• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1440-1441هـ) .
              • الموضوع : 450- الخمس في ارتفاع القيمة السوقية وفي راس المال .

450- الخمس في ارتفاع القيمة السوقية وفي راس المال

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(450)

 

تصوير التبريزي لتعلق الخمس بالمال المعاطاتي

ثم ان الميرزا التبريزي حيث انه تبعاً لاستاذه غفل عن التصوير البسيط السابق، التجأ إلى تصوير آخر لكيفية تعلق الخمس بالمال المعاطاتي وهو يرتكز على (البيع([1])) لكنه أكثر تعقيداً.

قال: (وذكر بعض الأساطين على القول بالإباحة محذوراً ثالثاً وهو أنه يجب ترتيب الآثار المترتبة شرعاً على الملك المأخوذ بالمعاطاة مع فرض عدم كونه ملكاً، كوجوب الخمس في المأخوذ بالمعاطاة مع عدم صيرورته ملكاً، 1- كما إذا اشترى التاجر في أواخر سنة ربحه متاعاً بألف دينار 2- ثم زادت قيمته السوقيّة فباعه قبل تمام سنة الربح بألفين بالمعاطاة 3- ثم نزلت القيمة السوقية إلى ألف، 4- فيجب عليه خمس الألف([2]) مع عدم صيرورته ملكاً له بتصرفه أو تصرف المشتري في المتاع المزبور.

أقول: لا بأس للقائل بالإباحة بالالتزام بعدم وجوب الخمس في الألف قبل صيرورته ملكاً وبعد ذلك يكون من أرباح السنة الآتية، كما إذا تصرف فيه أو تصرّف الآخر في المتاع)([3]).

 

صور لوجوب الخمس في ارتفاع القيمة السوقية، وعدمه

أقول: توضيح ما تصوّره يبتني على تمهيد مقدمة مهمة في تعلق الخمس بارتفاع القيمة السوقية، وهي ان لتعلق الخمس بارتفاع القيمة السوقية صوراً، وقد اختلف العلماء في بعض الصور كما يظهر لمن راجع العروة بحواشيها، ولكن أصول المسائل ثلاثة:

الأولى: ان يكون التاجر قد أعدّ بضاعة للاتجار بها (بل وغير التاجر أيضاً إذا أراد بيع شيء بقصد الاسترباح) فارتفعت قيمته السوقية وباعه بربح ومرت رأس السنة، فان عليه الخمس، ولكنه إذا لم يبعه بل جعله في معرض البيع في دكانه مثلاً وكان مما يُتوقّع بيعه أي كانت له سوق دون ما إذا كان ميئوساً منه، فان عدداً من الفقهاء ومنهم السيد الوالد صرّح بتعلق الخمس به أيضاً.

والوجه في الحكم بالخمس واضح وهو صدق قوله عليه السلام: ((هِيَ وَاللَّهِ الْإِفَادَةُ يَوْماً بِيَوْمٍ))([4]) في رواية الإمام الصادق عليه السلام المفسرة للغنيمة في الآية الكريمة، والعُرف يشهد على انه (أفاد) و(غنم) حتى وإن لم يبع بالفعل، بل وكذا صدق (التكسب) فتأمل.

الثانية: ان يكون المكلف قد اشترى بضاعة للاقتناء لا للاتجار، كما لو اشترى([5]) سيارة ليركبها لحاجاته لكنه لم يركبها ومرت رأس السنة ولم يستعملها([6]) وكانت قد ارتفعت قيمتها السوقية فهل يجب عليه الخمس في ارتفاع القيمة؟ قال بعض الفقهاء بانه إذا باعها وجب الخمس اما إذا لم يبع فلا، وقد يقال بوجوبه في الصورتين لصدق (الإفادة) إذ يقال عرفاً انه استفاد وغنم وإن لم يبع بالفعل.

الثالثة: ان يكون قد ملك شيئاً بالإرث (مما لا خمس فيه إذ الإرث لا يتعلق به الخمس) فارتفعت قيمته السوقية ومرت رأس السنة، أو يكون عنده مال مخمس([7]) فاشترى به سيارة مثلاً فارتفعت قيمتها السوقية، وهنا قال بعض الفقهاء بانه لا خمس في الزيادة السوقية حتى لو باع وحصل على الربح.

ولكن قد يناقش بما سبق فانه إذا باعه يصدق عليه الإفادة والغنيمة، وحكم الأصل لا يجري على النماء إلا بتنقيح مناط ظني، وإنصراف أدلة الخمس عنه بدوي.

وبملاحظة المسائل السابقة يتضح وجه كلام المحقق التبريزي فان قوله: (اشترى التاجر) يتضمن قيدين: ما يقابل (اشترى) كما لو ورثه مثلاً فانه لا خمس في زيادته السوقية حسب رأيٍ كما مضى، وما يقابل (التاجر) فانه إذا اشترى غير التاجر للاقتناء فلا خمس في زيادته السوقية إذا لم يبع.

وقوله (ثم نزلت القيمة السوقية إلى الألف) الظاهر انه يقصد ثم مرت عليه رأس السنة بعد نزول القيمة السوقية للبضاعة فتأمل([8])، لكن الألفين هي بيده الآن (فيجب عليه خمس الألف) أي الثانية([9])؛ إذ كل الكلام في الألف الثانية لأنها ربح حصل بالمعاطاة ولا يقابلها شيء الآن (إذ البضاعة قد نزلت قيمتها للألف الأولى) واما الألف الأولى فلم يجعلها محلّ الكلام لأنه فرضها مقابل البضاعة نفسها وانه حيث لا خمس في البضاعة (لأنه افترضها مخمّسةً مثلاً أو مما يتوقف عليه الاسترباح لمؤونته فيعد من المؤونة عرفاً – كما هو رأي بعض كالقمي والخوئي على ما سبق) فلا خمس في الثمن المقابل لها.

ولكن يرد عليه ما ورد على أستاذه من ان البضاعة (وهي الرأسمال) على قسمين: فقد يكون فيها الخمس وقد لا يكون، وثبوت الخمس فيها إذا كانت رأسمالاً لتوسعة تجارته لا لتحصيل مؤونة سنته بل حتى إذا كانت للأخير على رأي.

 

بعض الفتاوى في تخميس ما ارتفعت قيمته السوقية

ملحق: وهذه بعض الفتاوى في المسألة:

قال في العروة الوثقى: (وأمّا لو ارتفعت قيمتها السوقية من غير زيادة عينيّة لم يجب خمس([10]) تلك الزيادة([11])؛ لعدم صدق التكسّب، ولا صدق حصول الفائدة([12]))([13])

وقال السيد حسن القمي: (1- إن كان المال ممّا لم يتعلّق الخمس به كالإرث والمهر وزادت قيمته السوقية فلا خمس فيه وإن باعها،

2- وإن كان المال ممّا تعلّق به الخمس ويملكه بغير البيع وسائر المعاوضات، بل تملّكها بمثل الهبة والحيازة وأمثالها وأدّى خمسه من عين المال وزادت قيمتها السوقية وباعه لم يكن في الزيادة خمس أيضاً،

3- وأمّا إذا أدّى خمسه من القيمة، ثمّ زادت قيمته السوقية وباعه فيجب الخمس في الزيادة،

4- وإن تملّك المال بالبيع وسائر المعاوضات وأدّى خمسه سواء أدّاه من العين أو القيمة وزادت قيمته السوقية فيجب الخمس في الزيادة. حسن القمي)([14]).

وقال السيد السيستاني: (فأقسام ما زادت قيمته ثلاثة:

الأوّل: ما يجب فيه الخمس في الزيادة وإن لم ‏يبعه، وهو ما أعدّه للاتّجار بعينه كالبضائع المعروضة للبيع.

الثاني: ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة وإن باعه بالزيادة، وهو ما ملكه بالإرث ونحوه ممّا لم ‏يتعلّق به الخمس ولم‏ يعدّه للاتّجار بعينه.

ومن قبيل ذلك ما ملكه بالهبة أو الحيازة ممّا كان متعلّقاً للخمس ولكن قد أدّاه من نفس المال، وأمّا إذا أدّاه من مال آخر فلا يجب الخمس في زيادة القيمة بالنسبة إلى أربعة أخماس ذلك المال ويجري على خمسه الذي ملكه بأداء قيمته من مال آخر حكمُ المال الذي ملكه بالمعاوضة.

الثالث: ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة إلّا إذا باعه، وهو ما ملكه بالمعاوضة كالشراء ونحوه بقصد الاقتناء لا الاتّجار بعينه)([15])

 

 

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

 

 

عن الإمام الرضا عليه السلام انه كان يقول لأصحابه: ((عَلَيْكُمْ بِسِلَاحِ الْأَنْبِيَاءِ، فَقِيلَ: وَمَا سِلَاحُ الْأَنْبِيَاءِ؟ قَالَ الدُّعَاء‏)) (الكافي: ج2 ص468).

 

 

 

----------------------------------------------------------------

([1]) وكان تصويرنا تبعاً للمحققين النائيني والوالد و...، يرتكز على (الشراء) وبقاء الـمُشتَرى بالمعاطاة إلى مرور رأس السنة.

([2]) أي الألف الثانية التي بيده (مع ان البضاعة الأصلية قيمتها الآن ألف فقط) وسيأتي في المتن.

([3]) الشيخ ميرزا جواد التبريزي، إرشاد الطالب في شرح المكاسب، دار الصديقة الشهيدة عليها السلام قم المقدسة: ج2 ص361، والأرقام إضافة منا للتوضيح.

([4]) الكافي: ج1 ص544.

([5]) من مال لم يخمّسه من قبل، وإلا دخل في الصورة الآتية.

([6]) ولا كان من شأنه استعمالها، على رأي.

([7]) بان ادى الخمس من نفس المال.

([8]) إذ الظاهر انه لا فرق بين نزول قيمة البضاعة قبل رأس السنة أو بعد مرورها، إذ مدار البحث الآن عن الألفين التي بيده وقد مرت عليها السنة.

([9]) إذ الكلام كل الكلام ان بيده الآن ألفين (مع ان المثمن الذي بيد المشتري الآن عادت قيمته إلى الألف) لكن البائع بيده ألفان أخذهما حين المعاملة والقيمة مرتفعة حينذاك.

([10]) لا يُترك الاحتياط. (الفيروز آبادي).

    * والوجوب أقرب حتى وإن لم يبِعها. (محمد الشيرازي).

    * وجب الخمس في الارتفاع المذكور إن أعدّه للتجارة. (مفتي الشيعة).

([11]) بل الوجوب أحوط. (الجواهري).

    * لا يُترك الاحتياط. (الاصطهباناتي).

    * في ما زاد عن مؤونة السنة. (محمد رضا الكلبايكاني).

    * بل وجب في ارتفاع القيمة السوقية مطلقاً، أي سواء كان المقصود من الشراء أو الإبقاء في ملكه الاتّجار به أم لم يكن إذا أمكن البيع وأخذ القيمة. (الروحاني).

([12]) لا يبعد صدق الفائدة عرفاً فيجب الخمس فيها حينئذٍ، ويمكن الاختلاف بحسب الموارد. (السبزواري).

([13]) السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى والتعليقات عليها، مؤسسة السبطين (عليهما السلام) العالمية ـ قم: ج12 ص125-127.

([14]) السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى والتعليقات عليها، مؤسسة السبطين (عليهما السلام) العالمية ـ قم: ج12 ص128، والترقيم إضافة منا.

([15]) السيد علي السيستاني، منهاج الصالحين، ج1 ص393.


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=3763
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 11 جمادي الاولى 1441هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16