• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الطهارة (1446هـ) .
              • الموضوع : 086-الملخص: طهارة الماء بعد التقطير، واقعاً أو ظاهراً، بوجهين .

086-الملخص: طهارة الماء بعد التقطير، واقعاً أو ظاهراً، بوجهين

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


بقيت تتمات ثلاثة يكتمل بها تلخيص المسألة وتحصيله:
الأول: سبق (وأما عنوان الاستحالة، فنقول: إما أنْ نعتبر الاستحالة من المطهرات، كما هو رأي جمع، وإما أن نعتبرها أجنبية عن المطهرية تماماً وانها إنما تقع مقدمة لإجراء قاعدة الطهارة (إذ قد تغيّر الموضوع).
فإن قلنا انّها من المطهرات بما هي هي، نظراً لوقوعها في بعض معاقد الإجماعات، ففيه...)[1].
الأدلة الأربعة على طهارة الشيء المستحيل
أقول: لم يُذكر عنوان الاستحالة كمطهر من المطهرات، في الروايات، فالعمدة هو الرجوع إلى الدليل المستدل به على طهارة الشيء المستحيل من شيء نجس أو متنجس، وهو أحد أربعة أمور أشار إليها المستمسك فلننقل عبارته أولاً ثم لنوضحها ولنعلق عليها ونطبقها على المقام.
قال: (وهذه التفاسير[2] – مع اختلافها، وعدم اطِّرادها، وتوقف الأول والأخير على معرفة حقيقة العين النجسة، وحقيقة ما تستحيل إليه، والوقوف على الحقائق متعسر أو متعذر، إلا أن يكون المراد الحقائق العرفية. فتأمل ـ لا حاجة إليها، إذ لم يقع عنوان الاستحالة موضوعاً لحكم المطهرية في الكتاب أو السنة، وإنما وقع في بعض معاقد الإجماع المعتد بها مقيداً بمثل استحالة العذرة رماداً أو دخاناً أو تراباً أو نحو ذلك، لا بنحو الكلية.
فالعمدة الرجوع إلى ما يستفاد من الأدلة الدالة على الطهارة، وهو أحد أمور على سبيل منع الخلو: الإجماع القولي، والسيرة العملية، وأدلة طهارة المستحال إليه، وقاعدة الطهارة المتعينة للمرجعية بعد سقوط الاستصحاب عن الحجية؛ لعدم بقاء الموضوع، وستأتي الإشارة إليها.
ومن ذلك يظهر أن الطهارة المترتبة على الاستحالة قسمان: واقعية إن ثبتت بالأدلة الثلاثة الأُول، وظاهرية إن ثبتت بقاعدة الطهارة)[3].
تطبيق الأدلة على الماء المتنجس إذا صُعِّد ثم تقاطر
أقول: تطبيق ذلك على المقام هو: أنّ الماء المطلق أو المضاف المتنجس إذا صُعِّد وبُخِّر ثم تكاثف وتقاطر فعاد ماءً.. فإنه في المرحلة الوسطى وهي حالة البخارية (ماء ← بخار ← ماء) لا شك في الحكم عليه بالطهارة، كما سبق، وذلك لأحد وجوه أربعة:
1- فإما للإجماع القولي على طهارة البخار، بخار البول مثلاً.
2- أو للسيرة العملية؛ إذ سيرة المتدينين على مر التاريخ على عدم التحفظ عن بخار البول.
لكنهما غير منعقدين ظاهراً في البخار بقول مطلق بل غاية الأمر في بعض عناوينه، فالملجأ في غيرها إما دعوى الأولوية أو أحد الدليلين اللاحقين.
3- أو لأدلة طهارة المستحال إليه، والمقصود هو إطلاقات مثل قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً)[4] و ((فَإِنَّ التَّيَمُّمَ أَحَدُ الطَّهُورَيْنِ‏))[5] وأشباههما، فإذا تحولت الميتة إلى تراب مثلاً، حكمنا بطهارة التراب لأدلة طهارة المستحال إليه (وهو التراب) كالرواية السابقة، وكذا كل شيء استحال من نجس، كما لو تحول الكلب بسقوطه في المملحة إلى ملح أو تحولت الميتة إلى ديدان أو امتصتها جذور الأشجار فصارت جزء من الشجرة أو الثمرة، أو أُحرِقت العذرة فصارت دخاناً، أو استحالت النطفة حيواناً طاهراً، فإنها طاهرة إما لوجود دليل خاص على طهارتها بعنوانه كالآية والرواية السابقة وكحديث عمار عن الإمام الصادق (عليه السلام) ((كُلُّ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ فَلَا بَأْسَ بِمَا يَخْرُجُ‏ مِنْهُ‏))[6] في بوله وعرقه وعذرته وإن علم انه شرب البول النجس فصار عرقاً أو بولاً له، أو أكل الطعام النجس فصار روثاً له (غير الإبل الجلّاله أو مطلق الحيوان الجلال، إذ فيه البحث المعروف)[7] وصحيح بن محبوب ((سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عليه السلام) عَنِ الْجِصِّ يُوقَدُ عَلَيْهِ‏ بِالْعَذِرَةِ وَعِظَامِ الْمَوْتَى ثُمَّ يُجَصَّصُ بِهِ الْمَسْجِدُ، أَيُسْجَدُ عَلَيْهِ؟ فَكَتَبَ (عليه السلام) إِلَيَّ بِخَطِّهِ إِنَّ الْمَاءَ وَالنَّارَ قَدْ طَهَّرَاهُ))[8]، على كلام وأخذ ورد في دلالته[9].
وعلى أية حال، فكل ما ثبت طهارة المستحال إليه بعنوانه فهو، وإلا كان الملجأ الإجماع والسيرة لو كانا وإلا فالوجه الرابع الآتي.
4- قاعدة الطهارة، إذ يقال: ان الماء إذا استحال بخاراً ثم ماء، وشككنا في طهارته فالأصل الطهارة.
والحاصل: انه إما أن نقول بتبدل الموضوع (من ماء إلى بخار، ثم من بخار إلى ماء) أو لا، فإن قلنا بتبدل الموضوع فلا مجال للاستصحاب، بل يحكم بطهارة الماء المستحيل من البخار نظراً لقاعدة الطهارة، وإن قلنا بأن الموضوع لم يتبدل وأن الماء والبخار حقيقة واحدة فإن المجرى مجرى استصحاب طهارة البخار السابق المتصل لا نجاسة الماء الأسبق المنفصل كما مضى وسيأتي مزيد بيان.
والمختار ان قاعدة الطهارة أمارةٌ وأصلٌ
ولكن قد يورد على قوله: (ومن ذلك يظهر أن الطهارة المترتبة على الاستحالة قسمان: واقعية إن ثبتت بالأدلة الثلاثة الأُول، وظاهرية إن ثبتت بقاعدة الطهارة)، بأن الطهارة ظاهرية إن استندنا إلى الدليل الرابع، على مبنى المشهور الذين حملوا قوله (عليه السلام) ((كُلُّ شَيْ‏ءٍ نَظِيفٌ‏))[10] على النظافة الظاهرية، لكن طهارته طهارة واقعية على المبنى المنصور من شمول ((نَظِيفٌ‏)) للطهارة الواقعية والظاهرية لمكان الإطلاق، كما سبق بيانه، فـ ((كُلُّ شَيْ‏ءٍ نَظِيفٌ‏)) يفيد مفاد الامارة من جهة، وفي طولها يفيد الأصل.
ولا مجال للإشكال باستحالة الجمع بينهما؛ لما فصل في محله من وجوه الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري.. إما بكون الظاهري من جعل المماثل وانه لم يجتمع المثلان لعدم وحدة الموضوع واقعاً (على الخلاف والأخذ والرد المطولين فيه) أو بكون الظاهري بمعنى المنجزية والمعذرية وانه لا إشكال على هذا؛ إذ التنجز يعني استحقاق العقاب بالمخالفة، لدى المطابقة، والتعذير يعني انه لدى عدم المطابقة للواقع، معذور لا يعاقب فالحكم الواقعي ثابت بمراتبه إلا مرتبة التنجز لدى المخالفة، فلا مشكلة.. وعلى أي فليس محل هذا الإشكال والجواب ههنا.
نعم، غاية ما يشكل به استعمال اللفظ في أكثر من معنى.
وفيه: كبرىً: اننا ذكرنا عدم استحالته إلا أن يستعمله في كل من المعنيين على أن يكون كل منهما تمام المراد، وليس الاستعمال في المقام ونظائره كذلك قطعاً[11]، وصغرىً: انه استعمل في الجامع الحقيقي أو الاعتباري.
وعلى أيٍّ، فعلى المختار فإن ((كُلُّ شَيْ‏ءٍ نَظِيفٌ‏)) يفيد الطهارة الواقعية، فالماء بعد التبخير والتقاطر طاهر واقعاً استناداً إلى هذا الحديث الشريف، وكل ذلك مبنياً على تسليم تبدل الموضوع، وإلا جرى استصحاب طهارة البخار دون نجاسة الماء الأسبق كما سيأتي أيضاً.
قاعدتا الطهارة في البخار وما بعده
الثاني: اتضح انه تجري ههنا قاعدتان: قاعدة الطهارة في البخار نفسه (لو لم تتم الأدلة الثلاثة الأولى) وقاعدة الطهارة في الماء بعد التبخير، ولذا قال في المستمسك: (الاستحالة الموجبة لمغايرته له عرفاً، على نحو لا يجري معه استصحاب الحكم؛ لتعدُّد الموضوع.
وهذا هو المدار في مطهرية الاستحالة، لجريان اصالة الطهارة حينئذٍ بلا معارض، كما سيأتي في محله إن شاء الله.
فإذا انقلب البخار ماءً كان المرجع في حكمه أصالة الطهارة أيضاً، لا استصحابها؛ لتعدد الموضوع عرفاً، كما في البخار)[12].
هل تفيد (ثم) في صحيحة زرارة، استصحاب الحالة الأسبق؟
الثالث: وسبق أيضاً (وأما النصوص فلظاهر إلفاء في رواية محمد بن مسلم: ((مَنْ‏ كَانَ‏ عَلَى‏ يَقِينٍ‏ فَشَكَ‏ فَلْيَمْضِ عَلَى يَقِينِهِ فَإِنَّ الشَّكَّ لَا يَنْقُضُ الْيَقِينَ))[13]، وفي رواية أخرى: ((مَنْ كَانَ عَلَى‏ يَقِينٍ‏ فَأَصَابَهُ‏ مَا يَشُكُّ فَلْيَمْضِ عَلَى يَقِينِهِ))[14].
إذ: (والفاء للترتيب باتصال           وثم للترتيب بانفصال)
وهو كذلك عرفاً إضافة إلى كونه نحوياً كذلك فإنه مع وجود فاصل اجنبي (على فرض تبدل الموضوع) يقال: ثم ولا يقال فـ[15].
لا يقال: الترتيب في كل شيء بحسبه ولذا يقال تزوج فولد له ولد؟
إذ يقال: ذلك بحسب القرينة الخارجية ومناسبات الحكم والموضوع، لعلمنا خارجاً بانه لا يولد له ولد بعد الزواج بلحظات بل بعد تسعة أشهر وأياماً مثلاً، فالقرينة الحافة القطعية هي التي أوجبت صحة الاستعمال، والحاصل ان (بحسبه) منوطة بالقرائن وإلا فالأصل الاتصال. هذا وسيأتي بعض الكلام عن (ثم) الموجودة في بعض صحاح زرارة)[16].
فقد ورد ((قُلْتُ:‏ فَإِنْ‏ ظَنَنْتُ‏ أَنَّهُ قَدْ أَصَابَهُ وَلَمْ أَتَيَقَّنْ ذَلِكَ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ شَيْئاً ثُمَّ صَلَّيْتُ فَرَأَيْتُ فِيهِ، قَالَ: تَغْسِلُهُ وَلَا تُعِيدُ الصَّلَاةَ، قُلْتُ: لِمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لِأَنَّكَ كُنْتَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ طَهَارَتِكَ ثُمَّ شَكَكْتَ فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَنْقُضَ الْيَقِينَ بِالشَّكِّ أَبَداً))[17]
الجواب: كلا؛ لأربعة وجوه
والجواب: إضافة إلى انه على المبنى في المثبتين[18] انّ ((ثُمَّ)) إنما تفيد التراخي الزمني وليست ناظرة حتى لصورة وجود المقتضي والشك فيه[19] سلّمنا، لكنها أجنبية عن صورة تبدل الموضوع وتعدده، لأنه من السالبة بانتفاء الموضوع حينئذٍ، فإنه على فرض كون البخار عرفاً موضوعاً آخر غير الماء السابق عليه (المتحول منه) واللاحق له (المتحول إليه) فإنه لا يتحقق موضوع الاستصحاب أصلاً كي يقال انه من مصاديق الفور والاتصال (فـ) أو التراخي والانفصال (ثم).
بوجه آخر: إما أن يلتزم الفقيه بأن البخار موضوع آخر عرفاً، فلا مجال للاستصحاب أصلاً، وإما أن يقول بأنه والماء موضوع واحد عرفاً فعليه يجب استصحاب طهارة البخار (السابق) لا نجاسة الماء (الأسبق) فإن الماء بعد التقطير كان المكلف على يقين من طهارته حال البخارية ثم شك فليس ينبغي له نقض يقينه بالشك.
والحاصل: ان اليقين السابق (بنجاسة الماء) انقلب إلى يقين لاحق بطهارة البخار والآن شك في طهارة الماء اللاحق للبخار فيستصحب طهارته السابقة لأنه الذي ينصرف إليه الدليل بل الظاهر فيه.. لا النجاسة التي هي أسبق.
بعبارة أخرى: لا شك في عدم شمول الرواية للموضوعين المتعاقبين كليهما (للماء المتنجس – ثم للبخار الطاهر) وإلا للزم التناقض الداخلي في مضمون الرواية.. فلا بد إما أن يراد به الموضوع الأسبق أو الموضوع السابق (المتوسط، وهو البخار) ولا ريب ان الأقرب يمنع الأبعد بل لعله مما لا يشك العرف فيه فهو نص أو كالنص وليس ظاهراً فقط.
الروايات تفيد استصحاب الحالة السابقة دون الأسبق
وبوجه رابع: عند مراجعة مختلف روايات الاستصحاب يظهر لنا بوضوح أن المستصحب هو الحالة السابقة لا الأسبق فلاحظ مثلاً، عن علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعاً عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أحدهما (عليهما السلام) (في حديث) قال: ((وَإِذَا لَمْ يَدْرِ فِي ثَلَاثٍ هُوَ أَوْ فِي أَرْبَعٍ وَقَدْ أَحْرَزَ الثَّلَاثَ، قَامَ فَأَضَافَ إِلَيْهَا أُخْرَى، وَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ، وَلَا يَنْقُضِ الْيَقِينَ بِالشَّكِّ، وَلَا يُدْخِلِ الشَّكَّ فِي الْيَقِينِ، وَلَا يَخْلِطْ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ، وَلَكِنَّهُ يَنْقُضُ الشَّكَّ بِالْيَقِينِ، وَيُتِمُّ عَلَى الْيَقِينِ فَيَبْنِي عَلَيْهِ، وَلَا يَعْتَدُّ بِالشَّكِّ فِي حَالٍ مِنَ الْحَالاتِ))[20]، فلاحظ ((وَلَا يُدْخِلِ)) فإنه لا يتمصدق إلا في المتصلات، بوجه أوضح: الإدخال إنما هو في المتوسط (السابق) لا الماء (الأسبق). إذ لا إدخال في الأسبق مع وجود متوسط متصل مباين عرفاً بل الإدخال فيه خاصة، وكذا قوله: ((وَلَا يَخْلِطْ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ)) إذ الخلط بين المتوسط (أي البخار) والثالث[21] لا بين الأول[22] والثالث، وكذا قوله: ((وَيُتِمُّ عَلَى الْيَقِينِ)) فإنه يُتمّ على اليقين المتوسط ولو لم يفعل لما أتم عليه.
وكذا قوله في صحيحة زرارة ((وَإِلَّا فَإِنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ وُضُوئِهِ وَلَا يَنْقُضُ الْيَقِينَ أَبَداً بِالشَّكِّ وَلَكِنْ يَنْقُضُهُ‏ بِيَقِينٍ‏ آخَرَ))[23]، فإن النقض يكون بعدم إجراء الثالث على حكم الثاني المتوسط (وهو البخار) وعدم النقض يكون بإجرائه على حكمه، لا على حكم الأسبق.
وكذا قوله في صحيحة زرارة الأخرى: ((وَإِذَا لَمْ يَدْرِ فِي ثَلَاثٍ هُوَ أَوْ فِي أَرْبَعٍ وَقَدْ أَحْرَزَ الثَّلَاثَ، قَامَ فَأَضَافَ إِلَيْهَا أُخْرَى، وَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ، وَلَا يَنْقُضِ الْيَقِينَ بِالشَّكِّ، وَلَا يُدْخِلِ الشَّكَّ فِي الْيَقِينِ، وَلَا يَخْلِطْ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ، وَلَكِنَّهُ يَنْقُضُ الشَّكَّ بِالْيَقِينِ، وَيُتِمُّ عَلَى الْيَقِينِ فَيَبْنِي عَلَيْهِ، وَلَا يَعْتَدُّ بِالشَّكِّ فِي حَالٍ مِنَ الْحَالاتِ))[24] فإنه فيه يضاف إلى ما سبق: انّ ((وَلَا يَعْتَدُّ بِالشَّكِّ)) انه مع الشك في الثالث (الماء بعد التصعيد) فإن عدم الاعتداد به إنما هو بالبناء على اليقين السابق عليه، لا بإهمال اليقين السابق والعودة إلى اليقين الأسبق.
وكذا رواية علي بن محمد القاساني قال: ((كَتَبْتُ إِلَيْهِ وَأَنَا بِالْمَدِينَةِ عَنِ الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ هَلْ يُصَامُ أَمْ لَا؟ فَكَتَبَ (عليه السلام): الْيَقِينُ لَا يَدْخُلُ‏ فِيهِ‏ الشَّكُ‏ صُمْ‏ لِلرُّؤْيَةِ وَأَفْطِرْ لِلرُّؤْيَةِ))[25] فإن ((فِيهِ)) دالة أبلغ الدلالة إذ الإدخال في اليقين السابق لا الأسبق.
فتحصّل: أن المنصور الحكم الطهارة الواقعية للماء النجس إذا تقاطر بعد التبخير، وإلا فالظاهرية.. وأما النجاسات فالأمر منوط بصدق عناوينها بعد التبخير ثم التقطير، والظاهر انها عادة لا تصدق فهي طاهرة.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
قال النبي صلى الله عليه وآله: ((أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى سِلَاحٍ يُنْجِيكُمْ مِنْ أَعْدَائِكُمْ وَيُدِرُّ أَرْزَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: تَدْعُونَ رَبَّكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَإِنَّ سِلَاحَ الْمُؤْمِنِ الدُّعَاءُ))
الكافي: ج2 ص468.
أسئلة:
- ابحث في الآيات والروايات عما ثبتت الطهارة له بعنوانه غير ما ذكرناه في المتن.
- ابحث في فقه رواية الجِص وراجع الأقوال فيها.
- راجع روايات الاستصحاب بدقة وايّد ما استظهرناه منها أو ناقشه.

__________________________

[1] الدرس (1105/85).
[2] للاستحالة.
[3] مستمسك العروة الوثقى: ج3 ص134-135.
[4] سورة الفرقان: الآية 48.
[5] الكافي: ج3 ص64.
[6] تهذيب الأحكام: ج1 ص266.
[7] قال في العروة: (الثاني عشر: عرق الإبل الجلّالة*، بل مطلق الحيوان الجلّال على الأحوط**) (العروة الوثقى والتعليقات عليها: ج2 ص138-139).* الأقوى طهارته. الجواهري. الأقوى طهارته، والأحوط عدم جواز الصلاة فيه، وكذا عَرق مطلق الحيوان الجلّال. المرعشي. الظاهر عدم نجاسته، لكن لا تجوز الصلاة في عَرق الحيوان الجلّال مطلقاً. الخوئي. على الأحوط، ولا تجوز الصلاة فيه أيضاً. مفتي الشيعة.
** ولطهارته وجه وإن لم تجز الصلاة فيه. آل ياسين.
بل الأظهر. تقي القمي.
الظاهر عدم نجاسته. مفتي الشيعة.
[8] الكافي: ج3 ص330.
[9] والشاهد هنا انه يفيد بإطلاقه طهارة دخان العذرة ودخان عظام الموتى اللذين أحرقتهما النار.
[10] تهذيب الأحكام: ج1 ص285.
[11] بل لعله لا يقصده عاقل.
[12] مستمسك العروة الوثقى: ج1 ص161-162.
[13] الخصال: ج2 ص619.
[14] تحف العقول: ص109.
[15] أي يقال كان ماءً ثم عاد ماءً (مادامت البخارية قد توسطت) ولا يقال: كان ماءً فصار ماءً إلا على التسامح والتوسعة والمجاز.
[16] الدرس (1105/85).
[17] تهذيب الأحكام: ج1 ص422.
[18] إذ يرد على مبنى عدم مقيدية أحد المثبتين للآخر، دون مبنى المقيدية؛ لأن دوران الحكم مدار الفاء ومدار ثم في الروايات، هو من قبيل المثبتين.
[19] كي يُحَلّ بإطلاقها إشكال شمول الاستصحاب للشك في الرافع، دون الشك في المقتضي.
[20] تهذيب الأحكام: ج2 ص186.
[21] الماء بعد مرحلة البخارية.
[22] الماء قبل مرحلة البخارية.
[23] تهذيب الأحكام: ج1 ص8.
[24] تهذيب الأحكام: ج2 ص186.
[25] تهذيب الأحكام: ج4 ص159.

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=4680
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 23 شعبان 1446هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23