• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التزاحم (1440-1441هـ) .
              • الموضوع : 261- وجوه ثلاثة لكون قاعدة التجاوز امارة لا اصلاً - الضابط الثالث لكون الشيئ علة لا حكمة .

261- وجوه ثلاثة لكون قاعدة التجاوز امارة لا اصلاً - الضابط الثالث لكون الشيئ علة لا حكمة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(261)

 

(العراقي: الشك موضوع للقاعدتين

استدل العراقي بان روايات قاعدة التجاوز والفراغ أخذت الشك موضوعاً، فعليه تكون القاعدة أصلاً ويكون الحكم تعبدياً إذ قد ألغى الشارع جهة الكشف الضعيفة التي فيه، فلا يمكن تعميم الحكم أو تخصيصه دائراً مدار الحِكمة، بل المرجع لفظ الرواية دون تحقق الحِكمة وعدمه.

قال: (أقول: على تقدير هذه الغلبة، ظهور اخباره المأخوذ في موضوعها الشك ينادي بإلغاء جهة كشفه؛ وما في بعض الأخبار من التعليل بالأذكرية، محمول على بيان حِكمة الجعل، لا انه موضوع الجعل تتميم([1]) كشفه، بقرينة الأخبار الاخر الظاهرة في كونها في مقام التعبّد بوجود المشكوك في ظرف الشك؛ كما لا يخفى)([2]).)([3]) – كما سبق.

 

مناقشات مع المحقق العراقي

أقول: قد يورد عليه بوجوه:

 

1- موضوع قاعدة التجاوز الشك الخاص لا المطلق

الأول: ان الشك المأخوذ في روايات قاعدة التجاوز، ليس هو الشك المطلق لتكون أصلاً، بل هو شك خاص مقيد وهو الشك الذي سبقه تجاوُزُ المحل، فهو نظير الشك المأخوذ في موضوع الاستصحاب فانه كما لا يصح القول ان الاستصحاب أصلٌ؛ لأخذ الشك في موضوعه فكذلك المقام، والسرّ فيهما: ان الشك وإن كان لا كاشفية له عن الواقع بالمرة، لكنه إذا سبقه اليقين كان كاشفاً وكان ظرفاً لا قيداً وصلح موضوعاً للامارة، وكذلك إذا سبقه تجاوز المحل، فانه في الصورتين كاشف عن الواقع موصل له وإن احتاج إلى متمِّم الكشف، نعم كاشفيته من (القلب) إذ الكاشف هو اليقين السابق الملحوق بالشك في الاستصحاب وهو تجاوز المحل الملحوق بالشك، وبذلك يظهر انه ليس الموضوع حقيقةً بل الموضوع غيره وهو (اليقين السابق) أو (الخروج من شيء والدخول في غيره) و(مجاوزة الشيء والدخول في غيره) ولكن الملحوق بالشك – حسب الروايتين.

والنكتة في قاعدة التجاوز ان الشك لاحق للخروج لكن المشكوك فيه سابق عليه. فتدبر

 

2- ((فَشَكُّكَ لَيْسَ بِشَيْ‏ءٍ)) حاكم على الشك في موضوع القاعدة

الثاني: ان (الشك) في روايات قاعدة التجاوز لو خلا عن الحاكم عليه في نفس الرواية، لأمكن القول بانها أصل لأن موضوعها الشك، لكن قوله ((فَشَكُّكَ لَيْسَ بِشَيْ‏ءٍ)) في رواية زرارة حاكم على الشك المذكور موضوعاً للمضي ((رَجُلٌ شَكَّ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَقَدْ كَبَّرَ؟ قَالَ: يَمْضِي، قُلْتُ: رَجُلٌ شَكَّ فِي التَّكْبِيرِ وَقَدْ قَرَأَ؟ قَالَ: يَمْضِي، قُلْتُ: شَكَّ فِي الْقِرَاءَةِ وَقَدْ رَكَعَ؟ قَالَ: يَمْضِي، قُلْتُ: شَكَّ فِي الرُّكُوعِ وَقَدْ سَجَدَ؟ قَالَ: يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ...)) فان قوله عليه السلام عند إعطائه الضابطة الكلية ((فَشَكُّكَ لَيْسَ بِشَيْ‏ءٍ)) تنزيل له منزلة العدم والظاهر ان ذلك لجهة كشف التجاوز عن التحقق وان هذا الشك لا وجه له على ما نقلناه عن الميرزا سابقاً فهو كقوله (لا شك لكثير الشك) فكما ان هذه قاعدة وليست أصلاً مع ان موضوعها الشك؛ إذ([4]) انه نزّل منزلة العدم لجهة الكشف في شأن كثير الشك فكذلك المقام. فتأمل

بعبارة أخرى: لسان الدليل الحاكم، لسان الامارة، لا الأصل.

لا يقال: ان الدليل الحاكم قد يكون أمارة وقد يكون أصلاً وقد فصلنا في بحث الحكومة والورود ان الأمارة قد تكون حاكمة على الأمارة وقد تكون حاكمة على الأصل كما ان الأصل قد يكون حاكماً على الأصل بل قد يكون حاكماً على الأمارة فالأقسام أربعة، فالحكومة أعم من الأمارية، إذ تجتمع مع كون الحاكم والمحكوم عليه أو أحدهما أصلاً.

إذ يقال: الحكومة والتنزيل قد تكون تعبدية محضة وقد تكون بجهة الكاشفية، والمدار اللسان وقد سبق ان لسان قاعدة التجاوز الامارية كما قرر في المتن فتدبر.

 

3- حكومة ((أَذْكَرُ)) على ((كُلُّ شَيْ‏ءٍ شَكَّ فِيهِ))

الثالث: ما سبق من حكومة بعض روايات القاعدة على بعضها الآخر، أي حكومة التعليل في بعضها على ما ذكر في بعض الآخر من نص القاعدة، أي حكومة ((هُوَ حِينَ يَتَوَضَّأُ أَذْكَرُ مِنْهُ حِينَ يَشُكُّ)) و((كَانَ حِينَ انْصَرَفَ أَقْرَبَ إِلَى الْحَقِّ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ)) على مثل ((كُلُّ شَيْ‏ءٍ شَكَّ فِيهِ مِمَّا قَدْ جَاوَزَهُ وَدَخَلَ فِي غَيْرِهِ فَلْيَمْضِ عَلَيْهِ)) لأنه يتطرق إلى ما لا يتطرق له الدليل المحكوم من حالاته إذ الأذكرية والأقربية أمر لم تتطرق له الروايات المقتصرة على (فليمض عليه) وهي ناظرة وشارحة لها إذ بضمهما يكون الأمر هكذا: (كل شيء شك فيه.. فليمض عليه، لأنه أذكر حين العمل منه حين يشك).

وبعبارة أخرى: ضابط الحكومة منطبق على المقام، والضابط هو ما ذكره الشيخ لكن بتوسعة له، كما حققناه في الحكومة والورود تبعاً للمحققين: (ان يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي متعرضاً لحال الدليل الآخر بالتوسعة أو التضييق للمحمول أو للموضوع) والمقام من التطرق للموضوع بالتوسعة ثبوتاً واما على رأي الميرزا فبالكشف. فتأمل

 

ضابط ثالث: التعليل بأمر فطري أو عقلي أو عقلائي

وموجزه: ان التعليل تارة يكون بأمر فطري وأخرى بأمر عقلي وثالثة بأمر عقلائي، وقد حققنا في محله ان هذه الثلاثة لا مانعة جمع بينها إذ قد تتطابق الفطرة والعقل والعقلاء على أمر وقد يطابقها جميعاً الشرع بل هو كذلك دائماً، خلافاً لمن توهم ان الأمر إن كان فطرياً فليس بعقلي وبالعكس وقد فصلنا بحث ذلك في كتاب (فقه التعاون على البر والتقوى) فراجع، فهذه مجموعةٌ من التعاليل.

وقد يكون التعليل بأمر مبهم تارة وبأمر مجمل أخرى، وبأمر أعم ثالث، وبأمر نسبته مع المعلل له من وجه رابعة، فهذه مجموعة ثانية.

و(لا ضرر) في رواية سمرة وفي رواية الشفعة وفضل الماء هي من قبيل المجموعة الأولى فهو علة لا حِكمة لكن مع فذلكة في روايات الشفعة وفضل الماء.. وسيأتي التفصيل بإذن الله تعالى.

 

 

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

 

 

قال الإمام الحسن العسكري عليه السلام: ((خَيْرُ إِخْوَانِكَ مَنْ نَسِيَ ذَنْبَكَ وَذَكَرَ إِحْسَانَكَ إِلَيْهِ)) (أعلام الدين: ص313).

 

 

------------------------------------------------------

([1]) لعله (بتتميم).

([2]) الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني، فوائد الأصول، مؤسسة النشر الإسلامي: ج4 ص618.

([3]) الدرس (260).

([4]) تعليلاً لـ(هذه قاعدة وليست أصلاً).


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=3700
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 10 ربيع الاخر 1441هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15