• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التزاحم (1442-1443هـ) .
              • الموضوع : 011- تحقيق: الضرر في الموضوع او في سببه أو في الحكم - التصوير السابع : النائيني: لا ضرر ناضر للحكم فلا يعقل الا ان يكون نافيا لاطلاقه لا لأصله .

011- تحقيق: الضرر في الموضوع او في سببه أو في الحكم - التصوير السابع : النائيني: لا ضرر ناضر للحكم فلا يعقل الا ان يكون نافيا لاطلاقه لا لأصله

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(322)

 

التحقيق: ههنا ضرران: مقتضٍ للحكم وناتج عنه

تتمة: ومزيد التحقيق الذي يوضح مناقشتنا للإشكال الذي أورد على المحقق الخراساني قدس سره ودفاعنا عنه بشكل أوضح ان الحكم الذي اقتضاه ضرر، كوجوب الجهاد الذي اقتضاه ضرر استيلاء العدو على بلادنا، لا ترفعه لا ضرر إذا ترتب على الحكم نفسه ضرر آخر، وذلك لبداهة ان الشارع لا بد انه لاحظ الضررين ورجح رفع الأول فحكم بالجهاد مثلاً.

وبعبارة أخرى: فيما يرتبط بالجهاد ضرران: سابق ولاحق، أما السابق: فضرر استيلاء العدو على البلاد فانه يقتضي جعل وجوب الجهاد، وأما اللاحق: فضرر الجهاد نفسه على المقاتلين مما يصيبهم من جرح وأسر وقطع وقتل، وهذا الضرر الأخير الذي تولّد من وجوب الجهاد مرجوح بالنسبة إلى الضرر الأول فلا يمكن ان يشمله لا ضرر كي يرفع وجوبه.

وبعبارة ثالثة: هنا ثلاثة أمور: 1- الموضوع، وهو الجهاد، 2- الحكم، وهو الوجوب 3- السبب الباعث للحكم، وهو مفسدة استيلاء العدو علينا، ولا شك ان الشارع حين أوجب الجهاد لاحظ ان المفسدة والضرر التي اقتضت الحكم بوجوبه (وهي استيلاء العدو) أعظم من المفسدة والضرر التي تترتب على الحكم بوجوبه (وهي قتل وجرح كثير من المجاهدين) ولذا أوجبه، فكيف يعقل والحال هذه أن يشمل لا ضرر الحكم بوجوب الجهاد فيرفعه؟ وهل هو إلا من ترجيح المرجوح القطعي (وذلك في صور وجوب الجهاد طبعاً)([1]).

وبذلك كله يظهر وجه كلام الآخوند المنقول عنه من ان لا ضرر لا يشمل الضرر المقتضي للحكم بل هو خاص بالضرر المانع عن الحكم.

 

ولا يوجد حكم ضرري بل موضوعه ضرري

ولكن ينبغي التنبيه إلى أمر قد يخفى على الكثيرين وهو (الحكم الضرري) لا يراد به كون الحكم بوجوب الجهاد أو الزكاة أو نظائرها بنفسه ضررياً إذ الضرري هو الموضوع فانه منشأ الضرر وأما الحكم فلا يعدو كونه حيثية تعليلية ولذلك نسب إليه الضرر الناشئ من غيره (وهو الموضوع أي الجهاد والزكاة وشبهها) حقيقة، نعم لو كان الحكم حيثية تقييدية لكانت نسبة الحكم إليه حقيقية لكن الأمر ليس كذلك. فتأمل

 

النائيني: لا ضرر حاكم والناظر رافع لإطلاق الحكم لا لأصله

التصوير السابع للخروج الموضوعي: ما نقل عن المحقق النائيني قدس سره: (من أنّ حديث (لا ضرر) حاكم على الأحكام بملاك النظر إليها، والنظر الى الحكم فرع فرض الفراغ عن ثبوت ذلك الحكم، إذن فينحصر الأمر في كون الحديث رافعاً لإطلاق الحكم، لا نافياً لأصل الحكم، فلا يشمل الحكم الذي يكون ضرريّاً من أصله([2]))([3]).

 

توضيح وتتميم

وتوضيحه: ان أصل الحكم تارة يكون ضررياً، وتارة يكون إطلاقُه ضررياً، والأول كالجهاد والزكاة فان أصله أي طبيعته وماهيته السيالة في كافة أفراده ضررية، عكس الثاني كالوضوء فان الضرر ليس ناشئاً من ماهيته وطبيعته بل من إطلاقه بل ولذا نجد ان كثيراً من أفراده غير ضررية فوجوبه ليس ضررياً بل إطلاق وجوبه وشموله لكافة الأفراد الأخرى، كوضوء المريض الذي يضره الماء، هو الضرري.

وعليه: فان ما كان ضررياً أصلُه، فانه غير مجعول أصلاً، إذ لا يعقل ان يجعل الشارع الحكيم حكماً ضررياً بماهيته وكافة أفراده، كالحكم فرضاً بوجوب القبائح كالخمر والسرقة، فكيف يشمله لا ضرر ليرفعه فانه غير موجود من الأصل فانّ رفعه يكون من تحصيل الحاصل.

وبوجه آخر أشمل: لا يخلو إذا كان أصل الحكم ضررياً، اما ان يكون منفياً في الشريعة أو ثابتاً.

فان كان الأول، كالجمارك وجواز شرب الخمر، فانه منفي على الفرض، أي ان جواز أخذ الكمرك وشرب الخمر منفي لأنهما محرمان، فكيف ينظر إليه لا ضرر ليفيه فانه من تحصيل الحاصل إضافة إلى ما ذكره قدس سره من ان النظر إلى الحكم فرع الفراغ عن ثبوت ذلك الحكم، والفرض انه ليس بثابت.

وإن كان الثاني، كالجهاد والزكاة، فإن ثبوته كاشف عن رجحان منفعته على ضرره وكونه بعد الكسر والانكسار نفعاً فلا يشمله لا ضرر قهراً، وبوجه آخر: شمول لا ضرر له مستلزم للحكم بالمتناقضين.

وقد أشكل السيد الشهيد الصدر على الميرزا النائيني (قدهما) وسيأتي كلامه حسب تقريراته كما ستأتي مناقشتنا لإشكاله بإذن الله تعالى.

 

 

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين

 

 

قال رسول الله صلى الله عليه واله: ((‏طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَةِ عَمَلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَحْتَ كُلِّ ذَنْبٍ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ)) (ثواب الأعمال: ص165).

 

 

 

-----------------------------------------------------------
([1]) استدراك عما لو كان الجهاد مع العدو مما يضر بالعباد والبلاد أكثر كما أحرزت غلبته وانتقامه بإهلاك الحرث والنسل، عكس ما لو صولح أو عقدت هدنة معه أو شبه ذلك.

([2]) راجع قاعدة (لا ضرر) للشيخ موسى النجفي، ص 212.

([3]) السيد كاظم الحسيني الحائري، مباحث الاُصول، القسم الثاني، الناشر: دار البشير ـ قم، ج4 ص559.

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=3885
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء 19 ذو القعدة 1442هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14