• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1440-1441هـ) .
              • الموضوع : 311- العناوين الخمسة: القصد والأستعمال والطلب والنقل والإنشاء - هل يمكن تعلقها بالكلي والجنس ؟ .

311- العناوين الخمسة: القصد والأستعمال والطلب والنقل والإنشاء - هل يمكن تعلقها بالكلي والجنس ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(311)

 

وتحقيق الحال بوجه آخر بما يظهر به وجه الإشكال على الشيخ وعلى المحقق اليزدي أيضاً في ضمن مطالب:

 

البحث عن عناوين: القصد، الطلب، الاستعمال، الإنشاء، النقل

الأول: ان هنالك عناوين خمسة يمكن ان يقع فيها البحث من حيث إمكان تعلقها بالجنس من دون تفصّله بفصل خاص، والعناوين هي: القصد، الطلب، الاستعمال، الإنشاء والنقل، وقد ذكر الشيخ من هذه العناوين الأول والخامس لكن كلامه مستبطن للرابع أيضاً، واما المحقق اليزدي فقد ذكر هذه العناوين وأضاف إليها العنوان الثاني والثالث مدافعاً بها عن الشيخ ومستشكلاً عليه أيضاً.

وقد سبق نقل عبارة الشيخ (أحدهما: أن يقع النقل من غير قصد البيع ولا تصريحٍ بالإباحة المزبورة، بل يعطي شيئاً ليتناول شيئاً فدفعه الآخر إليه. الثاني: أن يقصد الملك المطلق دون خصوص البيع)([1]) و(ويردّ الأوّل: بامتناع خلوّ الدافع عن قصد عنوان من عناوين البيع، أو الإباحة، أو العارية، أو الوديعة، أو القرض، أو غير ذلك من العنوانات الخاصّة)([2]) فلاحظ قوله (ان يقع النقل من غير قصد البيع ولا...) و(بامتناع خلو...).

واما ان الإنشاء مستبطن في كلامه فلأن مبنى المعاملات، بلفظٍ كانت أم بمعاطاة، على الإنشاء أي انها لا تحدث ولا تقع إلا بالإنشاء إلا ان محل النزاع هو ان الإنشاء (إنشاء البيع وهو محل الكلام الآن) هل يقع بالفعل كما يقع باللفظ أم لا؟

الثاني: ان وِزان هذه الخمسة في جهة البحث، واحد، وانه يمكن وقوعها بأجمعها متعلقة بالجنس أو الجامع أو القدر المشترك بين أنواع المعاملات والإباحة، وهو التسليط، أو بين أنواع المعاملات وهو النقل (أو نقل الملكية).

الثالث: ان وقوع الاستعمال على الجامع إذا أمكن، كما ظهر وسيظهر، فان تعلق القصد بالجامع يكون أولى بالإمكان، ومثله نقله([3]).

تفسيرات (الاستعمال) على المباني

الرابع: ان الاستعمال، وهو ما نبدأ به من العناوين الخمسة، قد فسر بتفاسير أصول عناوينها: الإيجاد، الافناء، الإلقاء([4])، وبتعبير أدق: ان المباني في حقيقة الاستعمال هي:

أولاً: ان الاستعمال هو إيجاد المعنى في عالم الاعتبار([5]) بلفظٍ أو غيره، وهو المختار مع بعض التطوير كما سيأتي في محله.

ثانياً: انه افناء اللفظ في المعنى حتى كأن الملقى هو المعنى ابتداءً، كما ذهب إليه الآخوند.

ثالثاً: انه جعل اللفظ علامة على المعنى، أو جعله مشيراً إليه، أو الإشارة به إليه([6]).

رابعاً: انه إلقاء المعنى باللفظ، أو إلقاء اللفظ واستخدامه لغرض تفهيم المعنى القائم بنفس المتكلم.

ولنتكلم الآن على كل المباني بما يثبت المقصود فنقول:

 

على كل المباني يمكن الاستعمال في الجنس

ان كان الاستعمال إيجاداً للمعنى، فكما لا يعقل ان يوجِد الجنسَ وحده؛ إذ الوجود مساوق للتشخص، والإيجاد اما عين الوجود والفرق بينهما باختلاف النسبة وانه إن نسب الموجود لموجِده فإيجاد، وإن نسب إلى نفسه فوجود، أو هو علته كما هو المنصور إذ يقال أوجَده فوجد ولا يصح العكس: وُجِد فأوجَدْ، كما لا يصح: أوجده فأوجده ولا: وُجِد فَوُجِد، وبداهة القضايا الأربعة دليل على علّية الإيجاد للوجود وعدم عينيته له، فكذلك لا يعقل ان يوجِد النوعَ وحده بلا مشخِّصات، وعليه: فبيع الكلي في الذمة والكلي في المعين محال وحيث لا يلتزم الشيخ بهذا اللازم قطعاً – كما سبق – فلا إشكال في إيجاد الجنس وحده في عالم الاعتبار كما لم يكن إشكال في إيجاد النوع (وهو الكلي في الذمة) في عالم الاعتبار، وحيث ان المعاملات كلها تُحدِث النقل في عالم الاعتبار فان الملكية اعتبارية ونقلها اعتباري لا محالة، فلا بأس بإيجاد الجنس (جنس النقل والإباحة) في عالم الاعتبار بدون فصله كما لا إشكال في إيجاد النوع في عالم الاعتبار بلا مشخصات فردية.

وكذلك الحال لو كان الاستعمال إفناءً للفظ في المعنى؛ إذ كيف يعقل الافناء، وهو من مقولة الوجود المساوق للتشخص، في الجنس أو الكلي أو مطلق غير الجزئي المتشخص، إلا إذا أريد به الافناء المجازي أو التنزيل بالمعنى الأعم.

وكذلك حال الالقاء فان الالقاء فعل وهو وجود متشخص فكيف يلقي ما ليس بمتشخّص؟.

نعم يمكن جعله علامة على معنى جزئي أو كلي: نوع أو جنس، إذ محل المفاهيم والمعاني هو الذهن وهو محل الكليات من أجناس وأنواع، لكن ظهر مما مضى ان حال الإيجاد والافناء والالقاء كذلك إذ متعلقها ما في الذهن والاعتبار لا ما في الخارج ليكون جزئياً شخصياً. قهراً، وعليه: فيمكن كونه كلياً ومن أنواعه كونه جنساً. وللبحث صلة.

 

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

 

 

قال الإمام زين العابدين عليه السلام: ((الْمُؤْمِنُ خَلَطَ عَمَلَهُ بِالْحِلْمِ يَجْلِسُ لِيَعْلَمَ وَيَنْطِقُ لِيَفْهَمَ لَا يُحَدِّثُ أَمَانَتَهُ الْأَصْدِقَاءَ وَلَا يَكْتُمُ شَهَادَتَهُ الْأَعْدَاءَ وَلَا يَفْعَلُ شَيْئاً مِنَ الْحَقِّ رِيَاءً وَلَا يَتْرُكُهُ حَيَاءً

إِنْ زُكِّيَ خَافَ مِمَّا يَقُولُونَ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِمَّا لَا يَعْلَمُونَ لَا يَغُرُّهُ قَوْلُ مَنْ جَهِلَهُ وَيَخْشَى إِحْصَاءَ مَا قَدْ عَمِلَهُ))

تحف العقول: ص280.

 

----------------------------------------

([1]) الشيخ مرتضى الانصاري، كتاب المكاسب، الناشر: تراث الشيخ الأعظم، ج3 ص23.

([2]) المصدر نفسه: ج3 ص24.

([3]) أي: ومثل تعلّق الاستعمال بالجامع نقلُ الجامع.

([4]) والاشارة أو العلامية.

([5]) بنحو التنزيل، أو بدون هذا القيد.

([6]) على ما بينها من الاختلاف.

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=3239
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 27 محرم الحرام 1440 هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15