بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(289)
الفرد المردد بالحمل الذاتي الأولي
ثم ان الفرد المردد بالحمل الأولي، ليس كلياً ولا جزئياً؛ وذلك لما سبق من ان الكلية والجزئية لا هي ذات الفرد المردد ولا ذاتيّه، والكلية والجزئية صفتان للشيء منسوباً للخارج عنه أي للأفراد الخارجة عنه المنطبق هو عليها فان امتنع فرض صدقه على كثيرين فجزئي وإلا فكلي، واما في الحمل الذاتي فيقتصر في النظر على الذات والذاتيات.
الفرد المردد: |
بالحمل الشائع خارجاً |
---------------->
|
محال
|
---------------->
|
جزئي |
أما استحالته بالحمل الشائع الصناعي، فلما سبق من ان كل شيء هو هو وليس هو أو غيره، ومادام ثبوته لنفسه ضرورياً وسلبه عن نفسه ضرورياً فان كونه (هو أو غيره) ممتنع لأنه يستبطن نفي كلتا القضيتين.
وأما جزئيته، فلأنه على فرض وجوده، وفرض المحال ليس بمحال، فلا بد ان يكون جزئياً إذ الوجود مساوق للتشخص والوحدة واستحالة الانطباق على كثيرين، وتردده بين فردين لا يجعله كلياً لأنه ذاته فهو جزئي في تردده فهو كالثابت في ترجرجه كالزئبق أو الشيء الهلامي، فتدبر.
الفرد المردد: |
بالحمل الشائع ذهناً |
---------------->
|
جزئي بلحاظ نفسه |
---------------->
|
محال |
الفرد المردد: |
بالحمل الشائع ذهناً |
---------------->
|
كلي بلحاظ غيره |
---------------->
|
ممكن |
وذلك لأن الفرد المردد الذهني إن أريد انه مردد في نفس وجوده الذهني أي في مرحلة وجوده الذهني مردد، فهو محال لأن الموجود في أي صقع كان فهو مساوق للتشخص ويستحيل دخول التردد في ساحته، وعلى أي فلو فرض وجود فرد مردد في وجوده الذهني فهو جزئي بلحاظ نفسه، واما بلحاظ الخارج عنه أي لحاظ انطباقه على كثيرين في الخارج فهو كلي إذ التردد ليس في ذاته بل بالإضافة إلى انطباقه على غيره من الأفراد الخارجة عن الذهن، واما كونه ممكناً فالمراد من هذا الحيث لا من الحيث السابق([1])، ومرجعه إلى القسم اللاحق.
الفرد المردد: |
بلحاظ الانطباق |
---------------->
|
كلي، مبهم الذات |
|
|
الفرد المردد: |
بلحاظ الإشارة أي المشار إليه |
---------------->
|
جزئي، مردد |
---------------->
|
محال |
الكلي المقيد بالكليات أو بالوحدة
سبق ان الآخوند ذهب إلى ان الكلي المقيد بالكليات مهما كثرت وتحدّدت فانه يبقى كلياً وإن تضيقت دائرته كتقييد الإنسان بالعالم التقي الغني الشجاع الوَصول ... وهكذا، واما الكلي المقيد بالوحدة فقد ذهب أيضاً إلى انه كلي فان الوحدة قيد من القيود فلا يخرج عن الكلية بالتقيد بها، ولكن الحق التفصيل على حسب معنى الوحدة:
الكلي المقيد بالوحدة: |
إن أريد بالوحدة اللاإثنينية فهو |
---------------->
|
كلي مضيق |
الكلي المقيد بالوحدة: |
إن أريد بالوحدة التشخص فهو |
---------------->
|
جزئي |
اما الأول: فلأن الكلي المقيد بالوحدة أي بكونه واحداً بمعنى ما يقابل الاثنين، اي ما يقابل الزوج مثلاً، فانه ينطبق على كثيرين إذ كل إنسان قيّدناه بعدم ضمِّ فردٍ آخر إليه، فهو كلي طبيعي مقيد بالوحدة فلا يمتنع فرض صدقه على كثيرين.
اما الثاني: فلأنه مقيداً بالتشخص لا محالة يكون جزئياً إذ التشخص مساوق للوجود والوجود مساوق للجزئية إذ كل وجود فانه هو هو ويمتنع فرض صدقه على غيره.
وبعبارة أخرى: الكلي المقيد بالتشخص يعود للحمل الشائع، وهو مساوق للكلي بلحاظ المشار إليه.
وبعبارة أخرى:
الكلي المقيد بالوحدة: |
بالحمل الذاتي الأولي |
---------------->
|
كلي مضيق |
---------------->
|
محال |
وذلك لأن الوحدة وشبهها خارجة عن ذات الكلي وذاتياته.
الكلي المقيد بالوحدة: |
بالحمل الشائع ذهناً |
---------------->
|
جزئي، ككل ما هو بالحمل الشائع في عالمه وصقعه. |
|
|
الكلي المقيد بالوحدة: |
بالحمل الشائع خارجاً |
---------------->
|
جزئي |
---------------->
|
محال |
ووجه الاستحالة([2]) ان الكلي بما هو كلي يستحيل وجوده في الخارج، والتعبير بانه إذا وجد في الخارج كان جزئياً مجازٌ، فانه بناء على أصالة الوجود فان الموجود في الخارج هو الوجود لا غير واما الماهية فلا وجود لها إلا بوجود منشأ انتزاعها أو فقل: هي حدّ الوجود، على انه لدى الدقة فلا وجود لها أصلاً وإلا لكان للوجود ثانٍ، فالتعبير بحدّ الوجود أيضاً مجاز إذ الحد اما وجود أو عدم فإن كان وجوداً فلم يكن ماهية وإن كان عدماً فلم يكن شيئاً ليكون حداً للوجود وكيف يحدّ اللاشيءُ الشيءَ؟، وتفصيله في محله.
الكلي المقيد بالوحدة: |
مشيراً إلى الخارج |
---------------->
|
جزئي |
---------------->
|
محال |
لما سبق، وذلك على خلاف مسلك من يرى ان وجود الكلي بوجود أفراده، فانه، لدى الدقة، مجاز، كما سبق، واما جزئيته فهي حتى على إرادة ما يقابل الاثنينية من معانيه إذ الفرض ان المراد به هو المشار إليه.
الكلي المقيد بالوحدة: |
من حيث الانطباق |
---------------->
|
كلي |
وذلك لانطباقه على كليات كثيرة كل منها مقيد بالوحدة، هذا
وسيأتي الفرق بين (الفرد) و(الإنسان) مما لا يتحقق إلا بالفرد، كما سيأتي الفرق بين (الفرد المردد) وبين (أحدهما) وان الأول محال دون الثاني فان (احدهما) ليس (الفرد المردد) كما توهم.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: ((لِلْمُؤْمِنِ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ: سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ، وَسَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ، وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَلَذَّتِهَا فِيمَا يَحِلُّ وَيَجْمُلُ...)) الأمالي للطوسي: ص146.
---------------------------
([1]) لحاظ نفسه، أي مع قطع النظر عن هذه الجهة ممكن. فتأمل
([2]) وهو جارٍ في بعض ما سبق فلاحظ.
|