• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1440-1441هـ) .
              • الموضوع : 327- مرحعية القصد الارتكازي ، او العرفي في العقود - قصد الجامع واثاره .

327- مرحعية القصد الارتكازي ، او العرفي في العقود - قصد الجامع واثاره

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(327)

 

 

مقتضى التحقيق:

والتحقيق: انه يمكن القول في مثل معاملة الحمّامي والبقلي بل والسقّاء ونثار العرس وشبهها:

 

مرجعية ارتكازه

أولاً: ان المرجع في نوع المعاملة التي أجراها الحمّامي ونظائره وانها إجارة أو إباحة بعوض أو هبة معوضة أو صلح أو غير ذلك، هو أولاً: ارتكازه فانه إن كان غافلاً فرضاً عن قصد نوع خاص من المعاملة وكان له ارتكاز معين بحيث لو تأمل في نفسه وجد انه في كُمونه كان يقصد الإجارة أو الهبة مثلاً، فهي المرجع لكن إذا كان الارتكاز بحيث يُبنى عليه العقد بنحو القصد الإجمالي بحيث لو أُلفِت إليه أو التفت هو رأى انه هو لا يعدوه.

 

ومرجعية ارتكاز العرف وبناؤهم

ثانياً: انه لو لم يكن له ارتكاز أصلاً، فلو كان للعرف ارتكاز كان ارتكازهم هو المرجع؛ وذلك لاستظهار إذا الإنسان يعمل كما يعمل الآخرون في العقود والإيقاعات وغيرها أي ان بناءه وارتكازه هو على ما عليه بناؤهم وارتكازهم إن لم يقصد خلافه، فيعود هذا إلى ان مرتكزهم هو مرتكزه ولكن بالواسطة، ويوضّحه: ان الطفل يولد وينمو مقلداً للناس في أقوالهم وأفعالهم فان قصد الخلاف أو دل عليه الدليل فهو وإلا فالأصل انه يفعل كفعلهم، والطفل الذي يذهب به أبوه إلى الحمام دائماً مثلاً، إذا كبَرَ فافتتح حماماً ولم يقصد قصداً خاصاً فان الظاهر انه يفعل كما يفعل الحمّاميون فإن كان لهم ارتكاز معيّن كان ظاهر حاله بناؤه عليه، فيكون هو المرجع.

وبما ذكر ظهر انه لا يصح الإشكال بان (العقود تتبع القصود) يراد بها القصد الشخصي أي قصد شخص المتعامل لا قصد الناس والنوع أو العرف؛ إذ بانَ ان قصده الارتكازي مبني على قصدهم وان مرجعية قصد النوع إنما هي إذا لم يقصد العكس وكان في عمقه قد بنى على ما بنوا عليه؛ والامارة العامة عليه ان الأصل في الإنسان ان يفعل كمن سبقه وحسب العرف العام إلا لو دلّ الدليل على الخلاف.

وإذا ثبت ذلك فكلما شك في ارتكاز الشخص، في نثار العرس أو الحمّامي أو غيرهما، فالمرجع ارتكاز العرف وبناؤهم.

نعم، يجب ان يكون مرتكزاً لديهم، ولا يكفي مجرد الداعي من غير إحراز الارتكاز وكون العقد قد وقع منصباً عليه.

وبذلك ظهر أيضاً: ان النكاح لو وقع منصباً على شرط ارتكازي لديه أو لدى العرف بان تقوم الزوجة مثلاً بأعمال البيت، كان من الشرط في ضمن العقد وإن لم يصرح به، شمله (المؤمنون عند شروطهم) لكن بشرط كون العقد مبنياً عليه كشرط، لا مجرد كونه داعياً([1])، ولعل الأعراف مختلفة، ولعل بعض الأعراف وبعض الأشخاص يجده شرطاً أساسياً ارتكازياً مبنياً عليه العقد، لا مجرد داع، فعلى كونه داعياً أو شرطاً تدور إلزامية ذلك وعدمه. فتدبر

 

قصد الجامع

وهناك احتمال آخر في الحمّامي وغيره، وهو ان يكون قد قَصَدَ الجامع بين هذه العقود وغيرها، أي انه لم يقصد خصوص الإجارة ولا الهبة أو الإباحة المعوضة بل مجرد مقابلة تملّكه للمال بتسليطه المستحمِّين على الاستفادة من حمّامه، وقد أجبنا عن إشكال استحالة قصد الجنس دون الفصل مفصلاً سابقاً وإجمال جوابين منها: أ- انه لا جنس ولا فصل في الأمور الاعتبارية فلا تجري عليها أحكامهما. ب- وانه حتى لو سلّمنا ان للاعتباريات جنساً وفصلاً فان الجنس لا يوجد بدون فصله اما قصده بدون قصده فممكن. ولا تلازم بين عدم إمكان التفكيك ثبوتاً بين الجنس والفصل وعدم إمكانه قصداً؛ لبداهة إمكان ان يقصد الجنس لدوران غرضه مداره دون ان يقصد الفصل، وفي المقام غرضه مجرد نقل منفعة الحمام للآخر أو مطلق تسليطه الأعم من النقل، مقابل مالٍ.

حكم وآثار قصد الجامع

لكن ذلك إذا كان كذلك لم تترتب على هذه المعاملة الآثار الخاصة لأي عقد من العقود كالهبة والإجارة وشبههما بل تجري الآثار المشتركة العامة أو فقل القدر المتيقن منها، لكنّ عدم وقوع أي عقد خاص إذا قصد الجامع أي وقوع مجرد الجنس الكلي وهو صِرف التسليط مقابل المال يستلزم صحة ان يطرد الحمّامي المستحمِّين وهم وسط استحمامهم، وارتكاز الناس خلافه فقد يستظهر من ذلك وبالبرهان الإني عدم قصده للجامع؟، والجواب: كلا، فانه حتى إذا قصد الجامع لم يصح له طرد المستحمِّين؛ وذلك لشمول (أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ)([2]) له فإِنّ قصْد الجامع وإيقاع المعاملة عليه عَقْدٌ، نعم لو قصد الجامع بين العقد وبين التراضي من غير عقد لما شمله (أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) ولكان له طرده حينئذٍ. فتأمل وتدبر.

 

 

 

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

 

 

قال الإمام الصادق عليه السلام: ((مَنْ أَرَادَ الْحَدِيثَ لِمَنْفَعَةِ الدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ، وَمَنْ أَرَادَ بِهِ خَيْرَ الْآخِرَةِ أَعْطَاهُ اللَّهُ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ))

(الكافي: ج1 ص46).

 

 

----------------------------------------------

([1]) أو مجرد توهمه ان ذلك مسؤوليتها شرعاً.

([2]) سورة المائدة: آية 1.

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=3303
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 23 ربيع الاول 1440 هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15