• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الفوائد والبحوث .
              • الموضوع : 391- فائدة أصولية: ظاهرة نقل الإجماع والشهرة عند بعض الفقهاء .

391- فائدة أصولية: ظاهرة نقل الإجماع والشهرة عند بعض الفقهاء

بقلم: السيد نبأ الحمامي

ينقل صاحب مفتاح الكرامة وقبله السيد المرتضى والشيخ الطوسي (رحمهم الله) (الإجماعَ) أو (المشهور) أو (الأشهر) في كثير من موارد الأحكام، فكيف تفسر ذكر هذه الأمور منهم والمسألة في بعضها خلافية؟
الجواب:  لابد من ملاحظة المباني في حجية الإجماع..  
فإذا ادعى فقيه الإجماع:
(أ) فإن كان مبناه في الاجماع اللطف، فإنه يحتاج إلى إحراز إجماع حقيقي، لأنه: لا يمكن في لطف الله تعالى ـ وهو المقرب للطاعة ـ أن تجتمع الأُمة كلها على المخالفة للحكم الواقعي. فإن هذا الإجماع يحتاج في حجيته إلى استقصاء وتتبع كل الأقوال، إلا إذا حُدِسَ من قول بعضهم أن هذا هو قولهم بأجمعهم.
(ب) وإن كان مبناه في الاجماع الحدس، أي: بأن يحدس من أقوال متّفقة لجمهرة كبيرة من الفقهاء أنّ هذا هو حكم الله تعالى الواقعي، فربما لا يحتاج الفقيه في هذه الحالة إلى استقصاء وتتبع آراء كل الفقهاء، بل قد يكفي ملاحظة اتفاق خمسين فقيهاً مثلاً على امتداد فتراتهم، خصوصاً المتقدمين، فيقول بإجماع الفقهاء على الحكم المذكور، فيكون الإجماع حينئذ كاشفاً لديه عن الحجة الواقعية. بل ربما الفقيه يكتشف من إجماع عشرة من أعاظم الفقهاء، هذا الإجماع المدعى.
(ج) وإن كان مبناه في الاجماع التشرف أو الدخول، بمعنى دخول قول المعصوم (عليه السلام) من ضمن الأقوال من دون أن يُعلم بعينه، فلا يحتاج إلى سبر أقوال جميع الفقهاء، كما ينقل عن المقدس الأردبيلي (قدس سره) أنه رأى الإمام (عليه السلام)، وهو قد لا يستطيع البوح بادعاء الرؤية للنهي عنه في الروايات، فيقول: (الإجماع)، بذلك، ويقصد إجماع من يرجع إليه الأمر، أو ما أشبه.
ومع معرفة أن الإجماع على أنواع، ينحل الإشكال على ادعاء الإجماعات الكثيرة من الشيخ الطوسي، وقبله السيد المرتضى، رغم ملاحظتنا عدم تحقق إطباق الفقهاء على الأمر، وقد أوضحنا ذلك في مقدمة كتاب (فقه المعاريض والتورية) وأنه ما هو المقصود بإجماعات الشيخ الطوسي بتفصيل أكثر فراجع.
ثم إن مقابل المشهور هو غير المشهور، أما الأشهر فيكون في مقابل المشهور، فإذا كان مثلاً خمسون فقيهاً يقولون (نعم)، وستون فقيهاً يقولون (لا)، فالستون هو الأشهر، والخمسون مشهور.
والمشهور في مقابل غير المشهور هو أقوى من الأشهر في مقابل المشهور، فإذا رأى ستين فقيهاً يقولون (نعم) وثلاثة يقولون (لا) فيكون المشهور وغير المشهور، ومن ثَم كان المشهور أقوى من الأشهر.

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=4070
  • تاريخ إضافة الموضوع : 20 جمادى الآخرة 1443هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16