• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1438-1439هـ) .
              • الموضوع : 281- الثمرة من البحث - مزيد تحقيق عن التردد في الإنشاء والمنشأ - والمصداق، وإمكانه ثم صحته .

281- الثمرة من البحث - مزيد تحقيق عن التردد في الإنشاء والمنشأ - والمصداق، وإمكانه ثم صحته

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(281)


مزيد تدقيق وإيضاح: أنواع الترديد
وبعبارة أخرى: ان الترديد عند الإنشاء على أنواع:
فانه تارة: يتردد في ان يُوجِد أو لا يوجد أو في ان يُوجِد هذا الاعتبار (كالنقل) بهذا اللفظ (كـ: بعت أو وهبت) أو لا؟
وتارة أخرى: يتردد لا في الإيجاد بل في الوجود أي في الموجَد وانه هل يوجَد ما انشأه بالذي([1]) انشأه أو لا؟
وتارة ثالثة: يتردد في نوعَ الموجَد بإنشائه وذلك إذا قصد الإيجاد وعلم ان هذا الإنشاء مما يوجَد به الاعتبار أي انه علّة لوجوده ولكن لا يعلم ماهية الذي تحقق به أو نوعه وصفته بان أراد بإنشائه (ملّكتك الكتاب بدينار) أمراً لا يعلم انه البيع أو الهبة.
ويتضح حال الإنشاء في المعاملات بقياسه بحال الطلب فانه تارة يتردد في ان يطلب أو لا، وتارة يطلب لكن لا يعلم ان الطلب بهذا اللفظ هل يوجَد أو لا أي يتردد في ان الطلب يوجد بهذا اللفظ كما لو قال فرضاً: من الحسن ان يأتيني أحد بماء وشك في انه هل الطلب يتحقق بذلك أو لا؟ وثالثة يعلم تحقق الطلب به لكن يشك في نوع الذي تحقق به وصفته.
وعلى أية حال:
1- فلو تردد في الإيجاد والإنشاء، فلا يوجد كما سبق.

التردد في ان الـمُنشَأ هل يوجد بإيجاده أو لا، غير مخلٍّ
2- ولو تردد في ان الاعتبار هل يوجد بإيجاده أو لا، فانه قد يقال: ان تردده غير مُخِلٍّ بوجوده كما ليس جزمه سبباً لوجوده؛ وذلك لأن تأثير قول القائل (بعت) مثلاً في حدوث النقل بعد جامعيته لكل الشرائط عدا تردده في انه هل يوجد بإيجاده:
أ- إن كان تكوينياً فجهله بكونه إيجاداً لا يضر حتى إذا كان الموجَد اعتباره([2]) هو.
ب- وإن كان باعتبار المعتبرين فلا يضر كذلك إذ إذا بنوا على اعتباره ناقلاً فلا يضر جهله باعتبارهم في تحقق النقل بعد ان أوجد ما هو العلة التامة بنظرهم، وبعبارة أخرى: لا يضر قصده قصداً متزلزلاً (أو اعتباره اعتباراً متزلزلاً) في اعتبارهم لكذا مبنيّاً على قصده المتزلزل لأن اعتبارهم بيدهم وهو تابع للحكم والمصالح التي يرونها.
ج- وإن كان باعتباره هو، فذلك الذي ينبغي ان يقع مورد الإشكال بان يقال: كيف يوجِد في عالم اعتباره أمراً لا يعلم بانه يوجَد بإنشائه أم لا؟ وقد يجاب بانه ليس من شروط الإيجاد العلم بانه موجِد، ويظهر ذلك بلحاظ سائر التكوينيات فانه إذا حرّك حجراً تحرّك (إذا كان تحريكه بالقوة الكافية وبدون مانع) ولا يشترط في كون تحريكه محرِّكاً علمه بانه محرك فكذلك لا يشترط في كون إنشائه موجداً للمعنى الاعتباري علمه بانه موجِد له. بل هو أولى بالإمكان لأن الإنشاء من أدنى أنواع الفعل ومراتبه.

هل التردد في نوع الـمُنشَأ مخلٌّ؟
3- ولو تردد في نوعِ الموجَد باعتباره أو صفته وانه البيع أو الهبة فقد يشكل على تحقق هذا الاعتبار بانه إذا قال مثلاً: (ملّكتك الكتاب بدينار) متردداً في انه يوجِد بهذا البيع أو الهبة، فان وجود أحدهما المعيّن، به دون الآخر ترجيح بلا مرجح، ووجودهما معاً به محال أولاً لتضاد فصولهما وثانياً: على فرض عدم التضاد فلأنه لم يقصد إلا إيجاد أحدهما فكيف يوجدان؟ أي كيف يوجَد بإيجاد واحد وجودان؟
وتحقيق جواب ذلك على المباني سيأتي غداً بإذن الله تعالى.

مسائل تطبيقية وأمثلة تمرينية
الأولى: لو صلى عن نفسه إن كانت بذمته وإلا كانت قضاء عن أبيه إن كانت عليه صلوات وإلا فعن أخيه ثم عن عمه ثم عن جاره ثم عن آخر وهكذا كل منهم على تقدير عدم تعلق الصلاة بذمة من سبقه فهل صلاته صحيحة؟ وهل هو من الترديد في النية أو المنوي أو مصداق المنوي؟
الثانية: لو صلى مع الترديد انها باطلة أو لا، أو مع الترديد في ان هذا الفعل شرط أو مانع، كما لو تردد أثناء الصلاة في ان وظيفته القصر أو التمام أو تردد ان حكم متجاوز المحل العودة أو لا أو شك انه تجاوز المحل أو لا؟ والكلام بالعنوان الأولي وإلا فانه ينبغي ان يبني على أحد الطرفين بانياً على السؤال بعدها فان ظهر صحة ما فعله فهو صحيح على تفصيل([3]).
الثالثة: ما سبق من صوم يوم الشك بانه إن كان من شعبان فبنحو الندب أو من شهر رمضان فبنحو الوجوب، أو صامه بنية الجامع.. فراجع ما سبق.
الرابعة: لو ترددت حين قولها انكحتك نفسي في ان تنشأ المتعة بذلك أو الدوام، أو ترددت في ان هذا اللفظ ينشئ أيهما فقالته؟ وذلك بناء على ان الدوام والمتعة حقيقتان مختلفتان واما بناء على ان المتعة هي نفس حقيقة النكاح الدائم بقيد ذكر الزمن فإذا لم تذكره وقع دواماً فتأمل.
واما الروايات فمختلفة فبعضها يفيد البطلان وبعضها يفيد انقلاب المتعة دواماً، ولكنّ ذلك إذا كان ارتكازهما وبناؤهما على الدوام فنسيا ذكر الأجل عند العقد، فمسألتنا غير ذلك.
الخامسة: لو تردّد حين قوله (ملّكتك الكتاب بدرهم) على انه يبيعه بذلك أو يهبه هبة معوّضة؟ فايهما يقع؟ أو لا يقع شيء منهما؟ أو يقع ما اختاره لاحقاً؟
وكذلك المئات من الفروع المشابهة.. وللحديث صلة. بإذن الله تعالى.

 


وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

 


قال الإمام علي عليه السلام: ((كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)([4]) بَلَى وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعُوهَا وَوَعَوْهَا وَلَكِنَّهُمْ‏ حَلِيَتِ الدُّنْيَا فِي أَعْيُنِهِمْ وَرَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا، أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْ لَا حُضُورُ الْحَاضِرِ وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ وَمَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَلَّا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ وَلَا سَغَبِ مَظْلُومٍ لَأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا وَلَأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ)) نهج البلاغة: ص49-50.

-----------------------------------
([1]) الباء سببية.
([2]) أي الشخصي.
([3]) قال في وسيلة النجاة (مسألة 7: إذا عرض له أحد الشكوك ولم يعلم الوظيفة، فإن لم يسع الوقت أو لم يتمكن من التعلم في الوقت تعين عليه العمل على الراجح من المحتملات لو كان أو أحدها لو لم يكن ويتم صلاته، وإذا تبين له بعد ذلك أن العمل مخالف للواقع استأنف الصلاة ولو قضاءاً وأما إذا اتسع الوقت وتمكن من التعلم في الوقت يقطع الصلاة، وإن جاز له إتمام العمل على طبق بعض المحتملات ثم التعلم، فإن كان موافقاً اكتفى به وإلا أعاد، وإن كان الأحوط الإعادة حتى مع الموافقة) السيد أبو الحسن الموسوي الاصفهاني، وسيلة النجاة، مطبعة مهراستوار – قم، ج1 ص185 – 186.
([4]) سورة القصص: آية 83.


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=3073
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 23 جمادي الاخر 1439هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19