• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1440-1441هـ) .
              • الموضوع : 321- الموجز في حكم نثار الاعراس والمجالس - حكم الدخول الى الحمام : اجارة او وكالة... .

321- الموجز في حكم نثار الاعراس والمجالس - حكم الدخول الى الحمام : اجارة او وكالة...

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(321)

 

الاستدلال على ان نثار العرس إباحة، والجواب

سبقت الاحتمالات في نثار العرس والمجالس وهي: انها إعراض، أو إباحة، أو هبة مطلقة أو معوّضة، أو جعالة، أو مصالحة، أو عقد مستقل.

وقد يستدل على كونها إباحة بان للمالك ان يستردّها ولو كانت تمليكاً وقد ملّكها الآخذَ لم يكن له استردادها، ويرد عليه صغرىً: انه أول الكلام إذ من أين ان له ان يستردها؟ وكبرىً: ان حتى لو سلّم ان له ان يستردها فذلك أعم إذ لعلها هبة مطلقة فان للواهب ان يسترد ما وهب إذا لم تكن الهبة لذي الرحم ولم يتلفها الموهوب له أو يتصرف فيها تصرفاً مغيّراً بحيث يصدق (عدم قيام العين بعينها) إذ ورد في الصحيح: ((إِذَا كَانَتِ الْهِبَةُ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَ إِلَّا فَلَيْسَ لَهُ))([1]).

 

الاستدلال على انه هبة معوّضة والجواب

وقد يستدل على كونها هبة معوّضة بان عوضها مشاركة الاخذ في المجلس فيكون له تملّك ما أخذ مقابل ذلك، ويرد عليه صغرىً: انه عرفاً ليس الأمر كذلك إذ لا يعدون المشاركة مقابل حق أخذ النثار بل هي ظرف، نعم للمالك الناثر ان يعتبرها عوضاً.

ولا يرد ان المشاركة ليست مالاً لتكون عوضاً؛ إذ يجاب:

أولاً: بانه لا يشترط في عوض الهبة المعوّضة (ولا في المصالحة وشبهها) ان يكون العوض مالاً بل هو شرط في البيع لا في الهبة والصلح.

وثانياً: بل قد يناقش في البيع أيضاً بان (مبادلة مال بمال) مما لم يرد في لسان الشارع وإن ذكره مثل المصباح، والمقياس صدق البيع فإذا صدق عرفاً شمله (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ)([2])؛ ولذا ذكرنا سابقاً صحة بيع الحقوق وإن لم يكن المثمن عيناً بل ولا مالاً بل يكفي ان يقابل بالمال، ولذا صح ان يبيعه سيارته مقابل عمله وخدمته له سنة مثلاً مع ان الخدمة (كالتعليم والخياطة) ليست مالاً وإن كانت تقابل بالمال، بل قد يدعى صحة البيع مقابل الأمر المعنوي كأن يبيعه كتابه مقابل ان يدعو له، لكنه عرفاً لا يعدّ بيعاً بل هبة مشروطة أو شبه ذلك، لكن الكلام هو انه لو عدّه العرف فرضاً بيعاً شمله (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) و(أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)([3]) بل تعارف في الزمن الحاضر ان يبيع أحد المشاهير وقته بثمنٍ، بل ان يبيع للطرف الآخر إذنه بالجلوس معه مقابل مبلغ من المال كبير. فتأمل

 

والظاهر انه هبة مطلقة

ثم الظاهر ان الارتكاز العرفي على ان نثار العرس هبةً مطلقة، وهذا ما نجده من أنفسنا وقد لا تكون مع ذلك حاجة للاستدلال عليه، في مقابل الإباحة، بان الآخذ يتعامل معه تعامل الملّاك، وانه يبيعه ويهبه للغير مما يتوقف على الملك، والإباحة وإن قلنا بشمولها للتصرفات المتلفة ولكن يستبعد القول بشمولها للتصرفات الناقلة بان يبيح له ان يبيع عن نفسه (أي عن المباح له) فذلك بعيد جداً وإن لم نقل باستحالته (أي عن نفسه، اما عن غيره فلا بأس به) إذ لا بيع إلا في ملك أو فيما تملك؛ ووجه الاستحالة ان قِوام البيع بان يكون مالكاً للمبيع، فبيع المباح له عن نفسه ونقله ملكية الشيء المباح له، عن نفسه، خلف، إلا ان يرجع للملك الآناًمائي وهو إذعان بالاستحالة وتخريج ليعود النقل إلى كونه فيما يملك لكنه غير عرفي، وتفصيل الملك الآناًمائي في محله.

 

وضع المال في كوز الحمّامي

ومما اختلف فيه وانه بيع معاطاتي أو إجارة معاطاتية أو إباحة معوّضة أو غير ذلك، وضع المال في كوز الحمّامي أو في دخل صاحب المحلّ، مع غيابه أو غفلته أو شبه ذلك، والبيع بلحاظ الماء والإجارة بلحاظ الانتفاع من الحمام بالكون فيه مدةً من الزمن، فقد ذهب الميرزا النائيني([4]) وتبعه السيد الخوئي إلى انها إباحة معوّضة، بينما ذهب السيد الحكيم إلى انها من الوكالة وان الواضع للمال في الكوز وكيل عن الحمّامي في إجراء عقد الإجارة عن الحمّامي (في الإيجاب) وأصيل عن نفسه في القبول.

قال في التنقيح (نقول: أمّا وضع الفلوس في كوز الحمّامي فليس بيعاً ولا إجارة معاطاتية بوجه، لاشتراط البيع والاجارة بكون العوضين معلومين كمّاً ومقداراً، وأحد العوضين فيه مجهول من الابتداء، إذ لا يعلم أنّه يصرف أيّ مقدار من الماء أو يبقى أيّ مدّة في الحمّام، فالظاهر أنّه من قبيل إباحة التصرف بشرط وضع الفلس بنحو الشرط المتأخّر.

وأمّا وضع الفلوس في كوز السقاء وشرب مقدار من الماء فهو أيضاً خارج عن البيع والمبادلة بين المالين، لاشتراطه بالعلم بمقدار الثمن والمثمن، ومقدار الماء الذي يشربه الشارب مجهول فربّ شخص يشرب كأسين من الماء، وبعضهم يشرب نصف كأس، ومعه لا يكون ذلك من البيع بوجه، وإنّما هو إباحة مشروطة بوضع الفلس بنحو الشرط المتأخّر كما في سابقه)([5]).

وسيأتي الكلام حول ذلك بإذن الله تعالى.

 

 

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

 

عن أبي جعفر عليه السلام  قال: ((الْقُلُوبُ ثَلَاثَةٌ: قَلْبٌ مَنْكُوسٌ لَا يَعِي شَيْئاً مِنَ الْخَيْرِ وَهُوَ قَلْبُ الْكَافِرِ

وَقَلْبٌ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ فِيهِ يَعْتَلِجَانِ فَأَيُّهُمَا كَانَتْ مِنْهُ غَلَبَ عَلَيْهِ

وَقَلْبٌ مَفْتُوحٌ فِيهِ مَصَابِيحُ تَزْهَرُ وَلَا يُطْفَأُ نُورُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُوَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ)) (الكافي: ج2 ص423).

 

-----------------------------------------------------

([1]) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية – طهران، ج7 ص32.

([2]) سورة البقرة: آية 275.

([3]) سورة المائدة: آية 1.

([4]) في مثال (وضع الدراهم في دكان صاحب المخضّر).

([5]) السيد أبو القاسم الخوئي/ الشيخ ميرزا علي الغروي، التنقيح في شرح المكاسب، ج1 ص130.

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=3284
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 9 ربيع الاول 1440 هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15