• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الفوائد والبحوث .
              • الموضوع : 447- فائدة اقتصادية-فقهية: تأصيل قاعدة: خَلَقَ لَكُمْ ما في الأَرْضِ جَـمِيعًا .

447- فائدة اقتصادية-فقهية: تأصيل قاعدة: خَلَقَ لَكُمْ ما في الأَرْضِ جَـمِيعًا

قد يسأل: إذا جاء أهل المدن الأخرى لمدينة واستثمروا ثرواتها وبَنَوا واستخرجوا الثروات؛ بسبب امتلاكهم للآليات والإمكانات المادية والتقنية، بحيث نافسوا أهل البلاد نفسها في ثرواتهم، واستحوذوا على الموارد والأراضي وغير ذلك، فما هو حكم ذلك من حيث قانون السبق وقانون تعميم الثروات، وكيف نقول بأن (الأرض لله ولمن عمرها) والثروات للجميع: (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَميعاً)([1]) في مثل هذه الحالة؟

الجواب: إن توزيع الثروات والأراضي وغيرها يتم وفق قانون (لَكُمْ) وفي إطاره وضمن حدوده في قوله تعالى: (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الأَرْضِ جَميعاً) ([2])، وهي تقتضي العدالة في التوزيع، فلا يمكن الاستئثار بالثروات والموارد من قبل شركات أو أشخاص على حساب آخرين، بحيث يحرم سائر الناس في هذا العصر أو تحرم الأجيال القادمة.

فإذا ثبت هذا الأصل العام، فيأتي السؤال عن كيفية هذا التوزيع وما يحتاجه من تخطيط وعمليات إحصائية، وغير ذلك من التفاصيل اللاحقة لأصل تشريع هذا القانون والأصل. والذي يمكن أن يقوم به أهل الخبرة الذين يستعين بهم الفقهاء أو منتخبو الشعب في مجلس الأُمة، على الرأيين.

وبعبارة أخرى: هذا هو القانون العام أو الأصل الأولي في توزيع الثروات والموارد العامة، ولا يمنع ذلك من وجود مراحل سابقة على التوزيع من إحصاء الأنفس والثروات، وبيان حدود استحقاق كلّ فرد أو كلّ شركة من تلك الموارد، وحدودها ومقدارها، وما شابه ذلك.

هذا كله لو أراد المسلم أن يطبق هذا القانون والأصل على جميع بلاد المسلمين وعلى المسلمين جميعاً، أما بالنسبة للدول الغربية وأصحاب الديانات أو القوانين غير الإسلامية، فانهم ما دام لا يدينون ولا يعترفون بهذا الأصل، فيمكن تطبيق قانون الالزام في حقهم أو قانون المقابلة بالمثل: (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ ما اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)([3])، أو قانون (هَلْ جَزَاءُ الإحْسانِ إلّا الإحْسان)([4])، أي: إن هذا الأصل يمكن تطبيقه على غير المسلمين أيضاً، ولكن ببحث لاحقٍ على تأسيس هذا الأصل، بأن يقال لأهل البلاد الأخرى: بموجب هذا الأصل يجب عليك أن تعطيني من ثروتك كما أعطيتك من ثروتي، فإذا عصيت فإن لي بنفس المقدار أن أمنعك، أي: لي أن أمنع الآخر من ثروات بلادي بمقدار ما منعني من ثروة بلاده لا مطلقاً، ويدل على هذا التماثل بين الفعل والجزاء قوله تعالى: (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ ما اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)([5]).

------------
[1] سورة البقرة: الآية 29.

[2] سورة البقرة: الآية 29.

[3] سورة البقرة: الآية 194.

[4] سورة الرحمن: الآية 60.

[5] سورة البقرة: الآية 194.

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=4226
  • تاريخ إضافة الموضوع : 1 ذي القعدة 1443هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 22