في كلمات الفلاسفة القدامى، فان الجدد يعتمدون على الاستقراء الصرف اما المنطق القديم فيبني علومه اولا على القياس ثم الاستقراء ثم.... ويقولون ان القياس لغو لنفس هذه الشبهة ولكن ببيان اخر يقولون انت تشكل القياس لماذا؟ أليس لكي تستخرج نتيجة معينة؟ ولكن النتيجة هي مستبطنة في الكبرى الكلية والصغرى الجزئية فان كنت محرزا الكبرى والصغرى فهذا القياس لا ينفعك في شيء وان كنت لم تحرزهما فلا تستطيع ان تشكلهما، فخلاصة كلامهم ان القياس لغو محض اي لا يستخرج لك مجهولا تصديقياً لأنك ان كنت محرزا الكبرى والصغرى فلا مجهول تستخرجه وان لم تكن محرزا فلا تستطيع تشكيل القياس, البعض اجاب بما اجاب به الشيخ من الفرق بالإجمال والتفصيل، وهذا الجواب صحيح لكنه توجد أجوبة أخرى منها الحلـِّي بإنتاج أمرٍ آخر غير مستبطن، ومنها النقضي بان اشكالهم هذا يهدم اساس علومهم السابقة من حيث لا يشعرون, لأن (استقراءهم) يعتمد على الاستقراء المعلل لو أرادوا به اقتناص المجهولات الأخرى ومرجع الاستقراء المعلل إلى القياس فقد وقعوا فيما هربوا منه, وهذا بحث مفصل جدير بالتأمل. 
والخلاصة ان الفرق بين القضية الحقيقية والخارجية يظهر في الشك في سعة المحمول لا في الموضوع. 
7- الحقيقية يصح ان تجعل في متناول المكلف شأنا اما الخارجية فينبغي ايصالها 
الفرق السابع : القضية الحقيقية هي تلك القضية التي يصح ان تجعل في متناول العبد والمكلف شأنا واقتضاءا ولا يشترط فيها ان تجعل في متناول يده وفي المعرضية فِعلا، اما القضية الخارجية فيشترط فيها ذلك اي لا يكفي في القضية الخارجية ان تجعل في معرض تناول العبد اياها ولا يكفي فيها صلاحية وصول المكلف لها بل ينبغي ايصاله اليها 
توضيح ذلك:يوجد بحث معروف في علم الكلام وهو ان الهداية على قسمين: الهداية تارة يقصد بها اراءة الطريق وتارة يقصد بها الايصال للمطلوب، ونظيره جارٍ في المقام، توضيح ذلك بمثال، في القضية الحقيقية يصح ان يشرّع (الخمر حرام) أو أن يخبر عنها ويكفي ان تجعل في المعرضية اي تكفي صلاحية وصولها للمكلف، لكن في القضية الخارجية لا يكفي ذلك بل لا بد من الإيصال الفعلي، مثلا شخص يرى ابنه يريد ان يسرق فعليه ان يخاطبه (لا تسرق)، ولا يصح له الاكتفاء بكتابة ذلك وجعله في المكتبة، لأن الغرض من القضية الخارجية يختلف عن الغرض في الحقيقية ولذا فان المعرضية هنالك كافية اما ههنا فالفعلية مشترطة فعليه ان يخاطبه مباشرة ويوصله إلى المقصود وهو تفهيمه للحكم 
هذا فرق لكن هذا الفرق في القضية الخارجية قد يتأمل فيه في الجملة اذ يمكن القول بالتفصيل فيها فليتدبر. 
8 - في القضية الحقيقية نسبة المحمول للموضوع لا اقتضائية وفي الخارجية اقتضائية 
الفرق الثامن:وهو فرق دقيق فان بعض المحققين هكذا فرّق: القضية الحقيقية ما كانت نسبة المحمول فيها إلى الموضوع وضعا ورفعا لا اقتضائية، فثبوت المحمول للموضوع لا يقتضي وجوده او عدمه، اي لا ينطِق بذلك، اي هو على الحياد من ذلك، اي لا بشرط، اما في القضية الخارجية فالامر بالعكس: نسبة المحمول للموضوع رفعا ووضعا اقتضائية اي تنطق بوجود الموضوع، هذا فرق وبالتدبر بما ذكرناه سابقاً يظهر وجه هذا الفرق ومغزاه لكن سنزيده توضيحا غدا ان شاء الله. وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين. 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=477
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 23 ربيع الأول 1434هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14